مصطفى المتوكل / تارودانت
السبت 20 يونيو 2015
* قال تعالى ( قَالَ أَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ. قَالَ إِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ . قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ. ثُمَّ لآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَائِلِهِمْ وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ.) الاعراف
… ومعنى الاغواء ” أي إلابْعَادَهُ .. وإلامَالَتَهُ عَنِ الطَّرِيقِ الْمُسْتَقِيمِ ..”
… وفي نفس السياق “ضلَّ الشَّخصُ : زلَّ عن الشّيء ولم يهتدِ إليه و انحرف عن الطريق الصحيح “.. و” أضلَّ الشَّخصَ جعله لا يهتدي لطريق الحقّ “
* وقال سبحانه ( قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَٰذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًا )..الاسراء
..”احتنك فلانا: استولى عليه واستماله ، استأصله عن طريق الإغواء والإضلال”
“واحتنك ماخوذة من الحنك بمعنى ان الشيطان يقود كل المسيئين كما تقاد الدابة من حنكها باللجام سواء كان لجام حديد او فضة او ذهب او مصالح دنيوية او…”
* ويقول تعالى (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ) سورة الانعام
لقد قدم الله في الاية الكريمة شياطين الانس على شياطين الجن لخطورتهم ..لان افكارهم ونواياهم وافعالهم الشيطانية لاتبغي الا الافساد والايقاع وقلب الحقائق ..ولانهم من الناس ويعيشون بينهم وقد يتبواون مراتب مهمة في المجالات الدينية اوالسياسية والمجتمعية و…
..ان من الاشياء التي لا يستقيم معها اي منطق في علوم السماء والارض بما فيها امور السياسة والسياسيين والمنتسبون للحقل الديني وغيره … غياب الوضوح في المرجعية ان وجدت ..واختلال في الافكار وتضارب في المواقف حسب المناسبات والمواقع … والميل في حالات مختلفة الى نمط الترحال من منطقة الى اخرى ومن حال الى حال ومن فكر الى نقيضه ..فيصبح البعض مع المؤمنين ويغدون مع المنافقين ويسهرون مع المسيئين ويبيتون مع المتامرين والتضليليين … وفي مثل هذه الاحوال قَالَ رَسُولَ اللَّهِ (ص) :” بَادِرُوا بِالْأَعْمَالِ فِتَنًا كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا أَوْ يُمْسِي مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِرًا يَبِيعُ دِينَهُ بِعَرَضٍ مِنْ الدُّنْيَا “. رواه مسلم
واذا استحضرنا ترحال الاقدمين الذي يستغرق وقتا طويلا لاعداد الراحلة والزاد وتسطير خارطة طريق الرحلة حتى تمر في احسن حال والتي قد تستغرق الصيف او الشتاء كله او كلاهما ..لينتظرهم الناس في كل امكنة اناخة النوق لتعودهم على ذلك ولتحقيق منافع مشتركة منها تبادل الراي وحسن الضيافة والتبضع و انجاز مهام كالبريد او السخرة واحيانا التجسس …مع ازدياد شوق القبيلة لهم كلما اقتربت العودة لانها غالبا ما تكون موفقة لتساهم مردوديتها في تطوير الوضع من حال الى حال افضل ..مع استحضار تخوف دائم من وجود قطاع طرق وقراصنة ولصوص يتحينون كل الفرص ليمرروا سيوفهم الخفية والمكشوفة وعلى منها السنتهم اللئيمة المتشيطنة ..فاننا سنجد البعض من الرحل المعاصرين لاراحلة عندهم ولا زاد بل يركبون مطايا الغير في انتهازية ووصولية لاتوجد ببشاعتها البشرية حتى في عالم الحشرات والحيوانات .. ويستمر عندهم الترحال كل فصول السنة واحيانا في كل مفاصل اليوم والليلة .. مبتغاهم تضليل الاخرين واستبلادهم ..ليصدق عليهم قوله تعالى . . ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا “النساء ..ويقعون في المحظور الذي وصفه سبحانه وتعالى بقوله “…قال أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خيراً …“البقرة
…فبدل ان يشغل هؤلاء واولائك السنتهم بذكر الله والاستغفار وان يسعوا في الارض بصالح الاعمال والافعال ..جعلوا انفسهم رهن اشارة شياطين الجن التي اخبرنا انها تصفد في رمضان ..جاء في الحديث ( إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة ، وغلقت أبواب النار ، وصفدت الشياطين ) …فابدعوا مكرا وكذبا وتزويرا واساءات فيما فشل فيه امثالهم في العوالم غير المرئية …
…فاذا كان كبراؤهم الذين علموهم “السحر والمكر ” و كل ذلك الخبث وملاوا قلوبهم بكل الكراهية المعلومة والخفية لم يفلحوا في مساعيهم للاساءة لعباد الرحمن الذين اذا خاطبهم الجاهلون يقولون سلاما .. ولم ينجحوا في قلب الحقائق والكرامات التي نسجها الشرفاء بدمائهم وعرقهم وتضحياتهم منذ ان كان للعمل الصالح موطئ قدم في الارض ..الى العقود الماضية في بلدنا هذا والتي يستحيل لمن هب ودب من “المرجفين بالمدن والبوادي ” واشباههم ان يمنعوا غرسا سقته مياه الرب ودماء شهداء الحق والحرية من ان يزهر وينمو ويملا كل الامكنة باطن الارض بالجذور التي ترتوي من المنابع الصافية و سطحها بالظلال الناشرة للرحمات و لتصبح العقول مشبعة بالانوار و وتكون الاعمال مباركات …
ان المناضلين والمناضلات الذين رضعوا من الوطنية الراقية و من السلفية المتنورة حتى دحروا الاستعمار وبقوا في مواجهة مع اذنابه من عشاق العبودية والتبعية واوساخ الدنيا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَالَ : ” تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ وَعَبْدُ الدِّرْهَمِ وَعَبْدُ الْخَمِيصَةِ ، إِنْ أَعْطَى رَضِيَ وَإِنْ مَنَعَ سَخِطَ ، تَعِسَ وَانْتَكَسَ ، وَإِذَا شِيكَ فَلا انْتَقَشَ …”..و من كانوا في اكثر من محطة مرتزقة لمن استخدمهم لجبنهم اولكثرة تملقهم اولطمعهم الذي لايعقبه شبع او ارتواء مطلقا .. – قلت ان المناضلين والمناضلات – لا تنطلي عليهم الحيل والخدع البليدة ..كما لايسقطون في شراك ينصبها الافاكون ..كما لاينجرون وراء اوهام وادعاءات خبروا من كان وراءها في الشدة قبل الرخاء ..
.. ان الذين يحنون الى ماض تبرا منه حتى الفاعلون الاساسيون السابقون ..والذين “يستشهدون ” بتصريحات اكثر الاشخاص اساءة للمناضلين والمناضلات طوال عقود والمعروفين في سنوات الجمر والرصاص ..والذين يستنجدون بمن وظفوا لترويج الاشاعات ضد كل الفاعلين الاوفياء لهذا الشعب ..كما ان حتى الذين كانوا يلجاون الى الاعتداء البدني والنفسي والمادي ضد كل صامد وصامدة في العديد من المحطات بما فيها الاستحقاقات النضالية والديموقراطية في الستينات والسبعينات وحتى التسعينات لاهثين وراء لوبيات المصالح ومرتزقة العمل السياسي .. لم ولن يقدموا لهذا الوطن الا كل ما يعطل تطور الوعي وانتشاره وكل ما يحقق المزيد من التبعية العمياء والانكسار المحبط ..
..ان خيرة الرجال في تاريخ البشرية تعلم منهم الناس المبادئ وطرق العمل البناءة .. وربوا على الصفح والتجاوز والصبر الجميل والكلام المحقق للفائدة ..ولولاهم لانمحت كل الحضارات وكل المبادئ السامية …لكن الجميع يعلم ان الشيطان قطع عهدا امام الله انه سيتربص بالناس كافة ليشجع الكافر على الاستمرار في كفره حتى يحشروا معه .. كما ان الشياطين الذين هم على شاكلته يعملون على نشر الارهاب وتشجيع قتل المسلمين الذين لايروقونهم ولا يسايرون افكارهم ومطامحهم ..ويقومون بالتشويش على المؤمنين الصالحين ويفسدون عليهم صفاءهم ..ويتفننون في الكيد لهم والايقاع بهم ظلما وعدوانا .. ولعل الشيطان الذي ابي ان يسجد لادم وطلب من الله ان يتركه حيا حتى تقوم الساعة عاقد العزم هو وشياطين الانس على جـر من انخذع من البشرية وانساق معهم الى فضاءات الجحيم .. ليسمعهم هناك ما اخبرنا به القران ..في قوله تعالى ( كمثل الشيطان اذ قال للانسان اكفر فلما كفر قال اني بريئ منك اني اخاف الله رب العالمين فكان عاقبتهما انهما في النار ..) الحشر
ان كل مناطق العالم في كل الحقب والعصور عاشت وتعيش فيها ” نماذج” بشرية لايرتاح لها بال الا بعد تطمئن نفسها الى نجاحها في خراب اوطان او مجتمعات او اسر بل وكل ما فيه مصلحة للناس كافة ..
..لهذا فكلما رايت من تميل نفسه وتعشق سياسات الشيطنة في المجتمع وفي العلاقات بين الناس وفي تخريب الاخلاق العامة و..فاعلم ان الشيطان اخذ بيده واصبح قدوته ..فما عليك الا ان تتجنبهم وتنبه العامة الى نواياهم واهدافهم وحربائيتهم ..ولم لا الدعاء لهم بالهداية والنجاة من الضلال والتحرر من العبودية والتبعية لشياطين الانس الذين استعصى شفاؤهم والذين ابدعوا اكثر من شياطين الجن …؟؟
ونختم المقال بهذا الدعاء الماثور “” اللهم إنا أصبحنا في ذمتك وجوارك .. اللهم إنا نستودعك ديننا وانفسنا ودنيانا وآخرتنا وأهلنا ومالنا ، ونعوذ بك يا عظيم من شر خلقك جميعا ، ونعوذ بك من شر ما يبلس به إبليس وجنوده”
مصطفى المتوكل / تارودانت
17 يونيو 2015
الاسلام جاء من اجل حياة افضل …ولم يات بما يمارسه بعض معتنقيه خطا او جهلا او انتحالا للصفة من القتل المتعمد تفجيرا وذبحا للمسلمين وللناس …
..فكل عملية قتل اوترهيب او اكراه لايمكن ان تجبر المستهدفين من الناس على اعتناق عقيدة او مذهب او فكر ما…
ان القران الكريم والكتب السماوية عندما وثقت لمحطات واحداث من التاريخ تعلق الامر باللحظات المشرقة والعادلة او الازمنة التي تشبع قادتها او اناسها بالفساد والجور والظلم بكل انواعه …كان الهدف من ذلك ولايزال هو تبيان ان العدل لايبنى بالظلم و القمع والتسلط .. كما ان الايمان لايمكن ان يسمى كذلك ان كان بالالزام ولو كان لعبادة الواحد الاحد ..لانه في حكم الباطل ..فكما ان من اكره على الكفر ليس بكافر فكذلك الامر بالنسبة للكافر الذي ارغم على الايمان لايكون مؤمنا …
ان اعتقاد اي كان بانه مفوض من الله في الارض ليجعل الاودية انهارا دائمة الجريان بالدماء لضمان فرض الايمان وجعله محققا …يتجاوز بهذا كل المسموح به شرعا ويتوهم انه قد يحقق ما “لم يتمكن “الانبياء والمرسلون المكلفون من الله بالوحي والمدعمون بارادة الله وتوجيهه والذين يعدون بعشرات الالاف من تحقيقه كما احبوا وتمنوا …
ولو تمعن كل هؤلاء في الحكمة الالهية في جعل البشرية شعوبا وقبائل ومللا ونحلا مختلفة اشكالهم والوانهم والسنتهم ومعتقداتهم ..وفي ايجاد اليات ثنائية من خير وشر وظلم وعدل وافساد واصلاح وصدق وكذب وافراط وتفريط وايمان وكفر …الخ ثم جعل ميزان ذلك ومعياره العقل والشرع وسن قاعدة التدافع بين الناس للوصول الى الاصلح والاقوم والاحسن وتفضيل ان تكون الدعوة بالتي هي احسن ..لكانت المحصلة الخير والنفع للناس كافة …
ان كل المتنطعين والمتشددين الذين لايرحمون ولايتركون رحمة الله لينعم بها عباده والتي لم يمنعها سبحانه عن غير المؤمنين به بل جعل كل آلائه في الحياة الدنيا للناس جميعا وذلك من منتهى عدله ..
فسلوك التكفيريين و.. لايمكن ان يفسر الا بانه اعتراض على ارادة الله وحكمته في الخلق..
…ان الذين يبالغون في الشكليات لباسا ومظهرا بنية ان يبينوا للناس انهم هم وحدهم اهل السنة ..كما ان الذين يسعون لاظهار احسانهم وابراز ورعهم وتصنع خدمة الاسلام ..الخ …حتى يقول الناس ما يريدون ان يسمعوا ..اسقطوا انفسهم في فخ اوضحه الاسلام ونبه الى مخاطره اي ابطال الاعمال ..فهم ارادوا ان يقول الناس عنهم انهم ..وانهم …وقد سمعوا ما ارادوا ..سيكون جوابهم يوم الحساب لقد اخذتم اجوركم من الناس ولا اجر لكم عند الله …ان كل من خالف عمله وكلامه حقيقة نيته وقصده ننصحه بان يعيد قراءة ماجاء بالكتاب والسنة في امثاله ويبادر بمراجعة وتغيير منهجية عمله ويصفي قلبه ….
وحتى نفهم جميعا حقيقة الايمان نورد الحديثين التاليين ونترك للجميع التامل وتدبر المعاني واستخراج الاحكام
الحديث الاول
أخرج الإمام مسلم في صحيحه من حديث أبو هريرة رضي الله عنه:
(( عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فَقَالَ لَهُ نَاتِلُ أَهْلِ الشَّامِ أَيُّهَا الشَّيْخُ حَدِّثْنَا حَدِيثًا سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ نَعَمْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ ..
إِنَّ أَوَّلَ النَّاسِ يُقْضَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَيْهِ رَجُلٌ اسْتُشْهِدَ فَأُتِيَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا قَالَ فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا قَالَ قَاتَلْتُ فِيكَ حَتَّى اسْتُشْهِدْتُ قَالَ كَذَبْتَ وَلَكِنَّكَ قَاتَلْتَ لِأَنْ يُقَالَ جَرِيءٌ فَقَدْ قِيلَ ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى أُلْقِيَ فِي النَّارِ ..
وَرَجُلٌ تَعَلَّمَ الْعِلْمَ وَعَلَّمَهُ وَقَرَأَ الْقُرْآنَ فَأُتِيَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا قَالَ فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا قَالَ تَعَلَّمْتُ الْعِلْمَ وَعَلَّمْتُهُ وَقَرَأْتُ فِيكَ الْقُرْآنَ قَالَ كَذَبْتَ وَلَكِنَّكَ تَعَلَّمْتَ الْعِلْمَ لِيُقَالَ عَالِمٌ وَقَرَأْتَ الْقُرْآنَ لِيُقَالَ هُوَ قَارِئٌ فَقَدْ قِيلَ ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى أُلْقِيَ فِي النَّارِ
وَرَجُلٌ وَسَّعَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَعْطَاهُ مِنْ أَصْنَافِ الْمَالِ كُلِّهِ فَأُتِيَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا قَالَ فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا قَالَ مَا تَرَكْتُ مِنْ سَبِيلٍ تُحِبُّ أَنْ يُنْفَقَ فِيهَا إِلا أَنْفَقْتُ فِيهَا لَكَ قَالَ كَذَبْتَ وَلَكِنَّكَ فَعَلْتَ لِيُقَالَ هُوَ جَوَادٌ فَقَدْ قِيلَ ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ ثُمَّ أُلْقِيَ فِي النَّارِ ))
ورمضان مبارك سعيد ..نسال الله ان تتطهر فيه النفوس والقلوب والارواح وتنصلح الافعال والاحوال ..
مصطفى المتوكل / تارودانت
الاربعاء 3 يونيو 2015
جاء في صحيح مسلم ..قال النبي( ص):” آية المنافق ثلاث وإن صام وصلى وزعم أنه مسلم: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان.”
و قال عمر بن الخطاب (ض) : «بحسب المرء من الكذب أن يحدث بكل ما سمع»…
ان الحديث عن الكذب يجعلنا امام تنوع فضاءاته ومجالاته ومرجعياته ونوايا اصحابه حيث يتنافس ويتبارى على تجديده وتنميقه وتعميمه “الناشطون” في متاهاته بغض النظر عن طبقتهم ومستواهم المعرفي ونفودهم السياسي او الاقتصادي وحتى الديني …وحتى لانبالغ ان سميناه “علما” و “فنا” فسنطلق عليه مرض امتهان الكذب الذي يتاثر به ويتفاعل معه من لا توجد عنده مناعة ووعي وقدرة على التمييز بين الحق الذي اريد به باطل والباطل …
ان من يفقد الحجة للدفاع عن ادعاءاته وافكاره يلجا الى تقمص الشخصية الملائمة لتمرير الباطل …كما يلجا الى صناعة الاحداث والوقائع والافكار والصاقها بالاخرين وخاصة من يعتبرهم خصوما او منافسين او اعداء..فيوهم الناس بان هناك مؤامرات وحساد يتعمدون استهدافه …ولهذا نجد في حياتنا اليومية من اصبح يمتلك خبرة في تطويل اللسان في تحطيم للارقام القياسية في انواع الكذب والبهتان والافك ..بهدف صناعة شخصية ما او كسب متعاطفين ومتبنين لا فكارها ومواقفها وممارساتها فيعمد البعض عن سبق اصرار على ان يفتري لنفسه اولا وعلى الناس وحتى على الله ورسوله عند الضرورة باعتماد مقولة الغاية تبرر الوسيلة .. دون ان يرف لهم جفن ولا ان يؤنبهم ما بقي عندهم مما يسمى ضميرا او وعيا …
ولتنشيط الذاكرة …لا بد من ان نتحدث بايجاز عن بعض انواع الكذب ودرجاته كما وقف على ذلك اهل العلم والدين ..
* الكذب على الله الذي يكون بالشطط والتشدد والغلو والتكفير ..وتحريف فهم وافهام الدين ؟…قال تعالى : “ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ ” سورة الأنعام.
* الكذب على الانبياء ومنهم الرسول صلى الله عليه وسلم والذي قال في هذا الصنف : «من كذب عليَّ متعمدًا فليتبوَّأ مقعده من النار» متفق عليه .
*الكذب على الناس كافة .. وهذا يشمل المجالات السيئة في السلوك والممارسات والاقوال حيث توظف فيه كل “المهارات” ؟ ..التي قد تخلق عداوات بين الافراد والجماعات وبين المؤسسات والحكام.. وقد تتسبب في ازمات وكوارث اقتصادية ومالية وسياسية وعسكرية و… ويمكن اعتبار هذا النوع هو الاشد خطرا وفتكا بكل المكتسبات وبالتطور بجميع انواعه …
ونذكر من هذا النوع ما ينهار به العدل وينصر به الظلم وتنتزع به حقوق الناس ..اي شهادة الزور والتي صنفت من اكبر الكبائر وفيها قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم( أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ ثَلَاثًا ؟ قُلْنَا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ الْإِشْرَاكُ بِاَللَّهِ وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ , وَكَانَ مُتَّكِئًا فَجَلَسَ فَقَالَ : أَلَا وَقَوْلُ الزُّورِ وَشَهَادَةُ الزُّورِ , فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا حَتَّى قُلْنَا لَيْتَهُ سَكَتَ .)
*الكذب بنسبة كل ماهو جميل وناجح الى نفسه او اهله وان الفضل له او لهم في كل ما ينعم به الناس ولو كان من عند الله … : وفي ذلك يقول النبي صلى الله عليه وسلم : «من ادَّعى ما ليس له فليس منا ، وليتبوَّأ مقعده من النار»
* الكذب في الكلام كان في امور الحوار او المواعظ او في مطلق الموضوعات ..عن أبي هريرة أنه قال: قال عليه السلام: “بحسب المرء من الكذب أن يحدث بكل ما سمع” رواه مسلم…
*المبالغة في الإطراء والمدح بتضخيم الايجابيات وان قلت او انعدمت وبالتغطية على الاخطاء وان كانت جسيمة …فعن المقداد رضي الله عنه، قال: ((أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نحثو في وجوه المداحين التراب))
*ويمكن لنا ان نضيف الكذب السياسي …ولنتساءل في هذا السياق ..هل الحكومة تكذب .؟..وهل الاحزاب السياسية والنقابات يكذبون ؟وهل المسؤولون يكذبون …؟؟
ان اضافة “الحكومة لاتكذب ” او “الاحزاب لاتكذب” الى كلمة يستمع لها العام والخاص في حلقة ذكر او في جمع او على الاثير وربطها بمقاطع من معاني حديث نبوي امر لايستقيم والمنطق السليم لان في نفي الكذب عن الحكومة اعلان ضمني وصريح بنسبته الى غيرها ..؟وفي هذا مجازفة شرعية وسياسية وعلمية غير مضمونة النتائج …
لهذا ينصح كل السياسيين بالحكم والمعارضة ان ينتبهوا الى تصريحاتهم ومن الاحسن ان يكتبوها ويختصروها ويشحنوها بكل ما هو مفيد وجامع .. ومن هنا فقد تطالب الاحزاب بتبيان كذب الحكومة او الحكومة بالكشف عن كذب الاحزاب ..مما قد يجعل البعض من الناس يستنتجون ان كلا الطرفين يكذب …وهذا قد يتسبب في صراعات وفقدان للثقة والقطيعة والانزلاق الى متاهات ومشاكل سببها تكلس بالفكر مع عدم تحكم في اللسان وعصبية مقيتة …ففي مثل هذا قال الرسول الكريم … (لا يستقيمُ إيمان عبد حتى يستقيمَ قلبه، ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه) أحمد
و جاء في حديث عن معاذ (ض) “…قال .قلت يارسول الله .اخبرني بعمل يدخلني الجنة ويباعدني عن النار . ثم قال : ” ألا أدلك برأس الأمر وعموده وذروة سنامه ؟ ” قلت : بلى يا رسول الله ، قال : ” رأس الأمر الإسلام ، وعموده الصلاة ، وذروة سنامه الجهاد ” ، ثم قال : ” ألا أخبرك بملاك ذلك كله ؟ ” قلت : بلى يا نبي الله ، فأخذ بلسانه فقال : ” كف عليك هذا . فقلت : يا نبي الله ، وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به ؟ قال : ثكلتك أمك يا معاذ ! وهل يكب الناس في النار على وجوههم أو على مناخرهم – إلا حصائد ألسنتهم ؟ “
ان عدم الوفاء بالالتزامات والوعود والاخلال بالمواثيق يمكن ان يصنف في حالات بالكذب من اجل انتزاع عطف الناس وكسب ثقتهم .. ثم ان بعض التصريحات التي تدلي بها الحكومات وبعض الاحزاب والتي تتناقض مع الواقع في حينها او بعد زمن قد توصف بالكذب وتنعث بالكاذبة ؟…
فاذا رجعنا الى البرامج الانتخابية والتصريحات الرسمية وبحثنا ما تحقق منها لوجدنا ان اغلبها او البعض منها لم يتحقق..فكيف سيصنف المحللون ذلك ..هل هو عدم وفاء ..او فشل في التدبير ..؟ ام ان ما كانوا يقولونه مجرد اضغاط احلام ؟ ام كذب انتخابوي سياسوي مشروع ؟..
فاذا كان بعض علماء النفس يعتبرون الكذب عند الاطفال من علامات الذكاء والقدرة على تدبر جملة من المشاكل والوقائع التي تعترضهم …فانه وبشبه اجماع العقلاء قالكذب عند الكبار من علامات نقصان الاهلية .. خاصة ان تعلق الامر بالبعض من اهل الحل والعقد …
ونختم المقالة بقولتين..
قال عمر بن الخطاب (ض) : (لأن يضعني الصدق- وقلَّما يضع- أحبُّ إليَّ من أن يرفعني الكذب، وقلَّما يفعل)
قال ابن القيم: (إياك والكذب؛ فإنه يفسد عليك تصور المعلومات على ما هي عليه، ويفسد عليك تصويرها وتعليمها للناس)
مصطفى المتوكل / تارودانت
الاربعاء 27 مايو 2015
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم – :” كم من صائم ليس له من صيامه الا الظمأ . وكم من قائم ليس له من قيامه الا السهر ”
قال رسول الله (ص ): ((إذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث يومئذ ولا يصخب، فإن شاتمه أحد أو قاتله فليقل إني امرؤ صائم… )
و عنْ عُمَرَ بنِ الْخَطّابِ (ض) قَالَ : “حَاسِبُوا أَنْفُسَكُمْ قَبْلَ أَنْ تُحَاسَبُوا ، وَتَزَيّنُوا لِلْعَرْضِ الأَكْبَرِ ، وَإِنّمَا يَخِفّ الْحَسَابُ يَوْمَ القِيَامَةِ عَلَى مَنْ حَاسَبَ نَفْسَهُ في الدّنْيَا.”
و” مما ورد في تعريف الصوم.. انه لغة هو الإمساك، وترك التنقل من حال إلى حال. ويقال للصمت صوم لأنه إمساك عن الكلام أي سكوتا عن الكلام.
وهو في الشرع : إمساك مخصوص في زمن مخصوص عن شيء مخصوص بشرائط مخصوصة”
وقال الراغب : الصوم في الأصل الإمساك عن الفعل
دخل شهر شعبان ..واصبح الناس يتحدثون عن الترتيبات والاستعدادات لرمضان بدءا من اعداد الاطعمة ..الى التهيؤ النفسي للانسجام الشخصي مع قداسة الشهر الفضيل ..الى وضع برامج تناسب الاجواء تعبدا وخشوعا وتواصلا واحسانا ..كما ان من الناس من يغير بشكل كلي نمط عيشه فيترك السلبيات والممنوعات ليصبح انسانا اخر غيره في باقي اشهر السنة ..فيبدل الجهد ليكون مؤمنا مطبقا خاضعا …
..ولنا ان نتساءل ..اذا كان ركن من اركان الاسلام لايؤدى الا شهرا في السنة ويتسبب في انقلاب سلوكي عند العديدين .. فماهو تاثير الصلاة التي نؤديها على مدار ايام السنة 5 مرات في اليوم كفرض ..بل كيف سيكون تاثير الاسلام بشخصية معتنقه الفعلي ؟؟
…. اننا لانريد ان يذهب ظن البعض بالفهم والتاويل الجامدين للاسلام بمبررات منها التقرب الى الله فيميلون الى التشدد والتطرف في التعامل مع النفس والاهل والمجتمع والبشرية جمعاء …كما لانريد ان يختزل البعض الدين في العبادات والمظاهر فقط …بل نريد ان نري بعقلنا وقلبنا روح العقيدة وجوهرها التي لاشك ان محصلاتها هي كل قيم الجمال الفكري والادبي والتربوي والمعاملاتي والتدبيري ..وهي مجبة الناس و كل خلق الله كما انها تمثل نفحات من صفات ربانية في حياتنا ….قال ابن عباس: معنى ربانيين: أي حكماء علماء حلماء. وقال الحسن: ربانيين؛ أي فقهاء، أي أهل عبادة وتقوى…
… ان شهر رمضان الذي يجب فيه على المسلمين الامتناع عن المفطرات التي صنفها المشرع وكلها تتعلق بالفرد حيث لايعلم بتطبيقها الا هو والخالق لانها اعمال خفية وينصح بسترها عند الصيام في الايام الاخرى ذلك ان الانسان لاتعلم بصومه الا ان اخبرك … ومن هنا نطرح العلة والقواعد المفصلية للسلوك والمعاملات التي يجب الحرص على تطبيقها في هذا الشهر حتى يكون للصيام اثار ايجابية وبناءة على المجتمع والناس كافة – اي باجتناب ما يبطل ليس الصيام فقط بل وحتى الصلاة والزكاة والحج والشهادتين -… بالامتناع عن كل انواع واشكال الظلم والباطل والاساءات ..والاقدام على كل اعمال الخير والاصلاح والعدل والنبل …
ان التامل في الاحاديث التالية سيجعلنا تقف على حقائق الفهم السليم لمعنى الدين والايمان من خلال الصيام …
وقال ( ص) في ما رواه أبو هريرة: “من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه”
وعَنْ ،ابي هريرة قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَ) : ” لَيْسَ الصِّيَامُ مِنَ الأَكْلِ وَالشُّرْبِ ، إِنَّمَا الصِّيَامُ مِنَ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ ، فَإِنْ سَابَّكَ أَحَدٌ أَوْ جَهِلَ عَلَيْكَ ، فَلْتَقُلْ : إِنِّي صَائِمٌ ، إِنِّي صَائِمٌ ” .
…وحتى نكون جميعا على بينة من امورنا وحقيقة ايماننا ..فلنعلم -وهم يعلمون طبعا – ان الله موجود ليس فقط في رمضان بل في كل الازمنة والامكنة ..كما ان الاسلام لايتحقق الا في رمضان ..
…ان الاعمال التعبدية لامعنى لها ايمانيا ان كانت لاتنهى عن الظلم والمنكر والبغي وانتهاك الحرمات وقول الزور والعمل به …
.. فاصحاب هذا السلوك الازدواجي المنافق والمتناقض يسيؤون للاسلام ويقدمون صورا غير مقبولة عنه امام المجتمعات التي نقول اننا جئنا لاخراجها من الظلمات الى النور …
..والسؤال الذي يطرح هنا …وماذا بشان كل اشهر السنة ؟وهل المسلم الذي يعرف بانه من يسلم المسلمون من لسانه ويده مناسباتي ومزاجي في ايمانه وسلوكه و على مستوى ادارته للحياة الخاصة و العامة والعلاقات …والحكم …؟
..ان الصوم الفعلي هو ضبط وكبح النفس الامارة بالسوء والخبث والكراهية …وليس الامتناع عن الشهوات من طلوع الفجر الى غروب الشمس فقط ؟؟
.. ان كل العبادات تقوم في نتائجها وتهذيبها للسلوك والمعاملات على العدل في كل شيئ و الارتباط بقضايا المستضعفين والفقراء والشعب عامة فكرا واقتصادا ومعاملات وسياسات …
ان الاستعداد للصوم في امور سياسات الحكومات يقتضي الامتناع عن اقرار كل ما ينهك قدرات الناس وما يضيق على حرياتهم وما يسيئ لكرامتهم من بداية انتداب الحكومات الى نهاية ولايتها وان يكون ذلك لوجه الله تعالى وليس لغرض او علة خاصة نفعية …
…ونختم بالقول لاتجعلوا امور الناس وحقوقهم ومكتسباتهم وامالهم مركب سوء لايستطيع حمل الراكبين ولا اداء خدمة ولايمتلك بوصلة تدله على بر الامان …فالامان في الاخرة مرتكز على الامان في الدنيا.. والحكام مسؤولون امام الناس وامام الله ..فلينتبه الجميع الى دلالات حديث المفلس ...حيث قال الرسول الكريم ( ص ): “أتدرون من المفلس؟” قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع فقال:” إن المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي وقد شتم هذا وقذف هذا وأكل مال هذا وسفك دم هذا و ضرب هذا فيعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه أُخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار”
وعن أنس بن مالك قال: قال النبي (ص):” المؤمن من أمنه الناس، والمسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمهاجر من هجر السوء، والذي نفسي بيده لا يدخل الجنة عبد لا يأمن جاره بوائقه.”
مصطفى المتوكل / تارودانت
الاربعاء 20 ماي 2015
((وَلاَ تَسُبُّواْ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ فَيَسُبُّواْ اللّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِم مَّرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ)) .سورة الانعام
جاء في القاموس ..زَعْزَعَ إِيمَانَهُ :- : شَكَّكَهُ في إِيمانِهُ ..وشكَّك الرَّجلَ : أَوْقَعَهُ فِي الشَّكِّ وَالاِرْتِيَابِ
ومنه .. زعزعة الايمان بجدية الدولة فيه زعزعة لاستقرارها وطمانينتها ومسارات تقدمها …
يمكن لنا ان نقدم تعريفا اوليا عاما للعقيدة باعتبارها مجموعة من الافكار والمبادئ والقناعات والضوابط الروحية والمادية التي تكون اما سماوية ان كان مصدرها الله …او الهة مادية طبيعية تصورها وافترضها العقل البشري حسب ميولاته وترجيحاته الايمانية فوضع لها طقوسا ومراتب ايمانية ليقدس بها ما يعتقده الها ..
ويمكن لنا ان نقول ايضا بانها هي خلاصات اجتهاد فكري لفهم الحياة وانماط العيش وتدبير مجالات السياسات العمومية وفق فلسفة تنظم طبيعة العلاقات المجتمعية بين الدولة والناس .. باعتماد الديكتاتورية او الديموقراطية.. او باعتبار الخلفيات الطبقية والاستغلالية او بالالتجاء للمساواة وتكافؤ الفرص والعدالة الاجتماعية …
فالذين يسعون لبسط السيطرة على المجتمع والدولة وجعل كل ذلك في خذمة مصالح فئوية او طبقية او اثنية او مذهبية او دينية ينسجون ما يسعون اليه في افكار وتصورات ومبادئ قد تكون واضحة الاهداف بالنسبة للجميع مثل الفاشيةو النازية والصهيونية والديكتاتورية …وقد تكون مغلفة وملتحفة برداء وغطاء العدل او الخلاص “تقية” الى ان يتمكنوا من السلطة لتظهر الحقيقة التي لاتؤمن الا بكل ما يتناقض وقيم الجمال ..بل قد تسعى لاطفاء كل الانوار و اغلاق كل الافاق حتى لايبقى من حق في التمتع بالوجود الا للذين هم على شاكلة المستبدين بجميع انواعهم …
وتامل بسيط في المجتمعات سيجعلنا نقف على حقائق ومفارقات لايمكن لاحد ان يتجاهل معها خصوصيات وقناعات الاخرين المخالفة لما يؤمن به جزءا او كلا …فالبعض من بلدان العالم شعوبهم رواد على مستوى العلوم والمعارف والتكنولوجيا و…الا ان بعض معتقداتهم في شقها الفلسفي والروحي قد لاتقنع شعوبا او امما اخرى بل قد تنعث بالتخلف والجهل و…لنقس على ذلك بالحكم ونقيضه في افريقيا او استراليا او امريكا او العالم العربي والاسلامي …حيث داخل المجتمع الواحد وحتى الدين الواحد نجد تباينا كبيرا يصل الى درجة التضاد عندما تمتزج العقيدة الدينية بالمذهب والطائفة وعندما تغرق في التقليدانية المطلقة التي تنفي التطور والتجديد والتحديث …ونجد امتنا عبر العقود والقرون يظهر بها ليس من يجدد امر الدين فقط بل من يجدد الفتن والشكوك ومن يبدل كل الجهد” الفكري ” والمادي لزعزعة معتقدات الناس ولو ان منبعها واحد مثل ما يفعل التكفيريون الذين يعتبرون كل المؤمنين على ضلال الا من والاهم وسار على نهجهم ؟؟
ولنا ان نطرح السؤال التالي ما علاقة زعزعة عقيدة ” مؤمن ” بحياتنا اليومية المعاصرة ؟ وهل لاي كان ان ينفي عن المخالفين له صفة الايمان ؟
…ان ما تتفق البشرية وتجتمع عليه هو الايمان بما تراه ملائما وناجعا لتدبير حياتها العامة والخاصة وادارة انظمة الدولة في علاقة بكل دول العالم …هو احترام كل رموز سيادة الدول والشعوب و معتقدات الاخرين وخصوصياتهم الفكرية والثقافية والاجتماعية …واحترام كرامة الانسان وضمان المساواة في الحقوق والحريات التي لاحق لاي كان ان ينتهكها او يتطاول بالاعتداء عليها بهدف الحد منها او استئصالها وزعزعة افكار المؤمنين بها …
ان كل جهة او فرد او منظمة لايقبلون باي عمل يسعى لزعزعة عقيدتهم وقد يخوضون معارك فكرية وقتالية لحمايتها من كل الاساءات او محاولات الاقصاء اوفرض عقيدة دولة او منظمة ما عليهم ؟؟ ولنا في التاريخ الحديث امثلة فشلت فيها اقوى الانظمة في زعزعة ايمان الناس رغم اغلاق دور العبادة المختلفة ومنع التدين بل وفرض تعلم عقيدة الدولة او الحزب او الطائفة على الاطفال والشباب في مختلف مراحل تعلمهم ….ويمكن لنا القول ان العديد من المعتقدات الموجودة اليوم ترجع الى مئات القرون ومازالت تستقطب مؤمنين جدد كما هو الحال في البودية والهندوسية على سبيل المثال ..؟
ولننظر للمسالة من زاوية الواقع المعيش …هل من حق من يحكم ان يزعزع ايمان الشعب بجدوى البناء الديموقراطية ؟ وهل من حق اية جهة ان تزعزع ايمان الناس بان تضحيات الوطنيين والمناضلين الثوريين من اجل بناء دولة المؤسسات ما هو الا تهور وشغب وتفاهات سياسية ؟ وهل من حق الحكومات ان تزعزع ايمان الناس بدور الاحزاب والنقابات في تنظيم الاختلاف والتنافس ..فتصور لهم ان الاحزاب والنقابات ماهم الا مجموعة من الخارجين على القانون وسفهاء ومعرقلين للتنمية المتحدث عنها ؟؟ وهل يستوعب المتخصصون في زعزعة معتقدات الناس بان الثقة في مؤسسات الدولة ان انعدمت او تضررت بفعل التشكيك والاساءات المتكررة ستكون العواقب وخيمة وكارثية كما نرى هناك وهنالك ان لا احد يقبل بان يحكمه من يطعن في عقيدته او يتطاول على خصوصياته او ينتهك حرماته مما يتسبب في بلقنة الدول وخلق كيانات منغلقة سريعة الغضب ..تنتقم بدون اكثراث لنتائج ردود الافعال الدفاعية او الاستفزازية ومستعدة لجعل الصراع يستمر كما استمرت حروب باردة ودموية بين من يدعون انهم شيعة علي ومن هم خوارج ومن هم بين هؤلاء الى يومنا هذا والله اعلم متى ستتوقف …
اننا امام مشهد غريب جدا وغير منطقي ولا مسؤول …ان ما يقع ويسجل من زعزعة للروابط والعلاقات بين الناس افرادا وجماعات وهيئات .. يجعل القاعدة المشتركة بالمجتمع هي الشك اليقيني في نوايا معتقدات الاخرين وفقدان الصدقية ..والتشكيك كما يفكك الاسرة ويمزق اوصالها ..يفعل نفس الاثر واكثر داخل القبيلة والمجتمع والدولة … فمن المستفيد من سياسات زعزعة المعتقدات و الافكار والعلاقات ؟؟
المؤكد ان الدولة والشعب ومصالح الجميع ستضرر حتما والرابحون .. هم خصوم الوطن والشعب وخصوم المستقبل ولن يكونوا الا اصدقاء للظلام واراقة الدماء والتسيب …لهذا فالجميع مدعو لاحترام الناس وتقدير افكارهم ورد الاعتبار لقيم المواطنة والتعاون والتكامل واحترام الاختلاف وزرع الثقة في مؤسسات الدولة و المجتمع …
قال تعالى ((وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ)) المائدة
مصطفى المتوكل / تارودانت
14 ماي 2015
قال تعالى: ﴿مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً﴾ سورة المائدة
عن عبادة بن الصامت قال: بايعت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – في رهط فقال:( أبايعكم على أن لا تشركوا بالله شيئًا، ولا تسرقوا، ولا تزنوا، ولا تقتلوا أولادكم، ولا تأتوا ببهتان تفترونه بين أيديكم وأرجلكم، ولا تعصوني في معروف، فمن وفى منكم فأجره على الله، ومن أصاب من ذلك شيئًا فأخذ به في الدنيا، فهو له كفارة وطهور، ومن ستره الله فذلك إلى الله، إن شاء عذبه، وإن شاء غفر له).
…اتفقت امتنا على أن الشرائع السماوية جاءت للمحافظة على الضروريات الخمس وهي الدين والنفس والنسل والمال والعقل …ومن هنا فاوجب الواجبات من حيث الحفظ والصون هي النفس والوجود الانساني وكل ما يضمن له عيشا كريما وحياة منتظمة يحميها بالعقل الواعي والنظام العادل ..ولجعل الضرورة الدينية قائمة ومستمرة الى ان تقوم الساعة فلا بد ان يكون المكلفون بتبليغها واقناع البشرية بها مدركون لروح وجوهر شرع الله الذي جعل التنوع والتعدد والاختلاف في العادات والمعتقدات والطبائع امرا مسلما به لاحق لاي كان ان يمارس الترهيب والاكراه لاجبار الناس على اتباع دين ما ..لان الله يعبد بالعلم والايمان وليس بالجهل .. ولان الايمان مرتبط بالقلب والروح والعقل فالله وحده يعلم من يؤمن حقا او من يدعيه نفاقا لمصلحة مادية او معنوية او تقية لتجنب عنف او ترهيب …فالمطلوب هو ان يوظف العقل والعمل العام لتحبيب العقيدة للمخاطبين والمخاطبات لا ان يتم التعاطي مع الدين بطرق تناقض جوهر التعاون على البر والتقوى وعدم التعاون على الاثم والعدوان ونشر الكراهية بين الناس وتكثير الاعداء وتحريضهم ضد الاسلام والمسلمين خاصة والمعتقدات عامة …
..ان كل من يقدم نفسه للناس على انه هو المالك للحقيقة وان الاخرين على ضلال وبانهم هم وحدهم الذين يفهمون الدين وغيرهم مبتدعة وتحريفيون ..وبانهم هم وحدهم المصلحون وغيرهم ولو اصلحوا فماهم الا مفسدين … يحتاج الى مراجعات تنطلق من المبادئ وتنتهي بالقواعد مرورا بالاعمال والنتائج بعد صفاء النية واخلاصها واحسان التعامل مع قوله تعالى (وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَن فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا ۚ أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّىٰ يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ )سورة يونس
وقوله تعالى ﴿وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (*) إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ﴾سورة هود
ومن هنا يمكن ان نقول لقد خالف شرع الله والفقه والقوانين والعقل …كل من يقول او يدعو علانية او سرا الناس الى ان
يبادروا بانزال الحد والعقوبة بانفسهم على الفاعل والمتهم .. والاقدام على افعال ومبادرات فردية في مواجهة حالات واحداث ومواقف خاصة قد يكون معنيا بها او يحضرها من مثل ان يقبض على من سرقه او قذف في عرضه واتهم زوجته بالزنا او ان يجد رجلا مع امراته في غرفة – “هكذا ..؟؟” .. ليصبح المواطن مراقبا ومشرعا وقاضيا وسلطة تنفيذية …
…اما ان كان المتحدث مسؤولا بمؤسسة عمومية او حاكما او زعيم منظمة ما او اماما .. فذلك حسب منطق السياسة وعلم التشريع ..هو امر واذن ليقوم الناس بانفسهم مقام الدولة والعدالة في ضبط الواقعة / الجريمة ودراستها واصدار الاحكام وتنفيذها ..وهذه دعوة صريحة و معلومة لمن استمع او تناهى لعلمه القول للعصيان وعدم اسناد واحالة الامور على المسؤولين اي اولي الامر وتنفيذ العقوبة بنفسه …فهل هذا الكلام تفويض اوتنازل عن اختصاصات لها اصحابها بالقانون والشرع ” لفائدة” الشعب …؟ ام انه مجرد كلام سياسوي انفعالي لايلقي له البعض بالا لانه قد يجر الى تصرفات طائشة يمكن ان تنتشر في اوساط قد ترى في كل كلام فتوى او ترخيصا بالفعل لاقدر الله …ولنا في حلات الانفلات الفوضية بالعديد من الدول التي تقوم فيها مجموعات صغرى او افرادا باعمال يعتقدونها من جوهر الدين ؟؟
..واذا اردنا ان نفصل جزئيا في المسالة دون الغوص في القضايا الفقهية الشرعية المنظمة للموضوع ..سنطرح جملة من الاستفهامات الواقعية التي تحكمها ضوابط معلومة في الدين …* هل يجوز شرعا قتل الزاني ان ضبط مع زوجة من ضبطه دون التاكد من كونه متزوجا او غير متزوج لان الاحكام مختلفة ..؟ *وهل للمراة في مثل هذه الحالة ان وجدت زوجها يخونها مع امراة اخرى ان تنفذ عليه العقوبة ام تنفذها على خليلته سواء كانت متزوجة ام لا .. ؟ * واذا كان الزاني مع المراة قاصرا او مجنونا فهل له معاقبته …؟ …كما ان لتنفيذ العقوبة شروط هي العقل و البلوغ و الاختيار و الاسلام .
وفي اشارة عابرة لاشكال تدقيق وتشديد الشرع في شروط اثباث الزنا … والتي التي تتحقق الا بالإقرار والاعتراف أو بالبينة وشهادة الشهود الذين يجب أن يكونوا أربعة من الرجال .. فما العمل ان انتفت او تعذر توفرها ؟…وهنا يرد ويوضح الرسول (ص) … عندما قال سعد بن عبادة لرسول الله صلى الله عليه و سلم : ” أرأيت لو وجدت مع امرأتي رجلاً أأمهله حتى آتى بأربعة شهداء ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( نعم ) ” رواه مالك في ” الموطأ “…
وفي هذا قال تعالى: (واللاتي يأتين الفاحشة من نسآئكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم فإن شهدوا فأمسكوهن في البيوت حتى يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلا (*) واللذان يأتيانها منكم فآذوهما فإن تابا وأصلحا فأعرضوا عنهما إن الله كان توابا رحيما) سورة النساء
.. ;قال تعالى: (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) النور
لقد “…اتفق الفقهاء على أنه لا يقيم الحد إلا الإمام أو نائبه، وذلك لمصلحة العباد …”والا عمت الفوضى المجتمع وتذرع الفوضويون والمجرمون تحت نفس المبرر للفتك بخصومهم واعدائهم باصطناع الوقائع وافترائها وطبخ الملفات …
…ونسوق هنا خلاصة لتصريح الشيخ الدكتور أحمد الغامدي الذي كان رئيسا لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في منطقة مكة المكرمة، ل “الحياة…” معلقا على ما يدفع «داعش» لادعاء تطبيق الحدود الشرعية ..هو «استقطاب المتعاطفين من البسطاء والجهلة، وغير العارفين بأحكام الشريعة والمتشوقين للدماء، ومن يعتقدون بأن تنفيذ الحدود بذلك الشكل القائم لما يسمونه الخلافة، هو التطبيق الصحيح، فيما هو تشويه للدين وأفعال باطلة»….واعتبر ذلك «حرباً فكرية قذرة»…
وعن السيِّدة عائشة رضي الله عنها قالت: قال صلى الله عليه وسلم: «ادرؤوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم، فإن كان له مخرج فخَلُّوا سبيله فإنَّ الإمام إنْ يخطئ في العفو خير من أن يخطئ في العقوبة»
لهذا فلكل امر اهله بالدولة يحال عليهم للدراسة واعمال القانون والشرع حسب اجتهادهم وهم المسؤولون لاستصدار الاحكام وتنفيذها ..لانه ثبت في الدين وفي التاريخ ان الناس ان تركوا لاهوائهم وانفعالاتهم لعمت الفوضى ولاكل القوي الضعيف ولضاعت الحقوق ولاختلت الضرورات الخمس وغيرها ولسادت شريعة الغاب ..
مصطفى المتوكل / تارودانت
الاربعاء 6 ماي 2015
يقول تعالى ..﴿ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ (*) تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (*) وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ (*) يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ) سورة إبراهيم
“العبث اضاعة الوقت فيما لافائدة فيه وهزل لاخير من ورائه وتصرف طائش …واستخفاف”
و “الاسْتِخْفَافُ بِالأمْرِ : الاسْتِهَانَةُ بِهِ.. والاسْتِخْفَافُ بِالنَّاسِ : الاِسْتِهْزَاءُ بِهِمْ”
.. ان من انواع العبث ما يطال الحقوق الخاصة ..ومنه ما يستهدف الشؤون العامة ..فاذا كان الناس يميزون عند الحديث عن العبث بين المزاح وتزجية الوقت والترويح عن النفس وبين جعل البشر كائنات يتم التعسف عليها بالاستهزاء والتحقير والاساءة ارضاء لغرور وعجرفة وخلل نفسي وتربوي …فان تاثيراته السلبية لايختلف حولها عاقلان …
..فان يتعمد اي كان العبث بمشاعر الحب و بكل القيم الجميلة الدينية والانسانية المرتكزة على احترام الاخر سواء اتفقنا او اختلفنا معه وحتى ان تعادينا .. فامر لايمكن القبول بتاصيله وترسيخه في كل فضاءات حياتنا التي خلقها الله صافية ورائعة ليصبح قاعدة وعرفا يعمل به الصغار والكبار بالمسؤوليات وخارجها …اذ مثلا لايحق بمبرر الاختلاف او العداوة في السياسة وتدبير الشؤون العامة ان يتم بالعبث واللامسؤولية التسبب في تمييع العمل الجاد وتنفير الناس من الاهتمام بحاضرهم ومستقبلهم المشترك في افق تحقيق الانتصار على التخلف والفقر والجهل والمرض والبطالة والاستبداد وجعلهم سلبيين بمقاطعتهم للفعل السياسي في علاقة مع الدولة او المجتمع المدني .. انه وكما لايحق حتى في الحروب الالتجاء الى العبثية العمياء التي تتعمد ابادة المدنيين قبل المسلحين ومحو وهدم ما تركته الامم السابقة من حضارات وثراث انساني رائع .. لايحق تحت مبرر ” الانتصار ” ان تسبى النساء في كل بلدان العالم او تستباح كرامتهن ماديا ومعنويا ايا كان معتقد الفاعل و..
… ان العبث باسماع وعقول وحياة الناس ممارسة وسلوك لايمكن الا ان يصنف ضمن افسد خانة في اللامعقول ..
…فالمفترض ان العقلاء يكتسبون مهارات ترفع من درجات الفهم وحسن التصرف انطلاقا من كل التجارب التي راكمتها البشرية منذ بدء الخليقة بما في ذلك الاخطاء تعلق الامر بالافراد او المؤسسات و كل مجالات الفعل الانساني نظريا و عمليا …
…و باعتبارنا من اصحاب الدين الاسلامي الذي هو اخر الرسالات السماوية حيث نعتبر باننا .. “خير امة اخرجت للناس .” سورة ال عمران ..واننا جئنا لاخراج الناس من ظلمات الفكر والجهل والتخلف والعصبية المقيتة والجاهلية السلوكية والنفسية الى عالم من الرحمة والتاخي و التعاون والتحاب … الا يحق لنا ان نسائل انفسنا بجد عن حقيقة فهمنا للدين وللعلة في وجودنا في هذا الكون ..ثم ان نسائل انفسنا اين نحن من الاسلام الذي هو رحمة ونبيه رحمة مهداة؟ ..واين نحن من تقدم الدول الاخرى التي امتلكت اليات العلم والمعرفة والتطور وسبقتنا بعقود عديدة يصعب مجاراة سرعتهم ليس لعجز بنا او ضعف في قراتنا العقلية ..بل لاننا استعملنا العقل في السياسات العبثية والكلام اللامسؤول والصراعات الجوفاء ..فوظفنا بذلك ما كرمنا الله به في الاساءة الى مجتمعاتنا وحضارتنا وتاريخنا وكل ما هو جميل فينا …
…ان مفهوم الدعوة اعم واشمل مما يعتقده بعض الغلاة سواء بتفاسيرهم او ممارساتهم او في حياتهم وعلاقاتهم مع غيرهم …ان جوهر الدعوة في الديانات السماوية وفي الاسلام خاصة لاتعني بالضرورة اختزال الدين في العبادات .. بقدر ما تعني التشبع بقيمه النبيلة والانسانية والحضارية ..لانه لامعنى لاظهار شخص ما لايمانه بعقيدة وسلوكه مناف في التفصيل او في الجملة لحقائق ما يدعيه ويدعو له …فالظلم الكبير ان يتخلل سلوك “المؤمن” وممارساته بجميع انواعها ..تجاه الاخر اساءات وتحقيرا واستهزاءا ولمزا وهمز ا ..يدخل صاحبه في متاهات لاقرار لها قد تحرق الاخضر واليابس على السواء …
… اننا لم نفهم بعد من الدين لا فلسفته ولا تربيته ولا اهدافه وهنا نخص بالذكر ما يحقق المصلحة المشتركة للناس كافة في هذا البلد وغيره من بلدان العالم اياكان معتقدهم او لغتهم او …فمن سنن الله ان جعلنا شعوبا وقبائل ودولا تختلف الواننا والسنتنا وطباعنا وثقافاتنا وانماط عيشنا …واسس على التنوع الغني المفهوم الشامل للعدالة الالهية التي تشمل الجميع ..كما تاسس على التنوع مفهوم الخير والشر الذي تعمق في شرحه وتوضيحه العلماء والفلاسفة وحتى الشعوب البدائية كل من زاويته ورؤيته..
.. ان العبث اذا تخلل اجتماعات الحكام وممثلي الشعب واذا تخلل المفاوضات والممارسات فانه ينتج شرخا عميقا على مستوى الثقة يصعب ترقيعه او اصلاحه.. لان الملاحظ العادي في كل محطات الاختلاف عبر العصور سيجد ان الاستهزاء والتحقير من طرف تجاه الاخر او من الطرفين معا لم ولن يفرز الا كوارث وازمات واحقاد تمتد لاجيال ايا كان سبب الاختلاف ارثا او ظلما او سياسة اومصلحة خاصة او قرارات حكام غير منصفة ومنحازة ….
.. انه عندما يعمد الحكام الى العبث بما هو فطري بمقتضى الخلق اي الاختلاف والتنوع في محاولات لاضعاف الاخرين المخالفين ولو كانوا ناصحين واقصائهم في اتجاه محو وجودهم المادي والمعنوي كما فعلت النازية والفاشية والهامانية والنيرونية …مع من يعتقدون انهم اعداء لهم …لايمكن ان ينتج عنه الا بروز ديكتاتوريات جديدة تلغي سابقاتها وتؤسس لنفس الفعل بمبرر القضاء على الديكتاتورية …
ان الشعب لايريد مؤسسات توظف جزءا هاما من قدراتها الكلامية للتعريف بانواع السباب والتحقير والاساءات يطال عبثها مصالح الناس واوقاتهم وامكانياتهم .. بل وتعميم ذلك على العالم كله بفضل الاقمار الصناعية ليتعرفوا على وجهنا الاخر المناقض لكل ما هو جميل والذي يهدم بوعي او بدونه بعضا من مصداقية الجميع ..ويجعل الناس يتساءلون هل نخبنا والحكام مؤهلون لادارة الوطن وفي مستوى الانتظارات والتحديات الداخلية والعالمية ..ام اننا محتاجين لاعادة التربية والتاهيل …
ونختم بقوله تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ) الأحزاب.
وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: «من كثر كلامه كثر سقطه».
فارحموا من في الارض يرحكم من في السماء وكفى عبثا يغفر الله لنا ولكم …
الاربعاء 29 ابريل 2015
جاء في الحديث النبوي “إِنَّهَا سَتَأْتِي عَلَى النَّاسِ سِنُونَ خَدَّاعَةٌ، يُصَدَّقُ فِيهَا الْكَاذِبُ، وَيُكَذَّبُ فِيهَا الصَّادِقُ، وَيُؤْتَمَنُ فِيهَا الْخَائِنُ، وَيُخَوَّنُ فِيهَا الْأَمِينُ، وَيَنْطِقُ فِيهَا الرُّوَيْبِضَةُ. قِيلَ: وَمَا الرُّوَيْبِضَةُ؟ قَالَ: السَّفِيهُ يَتَكَلَّمُ فِي أَمْرِ الْعَامَّةِ..”
…….الرُّوَيْبِضَة تصغير “الرابضة”: وهو العاجز الذي ربض عن معالي الأمور، وقعد عن طلبها
ان قراءة اولية للحديث تجعلنا نقف على فهم عميق “للرويبضة” اي انه السفيه اي الذي يتكلم في امور العامة ..
كما ان ربط الحديث عن الرويبضة بالسنين الخداعة التي ستنتحل فيها صفة الصادق من الكاذب و سيُكَذَّبُ الصادق – وسيُؤْتَمَنُ الخائن ….له اكثر من دلالة وتفسير ..بدءا باسناد الامور الى غير اهلها وانتهاء بالشطط في ادارة الامور والتطاول على الناس …
واذا اطللنا على على بعض الشروحات ذاث الصلة بالموضوع فسنجد ان الطيش وخفة العقل من صفات السفيه وان المنعوث به يتصف ايضا باضطراب في افكاره وارائه واخلاقه…
ونختار من القران الكريم بعض سياقات ذكر السفيه …
* …من ذلك قوله تعالى في سورة النساء : “وَلا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ “…والاموال هنا تشمل الخاصة كما تعني العامة …
وقد تعني الاية في فلسفتها العميقة التنبيه الى مغبة اسناد ادارة المعاملات والتدبير المادي / المالي المتعلق بالاسر والشعوب والدول ايضا الى حتى من لايدرك ان كلام المكلف بتسيير محل تجاري او بادارة خدمات خاصة والمتصف بسلاطة في اللسان وطيش في الافكار والحركات والايحاءات مع الناس لانه سيفسد قيمة ماله وتجارته وعلاقاته …كما ان الحاكم الذي يفصل في المنازعات او ينظر في امور الناس وحاجاتهم اويدبر امورهم في كل القطاعات التي ترتبط بها الحياة العامة ان كان جارحا او مستفزا او مستهزئا او قدحيا فسيكسر الثقة في حدودها الدنيا الواجب توفرها في علاقات الحاكم بالمواطنين والنخب مما يهدد بافراغ المؤسسات من مصداقيتها وتحريف طريقها في اتجاه متاهات لاتفيد الافراد ولا العامة ولا الحاكمين ولاتحقق اية مصلحة …
*…ومنها قوله تعالى في سورة البقرة : “وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُواْ كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُواْ أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاء أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاء وَلَكِن لاَّ يَعْلَمُونَ”- “قال الرّاغب: فهذا من السّفه في الدّين.”-..وهذا رد من الكفار على دعوتهم للايمان بالدين الاسلامي حيث اعتبروا الصحابة سفهاء اي انهم جهال ومعارفهم محدودة وهذا بطبيعة الحال دفع باطل كله سفه فعلي …الخ
…..ان التحدث في امور العامة مع العامة وممثليهم بل ومع البشرية الذين اصبح من مشاغلهم – كشعوب و مؤسسات ودول – متابعة مايحصل ويقال وما يخطط له وطرق التدبير والتواصل المعتمدة .. نظرا لان العالم اصبح قرية كبيرة تتاثر فيها وتتضرر المصالح المشتركة والتوازنات الضرورية لنهضة دول واستمرار حضارات .. بسبب ظهور مؤشرات وممارسات تعارف العالم في الادبيات الديموقراطية ووفقا لمنظومة حقوق الانسان المتوافق عليها عالميا على تصنيفها بانها من الانتهاكات والخروقات والاختلالات التي قد تلحق الضرر الخطير بسمعة الوطن وقد تنجم عنها مواقف سياسية يستغلها خصوم الدولة بالخارج لاشك انها ستسيئ وتشوه كل المكتسبات التي بناها الشعب بتضحياته الجسيمة طوال العقود الماضية وستفرغ كل المبادرات التي اقدمت عليها الدولة في المجال الحقوقي والدستوري والبناء الديموقراطي من كل مضامينها بتحويلها الى مجرد فقاعات ديماغوجية لن تسر الا الاعداء الذين يكيدون لهذا البلد الحضاري …
..فكيف سنتعامل مع السفاهة اذن …قال الاقدمون ان “السكوت عن السفيه فلاح وأن الرد على السفيه سفه “..وهنا تكمن اشكاليات التفسير والاجابة على السفه من حيث مستواه ودرجته فقال في هذا ابن الجوزي: (السَّفَه نباح الإنسان)
..وقال الامام الشافعي شعرا لخص فيه رايه وحكمه ..
ان السفه تختلف خطورته وانعكاساته السلبية بحسب الصادر منه و مرتبة المنعوث به فان كان رب اسرة فقد يؤدي الى ضياعها ..وان كان مسؤولا في شركة او مؤسسة فقد يؤدي الى افلاسها والاساءة الى كل من فيها.. وان كان حاكما فالاساءة ستطال الامة والدولة …
ولهذا ضرب الشعبيون مثلا منذ القدم فقالوا للدلالة على استيعابهم لكل مظاهر السفه المرتبطة بامور الناس عامة ” الفقيه اللي نتسناوا براكتو دخل للجامع ببلغتو “
وقال سيدي عبد الرحمن المجدوب
لا تسرج حتى تلجم واعقد عقدة صحيحة
لا تتكلم حتى تخمم لا تعود لك بفضيجة
وجاء في الحديث ( من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً , ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئاً ) رواه مسلم
وقال الإمام علي بن أبي طالب “ض”: “كفى بالعلم شرفًا أن يدَّعيه مَن ليس بأهله، وكفى بالجهل عارًا أن يتبرأ منه مَن هو فيه”
….الجميع يعرف ان العلم ضد الجهل …لكن …ماهي حدود ” العلم “..؟… وهل للموضوع علاقة بحجم المعلومات او بمستويات الفهم ؟ وهل يشمل العلم كل العلوم التي منبعها الانسان او مصدرها ومرجعها الوحي وسنن الانبياء والمرسلين ؟..وهل يشترط لتعلم العلم والمعرفة اتقان القراءة والكتابة ؟ وهل كل من يدعي العلم بامور الدنيا او الدين او هما معا يفهم حقا ما يحمله في خزانة عقله او مكتبة بيته …؟
…ان المتتبع للشؤون العامة ومسارات تدبير امور الناس يجعلنا نتساءل … اي شعب نبني انطلاقا من طرق التعليم عندنا ؟ ووفق اية منظومة واي مستوى معرفي نعمل ..؟ وللتحديد اكثر هل نريد شعبا يساق ويقاد ويخدم اجندات تتناوب على اموره بجعله امعة تابعا مامورا يفكر البعض ويقرر بالنيابة عنه ؟ ام نريده شعبا يمتلك زمام العقل والمعرفة والارادة والكرامة وحرية الاختيار ؟…
…ان الاشكال ليس من الثرف الفكري ..انه يحمل من المخاطر ما يتعطل بسببه التطور وتتفجر بسببه الكوارث هلى اكثر من مستوى ..
انه وبمسمى تعليم الناشئة او محاربة الامية قد يخرج البعض على يديه اناسا حاقدين او تكفيريين او متزمتين او انتهازيين او منحرفين او خونة …
لهذا لاغرابة ان وجدنا وسط مجتمعاتنا ظواهر اجتماعية وتشكيلات فرق تتارجح بين الفكر الخرافي المغرق في الضلالات بادعاء ان ذلك جوهر الدين …
او ان نجد من يعلم الناس ويشحنهم – لدرجة يصعب معها احيانا تصحيح ما افسده “التعليم ” – بافكار تكفيرية تبيح القتل والغاء كل المخالفين وسلبهم شخصيتهم واستعبادهم …
او ان نجد من يسعى بكل قوة لمحو كل ماهو جميل في تاريخنا القديم والقريب ليضع عوضا عن رجالاته ونسائه الابطال مجاهيل من العصر الحاضر قد يكون البعض منهم ممن تامر ضد الشعب او تسبب في الامه …
او ان نجد من يفرغ السياسة والديموقراطية والعدالة من كل ما اكتسبه الانسان عبر قرون وقرون ليملاه بمغالطات وترهات هي اقرب الى الاستعباد والتضليل من الى اي شيئ اخر …
ان الاشكال اصبح هو …كيف يمكن لنا جميعا ان نميز بين الذين يعلمون والذين لايعلمون ؟
بين من يتكلم بصدق وبين من ينتحل الصفات للايقاع بالناس وجرهم الى مستنقعات كلما ارادوا الخروج منها زادوهم اغراقا و…
… ان نظرة تامل متانية رصينة إلى بيوتنا وذواتنا ومؤسساتنا وعلاقاتنا العامة وخطبنا وممارساتنا ، ستُظهر لنا ضعف وهزالة ما ينتج ويعلم للناس والخطورة اللامحدودة العواقب الناجمعة عن ذلك في علاقة بامور الدنياالمادية والروحية والفكرية والانسانية …
فماهي حقيقة معرفتنا وتعلمنا ؟
وما الغاية من تربية وتعليم الشعب كل ما يتعارض او يتناقض مع الاخلاق السياسية الرشيدة .. حيث تتقوى مدارس الانتهازية والريع السياسي وشراء الذمم والانحراف الفكري ….بتوظيف لئيم للمعتقدات النيرة بهدف التغطية على الاختيارات السياسوية التي تسعى لتاسيس ديكتاتوريات جديدة برداء يصبغ ظاهره بالديموقراطية من اجل تطويع الإنسان و التحكم في العقول والتوجهات والانفس ..بهدف تدجين واخضاع الناس للحكومات بوسائل يحذر منها الشرع والعقل …؟
…وما هي حقيقة الاولوية عند من يحكمون اليوم …هل محاربة الجهل والامية ونشر العلم والمعرفة وتشجيع البحث العلمي التنويري ؟
ام اعتماد حلول و اجراءات شكلية ترقيعية ذاث نفس انتخابوي محدود المنفعة والافق ..؟ وكيف ستتحقق النهضة لشعب نسبة الامية -المتنوعة الاشكال والمضامين – فيه مرتفعة ..؟ وكيف سننافس من سبقنا اليوم بالعلوم والديموقراطية والتحكم في مفاصل وتفاصيل النظام العالمي ..؟
هل بتنفير الناس من المشاركة في الشؤون العامة وتعمد الابقاء على قدراتهم المعرفية والثقافية محدودة وضعيفة ..؟
..والى اين تسير امور “المعرفة ” التي تعلم ويروج لها في العوالم العامة والخاصة ؟وهل نجحت الدولة في اخراج التعليم ومنظومته من الحلقة المفرغة التي مست بدوره الجوهري في التنمية وبناء امة العلم والمعرفة …؟
ان المتتبع للامور العامة ومسارات تدبير مصالح الناس يطرح اسئلة مدخلها هو اي شعب نبني ؟ ووفق اية منظومة واي مستوى معرفي ..؟ وللتحديد اكثر هل نريد شعبا يساق ويقاد ويخدم اجندات تتناوب على ادارة اموره نيابة عنه دون الاخذ برايه ؟ ام نريده شعبا يمتلك زمام العقل والمعرفة والارادة والكرامة وحرية الاختيار المرتكز على روح المسؤولية ؟ …
…ان المشهد السياسي متناقض واقعه مع النصوص القانونية والشرعية .. متضارب مع العديد من مصالح الشعب وقواه الحية سيؤدي ان عاجلا او اجلا الى التردي والانحطاط والتجهيل والميوعة وتنفير الشعب من كل عمليات البناء الصادقة …وسيؤدي الى الشك في كل شيئ وزعزعة النيات الصافية والفطرية …انه يجعل كل ذوي الضمائر الحية يتساءلون .. لماذا تسير و تدفع امور العلم والمعرفة بشكل ممنهج نحو زرع عدم الاهتمام بالسياسة والشؤون العامة وجعل ذلك من الذكاء والفطنة ..؟..ومن المستفيذ من تخلفنا وجهلنا ونفورنا من المسؤوليات تدبيرا ومراقبة وتقويما …؟
قال ابن حزم :”لو لم يكن من فضل العلم إلا أن الجهَّال يهابونك ويجلُّونك، وأن العلماء يحبونك ويُكرِمونك، لكان ذلك سببًا إلى وجوب طلبه، فكيف بسائر فضائله في الدنيا والآخرة؟! ولو لم يكن من نقص الجهل إلا أن صاحبه يحسد العلماء، ويغبط نظراءه من الجهال، لكان ذلك سببًا إلى وجوب الفرار عنه، فكيف بسائر رذائله في الدنيا والآخرة؟!”
وقال لقمان الحكيم عليه السلام لابنه: (يا بني، جالس العلماء وزاحمهم بركبتيك، فإن الله سبحانه يحيي القلوب بنور الحكمة كما يحيي الأرض بوابل السماء).
ونختم بان عين العقل الشرع في هذا الباب قوله تعالى ..( قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولوا الألباب ) سورة الزمر .
ونحن نريد ان تكون امتنا امة علم ومعرفة ومنطق وارادة حرة ..لان ديننا بهذا امر وليس ما يقول البعض ويامر …
مصطفى المتوكل / تارودانت
الاربعاء 15 ابريل 2015
يقول تعالى “وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا ”
عند الوقوف على كلمة الجهل في القران الكريم فاننا نجدها كما فسر ذلك العديد من الشراح تاتي بمعنى الكفر والشرك ..ويوصف بها المشركون ..وقيل انهم السفهاء …
… لقد تعرض زعماء الحركة الوطنية ورجالات ونساء حركة المقاومة وجيش التحرير والحركة التقدمية الوطنية ببلادنا …كما العديد من قادة وقواعد الاتحاد الاشتراكي والحركة النقابية والمثقفين العضويين …سيل من المؤامرات والافتراءات والجهالات التى انبرى للقيام بها سواء بترويج الاشاعات او بالكتابات التي يطلق عليها صحفية تعسفا او بتدوين كتيبات صفراء ماتركوا شهيدا او ثوريا او بطلا او مثقفا عضويا كبيرا اوزعيما ساهم في تحرير المغرب او قدم التضحيات الجسام من اجل الدفاع عن الحرية والديموقراطية .. او ساهم في بناء دولة المؤسسات او اثرى مجالات الابداع …فتسببوا بذلك في الاعتقال العديد او النفي والاغتراب او الطرد من الوظائف وقطع الارزاق ….
حيث اعتمدوا التاويلات المغرضة التي تتارجح بين الاتهامية والكيدية والانتقائية اللئيمة للحظات المفصلية في تاريخ الشعب المغربي يسعون من وراء ذلك اقصاء بل والقضاء على الفكر المتنور الذي اسس له في هذا البلد سيدي علال الفاسي وشيخ الاسلام سيدي بلعربي العلوي وسيدي محمد الحبيب الفرقاني وسيدي عمر المتوكل الساحلي و…وبنى هياكله وصرحه خيرة الرجال من المهدي بنبركة وعبد الرحيم بوعبيد وبنسعيد ايت ايدر ومحمد عابد الجابري وعمر بنجلون وسي محمد كسوس و…الا انهم لم يكونوا من النوع الذي يتلهى او يشغل نفسه بسفاسف الامور ولا ضعاف النفوس الذين يوظفون لؤمهم وحقدهم لخدمة جهات ومصالح لاترتاح الا بعد زوال كل ماهو جميل ونبيل في الوطن وفي قلوب الناس …انهم يميزون بين الخصوم الحقيقيين للشعب وبين اعداء الوطن ..انهم لا تلهيهم لاخفافيش الظلام ولاتماسيح الانهار ولا عفاريت المجاري …انهم اختطوا طريقا وعلموا منذ البداية انها طويلة وشاقة وتحفها المكاره والاكراهات والمشاكل والمؤامرات والخسائر …انهم امنوا وحسموا امورهم بان تشق قافلتهم الطريق نحو الغايات النبيلة باصرار دون ان ترهبهم وتثني عزائمهم كل التلويحات والتهديدات …
انهم يجيبون على كل الكلام السئ ايا كان مصدره وفق جوهر قوله تعالى “وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا ” …ولهذا نجد الزعيم عبد الرحيم بوعبيد يرد على سياسات ومواقف الذين يتربصون للايقاع به وبحزبه قائلا في احدى خطبه ما معناه ..اننا ليس لدينا ما نخسره سوى حسن نيتنا في الذين ظهرت نواياهم السيئة …ولم يرد عليهم بمثل ما يقولون ..ولهذا قال الشهيد عمر بنجلون باسم كل الاتحاديين مجيبا باخلاق نضالية عالية …الارهاب لايرهبنا والقتل لايفنينا وقافلة التحرير تشق طريقها باصرار ..وكانه يعلم ان الارهاب سيغتاله باسم الدين بعد اشهر معدودة …
وجاء في جواب للزعيم الاتحادي الراحل سي عبد الرحيم بوعبيد مخاطبا ولي عهد الملك الراحل محمد الخامس طيب الله ثراه في لقاء رسمي شفاف وصريح “… فأنا لا أرى وليا للعهد، ومستشارا لجلالة الملك يضع نفسه على رأس الحكومة، اللهم في ظروف استثنائية حقا. ذلك لأن «الحكم» كما يقال هو «الاختيار» وعليه، سيكون عليك أن تختار، بإلزام مسؤوليتك السياسية بين هذا التوجه وذاك، على مستويات : الاقتصادي والثقافي والاجتماعي وفي مجال السياسة الخارجية، فالرجل السياسي العادي ينخرط بكل مسؤوليته السياسية عندما يقدم على اختيار معين، فإذا نجح في عمله، لن يكون قد قام سوى بما أملاه عليه ضميره وتحليله للوضعية، وإذا أخفق، لن يكون أمامه سوى أن يستقيل أو ينحى من طرف الحكم الاعلى، جلالة الملك. هذا هو النظام وهي ذي قواعد اللعبة حتى في ديمقراطية غير كاملة كما هي ديموقراطيتنا »…
كما جاء في جواب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية في مذكرة رفعت الى الملك الراحل الحسن الثاني رحمه الله بعد توليه الملك بطلب منه – فيه رد ضمني على افتراءات ومكائد ومساعي خصوم الاتحاد في السنوات الاولى للاستقلال – والتي وقعها عن الامانة العامة الاخ عبد الرحمن اليوسفي من فقراتها “…إن الاتحاد الوطني للقوات الشعبية يرى في ثورة الملك والشعب التي كانت نقطة الانطلاق التاريخي في تحرير البلاد من السيطرة الاستعمارية, ميثاقا حيا مستمرا، يتلخص مدلوله في الثقة الكاملة المتبادلة بين الملك والشعب. والثقة في تاريخ الشعوب لا تأتي من الأسفل الى الأعلى فقط، ولكنها يجب في ظروف معينة ان تأتي من الاعلى الى الأسفل، حتى يتم التجاوب الحقيقي الصادق. ولا طريقة لذلك إلا بسن انتخابات حرة عامة تخرج البلاد من الخلط والغموض، وتمنحها مؤسسات حرة تكون الضمان الحقيقي للاستقرار والنظام.»
ان الاخلاق الاتحادية النضالية التي تمتذ جذورها الى عمق الحركة الوطنية والكفاحية والسلفية المتنورة والتي مازال الاتحاديون والاتحاديات يحرصون على استمرايتها ورعايتها ونقلها لاجيال الغد ..تميز بين النقد البناء والنقد العدمي ايا كان مصدرة في اقصى اليمين واقصى اليسار او بينهما …وتميز بين ضرورات المصلحة العامة ومتطلبات المواطنة الكاملة …وتسعى الى بناء الغد الذي لاتوظف فيه مسؤولية ادارة السلطة التنفيدية لبسط النفوذ واقصاء الاخر وارساء تسلط جديد يفرغ الديموقراطية من كل مقوماتها ويجعلها حكرا على جهة واحدة على جهة الاستمرار ..ولنا في تاريخ الامم والحضارات وحتى في زماننا هذا من محا كل المعارضين والمخالفين للراي الرسمي من المشهد السياسي واستفردت هياتهم او حزبهم على كل السلط بل منهم من اعتبر اجتثاث المعارضين اولوية الاولويات باسم اقرار الحريات …
ان اتهام المعارضة بالجهل والجهالة وكل النعوث المباشرة والخفية القدحية والمسيئة من طرف خصومها ليست من السلوك المقبول عقلا وشرعا ..وهي منهجية غير سليمة لحث الناس على المشاركة السياسية …بل انها اساليب تهدف الى تنفير الغالبية العظمى من الشعب من السياسة ودفعهم الى نهج المقاطعة وعدم المشاركة في الاستحقاقات ..مما يفقد كل الجهود معانيها ومصداقيتها ومما ييسر فتح المجال امام الفكر المتطرف والعدمي بكل انواعه …
اننا مطالبون جميعا بالابتعاد عن الانحطاط في الخطاب والممارسة السياسية والتزام الجدية والمصداقية والموضوعية في القول والفعل …لان في ذلك مصلحة قصوى ومصيرية لبلدنا …وفي انتظار ذلك نحن كمعارضة اتحادية لايسعنا الا نستحضر قوله تعالى ..
“…لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ “﴿ القصص﴾
وعن أبي موسى الأشعري قال: قلتُ يا رسولُ اللّه، أيُّ المسلمين أفضلُ؟ قال: “مَنْ سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِنْ لِسانِهِ وَيَدِهِ”.
فاللهم اجعل المعارضة والحكام من الذين يستمعون القول فيتبعون احسنه وان يسلم المسلمون من السنتهم وايديهم …امين
مصطفى المتوكل
تارودانت 31 مارس 2015
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا- النساء 135)
يقول الله تعالى﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا ﴾ [النساء: 58]
يفترض في كل حاكم في اي موقع كان وخاصة ان كان رئيسا لحكومة ما ان يكون مستقلا ومحايدا ولايخلط بين ما يميل اليه هواه او هوى طائفته وبين تدبير الشؤون العامة للناس كافة ..وعندما يتحدث وهو في موقع الحكم فيجب عليه ان لايكلم المواطنين بطريقة تجعلهم في حالة التباس تام هل يتكلم كحاكم او كحزب او مذهب …
….ان الكثير من الساسة يسهبون في الحديث عن الحكم الرشيد.. كما يتحدثون عن الحكم الديموقراطي …الا ان كلامهم لايستقيم منطقه ولا تتجلى اهدافه الفعلية ماداموا يسعون لاقصاء المجتمع المدني والقوى الحية الحقة وابدالهم بالتي صنعت ويراد تصنيعها لترى بمنظار البعض ولتنطق بلسانهم وتجاري خطاهم ليدخلوا مع الحكام في كل المتاهات حتى ولو سلكوا جحر ضب …ان سياساتهم التي لاتنبني ولاتتشبع بروح القانون وعدالة العمل في كل قطاعات الدولة والمجتمع افقيا وعموديا سرا وعلنا بما يحقق المساواة التي يشعر الناس معها بانهم احرار في وطن حر .. ان السياسات التي لاتقدر ثقل المسؤولية وتبعاتها واثارها باعتبارها امانة مما يصبح معه من الوجوب والالزام على من بيده الحل والعقد في امور الحكومات ان يعتمد الصدق والجدية والكفاءة والانفتاح الرصين وتصريف الامور كلها والناس حكام ومحكومين سواسية كاسنان المشط في علاقة بالحقوق والواجبات والاستفادة من خيرات الوطن ومقدراته …
…..فالحكم الرشيد عند العادلين والراشدين الذين هم قلة في تاريخنا …كما الحكم الديموقراطي عند الديموقراطيين الصادقين -والذين يمكن التعرف عليهم بسهولة في تاريخ البشرية والذين كانوا منارات في النضال والثورية والتغيير -..لايمكن الحكم عليه والتعامل معه في الواقع المعيش عند الشعوب ايا كانت عقيدتهم الا بسياساته ونتائجه الملموسة وخاصة ان ارتكزت على الصدق والعدل في كل شيئ …لهذا فعندما امر الرسول الكريم (ص) مجموعة من الصحابة بالهجرة واللجوء الى الحبشة لان فيها ملك عادل لايظلم عنده احد وهو زعيم مسيحي في منطقته فهو يعلم المسلمين بان الصفات المحمودة والطيبة توجد حتى بالديانات الاخرى …وعندما التجا وهاجر الالاف من السياسيين والادباء والعلماء و..في العصر الحديث فرارا من بطش الحكومات العربية والاسلامية وظلمهم وتسلطهم …-قلت التجاوا – الى دول مسيحية او علمانية على امتداد اوروبا الغربية فوجدوا انفسهم احرارا خارج بلدانهم وتمتعوا في غالب الاحوال بنفس الحقوق التي عند شعوب البلدان التي استقبلتهم …فمعناه ايضا ان الغرب غير الاسلامي يوجد به هامش افضل واكبر للحريات والاحترام للاخر وحماية للمعتقدات …
….ان العدالة التي اوصى بها الانبياء اتباعهم من المؤمنين بان تنشر في الارض وتعتمد كعمل اخلاقي وتعبدي يقرب الى الله ولنشر المحبة والاخاء بين الناس …لاتعطي النتائج المتوخاة –… رغم الصلاة و الصوم و الزكاة و الحج و… – ان شاب سلوك صاحبها الحيف والظلم بمختلف تجلياته…في تجاوز لكل الحدود المقبولة وبالاقدام على افعال منكرة لايرضى المحبون للعدالة والديموقراطية بحدوثها ..فالتسلط والقهر والاستهزاء والاستخفاف بكرامة الناس ذكورا واناثا من ابشع انواع الفحشاء والمنكر …
…يقول تعالى : ( اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ) العنكبوت
…وتحدث ابن عاشور رحمه الله شارحا :
” الفحشاء : اسم للفاحشة ، والفحش : تجاوز الحد المقبول . فالمراد من الفاحشة : الفعلة المتجاوزة ما يقبل بين الناس . والمقصود هنا من الفاحشة : تجاوز الحد المأذون فيه شرعا من القول والفعل ، وبالمنكر : ما ينكره ولا يرضى بوقوعه .
وكأن الجمع بين الفاحشة والمنكر منظور فيه إلى اختلاف جهة ذمه والنهي عنه “
...فصفة العدل محبوبة عند الله … لهذا يعتبر العدل من الاسباب والمرتكزات الاساسية لارسال الرسل ليقوم الناس بالقسط على كل حال ووضع ….
يقول تعالى : (لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ ٌ- الحديد 25 )
فكيف يمكن للحكام الذين يعتبرون كل الاحزاب وكل المذاهب وكل قوى المجتمع المدني بانهم اما اعداء او مشاريع اعداء ما داموا لايسايرون طروحاتهم ونظرتهم لامور الحياة وسياساتهم التي تحتمل البطلان كما تحتمل الصحة .. لانهم بطبيعة الحال بشر عاديون وليسوا مختارين بصناديق اقتراع سماوية لاياتيهم الباطل مب بين يديهم ولا من خلفهم .. انهم ” جاؤوا ” بصناديق اقتراع محلية الصنع شكلا وجوهرا وتوجها …؟؟
ان المصلحة الشرعية والعقلية توجب ضرورة الفصل التام الذي لاغموض فيه بين امور امارة المومنين و المؤسسات العلمية الشرعية الرصينة المتحضرة السمحة المستوعبة للضرورات الشرعية المحققة للمصلحة العامة و الراجحة في علاقة مع المحيط والتطور العلمي والمعرفي الذي تشهده الدول التي تمتلك ادوات وقدرات التحكم العالمية في السياسة والقوة العسكرية والطب والتكنولجيات الحديثة و..اضافة الى اعتمادهم ” الممنهج “على منظومات قواعد البناء الديموقراطي و حقوق الانسان …وبين ادارة امور الحكم في علاقتها بالشعب في مجالات الاجتهاد البشري على مستوى سياسة تدبير حقوق الانسان وسياسات ادارة الاقتصاد والاجتماع والتعليم والتصنيع والتكنولوجيا والتشغيل واقرار نهضة شاملة …حيث لايجب اسناد الفشل والتخلف والعجز للسماء .. كما لايجب الاختفاء وراء سلطة اعلى في عملية ايحائية حماله اوجه تخالف لامقتضيات شرع الله ولا المقتضيات الدستورية في كل الدول التي تعتمد تعددا وتنوعا في السلطات والمؤسسات الدستورية …
…كما ان المصلحة الشرعية والعقلية تقتضي الرفع التام لحالة التنافي – عند كل من يحكم شعبا يتميز بالتنوع والتعددية السياسية والفكرية والمذهبية والثقافية و… – التي تتجسد في الجمع بين راسة السلطة التنفيذية وراسة حزب ما ..خاصة وان كل المنابر الرسمية وحتى الحزبية والعامة ومن خلالها الناس يجدون انفسهم احيانا بالمؤسسات العمومية من برلمان او لقاءات رسمية وكانهم في تجمع بمقر حزب راسة حكومة ما .. فيستمعون لراي لايمكن تصنيفه بانه راي الاغلبية الحاكمة بقدر ماهو قناعات امين عام حزب يحكم والذي يختلف معه فيها جزءا اوكلا حتى الاحزاب التي تشكلت بها الاغلبية الحكومية ناهيك عن احزاب المعارضة وغالبية قوى المجتمع المدني …واحيانا اخرى يجد المتتبعون للسياسات العمومية وشؤون الحكم ان امينا عاما لحزب معين يتحدث امام حزبه في انشطته الداخلية او العامة وهو يتقمص شخص الحاكم يوزع الاتهامات ويملي الاراء ويعلل الافعال وكانهم يستمعون لخطاب حكومي في مجمل الكلام والتصريحات …
…ان المصلحة العامة تقتضي وضع اليات ملزمة تحترم القواعد الكلية المهيكلة المشتركة والخاصة ذات صلة بتدبير امور الدولة بالحكم و بالمعارضة وبكل المؤسسات الدستورية والاعلام و… مع الالتزام التام بقواعد احترام الشعب ومكوناته على مستوى الخطاب الرسمي -واحيانا المعارض- الذي يجب ان يكون متخلقا وخاليا من الايحاءات السلبية والاستفزازات المجانية وكل انواع الاستهزاء والتحقير ….ومن الاستهتار والتلاعب بالوعي العام …
…لهذا يمكن ان نعتبر في حالة المغرب اننا امام وضع تناف لم يفكر فيه “الخبراء ” عند الاعداد للاصلاح السياسي والدستوري الاخير عندما سمح بالجمع في هذه الحكومة بين راسة حزب والحكومة لانه تجلى للمتتبعين بالاغلبية والمعارضة والمجتمع المدني ان بعض المعنين ببلدنا لايستطيعون الفصل بين الحالتين والشخصيتين .. فحبس نفسه وافعاله وكلامه لحزبه وصحبه وليس للشعب …لهذا تكون العديد من المواقف منفلته وغير منضبطة تمس بالمتوافق عليه من طرف كل النخب مع الدولة بطريقة تتسبب في اشكالات نحن جميعا في غنى عنها داخل الوطن واحيانا خارجه …
ان هذا الخلط يجعل المواطن العادي لايميز بين الحزب والحكومة والدولة وبهذا تتم بشكل او اخر اعادة تكرار مظاهر سياسات السلطات الشمولية …
لهذا وجب لفت نظر كل من يعنيهم الامر بضرورة اعادة قراءة التاريخ وخاصة تاريخ الامة الاسلامية.. لنجد ان الحاكم عندما يؤمن بتعصب اعمى بما يعتقده صدقا او نفاقا هو الحقيقة التي لايجب ان يكون هناك مخالف لها او غير مؤمن بها تعلق الامر بالقضايا الفقهية الفرعية او المذهبية او في فهم وترتيب امور العقدية المثارة في المذهب الاباضي او الاشعري او الحنفي او المالكي او الحنبلي وغيرهم عند هل السنة والجماعة …والجعفرية والزيدية والاثنى عشرية وغيرها عند الشيعة وفق تصنيفاتهم وفهمهم … اقول ان الحاكم عندما يتحول الى خاذم واداة في يد مذهب ما او انه هو نفسه يتزعم معتنقي مذهبه الا وجرته سلطته وانانيته ليجعله ملزما للناس ولو باعمال القوة والقمع والترهيب ماديا ومعنويا بل قد يلجا الى التشكيك في ايمان المخالفين واتهامهم بالكفر والخروج على الامام …ولنا في مشكلة خلق القران المشهورة اجمالا ومحنة الامام احمد بن حنبل افضل مثال بعد ان امن بافكار المعتزلة الخليفة العباسي المامون وغيره …
كما ان انقلاب الشيعة بايران على الثورة التي قادها التقدميون من طلاب وعمال وفلاحين ذكورا واناثا ضد شاه ايران ..وسيطرتهم على السلطة واقصائهم و محاربتهم لكل من خالفهم ليجعلوا الحكم وامره بيد الفقهاء الزعماء من الشيعة الذين لايكون الا ما يريدون فدفنت الديموقراطية والحق في الاختلاف والحريات بما فيها حرية الايمان العلني بمذاهب اهل السنة والجماعة ..بل يعملون بكل قوة وحيلة لجعل مذهبهم هو المتحكم في كل مفاصل السياسات والشعوب الاسلامية ولو باثارة الفتن واذكاء النعرات …
لهذا فمصلحة الامة وقدرة الناس على معرفة الافكار والمذاهب و تحديد الاختيارات التي بنيت ديموقراطيا بتاكيد الاسلام على عدم الاكراه في الدين ناهيك عن المذهب او الراي الفقهي بل وحرية الايمان .. تفرض على اصحاب الراي الرصين من علماء الامة كما امثالهم من النخب الحاكمة المتنورة وكذا نظراؤهم من المجتمع المدني والقوى الحية ان يبسطوا المعرفة الرشيدة وان ينتهجوا السياسة البناءة وان يؤمنوا يقينا بان الظلم سواء كان من خلفه البعض من اهل السنة والجماعة او من الشيعة او من الديكتاتويات المتجبرة نتائجه سيئة وكارثية على وحدة الامم وصفاء الايمان لسبب وحيد ان الله بنى كل شيئ على العدل وبالعدل ولايمكن ان يقبل بان تنزل رسالاته في الواقع ويلزم بها الناس الزاما بالجبر والاكراه والتهديد والوعيد ..فما سمي الايمان ايمانا الا لانه ليتحقق لابد ان يكون منبعه الوعي والمعرفة والقلب … يقول تعالى “وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ ۖ فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ..”الكهف
ونختم بالقول اذا كان الله سبحانه وتعالى قد قال “لا اكراه في الدين …”..فلا اكراه ولا اجبار في السياسة ..واذا استحضرنا احترام التناوب على السلطة عبر الانتخاب الحر والديموقراطي فذلك لايعني اننا مجبرون لنطيع اولي الامر في كل شيئ بما في ذلك الضحك بضحكهم .. واتباع افكارهم والسير على خطاهم ؟؟
لهذا من ضوابط الايمان الفعلي ..العمل على القيام بالقسط بين الناس بغض النظر عن ميولاتهم السياسية العقائدية أو السياسية المذهبية او …
فالدين كما هو معروف عند العلماء والعقلاء مبنى ومعنى والسياسة كذلك …والعدل ايضا لايحصل بادعاء الاعتقاد به او بتقمصه او المبالغة في التحدث به وعنه ..انه اساس كل شيئ ولايكون شيئ بدونه …
يقول تعالى ﴿ وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ ﴾ [الشعراء].
مصطفى المتوكل / تارودانت
الاربعاء 18 مارس 2015
قال عمر بن الخطاب ( ض )… “من كثر ضحكه قلت هيبته، ومن مزح استخف به، ومن أكثر من شيء عرف به. ”
الشعوب تبني وتؤسس الدول والحكومات بالعدل والديموقراطية …كما ان الحكومات .. يفترض فيها وضع سياسات لادارة امور الدولة بما يحقق للشعب طموحاته في التطور والتقدم والعدالة الاجتماعية والاقتصادية في احترام تام للحريات والحقوق المدنية …
لكن ليس من المنطق ان يفرز استحقاق انتخابي ما برلمانا وحكومة تدعي في تقاريرها وادبياتها والمعلن في خطبها وتصريحاتها انها جاءت من اجل خدمة الشعب …لتنقلب مواقفها واجراءاتها ضد المواطنين فتمتد الانعكاسات السلبية لسياساتها الى التشغيل و الاسعار والى تبخيس العمل السياسي وافساذ الخطاب والاخلاق السياسيين ..بل امتدت لتفسد المناخ والفكر السياسي مما قد يؤدي الى نتائج لن تكون الا محبطة للدولة نفسها والشعب …
لهذا عندما تطالب احزاب المعارضة والمجتمع المدني والقوى الحية بالامس كما اليوم باصلاح جذري للتعليم والحقل الثقافي ببث انوار الحياة المتجددة في النفوس والسلوك الجمعي والفردي …وبناء استقلال فعلي بمنظومة القضاء ككل …وبحماية الحريات العامة والخصوصيات لان المسالة ليست ثرفا سياسيا بل جوهر قاعدة “..الناس سواسية امام القانون والعدالة ..”وهذا لايقتصر على الفهم والتفسير الميكانيكي الذي يختزل الامر في الوقوف او اللجوء الى المحاكم للترافع ولمزاولة شكليات التقاضي ..بل يهم كل القطاعات وكل مناحي الحياة…
ان مطالب التغيير من ان اجل ان يحكم الشعب نفسه بنفسه عن طريق اختيار ممثليه الذين يتنافسون في التعبير عن طموحاته تنظيرا والتزاما وتنفيذا وانضباطا لارادة الشعب ..هي امور لايجب ان يقفز عليها اي كان ولا ان يستغلها لابتزاز الشعب والاساءة اليه بتضييع فرص الامل واقبار الاوراش الكبرى ونتائجها التي بناها رواد الاستقلال والتغيير بهذا البلد وفي كل البلدان التي لاتقبل شعوبها بالمذلة والهوان و التي لن ترضى الا بالكرامة الشاملة والسيادة الشعبية بالديموقراطية الحقة …
ان الاضطهاد والمساس بالحريات والحقوق وربط حلول الظلام الشامل في الغد بعدم وجود من هم موجودون اليوم .. ما هو الا محاولة مبيتة لسحب وتبخيس السلطة الحقيقية الضامنة لاستمرارية مصداقية “المشهد” السياسي والتي تعطي للصناديق قيمتها …انها سلطة الشعب الذي هو القاعدة الفعلية لهرم الدولة فالشعب من مدنيين وعسكريين وامنيين هو عماد كل المؤسسات ..ثم به ومنه ومعه تكون الدولة المتماسكة…لهذا يمكن القطع شرعا وعقلا بفلسفة الديموقراطية والشورى ان الشعب هو فعليا من يحكم ..وان من يسير الحكومة يفترض ان يقوم بذلك بالنيابة فقط عن الشعب بمقتضى التصويت الذي منحه مؤقتا تكليفا محددا بالموضوع والاهداف والزمان …
…ان من علامات التراجع ان يتسلط الإنسان على الإنسان عندما يمتلك اية سلطة ولو كانت “رب بيت ” فيجعلها مصدر قوته يفجر فيها انانياته وتحقيره وظلمه وقهره في مواجهة الاخر …لهذا سن الاسلام اليات لمنع استغلال امتلاك الاموال لظلم الناس فاعتبر الاغنياء مستامنون على ما يملكون عليهم واجبات وللفقراء فيما يملكون حقوقا متعددة …
قال تعالى ﴿ آَمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ﴾ سورة الحديد
..بل نزع الحديث النبوي عن الذي يملك الطعام صفة الايمان ان لم يطعم منها جاره الجائع …قال رسول الله (ص ) “والله لا يؤمن والله لا يؤمن والله لا يؤمن قالوا من يا رسول الله قال من بات شبعان وجاره جائع وهو يعلم به”
…بل حرم ان توظف سلطة المال لاستغلال الناس وابتزازهم واستعبادهم …كما جعل الاسلام منظومة الشورى والعدل والامر بالمعروف والنهي عن المنكر قاعدة للحد من ظلم وانحراف من يحكم …
فهل كل الحكومات تعكس ارادة شعوبها ؟ام انها توظف امتلاكها للسلطة ضد الذين يمنحونها الحكم ؟
وهل حقيقة الشعب هو من يحكم ؟ وهل ان حكم الشعب سيسيئ لنفسه وينتهك حقوقه ويتراجع عن مكتسباته ؟
ان طرح السؤال يقتضي تاصيلا دستوريا وشرعيا لاشك انه سيجعلنا نقف اما سؤال اخر عريض هو ..في اي اتجاه تسير امور السياسة بالبلد …؟؟؟
ونختم بما قاله الحسن البصري رحمه الله: (أفسد أمر هذه الأمة اثنان: عمرو بن العاص يوم أشار على معاوية برفع المصاحف، والمغيرة بن شعبة حين أشار على معاوية بالبيعة ليزيد، ولولا ذلك لكانت شورى إلى يوم القيامة)
ونحن نقول والله ما افسد السياسة ببلادنا الا الفراغ الذي خلقته القوى الحية والديموقراطية ببلادنا برفعها للراية البيضاء في مواجهة خصوم التطور والتقدم ..ورفعها لراية العصبية والانانيات في مواجهة بعضها بعضا.. ولولا ذلك لوصلنا الى ما يثلج صدر الشعب …
فهل حقيقة تتجسد ارادة الشعب في سياسات الحكومة ؟ الجميع يعلم الحقيقة ..لكن البعض يتجاهلها
مصطفى المتوكل / تارودانت
الاربعاء 11 مارس 2015
جاء في القواميس ..رَجُلٌ لَئِيمٌ :- : خَسِيسٌ ، مُنْحَطٌّ ، دَنِيءٌ .
فقال تعالى : { وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمْ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } التوبة
عن ابن مسعود رضي الله عنه،ان النبي (ص)قال .. ((أكرموا النساء, فو الله ما أكرمهن إلا كريم، وما أهانهن إلا لئيم، يغلبن كل كريم، ويغلبهن لئيم، وأنا أحب أن أكون كريماً مغلوباً, من أكون لئيماً غالباً))
قال عمر بن الخطاب : ما وجدت لئيماً قط إلا قليل المروءة .
يقول تعالى (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم من نفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)
…لاشك ان الله خلق الحياة والموت ليبلونا اينا احسن عملا …وانه خلق الرجل والمراة ليعملا معا في تكامل وهم اشقاء في الاحكام وفي التدبير العام والخاص لامور الحياة …وجعل المراة سيدة ومنبعا للحياة والتنشئة بامتياز ..كما اكد النبي (ص ) على فضلها وخيرها الذي يمتد من الدنيا الى الاخرة فجعل الجنة تحت اقدامها ..
لهذا سيسهل على كل عاقل ان يفهم بتدبر تقديم الرسول صلى الله عليه وسلم لها على الرجل في البر والوفاء بثلاثة اضعاف ما للرجل …… حيث سئل النبيُّ (ص ) :” …من أحق الناس بحسن صحبتي قال أمك قال ثم من قال ثم أمك قال ثم من قال ثم أمك قال ثم من قال ثم أبوك …”
وللمراة في الاسلام نفس الحقوق الجوهرية والاساسية التي للرجل كما لها حقوق تختص بها دونهم ..فالمسؤولية الشرعية والقانونية والادارية والمالية والمجتمعية والحق في التملك وادارة امورها بالطريقة التي تقررها لاينازعها في ذلك لا الدين ولا الاعراف …بل اباح لها ان تخطب للزواج من الرجال ممن تراه اصلح لها …كما لها ان تشترط امتلاك العصمة اي لتطلق الزوج متى رات في ذلك خيرا لها ..ولا يهمنا هنا الاختلاف في المسالة …
ولمن اراد ان يتعرف على دورها السياسي والفقهي والدعوي قبل الاسلام واقصد هنا الديانات السماوية السابقة او بعد الاسلام فسيجد ان الاشكال ليس في الشرع بل في بعض العقليات التي تسعى لجعل الدين خاضعا لها تمرر به مواقفها وسياساتها واحيانا ما يسمونه فتوى التي يصل البعض منها درجة من الغرابة من مثل جهاد النكاح وغيرها مما نستحي عرضه هنا لانه يسيئ لديننا ولحضارتنا …؟؟؟
…ان من الامثلة النيرة التي لاتحتاج الى تلفيق او تحوير هو مثال ام المومنين عائشة رضي الله عنها التي تصنف من المكثرين / المكثرات في رواية الاحاديث والتاصيل الديني بالسنة النبوية والتي كانت تحدث حتى بالقضايا الحميمية والخاصة ..وكانت ملجا للمؤمنين والمؤمنات للاستفسار عن عدة اشكالات واستفسارات فتخاطبهم ويخاطبونها ..قال عطاء – رضي الله عنه -: (كانت عائشة أفقه الناس، وأعلم الناس، وأحسن الناس رأيًا) وقال أبوموسى الأشعري : (ما أشكل علينا – أصحاب رسول الله ص – حديث قط، فسألنا عائشة إلا وجدنا عندنا منه علماً)
…بل سجلت كتب السير والتاريخ انها خرجت مع الصحابة والرجال الى البصرة في الحملة التي عرفت بموقعة الجمل في مواجهة سيدنا علي بعلة عدم قيامه بالثار لمقتل سيدنا عثمان رضي الله عنهما ..حسب الروايات التاريخية..
…كما ان تاريخ الشعوب الاسلامية مليئ بنماذج رائدة في كل المجالات الحياتية والعلوم والمعارف والريادة التي ابدعت فيها المراة والرجل على حد سواء بل تفوقت في الكثير من الحالات …
واشارتنا هاته هي للرد بالمختصر المفيد على كل الذين” يفكرون ” بتعسف وشطط وتحقير بصوت مرتفع وكتابات مسيئة للمراة اي للامهات والبنات والاخوات والعمات والخالات …فيتعاملون معها مرة كالبضاعة واخرى كالجماد وثالثة كالامة -بفتح الميم – ورابعة كالناقصة الاهلية ..وخامسة كعورة …الى غير ذلك من التعبيرات الموغلة في الجمود والتخلف والغرور ..
هي اشارة شرعية وعقلية للذين يستخفون بعشرات الالاف من نساء المغرب اللواتي جبن بعض شوارع الرباط احتجاجا على سياسة الحكومة التي “تبدل الجهد” من اجل استفزازهن بالواضح وبالمرموز ونعث المعارضات باي نعث يهدئ من روعها ولا نميز هنا بين من بالحكومة او بالحزب او بالاعلام التابع لهما او باي جناح يشكل امتدادا لهما او كل من يحذوا حذوهم ولو خافلهم المذهب …
ان المراة هي نصف المجتمع ولا يجب ان يعتمد اي كان على سياسة تسعى لابقاء المراة بعيدة عن التعلم وعن العمل وعن تدبير امورها و امور الحياة المختلفة مثلها مثل الرجل …
ونختم بالقول للذين يهينون النساء ويتعمدون احتقارهم بوعي او بدونه … باية من كتاب الله وحديثا نبويا …
يقول تعالى ( أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُور ) سورة الحج
و قال الرسول ( ص ): (أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً وخيارهم لنسائهم).
مصطفى المتوكل / تارودانت
الاربـعــاء 4 مــــــارس 2015
قال الكواكبي ” ..من اقبح انواع الاستبداد ..استبداد الجهل على العلم .واستبداد النفس على العقل ” …
وورد في نهج البلاغة … الاستبداد بالشيء، التفرّد به
… ونوجز تعريف محمد عبده للمستبد بأنه الذي يفعل ما يشاء .. ويحكم بما يقضي هواه، وافق الشرع أو خالفه..
ان كل السياسات الرسمية لاية حكومة في العالم عندما تعمد الى الحد من ثقافة النقد البناء …وعندما تحاول توصيف الناس على نمطها شكلا وقلبا …وعندما تشكك في كل ماهو جميل من حضارة شعبها المخالفة لعقلياتهم المتحجرة …وعندما تبحث لنفسها عن قداسة وهمية بالاساءة لغير المتطابقين مع نهجها …وعندما تربط ازماتها واخفاقاتها بوهم المؤامرات والتواطؤات الداخلية والخارجية …وعندما يتطاولون على التعدد والتنوع الذي هو من بديع الخلق الالهي كان ماديا او فكريا او عقديا او سياسيا بمحاولة تكرار انفسهم وجعل الناس على شاكلتهم ؟؟…وعندما يعمدون الى الغاء كل انواع العلاقات والروابط الانسانية والاجتماعية والثقافية ليعوضوها بهواهم وتخيلاتهم …وعندما يستبلدون المجتمع المدني ليختزلوه في انفسهم ومن معهم …
فانهم في حقيقة الامر لايسعون الا الى الغاء الاخر واقصائه من كل مجالات الحياة والعمل واحلال اتباعهم في كل تمفصلات الادارات والمجتمع ليكون الناس امعات و رعايا طيعين.. وتكون اليات السلطات المنتخبة والمعينة منفذة للاوامر ..و مسايرة لتوجهاتهم وكافرة بمن يرى احسن مما يرون او يخالفهم …انهم باختصار يعتقدون ان الشعب يجب ان يكون لهم ومعهم لان ذلك هو جوهر مساعيهم …انهم يريدون كذلك ان يفكروا بالنيابة عن الناس لانهم في نظرهم لاحق لهم في التفكير المتحرر من التسلط والتقليدانية والاستنساخ الفاشل …
…ان تردي وانحطاط العديد من الدول العربية والاسلامية وانزلاقها بسبب الركوب الاستبدادي على الارادة الشعبية في الحرية والديموقراطية والعدالة الاجتماعية والكرامة ..ادى الى الاساءات التي – وثقها التاريخ بالسواد والدماء والالام في اكثر من حقة وعهد وسلطة …- والتي نراها طالت الانسان بالبوادي والحواضر واضرت بالقدرات والثروات وتعمل من اجل اقبار كل الاحلام وتكسير الارادات وتدجين المعارف والافكار …..
…ان الله خالق كل شيئ امرنا بالعدل والاتزان والوسطية في امورنا وحياتنا ..واوجب علينا توقير الناس واحترامهم …وعرف لنا الظلم والظلمات ..ولم يجبر الناس على اي امر من امورهم وهو القادر على فعل ذلك بمقتضى الخلق الذي يختص به ..بل ترك لهم الخيرة في كل الامور ..ونهانا على ان نكون مستبدين ..بل فرض علينا مواحهة التسلط والقهر …
…ان مالا يمكن قبوله شرعا و عقلا هو ان يستغل البعض ماجاءت به الرسالات السماوية و الانبياء من افكار وتشريعات عادلة وان يوظف بانتهازية مذاهب ونظريات ديموقراطية بدعوى محاربة الاستبداد واقرار العدل وهو يسعى ليعوضه باستبداد اخر قد يكون اكثر خطورة و ايلاما ممن سبقه لانه استغل الناس وحسن نيتهم ورغبتهم في التخلص من الطغيان والعسف …
ومن هنا يمكن ان نسجل ان اصحاب الاستبداد واتباعه لايتوقفون حتى يهيمنون على المجال الفكري و المذهبي و الاجتماعي والاقتصادي و الاعلامي …الخ ..اي حتى يخضعوا لارادتهم وفق متمنياتهم كل ما في البر والبحر والجو…
..والامر الغريب ان كل المستبدين بمختلف الامم وبعض ” الاديان ” يتفننون في البحث عن مبررات لمعاناة المواطنين و يحصرونها احيانا لغاية استبدادية لتفسير الانحطاط السياسي والازمات الشاملة.. بتهاون الحكام والناس في امور الدين ..او عدم توقيرهم لمن يحكم ..وان لاخلاص الا بالخضوع للحكام والتفاني في الطاعة المطلقة …ولكم ان تنبشوا في تاريخ الاستبداد منذ ما قبل زمن فرعون وهامان الى هولاكو والديكتاتوريات الحديثة الى المعاصرة .. مرورا بنماذج لحكام تخصصوا في قطع الرؤوس والايادي والالسن وسبي النساء الحرائر العفيفات ..وما قطع راس سيدنا الحسين وقتل سيدنا الحسن احب الناس الى رسول الله بمبررات كاذبة تهدف الى الاستفراد بالتحكم والسلطة ..الا مظهرا بشعا للمستبدين الذين ان لم يقمعوا او يقطعوا الرؤوس في حقبة او محطة ما فانهم لم يجدوا فقط الفرصة السانحة لفعل ذلك ..ولنتامل الخطابات بمشارق الارض ومغاربها ثم لندقق النظر في الافعال والممارسات التي تطبق بها السياسات وتقصى بها كل قوى التغيير في افق محوها من خرائط الفعل العمومي لنفهم ما حصل وما يخطط له …
…ولن نغفل في هذا السياق الاستبداد الذي يعتمد اساليب انتهازية تستهدف اخضاع الناس باستغلال فقرهم وحاجتهم ..و الامهم وامالهم مع اشباعهم بالمتمنيات والامال والاحلام ..وتشكيكهم في كل ماهو جميل وجعلهم مستسلمين منقادين بعلة الرضى والقناعة ؟؟..وهذا النوع اخطر لانه يستعمل التضليل الذي لاياتي من ورائه اي خير …
…و لهذا يرى الكواكبي أن الاستبداد بأشكاله المختلفة:- “الديني* السياسي * الاقتصادي…” – هو أساس كل انواع الفساد وأن نتائجه دائما تكون سيئة …
… ان المحللين النفسيين والاجتماعيين يدركون ان هناك من لديه قابلية ليصبح مستبدا يـتحين ويستغل كل الفرص ليكون كذلك ..وان لم تتح له يمارسها في بيته وموقع عمله .. باختياره للمستضعفين ليعيث فيهم تجبرا وعنترية وتكبرا واسنهزاءا وتحقيرا …
…ان علماء الشريعة الاخيار النيرين وكذا علماء السياسة المناضلين يؤمنون بحتمية التغيير وان الاستبداد مهما تفنن وتنوع وتقوى لايؤدي وفق سنن الله وسنن الكون الا الى التحرر و الانعتاق طال الزمن او قصر ….
…ان القاعدة العامة التي لن يختلف عليها عاقلان هي انه لايمكن للمستبد ان يكون عادلا ذلك لان الظلم هو من اقوى نتائج الاستبداد ..فظلمه كما يطال الافراد يعم الناس كافة الا انصاره واتباعه واحيانا قد يتضررون منه كذلك ..ان المستبد لايمكن ان يحقق ما يريد الا بالزام وارغام الشعب بكل الوسائل ..من دغدغة العواطف الى التهديد ثم القمع المباشر وغير المباشر…
ان المتشبعين بالاستبداد لايقبلون النصح والنقد البناء ولايحبون من هو افضل منهم معرفة وتجربة وخبرة ويتشاءمون لدرجة الكراهية والحقد والكيد من التغيير والديموقراطية والحرية والكرامة ..
ونختم بالحديث التالي .. قال رسول الله “ص ” (أَلا أُخْبِرُكم بِخِيارِ أُمَرَائِكُم وَشِرَارِهم؟ خيَارُهم: الذين تُحِبُّونَهم، ويُحِبُّونَكُم، وَتَدْعُونَ لَهُمْ ويَدْعُونَ لَكُمْ، وشِرَارُ أُمَرائِكم: الذين تُبْغِضُونَهُمْ ويُبْغِضُونَكم، وَتَلْعَنُونَهُمْ، ويَلْعَنُونَكُمْ) رواه الترمذي، وصححه الألباني.
وقال ص : ” إذا رأيت أمتي تهاب أن تقول للظالم: يا ظالم، فقد تودع منها”
عجيب امر البعض من الذين اذن لهم ان يتطاولوا باللسان والممارسات التعسفية على الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية على مدار الساعة يتناوبون في السب والكيد والدس والتلفيق ليلا ونهارا …فمرة يلوحون للتكفيريين بان يوجهوا سهامهم ضد الحزب واخرى يوحون للاشباههم او اخرين بان يكشفوا عن السئ فيهم ويشنوا بدورهم غاراتهم العشوائية اللئيمة ..فالمشترك بينهم اليوم هو نفسه من حيث خلفياته واهدافه الذي مارسه من هم اساتذة ومراجع لهم منذ استقلال المغرب الى النصف الثاني من تسعينات القرن الماضي حيث اعتقد “البعض” بحسن نية اننا بالمغرب قد دخلنا فعليا مرحلة البناء الديموقراطي والمؤسساتي ..لكن حقيقة الاشياء اظهرت انهم دخلوا في سبات سياسي لخمسة سنوات تعلموا فيها ما جد من فنون الايقاع والتشخشيخ باساليب تستغل تشخشيخ المال و النفوذ وتشخشيخ القمع المقنن وتشخشيخ التضليل الفكري و…
فاذا كان الاتحاديون والاتحاديات ومعهم مناضلين ومناضلات من قوى اخرى قد نالوا حظهم الوافر من التشخشيخ بالسجون والمعتقلات والاقبية تسببت في اعاقة العديد واستشهاد اخرين حيث كان من بين هؤلاء الكاتب الاول السابق للحزب الاخ عبد الواحد الراضي الذي حكى عنه والدي المتوكل عمر الساحلي ابان اعتقالات الستينات انه يؤخد من طرف الجلادين فيشبع تشخشيخا يعلم به كل نزلاء السجن سواء بسماع صوت الصياح نتيجة الالم او ارتفاع اصوات الجلادين …وللجميع ان يسال من بقي حيا من الوطنيين الصادقين حتى يفهم احد معاني التشخشيخ ..
واذا كان الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية يواجه – بفتح الجيم – في كل المحطات الانتخابية بالتشخشيخ عن طريق البلطجية وهنا لن يتسع المجال لجرد حالات الهجوم والعنف التي طالت الاتحاديين والاتحاديات قبيل وابان الحملات الانتخابية بما في ذلك من مهاجمة محلاتهم والياتهم و…فانه حورب في نفس المناسبة بشخشخة الاموال ورقية كانت ام معدنية بهدف استمالة الناخبية واتذكر هنا بعض خطب القائد الراحل سي عبد الرحيم بوعبيد الذي قال ما معناه في العديد من التجمعات الانتخابية الجماهيرية ..”اموالهم حلال عليكم واصواتكم حرام عليهم …”
ولابد هنا ان نذكر ونحن نتحدث عن اساليب التاثير لابعاد الناس عن القوى الوطنية والتقدمية بساسات تخويف المواطنين من معارضة سياسات الحكام بتوظيف البعض للفوضى والاضطرابات التي تشهدها العديد من الدول بشمال افريقيا والعالم العربي والاسلامي .. بان تشخشيخ عدم الاستقرار يتهددنا وقد يطالنا كما طال هؤلاء …
ونرى من الافيد ان نعرض بعض معاني التشخشيخ من القاموس لعل الذين يجهلون يعلمون بعض ما جهلوا حتى لايخوضوا في ما ليس بامكانهم فهمه شكلا ولامضمونا لان معلوماتهم وطريقة تفكيرهم مشخشخة بشكل مهول …
شخشَخَ القَشُّ ونحوه : سُمِع له صوتٌ/ شخشخ الصّبيُّ : لعب بالشُّخْشِيخة/ شخشخة الورق : حفيفُه أو صوته / شخشخ بالنقودِ المعدنيَّة /شخشخة السِّلاح …
وحتى يعلم مبتدعة الكلام التافه المشبع بالكذب في السياسة والاعلام و ..نقول ان الفنانات والفنانين من شيوخ وشيخات وريوس ورايسات تعلق الامر بالافراد او الثنائي او بالمجموعات الشعبية بما فيها فنون احواش والدرست واحيدوس و..الخ .. التي نجدها في الريف والمغرب الشرقي والاطلس المتوسط والصغير والكبير والصحراء وكل ربوع المغرب … كانوا مدارس ثقافية ومعرفية متنقلة توصل الخبر السليم والحكم والنصائح وتؤرخ لنضالات وقضايا الشعب المغربي …حيث تجتمع القبائل عن بكرة ابيها للاستماع لاشعارهم التي تتفتق بها قريحتهم بالمباشر في حوارات رائعة يتداولها الاجيال ..والتي اصبحت مجالا خصبا لاعداد الاطروحات من الاجازة الى الدكتوراه …حيث يعتبر العديد من الشعراء والشاعرات المبدعين والمبدعات ونقصد هنا الرايسات والروايس والشيوخ والشيخات والذين يوجد منهم من لايعرف لا القراءة ولا الكتابة فطاحل واعمدة واعلام لم ولن يتمكن العديد ممن يدعون المعرفة المغلفة بالتلفيق والتزوير ان ينظموا مثلهم بشكل فطري عفوي حكيم ولو بيتا واحدا …
لكن وكما يستغل البعض المال و الاعلام والترهيب لتشخيش الشعب والاحزاب فان البعض يستغل الفن الراقي بتوظيف البعض لتمييع الفن الجاد بالتغني بالكلام الساقط والمائع الذي يستهدف استدراج الناس للتشبع بالمبتذل من “الموسيقى والكلام ” في لقاءات يملاؤها التشخشيخ بكل انواعه …ان هؤلاء هم من يحارب بشكل مباشر وغير مباشر الفنانة تاباعمرانت والفن الملتزم اجمالا وهؤلاء هو الذين يحابون حزب القوات الشعبية وكل الخيرين في هذا البلد …فليتيقن المتخصصون في التشخشيخ انهم لن يصلوا الى ما يريدون لان كلامهم واتهاماتهم وترهاتهم لايقبل بها الله ولا رسوله ولا الناس اجمعين ..
ونختم بابيات من شعر خربوشة ..حتى لا يخلط الذين في قلوبهم مرض بين الاشياخ الادباء ومن يخصصون في “لالة اومالي اوتقرقيب السطالي “
يابن عمر يالي كالو مطوع الحية
والظالم تخلصو النية
وحق من داني ليك
حتا يجيبك لي
تذوق وتعرف حتا انت حر الكية.”
ونحيل هؤلاء المغرضين ليتاملوا كلمات الاشعار التي تتغنى بها الرايسة تاباعمرانت ليدكوا جيدا انهم يسبحون ضد الثيار ..انها اشعار تقدمية ملتزمة بقضايا الناس والامة والدولة ..وكل عشاق الفنون المغربية من الاتحاديين والاتحاديات يحترمون الفنانة فاطمة شاهو تاباعمرانت..
مصطفى المتوكل / تارودانت
الاثنين 23 فبراير 2015
اتهم رئيس الحكومة.. المعارضة واحزابها بـ” البهتان والكذب ومحاولة تغليط الرأي العام”
واتهمها بالتشويش على حكومته وبتحريض المواطنين على الاحتجاج كما وصفهم بالمشوشين والمناورين، واضاف الى ذلك اتهاما خطيرا هو ا اتهامهم بالاستعانة بجهات أجنبية بهدف إسقاط الحكومة …وسياق هذا الكلام ان زاد عن حده فقد يصل بين عشية وضحاها الى اتهامها بالخيانة العظمى ؟؟
فعندما يطلع الجميع على الدستور الجديد للمغرب سيجد المواد من 7 حتى 10 تتحدث عن الاحزاب السياسية وادوارها الدستورية من تاطير وتكوين سياسي للمواطنين والمواطنات لتقوية انخراطهم في الشان والحياة الوطنية اي في المؤسسات الدستورية ..بالانخراط في الاحزاب والمبادرات الوطنية والقيام بالواجب الوطني.. بالترشح من اجل ولوج المؤسسات المنتخبة المحلية والقطاعية والوطنية باعتماد الديموقراطية والمنافسة الشريفة مع توقير للمقدسات وتوابث الامة وعدم استغلالها لابتزاز الشعب او استغلاله من اجل اقصاء المنافسين بكل الطرق بما فيها غير المشروعة المغلفة بالكلام الذي يوهم الناس بخلاف القصد …
لهذا يمنع الدستور ان تؤسس الأحزاب السياسية على أساس ديني أو لغوي أو عرقي أو جهوي.. او أي أساس من المخالفة لحقوق الإنسان.
وفي هذه الحالة فبلدنا هذا الذي انتقل من مناهضة ومحاربة الاستعمار لعقود .. الى العمل والنضال السياسي الوطني بعد الاستقلال من اجل بناء دولة القانون والمؤسسات باعتماد كل الاساليب الممكنة لاقرار المبتغى الذي يمكن ان نطلق عليه الجهاد الاكبر.. اي تغيير العقليات والسياسات وطرق التعامل مع المواطنين بانتهاج سياسة وتدبير يحقق التصحيح والتغيير بعيدا عن كل اساليب التضليل والترهيب والقمع والتسلط ..ولقد استمر العطاء والتضحيات لعقود اخرى ..الى ان تبين للجميع وخاصة اولي الامر انه لايمكن الاستمرار على نفس النهج الذي تسبب في هزات وانكسارات وازمات تباينت خطورتها واثارها وخلفت ضحايا بالالاف مابين شهداء ومعنقلين ومفقودين ومطرودين ومنفيين …فشرعت القوات الوطنية الثورية والمناضلة والمجاهدة من اجل الديموقراطية بعد ان ابانت وعبرت الدولة عن رغبتها في طي صفحات الماضي المظلمة والمسيئة للبلد بالدعوة لاصلاح دستوري واطلاق اليات المصالحة حيث اعترفت الدولة ضمنيا وعلنيا بمسؤوليتها عن نتائج وسياسات سنوات الجمر والرصاص ..وتجند الجميع بروح وطنية لاينكرها ولايشكك فيها الا جاحد ولئيم وحاقد ..لاعادة البناء والمضي قدما نحو المستقبل الذي سيرضي الشعب وكل القوى الحية …
ومن هنا لابد ان نثير انتباه الغافلين المتغافلين عن الحقائق الوطنية التاريخة ان هذا العمل الذي اقدمت عليه الدولة والمعارضة هو الذي اخرج المغرب من السكتة القلبية وفتح اوراشا كبرى للاصلاح السياسي والمؤسساتي والاقتصادي والاجتماعي …الا انه ومع كامل الاسف كان هناك من الذين كانوا تاريخيا ضد المعارضة المغربية الوطنية التاريخية يتحينون الفرص واللحظات للانتقام من الذين اسسوا المعارضة بهذا الوطن وفتحوا مدرسة للنضال ما اجل الكرامة والحرية والديموقراطية حيث اعتمدوا كل السبل لتقزيمها واضعافها والاساءة اليها .. في تجاهل تام لخطورة مسعاهم الذي لن يؤدي الا الى سكتات قد تطال قلب الوطن ودماغه ووعيه وطموحه …
…فكما ان الاحزاب دستوريا لها مكانة متميزة فكذلك المنظمات النقابية يعترف بها كاطار للدفاع عن الحقوق والمصالح الاجتماعية والاقتصادية للفئات التي تمثلها، ويرى انها ضرورية للنهوض بمستويات الاجراء نحو الافضل واعترف لها بالحق في التمثيل والدفاع عن مصالحها وحقوقها بما في ذلك الاضراب …ومن هنا فالنقابات عمليا سيكون من ادوارها الرئيسية معارضة كل السياسات التي تمس بالمكتسبات والحقوق او كل ما يطال قدراتها ايا كانت الحكومة …
واذا وقفنا عند الفصل 10 من الدستور الذي يضمن للمعارضة المتواجدة بالبرلمان مكانة تخول لها جملة من الحقوق التي ستمكنها من القيام بمهامها كما ترى هي وتقرر وليس كما تريد الحكومة وتحب ..لان الهدف هو تطوير العمل البرلماني وتخليق الحياة السياسية وجعلها ذاث مصداقية واطلاق كل مبادرات التطور والتنمية والتاهيل والتقدم …
…ومن هنا نربط بين معاني مواد الدستور المغربي والفهم السليم لها وبين ممارسات الحكومة وتعاملها بالمواقف و القرارات والكلام المستعمل في الخطب الرسمية ..لنقف على تناقض صارخ وغريب يجعلنا -والراي العام معنا والمحللين السياسين بالداخل والخارج – نعيد قراءة النصوص ومطابقتها مع النعوث والتوصيفات البعيدة عن منطق الكلام الرصين في عالم السياسة والحكم ..فاذا كانت الاحزاب كما اجملنا هنا اخنصارا انطلاقا من قوانين المغرب وعلى راسها الدستور تضع الاحزاب في مكان الريادة والقيادة للدولة وتاهيل الامة وتاطيرها ..فان العديد من خطب بعض المسؤولين ترى الاحزاب وخاصة منها المعارضة لسياسات ومواقف وقرارات الحكومة انهم يمارسون التشويش والتغليط والتعاون مع جهات اجنبية والتامر ..وغير ذلك من النعوت التي لايمكن للرقيب الاخلاقي ان يسمح بكتابتها او تكرارها مخافة المشاركة في الاثم …؟؟؟
فاي التعريفين سيعتمد المتتبعون هل التعريف الدستوري ام التعريف الحكومي ؟
فاذا كانت الحكومة مقتنعة بتعريفها لانها ما فتئت تكرره وتطعمه بالاوصاف القدحية ..وحتى تكون منطقية مع نفسها ..نفهي مدعوة الى اجراء استفتاء تعديلي لبعض بنود الدستور وخاصة المتعلقة بالاحزاب والنقابات لملاءمتها مع “الفهم الجديد” للحكومة الذي جاء ليصحح اختلالات اللجن التي اشرفت على اعداد مسودات دستور المغرب ولم لا دساتير العالم ..وذلك تعميما لهذه التوصيفات حتى تستفيد منها حكومات العالم ؟؟
مصطفى المتوكل / تارودانت
الثلاثاء 17 فبراير 2015
ان موضوع التسجيل ومراجعة اللوائح الانتخابية مازال تقليديا ببلادنا ولم يرق الى مستوى تطلعات القوى الحية والديموقراطية وحتى لتطلعات الدولة في الماسسة والولوج التلقائي لمنظومة القيد وامتلاك قرار المشاركة بقوة القانون تصويتا ومقاطعة وترشيحا وتسييرا لمؤسسات الدولة من جماعات محلية واقليمية وجهوية وغرف ومجلس النواب ومجلس المستشارين ..اذ لايمكن ان نساعد باعتماد الطريقة الحالية في جعل نسبة مهمة من المواطنين والمواطنات لايسعون للتسجيل باعتبار ذلك مجرد اختيار وليس واجبا وحقا من حقوق المواطنة يكتسبه الجميع لممارسة مهام دستورية يضمن بها حق المراقبة والاختيار والتعبير الحر بمساندة او رفض سياسات عمومية وطنية وقطاعية وثرابية .. كما ان الانتكاسات والتراجعات التي تطال المكتسبات التي قدم الشعب والقوى الحية من اجلها خلال العقود الماضية التضحيات الجسام .. وانتشار السلوكات والسياسات التي تحط من قيمة المنتخبين وتقديمهم على انهم اقل شانا وقوة وعطاء من السلطات العمومية الاقليمية والمحلية ” اي المخزن” بالمفهوم الشعبي ..وتضخيم سلطات بعض المؤسسات والمسؤولين على حساب التدبير التشاركي لممثلي الساكنة … وتبخيس العمل السياسي والحزبي بتمييع المشهد السياسي وشحن الاجواء العامة بالتشكيك واساءة الظن وزرع نظريات التامر بين النخب من جهة والمواطنين من جهة اخرى …كل هذا وغيره يتسبب في دفع المواطنين والمواطنات وخاصة نسبة لايستهان بها من النخب ومن يطلق عليهم البورجوازية الصغرى والمتوسطة الى العزوف ومقاطعة كل العمليات الانتخابية بل يؤدي الى التشكك في كل المبادرات حتى وان كانت صادقة مما يفتح المجال لانتشار العدمية والتطرف والعنف …
واذا اضفنا ” البدعة” التي اعتمدت للسماح للاحزاب السياسية” للدعاية” للتسجيل بنصب خيم ومكاتب لحث الناس على القيد.. والتي افرزت سلبيات وواكبتها خروقات عند بعض القوى السياسية التي لها علاقة بالاغلبية الحاكمة والتي استغلتها بشكل فج ومبتذل في الدعاية لاحد الاحزاب الحاكمة وتوجيه الاتهامات المشككة التي تتعمد تصوير باقي القوى والاحزاب على انها فاسدة ومفسدة وانهم اي اصحاب الخيمة هم “مجندون “لتسجيل الناس من اجل ازاحة خصومهم من المعارضين لسياساتهم فيقدمون ويعللون الدعوة للتسجيل بتوزيع الاتهامات المغرضة بشكل عشوائي ضد الاحزاب حسب الحالات والمناطق ..مما يجعل العديد من الذين اعترضوهم امام خيارين اما الاسنكار الباطني وعدم الرد على كل مايقال واما الدخول في ردود متفاوتة القوة تنبه هؤلاء الى ان بالمجتمع من يرفض العملية الانتخابية برمتها ..و التسجيل من اساسه ..ومنهم من لديهم انتماؤهم الخاص ..ومنهم من يرفض ان يتدخل في شؤونه واهتماماته الخاصة اي كان …
لقد كان من الممكن تفادي كل الملاحظات والاخطاء والاشكالات بانتهاج الاساليب المعنمدة في اوروبا باعتماد بطاقة التعريف الوطنية التي يفترض ان تكون عمت كل المغاربة والمغربيات الذين يخول لهم القانون الحصول على هذه الوثيقة بما يضمن التسجيل التلقائي والتصحيح السليم عند تغيير العناوين واماكن السكن …
واختم هنا بطرح سؤال ديموقراطي بسيط ..هل منطقي ان يحرم ناخب او ناخبة من التصويت في مسقط الراس بمبرر انهما يقطنان بجماعة اخرى ؟
انه من الممكن ان يطرح الامر اذا تعلق الامر بالترشيح ..وفي هذه الحالة القانون يمكن ان يحدد البعد المعرقل للقيام بالمهام ان كان رئيسا او عضوا بالمكتب ..اما ان كان مستشارا فالحضور له علاقة بالدورات واللجن الوظيفية فقط ..؟؟ الا يمكن ان نعتبر قرارات التشطيب على من ينتمي لجماعة بالولادة ويتوفر على سكن شخصي او عائلي بمبرر انه يقطن في جماعة اخرى بمثابة حرمان الناخب والناخبة من حقهم المشروع ؟ …ان من الناخبين من يرتبط بمسقط راسه ويشد الرحال من مختلف مناطق المغرب ليؤدي واجب التصويت بالجماعة التي ولد بها ويرتبط بها طوال حياته لانها موطن الاباء والاجداد …
ان المدخل لديموقراطية وانتخابات سليمة يبدا من اللوائح وقوانين الجماعات والحد من قوة الوصاية …
مصطفى المتوكل/ تارودانت
الخميس 16 فبراير 2015
ملاحظة منهجية … لن ادخل في تحليل لتطور التشريعات التي تهم الشان المحلي والتي صدرت منذ بداية الانتخابات بالمغرب الى الان…
ولن اعمد الى اخضاع المشاريع المقترحة وخاصة التي تهم الميثاق الجماعي لمقتضيات وفلسفة الدستور الجديد لابراز تضاربها مع روحه…
…بل ساكتفي في هذا المقال العام بذكر ما اراه انطلاقا من دراستي للميثاق الجماعي بالصيغة المعمول بها حاليا …وما اطلق عليه التعديلات التي يمكن ان نسميها اختصارا تراجعات ترتكز على سياسة “تدبيرية” تحكمية تتعدد اطرافها ومناهج تدخلهم بمركزية اقليمية وجهوية اضافة لسلطة الوصاية المعمول بها لحد الساعة ..ستضعف المؤسسات المنتخبة ودور الاحزاب السياسية الدستوري ؟؟
** ان الميثاق الجماعي الجديد الذي جيئ به ليتمم ويغير ويطور حسب تصريحات العديد من المسؤولين ونوايا اللجن التي اعدته كمشروع احيل على الاحزاب وهو الذي عنون في تسميته ب..”القانون 17.08 المغبر والمتمم بموجبه القانون رقم 78.00 المتعلق بالميثاق الجماعي كما تم تغييره وتتميمه، كما وافق عليه مجلس المستشارين ومجلس النواب.” مبوب بعناوين مركزية على الشكل التالي :
* أجهزة الجماعة (المجلس الجماعي/المكتب/الأجهزة المساعدة)
* النظام الأساسي للمنتخب
* تسيير المجلس الجماعي
* الوصاية على الأعمال
* التعاون والشراكة ومجموعات الجماعات المحلي
* المقتضيات الخاصة بالجماعات الحضرية الخاضعة لنظام المقاطعات
* الأنظمة الخاصة…
* مقتضيات مختلفة
* مقتضيات ختامية
سنبسط هنا باختصار بعض الملاحظات على المسودة ..
سنعرض في هذا المقال دون تعليق جملة من الملاحظات المهيكلة لعمل الجماعات المحلية والتي سيطالها التغيير او التعديل وفق المشروع الذي يعتبر سلبيا في نظرنا باعتباره يضخم الوصاية ويقزم دور رؤساء الجماعات ويفتح المجال للتضارب والتعطيل على مصراعيه مما سيجعلنا امام تراجعات متعمدة غير مستساغة ديموقراطيا ودستوريا ..ولن نعمد في هذا المقال الى التحليل بل سنضعكم امام بعض الفقرات منه ..ولكم ان تتاملوا الاشكالات والتراجعات التي تحملها عدة بنود مقارنة مع الصيغة المعمول بها حاليا …ولكم ان تعملوا روح العقل والمنطق الديموقراطي حتى تغوصوا في متاهات الفرضيات التي ستنجم عن السياسة المعتمدة في هذه الحقبة للتحكم في ممثلي الساكنة والبناء الديموقراطي ..ولكم ان تعملوا قوتكم الاقتراحية من اجل المساهمة في تطوير الادارة الحديثة للشان المحلي والدفاع عن المكتسبات وتطويرها ايجابا ومواجهة كل التراجعات التي تسعى لاحتواء المشهد وتدجينه …
* سيصبح التصويت علنيا لانتخاب الرئيس وهو قاعدة كل انتخاب.
• المادة التي تتحدث عن الاعداد انتخاب الرئيس وتشكيل مكاتب المجالس تحتاج الى ضبط وتدقيق وفق منهج ديموقراطي يحمي الاستقرار والتوازن …تعلق الامر بمسطرة الاستدعاء والجهة المشرفة واليات التصويت وطريقة تشكيل مكتب المجلس ..ومسالة استقرار مؤسسة مكتب المجلس وانساجمها مع مؤسسة الرئيس ..
ملاحظة عن المادة التي تتحدث عن *إذا امتنع الرئيس لمدة أسبوعين عن العمل.. يحال على قاضي المستعجلات.. ؟؟؟
الرئيس سيصبح مرتهنا ومهددا بالاقالة ومطلوب منه ان لا “يتغيب” ذلك انها تنص بشكل فضفاض مائع عن التغيب ..
*المقترح :المتعارف عليه ان النائب الاول للرئيس او من يحضر من النواب يقوم تلقائيا بمهامه وفق الاختصاص والتفويض ولا يجوز الخلط مع حالة امتناع الرئيس عن العمل وتعطيله للتفويضات وعرقلته السير العادي للمؤسسة ومصالح المواطنين …؟؟
•وتنص مادة على انه :
*إذا امتنع النواب عن العمل،تحال مخالفتهم على المحكمة الإدارية المختصة ؟؟…
الملاحظة1هي كيف يتم تعريف الامتناع قانونيا وتنفيذيا ؟وكيف نقفز على المؤسسة التي انتخبت النواب لنتحول الى القضاء ..فالجهة التي منحت الصفة هي التي تمنعها وتسحبها ؟ وهل يمكن ان ينطبق نفس الامر على مجلس النواب ومجلس المستشارين ؟
الملاحظة 2 المنطقي ان الرئيس الذي اقترح النواب للمصادقة له بعد امتناع احد نوابه عن تنفيذ سياسات المجلس وقراراته والاشراف على ادارة القطاع المفوض له فيه ..للرئيس ان يتخذ قرار توقيف صرف التعويضات ثم يقترح على المجلس اقالة نائبة واقتراح اخر على المجلس للتصويت لان الموضوع يعني المؤؤسة المنتخبو من طرف الساكنة …
• مادة تشكل تراجعا معطلا لاستقلالية ادارة المؤسسة المنتخبة والمراقبة من الناخبين لفائدة عمال الاقاليم و :
• مادة *مقترحات لجدول الأعمال :
*اجال مبالغ فيها بأن يقدم جدول الأعمال للعامل 30 يوما على الأقل قبل الدورة أمر غير معقول…
* كما ان موضوع تعرض العامل على أية نقطة في جدول الأعمال رقابة مبالغ فيها جدا وتشكل تدخلا غير منطقي في اختيارات المنتخبين …لهذا يجب أن تحدد المجالات التي للعامل سلطة الرفض بشرط التعليل تهم (الأمن/النظام العام/و…)؟؟؟
• المادة التي تنص على ان تتحول الاسئلة الكتابية الى نقط تدرج بجدول الاعمال ؟؟؟
*يمكن للأعضاء أن يوجهوا أسئلة كتابية إلى رآسة المجلس حول كل مسألة تهم مصالح الجماعة، وتسجل هذه الأسئلة في جدول أعمال الدورة الموالية لتاريخ التوصل بها شرط التوصل بها قبل شهرين من انعقاد الدورة، وتتم الإجابة عنها في جلسة تنعقد لهذا الغرض/وفي حالة الرفض يسجل في الجلسات الموالية : هذا سيؤدي الى تضخيم جدول الاعمال …فرغم ان هذا الدفع يبدو ايجابيا الا انه في حقيقة الامر يفتح الباب امام المزايدات وملء اجندات الجماعات بمئات الاسئلة مما يجعلنا امام منديات الخطابة والمزايدات السياسوية كما يؤدي الى تمييع الجلسات وإخراجها عن سياقها البناء …
• مادة تكرس وتقوي سلطة العامل فوق سلطة راسة ومكتب المجلس والمنتخبين فيما يخص جدول الاعمال النهائي
لانها تنص على انه *لا يتداول المجلس تحت طائلة البطلان في النقط التي حصل بشأنها تعرض من طرف العامل.. مع اعتبار ادراج النقط التي اعترض عليها العامل خطأ جسيما ستترتب عليه اثار قانونية جزائية ..؟؟
• المادة الخاصة بنصاب الدورات والجلسات :
نصاب التداول لايجب ان يكون معطلا للسير العادي للدورات ..ويقترح اشتراط النصاب في جلسة الافتتاح الأولى للدورة كانت عادية أو استثنائية ولا يشترط في الجلسات الأخرى لنفس الدورة بل تنعقد الجلسة بمن حضر وكأنها استمرار للأولى : لمنع المماطلة والتعطيل..خاصة وانه قد تنعقد في اليوم الواحد اكثر من جلستين صباحية ومسائية …؟؟
• مادة تعجيزية ..؟
تنص على أن المحضر يحال على العامل داخل أجل 5 أيام الموالية لختم الدورة
الملاحظة الشكلية المدة {غير كافية للطباعة والإعداد والتصحيحوالاحالة ؟؟
• مادة حالات الطرد من الجلسة..
الملاجظة ضرورة توضيح جملة (يخل بالنظام العام للجلسات) …؟؟؟
• المواد التي تنص على *إعمال المادة 139 من الدستور، آليات التشاور مع الجمعيات والمجتمع المدني والمواطنين فيما يخص الشأن المحلي..حيث ينص المشروع على ..* :”تضع مجالس الجهات، والجماعات الترابية الأخرى، آليات تشاركية للحوار والتشاور، لتيسير مساهمة المواطنات والمواطنين والجمعيات في إعداد برامج التنمية وتتبعها.
يُمكن للمواطنات والمواطنين والجمعيات تقديم عرائض، الهدف منها مطالبة المجلس بإدراج نقطة تدخل في اختصاصه ضمن جدول أعماله”
*اذا كنا نستغرب للاختصاص الذي سيضاف للعمال والذي سيصبح معطلا لاجتهادات الجماعات ولبرامج عملها والذي يهم مسطرة جدول اعمال الدورات …فان فتح المجال للالية اعلاه سيرهن مهام المؤسسات المنتخبة والتي تتوجه اليها المساءلة والمحاسبة امام القانون والناخبين …وسيتم اخضاعها لقرارات العمال وضبابية الية البرمجة بالمطالبة عبر اللوائح لادراج نقط بجدول الاعمال بما قد يتعارض مع البرامج الانتخابية والالتزامات التعاقدية بين المرشحين والناخبين والمخططات المصادق عليها من الجماعات ..مما يجعل دور الاحزاب السياسية غير ذي اهمية ؟؟
* واذا اضفنا لجنة المساواة وتكافؤ الفرص كهيأة استشارية غير واضحة الاهداف والمعالم والفلسفة والتي تؤدي الى الخلط في المهام والآليات بسبب التداخل مع اللجن الوظيفية المنتخبة من المجلس والتي مازالت مهامها ومهام المستشارين غامضة وغير مستثمرة ديموقراطيا وقانونيا …
• المواد ذاث صلة ب كيفية إعداد العرائض مرتجلة وستسبب في التوظيف السلبي لهذه الالية مما قد يميع عمل الجماعات او سيخلق منافسات سياسوية ستفرز صراعات وتصادمات بين القوى السياسية طوال مدة الانتداب بين الاحزاب التي تشكل الاغلبية او المعارضة داخل المجلس وكذا الاحزاب التي لم تتمكن من الحصول على تمثيلية بالجماعة …
… وهذا الامر يطرح اسئلة جوهرية منها ما يتعلق بطبيعة النقط التي ستقترح على المجلس وطبيعة تصنيفها القانوني …وما هو الدور والمهام الفعلية التي سيقوم بها المنتخبون ؟؟ لهذا لابد من تجنب حدوث تداخل وحلول معطل للمؤسسات ..لان الامر يسري وسيرسري ايضا باعمال نفس المحتوى على المؤسسات التشريعية والعمل الحكومي ان تم اعتماده ؟؟؟
• مادة التي تتحدث عن التخلي :توضيح اشكال/ موضوع التخلي ؟؟؟
*يمنع على كل عضو التخلي عن الانتماء السياسي الذي ترشح باسمه طيلة مدة الانتداب
* عناصر الملاحظة /المقترح : بما في ذلك تصويته المضاد لقرارات لائحته… يقال منها ويعوض بالذي يليه… ويعتبر في حكم المستقيل.
ونضيف هنا اشكالية هل من حقه ان يترشح باسم هياة اخرى للانتخابات اللاحقة وهو يحمل نفس الانتماء ؟ ام يستقيل ؟ الا يفترض تقنين المسالة لتجنب الترحال باشتراط الاستقالة قبيل سنتين على الاقل من الاستحقاقات ؟ وفي غير ذلك يشترط المنع لولاية مقبلة مقبلة ؟؟
*ان جعل التجريد يكون بحكم من المحكمة الإدارية..امر غير سليم سياسيا وتنظيميا
*ملاحظة : هذا فيه ممارسة للضوابط الداخلية الاحزاب من طرف القضاء الاداري .. وقرار التجريد يجب ان يكون من الجهة التي منحته صفة الانتماء للحزب ومنحته التزكية ..
• المواد المتعلقة بعدد المنتخبين لايجب طرحها بناء على معيار ربط عدد المنتخبين بعدد الناخبية او السكان بالجماعة لانه يخلق تضخما في عدد المستشارين الذين لاوظيفة لهم الا التداول بالدورات واللجن الوظيفية …
*ضرورة تقليص عدد المستشارين والاكتفاء بالعدد اللازم للتسيير الفعلي – مثل ما يعتمد بامريكا – …اووضع صيغ واضحة لتحديد مهامهم داخل مدة الولاية خارج الدور التداولي كمساعدين للمفوض لهم… (لانه لامعنى لمنتخب/ مستشار خارج مكتب المجلس .. قد تطاله مخالفة الخطأ الجسيم المنصوص عليها في الميثاق بالصيغة المعمول بها اليوم والمحتفظ بها بالمشروع ).
المادة الخاصة بالحضور والغياب :تحتاج الى ضبط وتدقيق وتعليل وتقعيد منطقي
فمثلا الحديث عن 3 دورات يعني الغياب سنة كاملة سنة كاملة
• المادة الخاص بالية التفويض : هناك تضارب واختلال بين مهام الرئيس الذي يفوض.. ذلك ان المشروع يقترح منعه من سحب التفويض الا بحكم قضائي وهذا غير منطقي ؟
فمثلا عند امتناع أحد النواب عن القيام بمهامه وتعطيله لعمل المجلس ..فالطبيعي هو ان الرئيس الذي فوض يقوم بسحب التفويض واسناده الى نائب اخر الى حين البث في عضويته داخل المكتب او اللجوء الى اقالته من المكتب وتعويضه بانتخاب نائب اخر بمسطرة يجب ضبطها لايجب ان تكون الا دورة المجلس …
• المادة التي تتحدث عن المسافة المعيقة :…ما المقصود بالمسافة المعيقة ؟ويجب تحديدها ؟
*إضافة : يشترط للرئيس أن يكون مقيما بالجماعة وكذا النواب وأن لا تفصله مسافة تعيقه عن التواجد وأداء مهامه بالجماعة.
*…المادة التي تتحدث عن الحلول محل الرئيس إذا امتنع عن القيام بدوره يجب التدقيق (لتجنب القضايا الخلافية مع السلطات والتي قد تبنى على اختلاف في الفهم والإرادات والرؤى) وإلا أصبح العمال متحكمون في الرؤساء ويهددونهم باستمرار (تطاول وهيمنته على الرؤساء)…فالإمتناع لفظ عام يتحدد في :
*عدم القيام بما يجب القيام به
*عدم القيام بما تريده السلطات
*عدم القيام بما لا تريده السلطات وتعترض عليه..؟؟؟
• المادة التي تتحدث عن فقدان المجلس لنصف اعضائه ؟؟تحتاج الى تدقيق وبعض التمييز ..
*ملاحظة : اذا فقد المجلس نصف اعضائه المقترح محدود الرؤية لاننا وفقا لمنظومة الاقتراع امام حالتين…
أ- اذا كان الانتخاب فرديا فيتم انتخاب ممثلي الدوائر التي اصبحت بدون ممثل
ب- اذا كان باللائحة…يصعب تصوره لأن هناك اعضاء لم يفوزوا بكل اللوائح يعوضون ..وفي الحالتين سنكون امام مسالتين ..
الاولى بالفردي يعاد انتخاب الاجهزة
الثانية باللائحة ستحتفظ المؤسسة بتوازنها السياسي في اطار الاغلبية ولهذا يتم تعويض المسؤوليات التي اصبحت فارغة اللهم ان تغيرت التحالفات …/ عموما المسالة تحتاج الى تاصيل ديموقراطي سليم …
• المادة المتعلقة ب : …الصلاحيات والاختصاصات ….من الاشكاليات الغريبة …
اشكالية جعل رؤساء الاقسام الذين يعينهم الرئيس يعينهم وزير الداخلية ويصبحون عمليا تابعين لمؤسستين …ولاداعي لتاصيل وتفصيل الامر قانونيا
*صلاحيات مجلس الجماعة .
*ضرورة توسيع صلاحيات الجماعة كمؤسسة منتخبة وصلاحيات الرئيس.
*ضرورة توسيع مجال تفويت وتفويض الاختصاصات والاعتمادات من الحكومة قطاعيا للجماعات في كل المجالات ذات الصلة مع إحداث لجنة مشتركة للمتابعة والمراقبة.
*حلاصة هذه الاشكالية انه لايتصور ديموقراطيا وفي اطار ربط المسؤولية بالمحاسبة تداخل الاختصاصات وتقاطعها وتقليص مهام الرؤساء …؟؟
وهذا لن يتاتى الا باضافة اختصاصات تضمن للمنتخبين الاختيار ووضع كل السياسات وتنفيذها مجالية وتنمويا …الخ
• مادة موضوع التفويضات : … تطرح هنا مشاكل تقنين التفويض بجعله غير متعدد حيث يتعارض مع تعدد المهام والاختصاصات الممكن تفويضها لنواب الرئيس ولم لا المستشارين لتيسير مصالح الادارة والمواطنين …لهذا يستحسن ترك تدبير التفويضات وتقسيمها قطاعيا وحتى داخل نفس القطاع وفق ما يحقق المصلحة الراجحة لحسن التسيير والتدبير …
• المادة الخاصة بغياب الرئيس …غموض في مقترح المشروع المتعلق…
*يقترحون ..اذا غاب الرئيس لمدة شهر ينوب عنه مؤقتا بالترتيب نوابه…/التصحيح ينوب عنه كل نائب وفق المفوض له ويقوم النائب الاول بالمهام البروتكولية والمهام التي يقوم بها الرئيس خارج التفويضات..
• المادة المتحدثة عن الشرطة الادارية :
*الشرطة الادارية شبه معطلة بسبب ان تنفيذ القرارات مخول للسلطات العمومية /محلية / امن …
*ملاحظة :لابد من جعل الشرطة الادارية مهيكلة باختصاصات واسعة تابعة للجماعات تحت مراقبة السلطة العمومية وبدعم منها باعتماد النموذج الفرنسي او الغربي عموما …
• المادة : المتعلقة بجماعة الرباط…( سيعد نص تنظيمي خاص بها )
ملاحظة … الديموقراطية تفترض ان تكون قوانين تدبير المؤسسات المحلية المنتخبة واحدة ..مع وضع انظمة خاصة مكملة تهم المناطق الاستراتيجة ببعض المدن ..
• المادة الخاصة باكتساب سلطة تنفيذ القرارات :
*كل مداولات وقرارات المجلس لا تكون قابلة للتنفيذ الا بعد مصادقة وزير الداخلية..
الملاحظ ان مسطرة تصديق وزارة الداخلية يجب ان تنقل الى العمال للمراقبة الاستئناسية فقط ..لان في الاستمرار عليها اهدار للزمن العمومي فمثلا بعد التصديق على الحساب الاداري وبرمجة الفائض الحقيقي ستتطلب اجراءات التصديق المركزي على الاقل 4 اشهر واذا اضيفت لها مدة الدراسات واعلان الصفقات ومسطرة التصديق عليها مركزيا – حسب مبلغ الصفقة – فستصل مدة تنفيذ القرار والاشغال او البرمجة اكثر من 6 اشهر بالسرعة الفاعلة وهذا يعدل نصف السنة ولنا ان نحتسب ذلك على مدة الانتداب ..مع العلم ان المواطن يحاسب ويسائل المنتخبين عن التماطل والتاخر في تنفيذ المقررات والبرامج …
*الباب الرابع : مراقبة الشرعية والتنفيذ وقرارات المجلس الجماعي.
يعرف هذا الباب اضافات تحكمية لمجالات المراقبة التي قد تصبح معطلة للزمن الانتدابي بسبب التباين الذي يحصل بين اراء واهتمامات المنتخبين مع الساكنة واهتمامات العمال وسلطات الوصاية …
* لهذا يفترض ضبط خضوع مقررات الجماعات المنصوص عليها في الميثاق كاختصاصات والتي اصبح من اللازم توسيعها مع تقوية وتطوير اليات المراقبة التي تهم فقط بشرعية القرار مسطريا وقانونيا وفعالية التنفيذ ..
* لهذا فلا معنى ان القرارات لا تكون قابلة للتنفيذ الابعد موافقة العامل او الوالي او الوزير عليها … وهذا الامر يحتاج الى توضيح وتدقيق يحافظ على الاليات الديموقراطية ونؤكد هنا على التدبير الامثل للزمن …ويقترح هنا ان يحول الوزراء كل اختصاصاتهم للعمال وان توضج اجال صارمة للتصديق التاكيدي التاطيري مثلا شهرا بعد توصل العمال بها …
*كما ان حالات الدفع ببطلان القرارات من العامل بمبرر انها خارجة عن نطاق اختصاصات الجماعة…يجب تدقيقها وتوضيحها ووضع آليات مرنة بها…
• مادة : *للرئيس ان يطلب تحضير القوى العمومية عند الضرورة.
…ان عدم تمكين الجماعات من سلطة عمومية لتنفيذ القرارات يجعلها غير فعالة لهذا لابد من *خلق منظومة شرطة ادارية جماعية يلحق بها الاعوان والموظفون المتخصصون في هذه المجالات ..- النموذج الاوروبي -.
الاختصاصات الذاتية للجماعة/ برنامج عمل الجماعة
• مادة :*تتحدث عن برنامج العمل ولم تتحدث عن المخطط الجماعي..فهل يريدون الفصل بين المخططات وبرامج العمل …ان كان القصد كذلك فستصبح الجماعات بتدبيرها مرحلية ضيقة دون رؤى استراتيجية بعيدة المدى ؟؟؟
مجال التعمير : تعدد المتدخلين وتحميل المسؤولية للمنتخبين مع العلم انهم ليسوا من يقرر فعليا …لهذا يجب وضع جهة واحدة مكلفة بالقطاع بدل التداخل والتضارب ..ولا يمكن ان تكون الا مؤسسة تابعة للجماعة ذات تدبير وادارة ذاتية تبلور السياسات المصادق عليها من الجماعة تحت مراقبة مواكبة للجهة الوصية حكوميا على التعمير …
*تفعيلا للبند 9 من الفصل 146 من الدستور بتحويل الاختصاصات في مجالس الجماعات الى مجلس العمالة او الاقليم ..بطلب من الجماعة او بطلب من الدولة …او بمبادرة من العمالة او الاقليم المعني…/…لابد من تقنين ووضع الية دقيقة للموضوع تضبط المجال وفلسفة تدبير التفويض وحدود الحلول ودور الفوض بعد التفويض والفسخ او التحلل وحالاته …
• المادة المتعلقة ب:*الاختصاصات المشتركة مع الدولة …
*ضرورة توسيعها وجعلها واضحة واخضاعها للمخططات المحلية في اطار من التشاور والتكامل..وليس التدخل في اولويات السياسات المحلية المعبر عنها بالبرامج التي صوت عليها الناخبون وزكوا ممثليها …
*ادارة الجماعة وآليات التعاون والشراكة...
• المادة التي : *تتحدث عن مديريات المصالح الجماعية والتي (سيصدر مرسوم من الداخلية في موضوعها )
والتي يقترح تعينها من السلطة الحكومية ؟؟( مرسوم يحدد اطارهم وتعويضاتهم)
وهذا الاجراء ان اعتمد فمعناه ان الموارد البشرية وخاصة الاطر ومديروا المديريات لايتحكم فيهم المنتخبون بل تتحكم فيهم الداخلية اولا والنتخبون ثانيا ..وهذا يحمل اكثر من معنى ودلالة حيث قد يوظف الامر سلبا وقد يطال هيبة المؤسسات المنتخبة …
• المادة التي *تتحدث عن المدير وليس الكاتب العام والذي ستصبح مهامه : متحكمة بشكل كبير في عمل ا لمؤسسة كادارة ..وهذا قد يعطل عمل الرئيس والمنتخبين المفوضين ان لم يتم ضبط الموضوع بشكل لاتصبح معه الجماعات تشتغل براسين نافذين مدراء المصالح الجماعية والمدير العام للجماعة اي الكاتب العام من جهة والرئيس والمجلس من جهة ثانية ؟؟؟دون الاشارة الى الراس الثالثة وهي المحور اي سلطة الوصاية …
*وهكذا يريدون في المشروع ان يكون المدير العام بعد ان يفوض له الرئيس وجوبا بقوة القانون هو من سيقوم بتفويض الامضاء لرؤساء المصالح..؟؟
حيث سيصبح كل شيء ضمنيا متحكما فيه من المدير العام مما يتحول معه الى مشارك متقاطع مع ألادوار التي يمكن ان تسند للنواب..
• المادة التي تتحدث عن وكالة لتنفيذ المشاريع (وهي بمثابة مؤسسة عمومية محلية )…تحتاج الى دراسات معمقة وتحديد دواعي اقتراح احداثها ومهامها وحدود عملها في اطار تنفيذها لسياسات وبرامج الجماعة ..لتجنب تعدد المؤسسات المتداخلة وخلق اشكالات ستطال سلبا الادوار الديموقراطية للمنتخبين والفعل السياسي ..على شاكلة الوكالات الحضرية …والخ
• مادة .. *الحسابات الخصوصية وضرورة تقعيد احداثها وتبسيط اتخاذ القرار بشانها وجعل التصديق عليها عند العمال …
• المادة الخاصة ب …شركات التنمية المحلية عمل تجريبي غير مدروس وغير واضح في شقه التنظيمي والمالي والتدبيري ؟؟؟
المواد الخاصة ب : النظام المالي للجماعات الثاربية المحلية والاقليمية والجهوية …
يجب ان يعاد فيه النظر بشكل هيكلي في منظومة التدبير المالي للجماعات المحلية لتتسم بالدقة والتكامل مع الميزانية العامة للدولة والاقليم والجهة وضمان ان تتسم بالمرونة في الدراسة والتصديق والتنفيذ والتحويل … ” ميزانية الجماعة / موارد الجماعة/التحويلات بكل انواعها /وضع الميزانية /التصويت عليها / التأشير /التنفيذ /التعديل /الحصر ” … .والاستدانة من الداخل و الخارج في علاقة مع المؤسسات المالية العامة والخاصة في تنافسية مراقبة تحقق موارد مالية بتسهيلات وتكلفة وتحمل اقل ..
• المادة المتعلقة بالاملاك العقارية للجماعة
تطرح في هذا الباب اشكاليات تدبير وتملك العقارات وتحصين ملكية الاملاك الجماعية العامة والخاصة والارتفاقات العمومية من طرق وساحات ومناطق خضراء بتحفيظها تلقائيا ومجانا بمجرد ايداع ملفاتها بالمحافظات مثل بعض القطاعات العمومية المعفاة ..
مع اعتماد المعالجات المرنة لاشكاليات العقارات التابعة للدولة وجعلها رهن اشارة الجماعات المحلية قبل غيرها للتنمية المحلية ..وكذا الشان بالنسبة للعقارية الفلاحية والسقوية وخاصة بالمناطق الحضرية..والغابوية بالنسبة للمناطق القروية …
**هذه ملاحظات اولية مركزة ارتاينا اثارتها لاهمية الامر حتى لاتتحول الاصلاحات المنشودة الى انتكاسات وتراجعات قد تلحق الضرر بمصداقية المؤسسات المنتخبة والاحزاب السياسية المؤطرة للمشهد العام والمعبرة عن مطامحه واماله ..وقد تظهرنا امام الوعي الديموقراطي الوطني والعالمي اننا لم نستوعب بعد الفكر الديموقراطي العادل
مصطفى المتوكل / تارودانت
الــثلاثــاء 10 فبـرايـــر 2015
قال تعالى: « يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّ كَثِيرًا مِّنَ الأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ»،
..قد نتفق على ان الاكثر خبرة وتجربة ومعرفة هو الاكثر علما بما يجب عمله وما لايجب.. بغض النظر عن المرجعية الاخلاقية او الدينية …
كما يمكن ان نتفق بعد ان تطورت المعارف والعلوم بتراكم النجاحات والاخفاقات ..على ان لكل مجال اهله واصحابه والمختصون به…
ومن هنا نقول اذا اراد المؤمن – كان مسلما او غير مسلم – ان ينهل ويتوسع في الدين/ العقيدة فلن يلتجئ الا للعلماء والراسخين في العلم والاساتذة القادرين بموضوعية وصدق وتواضع بعيدا عن كل تاويل متطرف ومغرض واستغلال فاسد للدين لاغراض دنيوية ليتعلم وينهل من معين صاف لاتمويه فيه ولا تاويل مصلحي …
فان كان مسلما ايا كان مذهبه فانه يميل ويتوجه الى علماء المذهب الذي يؤمن به و يتبعه حسب درجات اعتناقه وارتباطه ولا يميل لغيرهم …
واذا اراد الانسان ان يسال وينظر في امور الدولة التي يعيش فيها على مستوى النظام العام والتشريعات وادارة امور الوطن فسيتجه الى الذين يتواجدون في مختلف مراكز ومواقع السلطة وفق الاختصاص والى اهل السياسة الموالين للحكم او المخالفين او المعارضين لسياسات الحكام والى الهيئات ذاث الصلة لا لتماس الجواب والنصح والحل ..و قد يعمد لمواجهتهم ان اساؤوا وخالفوا ارادته ومبادئه او تطاولوا على حقوقه بالتموقع مع من يقاسمه افكاره ومواقفه …
واجمالا لكل مجال من مجالات العلوم المادية والفكرية اناسها ” العالمين” بما يلزم من امورها لتدبير وتنفيذ تراكم ايجابي مطور ومفيد للبشرية والعالم …
لكن المسالة عندنا تتطلب منا بعض التامل في واقعنا العام والخاص على مدار ايام السنة حيث نقف باستمرار على من يتخصص في التضليل والتنظير بالافكار المستوردة من الشرق والغرب ومن الروايات الشادة من التاريخ البشري والمذهبي لتبرير المواقف والسياسات والقرارات في عمقها وبعدها الفكري او السياسي او الديني او …؟ – لدرجة ان الامر كاد ان يصبح عرفا ونمطا من انماط الحياة المتعارف عليها ؟؟ – … فبرز زعماء وائمة الضلال والتضليل في السياسة والدين والتمذهب .. يبدلون كل الجهد ليشتروا ” الضلالة بالهدى ” وليشردوا الراي العام في صحاري الوهم والبدع والخرافات يتبعون سراب السياسات “الدينــيوية” المغلفة بايمان مسيس يبتغي اخضاغ الناس ليكونوا اتباعا للبعض.. فيفوضون امورهم للحكام في انقياد يخالف سنة النبي (ص) مع الصحابة الذين كانوا يسألونه كلما ادلى بموقف او مسالة تهم تدبير الامور العامة يرون فيها رايا خاصا : ((يا رسول الله، أهو الوحي أم الرأي والمشورة؟)) فان قال هو الراي والمشورة بسطوا امامه وهو النبي المرسل موقفهم فيوافقهم في الغالب و يتكامل معهم …
ان اخضاع الدين للسياسات والمواقف المزاجية الضيقة يضيع الحقائق الواضحة وسط ركام هائل من التزييف والتمييع والتزوير والتعصب.. فيعتقد البسطاء من الناس وحتى البعض من الخاصة انهم يمسكون بناصية الحق المبتغى وان ما سواه باطل ولو كان هو الصواب نفسه …لقد تمكن هؤلاء عبر مجطات من التايخ من ذلك بسبب انتشار الجهل والتجهيل وتسطيح الافكار والفقر والامية ..كما ان تراخي القوى المتنورة والراشدة في القيام بمهامها بمبرر او بدونه او تواطؤا ..وبسبب انخراطهم في صراعات وهمية لا مسؤولة سهلت عمليات التعطيل الممنهجة التي تريد جعل الشعب مجموعة من الامعات المنفذين للاوامر ولو كانت باراقة الدماء وخراب البيوت وسبي الحرائر وهذا نجده ونراه في العديد من الحقب والدول …فرهنوا بذلك الشعوب في متاهات وغيبوبة وظلمات بعضها فوق بعض الله اعلم متى ستنقشع ومتى سيستفيق منها الواقعون تحت وطاتها .. فتاتى بذلك للرجعيين والانتهازيين والمتسلطين والمندسين ومرتزقة السياسة والدين ان يتطاولوا على كل شيئ جميل ويقدموا انفسهم ك”مصلحين “..؟
ان لكل زمان رجعيوه ومتامروه ومرتزقته و…و تاريخ الامم والحضارات غني والكتب المقدسة مليئة بالقصص والامثال والحكم التي تثير انتباهنا لنتجنب طريقهم ولنحذر التعامل معهم …
… ان الحياة الفردية والعامة اجمالا لابد لها من اهداف وغايات تعلق الامر بالمخلوقات الحية العاقلة وغير العاقلة ..ولابد لها ان ترقى بقيمة الوجود الحي وتسمو بالافكار والسياسات والاخلاق والممارسات المختلفة الى مستويات تحقق الكرامة للجميع …
…ان الايمان الذي هو قلبي وعقلي لايمكن ان يدركه اي مخلوق لانه امر غيبي في الوعي الفردي لايعلم به الاخرون الا عند اظهاره واشهاره …وقد يظهر البعض على مستوى الاقوال والطقوس ما يمكن ان يبدو لنا ايمانا لكنه في حقيقة الامر هو محض نفاق وتصنع يناقض جملة وتفصيلا كل ما هو جميل ونبيل … فالذي يحكم على الايمان حقا وصدقا وعلما هو الله سبحانه وتعالى ولا احد سواه وكل من ادعى غير ذلك فهو يتطاول على ما يختص به الخالق …وفي هذا قال الرسول الكريم للذي اجهز على رجل في حرب بعد ان نطق بالشهادة ..
“…يَا أُسَامَةُ! أَقَتَلْتَهُ بَعْدَ مَا قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ؟! قُلْتُ: كَانَ مُتَعَوِّذًا /إِنَّمَا قَالَهَا خَوْفًا مِنَ السِّلاَحِ/ ..أَقَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَقَتَلْتَهُ؟! أَفَلَا شَقَقْتَ عَنْ قَلْبِهِ حَتَّى تَعْلَمَ أَقَالَهَا أَمْ لَا ؟! فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا عَلَيَّ حَتَّى تَمَنَّيْتُ أَنِّي لَمْ أَكُنْ أَسْلَمْتُ قَبْلَ ذَلِكَ الْيَوْمِ”...”
..الا اننا اليوم نلاحظ ان البعض حول الدين الرحب والذي هو واحة لاحدود لها من الرحمة والحب والانسانية الراقية الى ملكية – بكسر الميم -مذهبيه منغلقة و .. حيث يوظف ادعاء وافتراء كمرجعية حزبية سياسوية .. فاصبحوا يربطون الايمان الخالص الصادق بالدين بالانتماء السياسي الطائفي والمذهبي للادرع التي يسمونها دعوية او تبشيرية او كهنوتية تحايلا … فتوقد افرنة الفتن الدنوية الجهنمية التي تمزق وتضعف الدول والامم حتى يصل بهم التهور الى عصيان اوامر الله التي تحرم القتل والترهيب وتمنع التضليل وافساد العقول وتنبذ الاكراه ..فسعوا لتبرير التنافس وتباهوا بالقتل والتقتيل والاقتتال الذي لايبقي لاوحدة ولا رحمة ولا ماوى ولا كرامة ..فاصبح الدين مطية لمن هب ودب من الذين يرجون منه مالا يـاذن به الله ورسوله …
وهنا نذكر بموقعة صفين بين سيدنا علي (ض) ومعاوية حيث رفعت المصاحف على اسنة الرماح والتي امتدت اثارها المدمرة و السلبية الى يومنا هذا …ونذكر بقصة مؤامرة حصار سيدنا عثمان (ض) والادعاءات المعتمدة لتبرير جريمتهم ومن ثم قتله…
وما قاله عبد الله بن سبأ زعيم ومنظر الفتن والضلالات وملهم من جاء من بعده من التحريفيين ليضرم نيرانا لم تنطفئ الى يومه ….” أن عثمان أخذ الخلافة بغير حق وهذا عليِّ وصيِّ رسول الله صلى الله عليه وسلم فانهضوا في هذا الأمر فحركوه ، وابدأوا في الطعن على أمرائكم ، واظهروا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تستميلوا الناس ، وادعوهم إلى هذا الأمر “..الخ
..ان لكل مجال من مجالات الحياة البشرية “ائمته” …في السياسة والاقتصاد والطب والادب والفنون …فاذا فسد ايمانهم ونواياهم فسد عملهم و شاب حياتهم الغرور و التطبع مع التضليل .. فستصبح النتائج على العموم مختلة فاسدة ومفسدة ومسيئة للعلم واهله والناس كافة الا من له قدرة على معرفة خبايا الاشياء و اكتشاف حيل المغرضين لينجو بنفسه وفكره وبدنه وعمله من المهلكات ..ابتغاء مرضاة الله
..فكما تحدثت الكتب المقدسة عن أحبار ورهبان يضلون الناس ويصدون عن سبيل الله فكذلك في أمة محمدصلى الله عليه وسلم بعض الذين يصنفون انفسهم من ” العلماء” اتباع الضلالات التي تقدم على انها عين الايمان وقلبه ..يعملون من اجل صد الناس عن السبيل القويم ويأكلون أموال الناس بالباطل…وفي مثلهم قال رسول الله (ص) : “لست أخاف على أمتي جوعاً يقتلهم ، ولا عدواً يجتاحهم(يستأصلهم) ولكني أخاف على أمتي أئمة مضلين ، إن أطاعوهم فتنوهم(أضلوهم)وإن عصوهم قتلوهم “.
… إن التضليل السياسي والاعلامي الذي يعمل من اجل قلب الحقائق والمفاهيم وتشكيك الناس في معتقداتهم ويحط من مستوى وعيهم ونضجهم بافساد وتمييع الذوق العام السليم عن طريق الاستهزاء والاستهتار والغمز والهمز والاساءات المباشرة المحملة بالايحاءات التكفيرية او التجهيلية او اللا اخلاقية امر في غاية الخطورة ..لانه سيؤسس “لثقافة ” لن تحترم ايا كان وستنتج مصطلحات وخطابات محملة بكلمات مبتذلة وساقطة يصعب اجتثاثها اذا تطبع عليها المجتمع خاصة ان كان مصدرها بعض الاباء و الساسة وبعض اهل الحل والعقد الذين ينصبون انفسهم ناطقين باسم السماء في الارض وباسم الزعامة في السياسة والدول …
لهذا نبهنا الله ورسله ان نحفظ قلوبنا من الصدا كما الستنا من الاساءات ..”عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: قلت يا رسول الله ما النجاة؟، قال صلى الله عليه وسلم [أمسك عليكَ لسانكَ وليَسعْـكَ بَيتـُك وابكِ على خطيئتكَ“
ويقول ابن القيم رحمه الله : ” وفي اللسان آفتان عظيمتان أن خلص من إحداهما لم يخلص من الأخرى : آفة الكلام وآفة السكوت وقد يكون كل منهما اعظم إثما من الأخرى في وقتها فالساكت عن الحق شيطان اخرس عاص الله مراء مداهن إذا لم يخف على نفسه والمتكلم بالباطل شيطان ناطق عاص الله واكثر الخلق منحرف في كلامه وسكوته فهم بين هذين النوعين ..
وأهل الوسط ـ وهم أهل الصراط المستقيم ـ كفوا ألسنتهم عن الباطل وأطلقوها فيما يعود عليهم نفعة في الآخرة “
ان الامر يكتسي خطورة مضاعفة اذا انطلق وقام ذلك التضليل على نية مبيتة تسعى لتكريسه وجعله منهجا في الحياة كما فعل العديد من الديكتاتوريين والمتسلطين منذ القدم فاصبح التضليل يعلم كمهاج ويختار لهذه المهمة المتمكنون منه لتوريثه وتلقينه للاجيال ..ولهذا لايستغرب المؤرخون والعلماء عندما يجدون في زماننا اتباعا وانصارا لافكار ومذاهب تسببت في الفساد والفتن والابتلاءات منذ قرون بل حتى عشرات القرون يبدلون جهودا عدة لاجل ضمان استمرار فعالية قسم الشيطان بالكيد لبني ادم حيث وقال في ذلك سبحانه وتعالى.. (( قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ ))الحج
نسال الله ان يوفق كل النفوس الى الطريق السوي الذي يحقق للناس كافة الامن والامان الروحي والنفسي والجسدي بما يضمن احترام الحق في الاختلاف والعيش الكريم …
مصطفى المتوكل / تارودانت
الاربعاء 4 فبراير 2015
ملاحظة ..يتحدث بعض الوزراء عن “قانون من اين لك هذا ” واسهاما منا في التساؤل نكتب والله الموفق ..
جاء في الحديث …”أن النبي صلى الله عليه وسلم استعمل عاملا على الصدقة فجاءه العامل حين فرغ من عمله فقال يا رسول الله هذا الذي لكم وهذا أهدي لي فقال النبي صلى الله عليه وسلم فهلا قعدت في بيت أبيك وأمك فنظرت أيهدى لك أم لا ثم قام النبي صلى الله عليه وسلم عشية بعد الصلاة على المنبر فتشهد فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ثم قال أما بعد فما بال العامل نستعمله فيأتينا فيقول هذا من عملكم وهذا أهدي لي فهلا قعد في بيت أبيه وأمه فينظر أيهدى له أم لا …”
…لقد عمل الوطنيون المغاربة بعد الاستقلال وخاصة بحزب القوات الشعبية وضعوا مبادئهم وافكارهم الصادقةوبنوها على ايمانهم باقرار العدل والمساواة وتكافؤ الفرص والقطع مع السياسات الاستعمارية والتبعية …ونادوا بتحرير الانسان والارض والاقتصاد من كل ما من شانه ان يتسبب في تفقير الشعب والمساس بحقوق الطبقة العاملة وعموم الاجراء والاجهاز على امال الفلاحين الصغار والشبيبة المغربية …
وفي تشخيصهم العام الذي ساهم في وضعه مجموعة من الوطنيين والوطنيات والمجاهدين والمجاهدات وعلماء الشريعة وخيرة الاطر المثقفة ..نبهوا الى خطورة كل اشكال الطبقية المنبنية على الاستغلال الجشع للقدرات المالية والاقتصادية للوطن ..كما اثاروا مخاطر اقتصاد الريع والربح غير المشروع ..ودافعوا وعملوا بكل اخلاص من اجل بناء دولة المؤسسات التي لايمكن ان تتحقق الا اذا قامت على الديموقراطية الحقة والعدالة والكرامة وتكافؤ الفرص ..وحذروا من الكيد والظلم وطبخ الملفات ضد كل من يسعى من اجل المصلحة العامة وكل من ينخرط في مواجهة الافساد والاستبداد والتسلط واستغلال النفوذ …
ومن بين القضايا التي وقف عليها الاتحاديون والاتحاديات منذ الستينات ما عبروا عنه في سؤال سياسي راشد هو …”من اين لك هذا” ..والذي وجههوه الى كل من يهمهم ويعنيهم الامر وبالاخص كل من يوجد بالمسؤوليات العمومية صغرت او كبرت بجميع الاسلاك والقطاعات ..يسعون من وراء هذا الى الربط بين حقيقة الاجرة او المداخيل التي يتوفر عليها اي كان بعد استلامه للمسؤولية ووضعيته كذلك المالية والاجتماعية القبلية ثم ما حدث من تحول في معيشته ورصيده او ارصدته وممتلكاته سواء في اسمه او اسم زوجته او ابنائه على الاقل …ولم يطرح هذا المطلب الموضوعي الا بسبب وجود داع لذلك سجل ولوحظ بالواقع يجعل المحلل والمراقب غير قادر على تفسير الاغتناء والاثراء الذي يحصل عند البعض دون وجود مصادر واضحة ومشروعة لذلك …وتشبث الاسرة الاتحادية وكل الوطنيين والقوى الحية بهذا المطلب له ما يسنده عقليا واخلاقيا وشرعيا …ويعبر موقفهم ذاك الذي نادوا به منذ عقود وما زالوا عن غيرة وطنية وحب لهذا البلد وللمصالح العامة العليا التي تحقق للشعب رخاءه وتحمي حريته وانسانيته وتحفظ عزته ومكانته …
من هنا يحق لنا ان نتساءل …ما الفائدة من التصريح بالممتلكات الذي اقر منذ عقود ان لم يتبعه وضع اليات للمراقبة التي تقارن بين ما قبل زمن المسؤولية واثناءها بالاوضاع بعد انتهاء المسؤولية ؟ وهل ما حصل طبيعي ونتاج منطقي لمداخيل وموارد مشروعة ام لا ؟
وفي علاقة بالموضوع فالمسؤولية تخضع لمنهجيات واليات وقوانين وحتى اعراف في اسناد ها او الاعفاء منها …ومن هنا يمكن ان نسوق مثالا من الحديث النبوي الشريف الذي اعتبر الامام الذي يكرهه الناس متعسفا على المصلين حيث جاء في الحديث … : ثلاثة لا ترفع لهم صلاة … وذكر منهم : ورجل أم قوما وهم له كارهون . .. والامر ينصب هنا على اداء العبادات وقد يمتد في سياقات المعنى بالقياس غير المخل بجوهر النص الى مجالات اخرى…
واعتبر الحق سبحانه وتعالى بقوله : ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا ﴾ ..ان جميع الامانات المالية والمعنوية والشرعية والسياسية والادارية بالاسرة والوظيفة تجاه الجماعات او الافراد او الامة او الانسانية كافة ومع كل انواع المخلوقات ومع الله بدءا وانتهاء ..كلها تكليف مؤقت يتعلق الامر بعمر الانسان المقدر الى وفاته او بالعمر الافتراضي المحدد في اية مسؤولية يجب ارجاعها لاهلها طوعا لانها ليست ملكا بل تكليفا مرحليا يتداول عليه الناس منذ الازل الى ان تقوم الساعة …ومن هنا امر الله بان نحافظ على الامانات فقال ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ الأنفال..والتقي من يفرح ويسعد عندما يرفع عنه عبء المسؤولية ..ولنا في التاريخ الانساني والاسلامي امثلة عديدة لنبلاء ما اساؤوا عندما حملوا مسؤولية ما بل احيانا اكرهوا عليها وما ظلموا احدا عندما طلب منهم الابتعاد عنها او تركها بل شكروا الله وحمدوه …
فرغم ان ابا ذر الغفاري “ض” من خيرة الصحابة فقد اجابه الرسول ” ص” على طلب أن يوليه إمارة قائلا : ((يا أبا ذر إنك ضعيف وإنها أمانة وإنها يوم القيامة لخزي وندامة إلا من أخذها بحقها ووفى الذي عليه فيها)) …
فكيف يفهم المتتبعون – والموضوع شرعا وعقلا واضح -ما اعتمد سابقا من طرف الحكومة بدفعها ب “عفا الله عما سلف” لتجاوز ما قد يلهيها او يعطل برامجها او يخلق صدامات مع من يطلق عليهم جيوب “الرفض والممانعة “او ” العفاريت والتماسيح ” ؟؟ هل سيصبح وضع “عفا الله عما سلف” معطلا ل “من اين لك هذا” بالنسبة لزمن الجكومة الحالية ؟؟ ام ان التساؤل عن مصدر الثروة سيسري فقط على ماسياتي من السنون والاعوام بعد تفعيله ؟
على كل حال فمشروعية ربط الاوضاع المادية للمسؤولين والموظفين العموميين و…من حيث اجورهم وموارد دخلهم المشروعة من ارث او غيره ..تتطلب نهج سياسة متوازنة وعادلة تجعل الامانة والاخلاص في العمل من اجل الوطن والمواطنين ومصداقية المؤسسات مسائل لايمكن تجاوزها والالتفاف عليها بالقبول بالامر الواقع لان ذلك سيؤدي الى انهيار الثقة وضياع الحس الانساني النبيل وطغيان الجشع والمادية المفرطة والمساس بكرامة الجميع …وهذا الوضع نتائجه مكلفة من حيث شرورها وخطرها على الاستقرار العام والطمانينة ..
ان من حق الجميع ان تتم حمايتهم من كل الممارسات اللا اخلاقية وغير المشروعة التي يعمد اليها البعض من اجل اكتناز الاموال وامتلاك العقارات والمنقولات و…على حساب جيوب الشعب والاموال العمومية والخيرات الوطنية المادية …
..ونختم هذه المقالة بما وصف به الرسول الكريم “ص” تضييع الامانة حينما ربطها بقيام الساعة مجيبا على سؤال ..متى تقوم الساعة : “إذا ضُيِّعت الأمانة فانتظر الساعة، وفسر ذلك بان إضاعتها يكون باسناد الأمر إلى غير أهله..”
* ملاحظة ..المقال / سبق نشره ب “نشرة المحرر ” وتمت ملاءمته لتجنب اي تاويل ليس في محله لان السبب في كتابته هو ما اضيف
مصطفى المتوكل / تارودانت
الاربعاء 28 يناير 2015
قال تعالى قي سورة الاحزاب متحدثا عن المنافقين والمرجفين ((لَئِن لَّمْ يَنتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلاً (*) …))
..الإرجاف: هو الزلزلة والاضطراب الشديد؛ وإشاعة الكذب والباطل…
وعرف القرطبي الارجاف بما عرفه به ابن عباس بقوله : “الإرجاف التماس الفتنة، وقيل: إشاعة الكذب والباطل للاغتمام به، والرجفان الاضطراب الشديد ويراد القول الذي تتحرق به القلوب وتضطرب”…
سنتحدث في هذه المقالة عن المرجفين اعتبارا الى ان بلدنا اصبح مرتعا وفضاءا يعج بهؤلاء الذين اشارت اليهم الاية الكريمة التي افتتحنا بها المقال …
…فالمرجفون يتطاولون ويتدخلون سلبا في امور الدين والسياسة والاقتصاد والمجتمع والاسر والافراد … وهم اشخاص متخصصون في الافتراء والكذب على الله وعلى الرسول وعلى الناس كافة الاحياء والاموات .. وعلى تاريخ وحاضر الشعوب والافراد ولا يسلم حتى المقبل من الايام والسنون من السنتهم واقوالهم .. فهم لايالون جهدا ليتحكموا في كل المجالات ولم لا التلاعب بالوعي العام ومصالح الناس كما يحلوا لهم ..هدفهم نقيض ما يقصدون حيث تتلاقى سياستهم مع سعي الشياطين الذين يزينون للناس السيئ من الاقوال والافعال والمواقف حتى يقحموا الجميع في مهالك تطال دنياهم واخراهم …
ان المرجفين هم من يقوم بنقل الاشياء والوقائع والاحداث بصور يشوبها التزييف والتزوير سواء في كلياتها وتفاصيلها او جزئياتها ..وعملهم ذاك ليس لجهل او عدم فهم بل عن تعمد ينم عن خلل في النفس ورغبة جامحة في الاساءة للاخرين بكل الطرق والوسائل …فيسعون للتشكيك في الاخلاق والقيم والفضائل وكل الاعمال التي تبتغي الاصلاح والصلاح والتغيير للرفع من مستوى الوعي بجعل الشعب وقواه الحية يمتلكون زمام المبادرة في كل امور المجتمع …
وفي هذا السياق سنجدهم متخصصين في صنع الاشاعات وترويج الاكاديب من تلقاء انفسهم او بايحاء من جهة اوجهات لها مصلحة مباشرة او غير مباشرة من “الفعل / الاشاعة” التي قد تروج للاخبار الزائفة كانت سيئة او حسنة فيسيئون الى اعدائهم ولو كانوا صالحين مصلحين ويحسنون بالتجميل والاثراء الى اصدقائهم او حلفائهم او من هم على شاكلتهم بما ليس فيهم …
…واذا ما بحثنا في تاريخ الامم والحضارات بين القبائل او المجتمعات او الدول وحتى بالاسر سنجد ان اغلب الفتن والحروب والصراعات وحتى جرائم الابادة و… سببها ” هؤلاء / المرجفة ” الذين تحدثوا بالاساءات المفبركة عن مريم العذراء وعن عائشة ام المؤمنين كما اساؤوا الى يوسف وموسى وعيسى وخاتم النبيئين عليهم الصلاة والسلام وتطاولوا على الخلفاء الراشدين وكبار الائمة والعلماء ..وتخصص العديد من المرجفين فى طبخ الملفات والايقاع بخيرة الناس تزويرا وبهتانا وكذبا حتى يبنوا عليها احكاما وقرارات استشهد بسببها العشرات ان لم نقل المئات من خيرة الوطنيين التقدميين ببلدنا ومنهم المهدي بنبركة وعمر بنجلون …وزج بالمئات منهم في السجون فمنهم من قضى نحبه بها ومنهم من غادرها وتصالح وتصالحت معه الدولة ومنهم من …
ويبلغ الإرجاف اخطر مستوياته عندما تنعكس نتائجة على الأرض/ الوطن.. او على الارض / العالم ..فبالوطن تتزعزع القيم والمفاهيم وينتشر الياس والاحباط بين العامة ويدفع الناس نحو العزوف عن كل الاعمال العمومية الرسمية والمدنية …ويجر المجتمع نحو متاهات لايعلم بخطورة انعكاساتها ونتائجها المدمرة الا الله والراسخون في علوم السياسة …كما ان ممارسات المرجفين بالعالم تشعل الفتن الداخلية بالدول وتمزقهم اربا اربا يتعقد ويصعب معها امر الجمع والاصلاح بل قد تصل الى تمزيق وحدتها وخلق دويلات لاتسمن ولا تغني من جوع ..او قد تشتعل بسببهم حروب دموية او ازمات اقتصادية وسياسية …
…ولقد تطورت اساليبهم لتاخد طابعا مؤسساتيا بتوظيف القنوات الفضائية من اذاعات وتلفزات وكذا صحف ورقية والكترونية يكون وقودها بطبيعة الحال ومصدرها هو الغقول الفاسدة والالسنة اللئيمة والقلوب الممتلئة غلا وحقدا والانفس “المؤمنة” بسياسة ابليس الذي خاطب رب العزب قائلا ..
(( قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ )) الحجر
واغواء الشيطان لا يتحقق الا بتضليل الناس والتاثير على اهوائهم ليصبح كل ما يصدر عنهم لايرضي الله ورسوله وكذا الضمائر الحية الواعية …
انهم ان كانوا من بين الجنود في حرب ما فانهم قد يتسببون في تكسير شوكتهم وزرع الترويع والرعب في صفوفهم فيسدون خدمة كبرى للاعداء ..
..وان كانوا بين المؤمنين في دور العبادة لمزقوا وحدتهم الروحية ولصنعوا ائمة متعددين يضرب بعضهم بعضا تشكيكا وتكذيبا وتحقيرا وتكفيرا …
…وان كانوا مندسين في الدولة فانهم يزرعون بذور عدم الثقة ويروجون لنظريات التامر والمؤامرة ويبنون جدرانا من الوهم تكرس الفرقة وتشجع على الاضطرابات بزرع الفتن في كل موقع وفضاء يجعل الجميع في حالة استنفار وترقب وخوف وشك .. واحيانا في حالات هجوم متبادل يضيع المكتسبات ويعطل الية ومسارات التنمية بجميع تجلياتها …
انه ومن مصلحة الامة بكل مكوناتها ان كانت مدركة لمصالحها حق الادراك ان تبتعد عنهم وتبعدهم عن التاثير في مصائر الناس افرادا وجماعات ..قال تعالى مخبرا الرسول الكريم والامة الاسلامية في سياقات معنى الاية : {لَوْ خَرَجُواْ فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ إِلاَّ خَبَالاً ولأَوْضَعُواْ خِلاَلَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ} التوبة
فبين للمؤمنين ان المصلحة في تخلي المنافقين عن الخروج معهم افضل من مرافقتهم لهم لانهم سيعيثون فسادا ونميمة وإيقاعا بين الناس وسيجدون حتما من يتاثر ويتبنى ترهاتهم ومكائدهم ويتواصل معهم وسيكونون والحالة هاته الى جانب الاعداء اوهم اشد خطرا منهم …
ان من اسباب تخلفنا وانكساراتنا هو ان المرجفة بارعون في التمظهر النفاقي وتقمص الادوار ومعرفة كيفيات التسلق الى بعض مراكز التاثير على القرارات بالبيوت والاسر والقبائل والمجتمعات والمؤسسات والدول ..لا يكتشفون ولايعرف البعض منهم الا بعد ان يطال تخريبهم المعنوي والمادي جوهر الاشياء …فكم من دولة انهارت بسببهم ؟ وكم من نبي طالته مؤامراتهم ودسائسهم ؟ وكم من قيم وافكار نبيلة اقبرت بسببهم ؟
فنسال الله لنا ولكم ان ينير بصائرنا ووعينا حتى نجتنبهم وان يكشفهم للناس حتى يتقوا شرهم وكيدهم …امين
مصطفى المتوكل / تارودانت
26 يناير 2015
من المعلوم تاريخيا ان الاتحاد الاشتراكي يملك اعلامه ويسيره المسؤولون الذين يعينهم الحزب للقيام باعمال الادارة في تنفيذ كامل لتوجهات الحزب على مستوى خط التحرير ومتابعة الانشطة الحزبية وتاطير الراي العام عن طريق الاعمدة التوجيهية ومتابعة القضايا والملفات التي يوليها الحزب اهتماما و التعريف بانشطة الاتحاديين والاتحاديات في كل القطاعات والمؤسات والمنظمات التي يشتغلون بها من اجل التعريف بافكار وبدائل الحزب ولمواجهة التسلط الرجعي والانتفاعي و…
ولقد عمد الحزب بعد منع المحرر الى تسمية جريدته باسم ” الاتحاد الاشتراكي” لاسباب سياسية وحقوقية تحيل ضمنيا على ان الحزب سيستانف اصدار جريدته ” المحرر” في الوقت الذي يقرره …
ومن عمق التاريخ استحضر زيارات والدي المجاهد العلامة المتوكل عمر الساحلي رحمه الله – كان يصطحبني معه – للجريدة ومقرها حيث يلتقي مع بعض الاخوة من طاقم التحرير والادارة وعلى راسهم الشهيد عمر بنجلون ومن عوضه بعد ذلك …حيث تعود الوالد رحمه الله في كل زياراته للدار البيضاء ان يزور الجريدة ودار النشر اضافة الى العديد من المقاومين والمجاهدين بمنازلهم ومقرات عملهم احيانا ….وفي غالب الزيارات نجد اعضاء من المكتب السياسي اما مجتمعين او يتابعون السير العادي لعمل الجريدة ومنهم سي محمد عابد الجابري وسي محمد الحبيب الفرقاني رحمهم الله وغيرهم ..وكان كل طاقم التحرير من الحراس الى السواق الى الموزعين الى الموظفين والصحفيين اتحاديون ومنهم رجالات من الحركة الوطنية والمقاومة ومنهم ضحايا سنوات الجمر والرصاص و…
والجميع يعلم ان جريدة الاتحاد الاشتراكي في ملك الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية كما ان الاتحاديين والاتحاديات عبر تاريخ الجريدتين يزورون مقرهما ويتواصلون مع الصحفيين والمسؤولين بهما واحيانا يتناولون معهم وجبة الغذاء بمطعم الجريدة ولم يمنع قط اي اتحادي من دخولها …وكان بعض المسؤولين الاتحاديين بالافاليم يتجهون الى ادارة الجريدة للاحتجاج على عدم نشر مقالات او التاخر في نشرها ويستمع الاخوة بصدر رحب لكل الانتقادات والاقتراحات ويطمئنون الجميع على انه ليس هناك اقصاء او اهمال مقصودين بل كثرة الانشغالات والمواد …
وبالمكتب السياسي الحالي و منذ الشهر الثاني لانتخاب الاجهزة الوطنية تم اقتراح عقد لقاءات منظمة بين القيادة الحزبية وهياة التحرير والادارة للعمل من اجل وضع استراتيجية اعلامية تتناسب والادوار المطلوب منها القيام بها وكذا النظر في امكانيات تطوير ها تقنيا وفنيا …حيث كان الحديث ينصب على الجريدة وكل العاملين بها وخطها التحريري …ودورها التعبوي التواصلي حتى تكون ناطقة بافكار ومطامح وبرامج عمل الاسرة الاتحادية بالبوادي سهولا وجبالا وصحاري وبالمدن والقرى كبيرها وصغيرها وحتى يجد فيها المواطن قبل الاتحادي ما يبحث عنه ويعبر عن رايه وحتى تصبح جريدة في ملك الجميع يسعى لاقتنائها كل واحد من المناضلين والمتعاطفين والمحبين يوميا وان لم يفعل يشعر بنقص في الزاد الاخباري التوجيهي الاتحادي …كما امتد الاهتمام بالاعلام الى مواقع التواصل الاجتماعي والجرائد الالكترونية لتوظيفها التوظيف العلمي والنضالي الامثل لترقى بالوعي الاعلامي الى مستويات من النضج البناء بدل ما يلاحظ من تمييع للاخبار وتلفيق للحكايات والتخصص في السب والقذف والتجريح والتلصص و…ونظرا للعديد من الاسباب التي تسعى من اجل الصالح العام للحزب وتحديد الاولويات تاخر امر عقد اللقاء مرارا …
ان المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وكل المناضلين والمناضلات بالاتحاد الاشتراكي من حقهم ان يتابعوا جريدتهم ليس قراءة فقط بل دعما ونقدا ونصحا وزيارات نضالية وتواصلية ودعوة اطر الجريدة لتاطير المراسلين الاتحاديين بالاقاليم وتاطير المواطنين في لقاءات جماهيرية …والذي يحسه الجميع بالمغرب والخارج انه عندما يتحدث اي كان في اي منبر ويقدم على انه يمثل جريدة الاتحاد الاشتراكي او ليبيراسيون فان الجميع يفترض تصورا وواقعا ان الكلام هو كلام باسم الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية يتحمل الحزب تبعاته ايجابا او سلبا نجاحا اوفشلا …
ان الحقيقة الواضحة اذن سنختصرها في ان الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية في ” الاتحاد الاشتراكي ” وفي بيت من بيوته بقوة التاريخ والنضال والوعي العام و…
…فتحية للاخوة بجريدتي الحزب ولنعمل جميعا من اجل تطوير اعلامنا وتقويته وفاء لارواح القادة المؤسسين وعلى راسهم سي عبد الرحيم بوعبيد والفقيه البصري والشهيد المهدي بنبركة و… رحمهم الله و سي عبد الرحمن اليوسفي بارك الله في عمره وصحته …ونتوسم خيرا ونبلا عند كل الاخوة والاخوات في الحزب من صحفين وصحفيات ومراسلين ومراسلات وكل القراء الذين ندعوهم لدعم جريدتهم ماديا ومعنويا حتى تسترجع قوتها وريادتها …
فلنحمل جميعا يوميا جريدتنا ولنزودها بكل ما يعني الشعب في كل ربوع الوطن تحت شعار الوفاء لقضايا المواطنين وللاجيال المؤسسة والشهداء من اجل الوصول الى جوهر ما سطره الاباء بالتضحيات الجسام وما فقدوا الامل قط …
مصطفى المتوكل / تارودانت
الاربعاء 22 يناير 2015
جاء في الحديث …”أن النبي صلى الله عليه وسلم استعمل عاملا على الصدقة فجاءه العامل حين فرغ من عمله فقال يا رسول الله هذا الذي لكم وهذا أهدي لي فقال النبي صلى الله عليه وسلم فهلا قعدت في بيت أبيك وأمك فنظرت أيهدى لك أم لا ثم قام النبي صلى الله عليه وسلم عشية بعد الصلاة على المنبر فتشهد فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ثم قال أما بعد فما بال العامل نستعمله فيأتينا فيقول هذا من عملكم وهذا أهدي لي فهلا قعد في بيت أبيه وأمه فينظر أيهدى له أم لا …”
…لقد عمل الوطنيون المغاربة بعد الاستقلال وخاصة بحزب القوات الشعبية وضعوا مبادئهم وافكارهم الصادقةوبنوها على ايمانهم باقرار العدل والمساواة وتكافؤ الفرص والقطع مع السياسات الاستعمارية والتبعية …ونادوا بتحرير الانسان والارض والاقتصاد من كل ما من شانه ان يتسبب في تفقير الشعب والمساس بحقوق الطبقة العاملة وعموم الاجراء والاجهاز على امال الفلاحين الصغار والشبيبة المغربية …
وفي تشخيصهم العام الذي ساهم في وضعه مجموعة من الوطنيين والوطنيات والمجاهدين والمجاهدات وعلماء الشريعة وخيرة الاطر المثقفة ..نبهوا الى خطورة كل اشكال الطبقية المنبنية على الاستغلال الجشع للقدرات المالية والاقتصادية للوطن ..كما اثاروا مخاطر اقتصاد الريع والربح غير المشروع ..ودافعوا وعملوا بكل اخلاص من اجل بناء دولة المؤسسات التي لايمكن ان تتحقق الا اذا قامت على الديموقراطية الحقة والعدالة والكرامة وتكافؤ الفرص ..وحذروا من الكيد والظلم وطبخ الملفات ضد كل من يسعى من اجل المصلحة العامة وكل من ينخرط في مواجهة الافساد والاستبداد والتسلط واستغلال النفوذ …
ومن بين القضايا التي وقف عليها الاتحاديون والاتحاديات منذ الستينات ما عبروا عنه في سؤال سياسي راشد هو …”من اين لك هذا” ..والذي وجههوه الى كل من يهمهم ويعنيهم الامر وبالاخص كل من يوجد بالمسؤوليات العمومية صغرت او كبرت بجميع الاسلاك والقطاعات ..يسعون من وراء هذا الى الربط بين حقيقة الاجرة او المداخيل التي يتوفر عليها اي كان بعد استلامه للمسؤولية ووضعيته كذلك المالية والاجتماعية القبلية ثم ما حدث من تحول في معيشته ورصيده او ارصدته وممتلكاته سواء في اسمه او اسم زوجته او ابنائه على الاقل …ولم يطرح هذا المطلب الموضوعي الا بسبب وجود داع لذلك سجل ولوحظ بالواقع يجعل المحلل والمراقب غير قادر على تفسير الاغتناء والاثراء الذي يحصل عند البعض دون وجود مصادر واضحة ومشروعة لذلك …وتشبث الاسرة الاتحادية وكل الوطنيين والقوى الحية بهذا المطلب له ما يسنده عقليا واخلاقيا وشرعيا …ويعبر موقفهم ذاك الذي نادوا به منذ عقود وما زالوا عن غيرة وطنية وحب لهذا البلد وللمصالح العامة العليا التي تحقق للشعب رخاءه وتحمي حريته وانسانيته وتحفظ عزته ومكانته …
من هنا يحق لنا ان نتساءل …ما الفائدة من التصريح بالممتلكات الذي اقر منذ عقود ان لم يتبعه وضع اليات للمراقبة التي تقارن بين ما قبل زمن المسؤولية واثناءها بالاوضاع بعد انتهاء المسؤولية ؟ وهل ما حصل طبيعي ونتاج منطقي لمداخيل وموارد مشروعة ام لا ؟
وفي علاقة بالموضوع فالمسؤولية تخضع لمنهجيات واليات وقوانين وحتى اعراف في اسناد ها او الاعفاء منها …ومن هنا يمكن ان نسوق مثالا من الحديث النبوي الشريف الذي اعتبر الامام الذي يكرهه الناس متعسفا على المصلين حيث جاء في الحديث … : ثلاثة لا ترفع لهم صلاة … وذكر منهم : ورجل أم قوما وهم له كارهون . .. والامر ينصب هنا على اداء العبادات وقد يمتد في سياقات المعنى بالقياس غير المخل بجوهر النص الى مجالات اخرى…
واعتبر الحق سبحانه وتعالى بقوله : ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا ﴾ ..ان جميع الامانات المالية والمعنوية والشرعية والسياسية والادارية بالاسرة والوظيفة تجاه الجماعات او الافراد او الامة او الانسانية كافة ومع كل انواع المخلوقات ومع الله بدءا وانتهاء ..كلها تكليف مؤقت يتعلق الامر بعمر الانسان المقدر الى وفاته او بالعمر الافتراضي المحدد في اية مسؤولية يجب ارجاعها لاهلها طوعا لانها ليست ملكا بل تكليفا مرحليا يتداول عليه الناس منذ الازل الى ان تقوم الساعة …ومن هنا امر الله بان نحافظ على الامانات فقال ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ الأنفال..والتقي من يفرح ويسعد عندما يرفع عنه عبء المسؤولية ..ولنا في التاريخ الانساني والاسلامي امثلة عديدة لنبلاء ما اساؤوا عندما حملوا مسؤولية ما بل احيانا اكرهوا عليها وما ظلموا احدا عندما طلب منهم الابتعاد عنها او تركها بل شكروا الله وحمدوه …
فرغم ان ابا ذر الغفاري “ض” من خيرة الصحابة فقد اجابه الرسول ” ص” على طلب أن يوليه إمارة قائلا : ((يا أبا ذر إنك ضعيف وإنها أمانة وإنها يوم القيامة لخزي وندامة إلا من أخذها بحقها ووفى الذي عليه فيها)) …
..ونختم هذه المقالة بما وصف به الرسول الكريم “ص” تضييع الامانة حينما ربطها بقيام الساعة مجيبا على سؤال ..متى تقوم الساعة : “إذا ضُيِّعت الأمانة فانتظر الساعة، وفسر ذلك بان إضاعتها يكون باسناد الأمر إلى غير أهله..
مصطفى المتوكل / تارودانت
الاثنين 19 يناير 2015
…أي قانون تريده الدولة يؤطر الجماعات المحلية كمؤسسات واضحة المعالم والإطار بعيدا عن كل حالات التداخل والتقنين المعطل لتدبير أمثل للمرفق الجماعي في الزمن الانتدابي (6 سنوات) ادارة للسياسات المحلية ..وتنفيذا للبرامج والالتزامات بين الاحزاب والناخبين المحليين.. ومعالجة للميزانية بشقيها ..ومتابعة للملفات والمشاريع اعدادا وتصديقا …؟
أي فلسفة ستتبناها الدولة ومجلس النواب في التعامل مع دور المنتخبين الجماعيين في علاقة مع الساكنة ومع مؤسسات الدولة والفاعلين الاقتصاديين وعلى مستوى التعاون اللامركزي؟
وما هي الآلية الهيكلية التي ستعتمد في انتخاب المستشارين الجماعيين ؟ هل سيعمل المشرعون من اجل ضمان الاستقرار والاستقلالية في التقرير والتنفيذ والتدبير الشامل والتي ستجنب كل ما من شانه قانونا ان يفتح الابواب امام الصراعات المعطلة ..ويشجع على التفجير او الابتزاز ؟
وما هي الآلية القانونية الواجب اعتمادها على مستوى ادارة التدبير المالي المرتبط بتسيير أمثل لزمن المسؤولية “الولاية”..؟ هل هي المساطر التي تجعل قرارات المجالس مرهونة بالبيروقراطية وتعدد المتدخلين في علاقة بالمركز (العمالة والولاية والادارة المركزية )؟ أم آلية تضمن للجماعة مرونة قانونية شفافة وفاعلة بهدف خلق الجماعة المقاولة التي تفكر و تخطط و تقرر و تنفذ بتعاون وتكامل ودعم وليس بوصاية قبلية ومواكبة ترهن سياسات المنتخبين بارادات وقناعات الادارات التقنية التي لاتخضع للرقابة الديموقراطية للناخبين والناخبات مما يؤثر سلبا على المبادرات والقيادات المحلية بالتعامل معها على أنها تحتاج الى وصي على اعمالها وافكارها وقراراتها ؟
وما هي الآلية التنظيمية في مجال الشرطة الإدارية التي هي جوهر اجراءات واعمال الجماعات المحلية ..؟..و هل امتلاك صياغة القرار الذي لايصبح صالحا للتطبيق الا بعد تصديق سلطات الوصاية الاقليمية اوالولائية اوالمركزية .. مع عدم امتلاك الجماعات لالية التنفيذ ونقصد هنا سلطة التنفيذ المباشر لقراراتها وما يلزم ذلك من ماسسة ووضع قوانين تنظم الشرطة الجماعية وتضمن لها الحجية القانونية الكاملة لاجراءاتها الميدانية تنظيما وادارة ومراقبة وزجرا للمخالفات ؟
ويسري الاستفهام على امر اصلاح قوانين جماعات الادارات الثرابية على ضبط وحماية وادارة وتثمين الاملاك الجماعية بما في ذلك مجانية تحفيظ عقاراتها وانتفاء اي محاولة او تطاول يسعى لتملكها بالترامي ومنازعة الجماعات في ممتلكاتها العامة الخاصة في تعطيل للتنمية بها …
ان الدولة لم تفعل حتى الان العديد من مواد الميثاق الجماعي الحالي حيث تم تعليقها ورهنها بجملة ترهن تفعيل بعض المواد الهامة باصدار قرارات او قوانين تنظيمية او ما شابه منذ 2009 ونحن الان في سنة 2015 وهذه مفارقة توضح بجلاء ما لا يحتاج إلى شرح أو تعليق؟ !
إننا كمعنيين بالشان المحلي الذي يعتبر اهم ابواب تقعيد الدستور وافضل اوجه البناء الديموقراطي التي اما ستشجع الشعب على الاهتمام بالاستحقاقات او ستنفره وتدفعه الى العزوف عن المشاركة في الاختيار وحتى عن السياسة في عمومها ..نرى ان الامر ليس مجرد محطات انتخابية تقنية كالسابقات بل نراها تحديا وطنيا ومساءلة عظيمة عن مدى جدية كل الاطراف بعد اقرار الدستور الجديد …
ان الاستمرار في سياسة الجرعات الاصلاحية المجتزاة و الممتدة على سنوات ومحطات لم يعد مستساغا ولاممكنا الاستمرار فيها تحت اي مبرر كان ..ولابد من الاقرار الاجماعي على ان وطننا يحتاج فعلا الى وضع قوانين تحمل كل واحد المسؤولية الكاملة في السياسات العمومية المحلية بما في ذلك الاحزاب السياسية – التي تسير منفردة او في اطار تحالفات – تعلق الامر بالنجاح اوالاخفاق ..او تعلق بطبيعة التدبير ايجابا او سلبا مع ما يترتب على ذلك من مسؤوليات قانونية وسياسية…
وبناء عليه لابد ان نتساءل عن فلسفة وخلفيات مقترحات الحكومة المتعلقة بما تسميه مشروع اصلاح الميثاق الجماعي بالصيغة المعروضة على الاحزاب وستعرض على المؤسسات المعنية بالتصديق النهائي عليها ..؟؟هل يحمل المشروع تغييرا نحو الافضل في استفادة من الاخطاء والمعيقات التي وقف عليها وخبرها الجميع ؟ وهل تتكامل المقترحات مع روح الدستور وتجيب على الانتظارات المشروعة لفلسفة المشرعين للبناء الديمواطي ..؟.. ام يدبر الامر بمنهجيتين الاولى مازالت مشبعة بافكار وتوجسات قبلية تنتمي الى عهود تعتقد بعدم اهلية الافراد والاحزاب مما تشرعن به المحافظة على وصاية خاصة وتداخل “مدروس” في الاختصاصات .. والثانية التي ترمي الى ضرورة قصوى انية للاصطفاف مع الامم المتحضرة والديموقراطية دون تردد او تاخير …؟؟
فما الذي اقترح من تعديلات لارساء حكامة فعلية مؤسساتية ومجتمعية ؟
وما الذي يقترح كتعريف وتحديد للجماعات الثرابية وتكوينها واختصاصاتها تعلق الامر بالراسة او بنواب الرئيس او باللجن الوظيفية …؟
وما الذي يقدم كتغيير للمنظومة الشمولية لتسيير المجلس الجماعي والشؤون المحلية ..؟
وما الذي ترك من اختصاصات للسلطة المحلية والاقليمية والجهوية والمركزية ؟
وما هو التعريف الذي اقترح ليضبط مفهوم الوصاية ان كانت هناك ضرورة منطقية لها لاتتنافى مع حدود مسؤوليات المنتخبين السياسية…؟سواء تعلق الامر بما عرف في الميثاق المعمول به بما يسمى الوصاية على اعمال المجلس ..وعلى قرارات رئيس المجلس الجماعي ..؟
وكيف ترى الحكومة العلاقات بين الجماعات الثرابية المنتخبة وجمعيات المجتمع المدني ؟ وما الذي تهدف اليه انطلاقا من خلفيات ما سطرته من نوايا في مواد تهم المجتمع المدني ودوره ؟
وما الجديد الذي عرض في مجال التنظيم والتسيير المالي في كل مجالات الاعداد والتصديق والتنفيذ والتعديل والتدبير والتدخل …؟تعلق الامر بالموارد او التحملات بالشق الاول والثاني من الميزانية …؟
وما هي حدود التداخل والتكامل او التقاطع بين الجماعات المحلية والمجالس الاقليمية ومجالس الجهات والمصالح الخارجية …؟
وكيف سينظم التوزيع الامثل لمالية الدولة العامة في انسجام بين سياسيات المجالس المنتخبة وسياسة الدولة للنهوض بكل القطاعات والبنيات التحية بما يضمن مساواة وعدالة مجالية ثرابية وتوزيع عادل للثروات على الجماعات …؟؟
انطلاقا من هذه الاسئلة وغيرها يطلب من المعنيين بالحكومة والاحزاب السياسية ان يدققوا اجاباتهم وتصوراهم.. لانه بناء على اطروحاتهم فسيكونون اما منخرطين وقابلين بالتراجعات التي يحملها مشروع الحكومة وبالتالي سيتعارضون مع برامجهم وما يدعون له ..؟ واما سيطرحون مقترحات ثورية و بناءة ينتظرها وسيدعمها الراي العام الديموقراطي وكل الراغبين في الاصلاحات التي يستحقها هذا البلد وشعبه ..؟
مصطفى المتوكل/ تارودانت
18 يناير 2015
كانت حكومةالتناوب التي تراسها سي عبد الرحمن اليوسفي والتي فتحت اوراش الاصلاح الكبرى واعادت الاعتبار للعمل السياسي وعملت على انقاذ البلد من السكتة القلبية .. ونفدت مبادرات و اجراءات سياسية اقتصادية ومالية واجتماعية ساهمت و صححت الكثير من الاختلالات التي كانت العديد من القطاعات والمؤسسات و تطال اوضاع الشغيلة المغربية بالوظيفة العمومية اثناء العمل وبعد التقاعد ..والي قامت بمبادرة كبرى لتيسير المصالحة بالحقيقة والانصاف و … وبعد ذلك بسنوات قليلة كان ما اطلق عليه” الانقلاب” على التناوب …ثم بعد قرابة عقد من ترحيلها حدث الربيع الديموقراطي الذي اطاح بالعديد من الانظمة وتسبب في زلزلة كبيرة بمناطق لم تتوقف ارتداداتها لحد الساعة وتجهل مالاتها نظرا لاعتبارات يتداخل فيها المحلي والجهوي والدولي والمذهبي والقبائلي …؟؟
الا ان بلدنا المغرب اختار مسارا اخر ابان عن استيعاب ايجابي مبكر للامور و فهم لبعض بواطنها وتعامل ذكي مع مطالب الشعب المغربي التي تحتاج الى ثورة اقتصادية واجتماعية وديموقراطية لانقاذ الشعب والوطن وللانطلاق نحو الغد الذي استشهد المئات من اجله وضحى الالاف طوال سنوات …
… وانطلقت مبادرات اصلاحية للدستور شكلت قفزة مهمة لكنها لم تستوعب عدة مطالب جوهرية كانت ستعطي للمبادرة المغربية الجوهر الذي سيبوئها مكانة جد متقدمة في عالمنا الثالث وستفتح امامنا ابواب دخول التقدم العالمي .. كما حدث في العديد من دول العالم ومنها بعض دول اسيا و.. التي استقلت معنا في نفس الحقبة
ان تعقيدات المرحلة جعلت العديد من القوى الحية الديموقراطية الوطنية ترجئ الالحاح على العديد من التغييرات رغم ضرورتها من اجل تجنب اي انزلاق او مشاكل قد تؤثر على الاستقرار العام …وتم التصديق على دستور 2011 واعطيت الانطلاقة لتطبيقه باجراء انتخابات تشريعية افرزت الحكومة التي نراها اليوم والتي كان يفترض ان تشرع فور تنصيبها في حوار وطني للاعداد التوافقي لاصدار القوانين والتشريعات المتممة للدستور وخاصة التي تجسد فعليا فلسفته لبناء مجتمع ديموقراطي حداثي تؤطره وتنظمه مؤسسات بادرات ثرابية منتخبة ذاث صلاحيات كاملة تربط بين المسؤولية والمحاسبة وتضع اليات مرنة وبسيطة وفعالة للمراقبة والتاطير والتحديث والتثوير افقيا وعموديا مع الفصل العلمي المسطري دون قطيعة بين المؤسسات المنتخبة وما يطلق عليه سلطة الوصاية التي كان يفترض ان تصبح سلطة تتكامل بالمواكبة والمتابعة.. وقد يتطلب الامر احداث وزارة خاصة بالجماعات المنتخبة محليا واقليميا وجهويا في مجال الادارة الثرابية لتتفرغ الداخلية للامن والقضايا ذاث الصلة …وان يصبح لمؤسسة الحكومة مندوب عام ينسق اعمال قطاعاتها بالاقاليم والجهات بما يضمن التكامل بين القطاعات الحكومية والاستجابة لحاجيات التنمية في مختلف مجالاتها …
ان الحديث بعد مرور قرابة 3 سنوات عن تشكيل حكومة – ما بعد دستور 2011 في نهاية 2014 وبداية 2015 – اي على مشارف انتهاء الزمن الانتدابي للمؤسسات المحلية عن الشروع “المرتجل” لاعداد مشاريع قوانين تعتبر العمود الفقري لتنزيل الدستور الجديد امر يحتاج الى لفت نظر اولي لان كل من قرا او درس سواء المشروع المتعلق بالجماعات المحلية او الجهوية او …سيلاحظ ارتباكا في صياغة مشاريع النصوص يدل عليه التراجع البين في الاختصاصات الحالية التي اجمعت كل القوى على ضرورة توسيعها لضمان الحد من المركزية وفعالية اجراءات التصديق والتدبير الامثل للزمن الانتدابي والقطع مع كل اشكال البيروقراطية التي تعد الوصاية المبالغ فيها احد اقوى مظاهرها …كما سيلاحظ القارئ ان هناك تمييعا لدور المؤسسات المنتخبة والمجتمع المدني ودور السلطة الاقليمية التي ستتضخم على حساب البناء الديموقراطي والمؤسساتي …كما ان علاقة الجماعات المحلية مع المجالس الاقليمية ومجالس الجهة وفلسفة الجهوية المتقدمة في علاقة بالوحدة الثرابية وخصوصية الصحراء المغربية بمنظومة لاتخلق تمايزات بين جهات الصحراء المغربية وجهات المملكة الاخرى على مستوى التدبير والاختصاصات لتجنب اية تعقيدات او مشاكل يصعب تبريرها او تجاوزها وقد تستغل سلبا للمساس بالنسيج الموحد للوطن والذي لايجب ان تكون الحسابات المتسرعة اطارا للتنفيذ وتجاوز هذه المرحلة …فمبررات تمديد عمل مجلس المستشارين طوال هذه المدة لم تنته بعد لان العلة المعلنة او المسكوت عنها مازالت قائمة ولان ما ينتظنا جميعا للخروج من هذه الوضعية الاستثنائية يتطلب نضجا وحكامة سياسية وتشريعية …
ان ملف الاعداد للانتخابات لايجب ان يكون منبنيا على اعمال سلطة ما يعرف بالاغلبية الحاكمة لتمرير كل المشاريع وتنفيذ كل الاجندات ..بل هو ببناء يتم وينجز بالتوافق على اصلاحات منطقية تتجاوب في مضامينها وروحها مع انتفاضة الحراك الديموقراطي ليصبح ربيعا ديموقراطيا حقيقيا وليس خريفا او صيفا قائظا لاحصاد فيه ولا نفع ..
..ومن خلال هذه المقالة ساعمد في المقالات اللاحقة على ابراز مجالات تعارض عدة مواد بمشاريع القوانين التي وضعتها الحكومة مع فلسفة وروح الدستور والبناء الديموقراطي ..
وندرج هنا على سبيل التذكير جزءا من خارطة طريق و المعبر عنها بالخطاب الملكي ليوم ..9مارس 2011
“..وقد ارتأينا الأخذ بهذا الخيار المقدام،حرصا على انبثاق الجهوية الموسعة،من الإرادة الشعبية المباشرة،المعبر عنها باستفتاء دستوري. لقد قررنا،في نطاق الإصلاح المؤسسي الشامل،الذي عملنا على توفير مقوماته،منذ اعتلائنا العرش،أن يقوم التكريس الدستوري للجهوية،على توجهات أساسية،من بينها : + تخويل الجهة المكانة الجديرة بها في الدستور،ضمن الجماعات الترابية،وذلك في نطاق وحدة الدولة والوطن والتراب،ومتطلبات التوازن،والتضامن الوطني مع الجهات..وفيما بينها ;
*التنصيص على انتخاب المجالس الجهوية بالاقتراع العام المباشر،وعلى التدبير الديمقراطي لشؤونها.
* تخويل رؤساء المجالس الجهوية سلطة تنفيذ مقرراتها،بدل العمال والولاة ;
* تعزيز مشاركة المرأة في تدبير الشأن الجهوي خاصة،وفي الحقوق السياسية عامة ; وذلك بالتنصيص القانوني على تيسير ولوجها للمهام الانتخابية ;
*إعادة النظر في تركيبة وصلاحيات مجلس المستشارين،في اتجاه تكريس تمثيليته الترابية للجهات. وفي نطاق عقلنة عمل المؤسسات،فإن تمثيلية الهيئات النقابية والمهنية،تظل مكفولة بعدة مؤسسات،وعلى رأسها المجلس الاقتصادي والاجتماعي. ويظل هدفنا الأسمى إرساء دعائم جهوية مغربية،بكافة مناطق المملكة،وفي صدارتها أقاليم الصحراء المغربية. جهوية قائمة على حكامة جيدة،تكفل توزيعا منصفا وجديدا،ليس فقط للاختصاصات،وإنما أيضا للإمكانات بين المركز والجهات. ذلك أننا لا نريد جهوية بسرعتين: جهات محظوظة،تتوفر على الموارد الكافية لتقدمها،وجهات محتاجة،تفتقر لشروط التنمية…”
مصطفى المتوكل / تارودانت
12 يناير 2014
قال الرسول الكريم « من قتل مؤمناً فاغتبط بقتله لم يقبل الله منه صرفاً ولا عدلاً ».
…اذا كانت فرنسا قد عاشت حالة من الرعب والخوف والتوجس والحزن على من قتلوا في ذلك الهجوم الدموي الذي ارهب المواطنين والمواطنات الامنين …ومعها اهتمام ومؤازرة كل المتتبعين والمهتمين عبر العالم…
وبما ان العديد من زعامات الامم والاطياف المختلفة من العالم بما فيها العربي والاسلامي سواء التي حضرت وعبرت عن تضامنها ومواساتها بقصر الاليزي فقط او من اضافت لذلك المشاركة في المسيرة اوالتي لم تحضر اطلاقا واكتفت بالاستنكار والتضامن عن بعد او بتنظيم تظاهرات ووقفات رمزية ..
وبما ان ما وقع هو قيام ثلاثة افراد فرنسيين – بغض النظر عمن كان وراء عملهم من قريب او بعيد- …اخبرنا بانهم من المسلمين الذين زودوا بما ارادوا من الاسلحة والمعدات الحربية التي قرروا استعمالها في هجومهم على نقط معينة منها موقع صحيفة تخصصت في السب والاساءة الى كل الديانات السماوية والى الانبياء والى المؤمنين جميعا مع مبالغتها الواضحة في الاساءة الى الاسلام والامة الاسلامية وخاتم النبيئين عليه الصلاة والسلام …ولا حاجة لنا هنا للاشارة الى مجالات اساءاتهم المختلفة التي يتطاولون بها بكل الطرق الكاريكاتوية المستفزة والمعتدية على الغير بعيدا عن اخلاقيات الحق في الاختلاف واحترام المعتقد وعن كل اشكال اللياقة الادبية والحضارية الراقية مع امعانهم في التجريح واذكاء الكراهية والحقد والتعصب …
فهما كانت التعابير الكاريكاتورية مغرقة في الجهالة والعنصرية والديكتاتورية مثلها مثل الخطب العنصرية والفاشية التي تصدر عن زعماء الصهيونية ومناصريهم في العالم ومثل الكتابات ايا كان صنفها ومقترفها …فاننا كمؤمنين بالديانات السماوية وعلى راسها الاسلام لايمكن ان نقبل من اي كان …تحت اي مبرر او اي مسمى ان يلجا الى الترهيب والارهاب الفكري والسياسي والجنائي بهدف القتل والتفجير والذبح والسبي والتجويع والاساءات المختلفة ..و يتخذه وسيلة ومنهجية في التعبير او تبليغ واسماع الراي ان قبلنا بتسميته رايا تجاوزا …
..لن نقبل من اي مذهب او طائفة اوجماعة تدعي الانتماء للاسلام ان تقوم بتدبيح وقتل وترهيب المسلمين في مصر وسوريا والعراق ولبنان وسوريا وليبيا ومالي و…فيما يقع بالعديد من المناطق العربية / الاسلامية باعتبار ان ذلك يشكل وصمة عار واساءة ما بعدها اساءة للبشرية كافة وللرسالات السماوية جمعاء حيث يصعب التمييز بين من يقتل ويحرق المسلمين في ميانمار ومن يقتلهم في مصر او العراق او…
….وانطلاقا مما قيل ويقال وما عبر عنه كل المستنكرين الذين تظاهروا بعاصمة فرنسا .. نسائل كل دول اوروبا والغرب والتي تدعي الدفاع عن الحريات وحقوق الانسان …لماذا لم يبادر اي طرف اوروبي او عربي او مؤمن بالدعوة الى تنظيم تظاهرة عالمية لمناهضة الارهاب الذي تعرض ويتعرض له الشعب الفلسطيني منذ الاحتلال الصهيوني للارض الفلسطينية والى الان والذي تسبب في تشريد مئات الالاف وتحويلهم الى لاجئين مشتتين في الكثير من دول الشرق الاوسط والعالم ؟…
ولماذا يسكت العالم المتمدن ولم تدمع لهم عين ولا تحركت ضمائرهم لوضع حد لعمليات القتل والتفجير والسبي والاساءات الحاطة بالكرامة الانسانية في العديد من بقاع العالم الاسلامي والعربي …باستعمال جماعات لاسلحة متعددة خفيفة وثقيلة ونوعية متطورة غربية وشرقية و؟ ..جماعات منظمة كقوات عسكرية فائقة التدريب والتجهيز والتمويل تتحرك علنية حيث ترى بالعين المجردة والاقمار الصناعية وكل وسائل الرصد التي بامكانها المراقبة بالليل كما بالنهار …تتحرك بالالاف من الجنود الذين يسرت لهم امور التجمع في العراق كما في الشام وسمح بمرور الالاف منهم عبر حدود دول متعددة منها الغربية والشرقية والاسلامية ..بل تتسرب بين الفينة والاخرى اخبار تفيد ان مخابرات مختلفة تترصد تحركاتهم وتعلم بالعديد منها وبطرق ومصادر التمويل و التسليح توجه ضد بلدان بهدف نشر الترهيب وترسيمه كاسلوب من اجل تدبير واعداد خرائط وسياسات المستقبل المنظور الله اعلم بمن وراءها وبخطورة مساعيهم التي لن تكون عواقبها ونتائجها الا اكثر كارثية وفضاعة مما يقع …
…ان الجميع يقول بانه ضد الارهاب ..لكن العديد من ذلك الجمع لايقصد الا يسيئ الى الامة الاسلامية بالعالم …
اننا نحن المؤمنين نعلم بان الرسالات السماوية كلها جاءت من اجل السلم والسلام والسمو بالاخلاق والمبادرات البشرية نحو ما فيه خيرها في الدارين …ندين الارهاب والتطرف الذي يلجا اليه كل المتشددين والمتعصبين ايا كان دينهم او مذهبهم اوسياستهم ونخص بالذكر .. ارهاب الصهاينة ومن يواليهم ويحميهم والممارس ضد كل الشعب الفلسطيني …
..فمن سيبادر للدعوة لتنظيم تظاهرة عالمية يحضرها الحكام و الحقوقيين بالعالم والقوى الحية للاجتماع على كلمة واحدة تنبني على العدل في اتخاذ القرارات وتنزيلها على الافراد او الجماعات او الدول تحرم بشكل قطعي الارهاب وكل اسبابه بما فيه الاساءات بالرسم والكلام لمعتقدات ومقدسات المسلمين وغير المسلمين..
ان من حقنا ان ننتقد وان نعبر عن راينا المخالف لغيرنا …لكن ليس من حقنا ان نستفز او نهين او نستهتر بمعتقدات الاخرين قال تعالى في سورة الانعام ((وَلاَ تَسُبُّواْ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ فَيَسُبُّواْ اللّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عملَهُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِم مَّرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ))
بقلم مصطفى المتوكل / تارودانت
7 يناير 2015
قال تعالى ( واذ قال عيسى ابن مريم يابني اسرائيل اني رسول الله اليكم مصدقا لما بين يدي من التوراة ومبشرا برسول ياتي من بعدي اسمه احمد فلما جاءهم بالبينات قالوا هذا سحر مبين ) الصف ….
…إن الديانات السماوية ومنها المسيحية والاسلام مصدرها واحد هو الخالق جل في علاه ارادها جميعها لتبليغ رسالاته المقدسة للبشرية وخص سيدنا محمد بمسؤولية التبليغ للناس كافة فمن شاء منهم امن ومن شاء فله ما اختار …ومن هنا قيل بان الدين عند الله هو الاسلام وهذا يعني ان الله لايصدر عنه دين ونقيضه فالاسلام اسم لكل الرسالات السماوية جاء لاخراج الناس من الظلمات الى النور وان لا يشركوا بالله وان يامروا بالمعروف وينهوا عن المنكر …جاء لينظم علاقات الانسان مع الله ومع نفسه ومع الناس كافة ومع كل المخلوقات ومع محيطه …لهذا فما شرعه الله لخاتم النبيئين هو جوهر ما شرعه لكل الديانات … قال تعالى “شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ “.
ان رسالات الله للناس جاءت لانجاح عملية اعمار الارض وتنميتها وتطويرها في توازن تام بين المخلوقات التي سخرها الله للبشرية من اجل راحتهم ورخائهم ..والزم كل من يمتلك القدرة والاستطاعة على العطاء ان لايدخر وسعا في التعاون والاحسان والتكامل مع الغير بغض النظر عن الدين او السن او الجنس بل حسن التعامل مع مكونات الطبيعة والكون والعالم …ولذلك عمل الانبياء والرسل والصالحون من اجل تعميم انسنة السلوك البشري وابعاده عن كل مظاهر التخلف والهمجية والتسلط والحيف بجميع انواعه ..وعمل من اجل نفس الغاية العديد من المفكرين الذين اعتنقوا احدى الديانات او لم يتعرفوا على اي منها اطلاقا للوصول الى ما يظنوه النموذج الامثل لتنظيم المجتمعات والعلاقات العامة والخاصة ولتطوير الفهم وملاءمته مع متطلبات كل مرحلة وكل نازلة …
ان كل الرسالات مترابطة ومتكاملة والاسلام مكون هام واساسي منها …قال سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم : ((إن مثلي، ومثل الأنبياء من قبلي، كمثل رجل بنى بنياناً فأحسنه وأجمله إلا موضع لبنةٍ من زاوية من زواياه، فجعل الناس يطوفون به، ويعجبون له، ويقولون: هلاّ وُضعت هذه اللبنة ؟ قال: فأنا اللبنة وأنا خاتم النبيين))( أخرجه البخاري).
تذكيرنا هنا بهذه المسلمات عند الحديث عن مولد النبيين عيسى ومحمد عليهما الصلاة والسلام اردناها ان تكون في سياق مساءلتنا لذواتنا و لواقعنا اليوم في مشارق الارض ومغاربها التي يوجد بها الاسلام والمسلمون كاغلبية او كاقليات ..كيف نتعامل ؟ وكيف نقدم انفسنا لانفسنا وللعالم ؟هل نقدم صورة حضارية تعرف بالدين الذي انزله الله على كل الانبياء والذي هو الاسلام والذي كله هدى ورحمة ويسر ..؟هل الاخلاق التي قدم فيها الانبياء الدروس الرائعة والمتنوعة كاحسن نماذج يجب ان تحتدى في التسامح والكد والتواضع والتضحية والسلام والمعرفة والتدبير الامثل ..اثرت فينا بالشكل المطلوب سلوكا وعملا وفكرا وقلبا ؟ ام اننا مازلنا نعمق الهوة بين القول والعمل ؟..وهذا واقع ومنحى لايحبه الله ولا يرتضيه الرسل للبشرية ؟
ان احسن صيغة للاحتفال بذكرى مولد الانبياء تكون بتدبر اعمالهم ومواقفهم وتضحياتهم والرسالات التي كلفوا بتبليغها ..وبالبحث والاجتهاد لتيسير سبل فهمها واستيعاب مضامينها..وبالسعي من اجل تقوية وتثمين التقارب بين الجماعات والشعوب والامم بدل اذكاء واشعال نيران الفتن والكراهية والاقتتال مرة باسم “الدين” ومرة باسم ” المبادئ” ومرة باسم “الانسانية “…
ان التجاء البعض من هنا وهناك لنصب محاكم التفتيش والتطاول على ما خص به الله الناس وترك لهم حرية الاختيار والايمان والاتباع ..فيه اساءة للدين وعدم امتثال لاوامر الله وتوجيهاته المجسدة في الايات المنزلة على الانبياء والرسل ..فلا حق لاي كان ان يناقض قوله تعالى ..”من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر “…ولا …”انك لاتهدي من احببت ولكن الله يهدي من يشاء وهو اعلم بالمهتدين ” …و “لا اكراه في الدين “… والامر يشمل كذلك كل مجالات الفعل البشري التي لايجب ان يعتقد البعض انهم وحدهم من يمتلك الحقائق المطلقة وان غيرهم على ضلال.. او انه لولاهم لانهار ت الدولة والامة والمجتمع والهيئات…
ان الاسلام جاء لينبه الى حقائق متعددة يغفل عنها او يتجاهلها الكثيرون عندما يتحدثون عن غيرهم قال تعالى (ليسوا سواء، من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون . يؤمنون بالله واليوم الآخر، ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، ويسارعون في الخيرات، وأولئك من الصالحين ) آل عمران
فقال: (ولتجدنَّ أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنّا نصارى، ذلك بأن منهم قسيسين ورهباناً وأنهم لا يستكبرون . وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق، يقولون ربنا آمنا فاكتبنا مع الشاهدين) المائدة
فاللهم صل وسلم وبارك على جميع الانبياء والمرسلين واجعلنا ممن يهتدون بهديهم واجعل سماحة رسالاتهم ونبلها ينفذ الى القلب والعقل ويمتد اثرها في المجتمعات البشرية حتى تعم المحبة والاخاء والخير والعدل ولله الامر من قبل ومن بعد …
مصطفى المتوكل / تارودانت
بالمختصر المفيد اخوتي واحبتي…
لابد في البداية من تفصيل اولي للملاحظة …
هل يعقل بالكتابات والتعليقات الصحفية ان يزج الناس في ظلمات تغيب المعرفة بحقائق الامور ويغرقون في ظلمات سياسات التجهيل والتضليل والميوعة.. بسعي حثيث نحو القيام بكل ما من شانه ان ” يثري ” افساد الاذواق والوعي و البصائر ؟؟؟
وهل نحن مدركون حقا لمضامين ومرامي ما يكتب ام لا ؟ فان كان جوابنا نعم ..فنتمنى ان تكون ” نعمنا “مشبعة بالنضج والرزانة ظاهرا وباطنا وايمانا ومدركة لمالات ومخاطر كل ذلك على الواقع السياسي الراهن وعلى مستقبل اوضاع الشان العام التي سيهجرها الغالبية ليترك المجال للذين يخططون لكل مرحلة مرحلة ويتربصون ليكون الحصاد ونوعه محددا وشبه معلوم ؟؟؟ … وان كان الجواب لا فالمصيبة قد تصبح اعظم ..اي اننا نسير في اتجاه غير معلوم لاهداف ليست في صالحنا لتحقيق ما يتعارض مع مطامحنا كشعب ومجتمع مدني ؟
وهل نحن مرتاحين ام متذمرين عندما نقرا كل انواع السب والقذف والتحقير والتنابز ونشعر بفرح بسبب كل الرداءات التي تلتقطها اعيننا بعدة” صحف ومواقع ” .. يعلم الذين يقفون وراءها والمعلقون والمعممون لمضامينها انها لم تؤسس على تقوى ولا على حقائق بل نسجتها اطراف “مجهولة /معلومة ” لغايات لايعلمها الا هم والراسخون في السياسة …؟؟؟
وهل تتاملون جيدا الاسماء المكشوفة او الوهمية المعروف اصحابها… التي تتمادى في تعميم كل ما لا يليق ولا يصح “بكتابات ” لاتتناغم معانيها مع الاخلاق في ادنى قواعدها ..حيث يعاكس مضمون النص المكتوب كل الحقائق الراسخة في الوعي والتاريخ او يناقض التصريح نفسه بنفسه …؟؟؟
هل هكذا تقدم نمادج البدائل التي يسعى لها المتسابون والمتباغضون الذين يقطر كلامهم وكتاباتهم تهورا ولا مسؤولية …ليختار منهم الشعب المتتبع كان منتميا او غير منتمي من سيقوده نحو “التغيير” المنشود والغد الموعود ؟ الذي لاشك انطلاقا من الكلام والخطب المعبر بها عنه بكل حمولاتها المغرضة لن يكون الا تغييرا نحو الاسوا…
ان الكلام الرسمي للحكومة والذي يتتبعه الناس عبر القنوات الرسمية للاعلام المعلن عنه في تصريحات البعض من الوزراء و البعض من البرلمانيين والمطعم بالفاظ قدحية وسوقية تطال كل ما هو محترم وجميل بمجتمعنا وكل ما هو نضالي ووطني .. والمصرح به من طرف بعض القوى السياسية منها التي تحكم .. عبر التسريبات المتعمدة لفيديوهات خاصة بلقاءات داخلية لاجهزتها او مع بعض اعضائها .. يــهدف لتضليل العقول و تضييع المصداقية ..وتنفير الشعب من الاهتمام بالشان العام والعمل السياسي حيث تتعارض الاقوال مع المبادئ المعلنة وتتضارب الافعال مع الخطب السياسوية …
…هل هذا “الطوفان” الاعلامي بجميع انواعه وجهاته الذي يصبح عليه القراء ويمسون لاهم لمفتعليه الا التهجم والسب والتامر الموجه ضد الاتحاد الاشتراكي ؟ولمصلحة من تقدم هذه الخدمة اللئيمة؟؟
ان المتتبعين لما تحبل به العديد من المساحات في الاعلام والفضاءات المشتركة يبرز عمق ازمة الخطاب وتردي وانحطاط مستوياته وتعذر التواصل الايجابي المفيد والمنتج …وهذا اصبح يتساوى فيه في العديد من الحلات البعض من الاميين الجاهلين فكرا وسلوكا مع بعض السياسيين مع بعض الاعلاميين مع بعض المسؤولين العموميين مع بعض المحسوبين على الحقل الديني …فهل بهذه الطريقة نخلق اجيالا رائعة متنورة قادرة على قيادة وحمل مشعل التغيير والتطور ونبني مجتمعا وامة وجضارة تنافس الحضارات الرائدة …؟؟؟ كلنا لايعتقد ذلك …والجواب عبر عنه الاخ القائد سي محمد كسوس عندما قال – واثار قوله الصائب حفيظة المحافظين وكل من يفكر عكس مسارات الحقيقة الصافية – ” …انهم يريدو خلق جيل من الضباع ..” ولعله يقصد انهم يريدون خلق جيل من الضباع في عالم التعليم والفكر ولم لا في السياسة …والله اعلم
مصطفى المتوكل / تارودانت
الثلاثاء 30دجنبر 2014
...بالفعل هناك قوى “خارجية ” متعددة تتربص بالاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية متعددة منابرها مختلف منطقها متباينة مرجعياتها تحقيرية خطاباتها ..الا ان هدفا واحد يجمعها هو اضعاف الاتحاد الاشتراكي وتعطيل ديناميته ثم احتواؤه …
ونذكر الذين لاينتمون لسنوات الجمر والرصاص.. او الذين كان همهم من الحزب ان يتبوؤوا ادارته بكل الوسائل للوصول الى مراكز القرار الاخرى لعل وعسى ان يكونوا رجال او نساء دولة …كما نذكر هوات الترحال الحزبي والمصلحي والفكري ان التاريخ السياسي بالمغرب منذ الاستقلال الى اليوم عبر كل المحطات لايمكن ان يتم القفز فيه على الاتحاد بشكل مطلق …ونذكر الذين كانوا يخشون كل شيئ ولا يتجراون على قل او فعل اي شيئ الا بتشجيع ممن يحركهم ضد الاتحاد.. ان الذاكرة الفارغة او المثقوبة لن تكون ذاكرة تاريخ الشعوب بل ذاكرتهم الفردية التي يتوهمون انهم بترهاتهم وقلبهم للحقائق ونسجهم لاحداث من نسج الخيالات سواء ضد البصري واليوسفي وبنيركة او ضد عمر والفرقاني ومنصور وعبد العزيز الماسي… او ضد بوعبيد وووو..سيغيرون التاريخ وحقائقه ناسين ومتناسين ان الحق لايحجبه غبار ولاظلام ولاصمم ..
ولنذكر بسرعة ببعض العناوين وللجميع ان يحللها من زاويته الخاصة بشرط توفر الموضوعية في الاستنتاجات …
* لماذا انطلقت اعتقالات ومحاكمات الاتحاديين مباشرة بعد تاسيسهم للحزب نهاية الخمسينات ؟
* لماذا غادر ” البعض ” انذاك الاتحاد واصبح جزءا اساسيا في الدولة التي كانت في مواجهة قوية احيانا ومستترة احيانا اخرى معه ؟
* لماذا كان البعض من ” المنتمين” للاتحاد في الستينات والمعروفين بمواقفهم ومواجهاتهم للدولة ..ثم بعد سنوات في نفس العقد تحولوا الى متواجهين مع حزبهم ؟
* ثم كيف تحول بعض “قادة” الاتحاد الى قيادة ” احزاب “تاسست وتخصصت في مواجهة الاتحاد طوال عقود ؟
* ثم كيف تحول “بعض الرجال البارزين” بالحزب في الستينات الى الية لتاسيس احزاب تمكنت من الفوز “بالاغلبية” البرلمانية في احدى محطات المسلسل الانتخابي ببلادنا ؟
* ثم من هو الحزب الذي اسس النواة الصلبة للمجتمع المدني بالمغرب ..بدءا بالحركة النقابية و مرورا بتاسيس المنظمات الحقوقية ..ثم هيكلة نضالات الحركة الطلابية ببناء وقيادة الاتحاد الوطني لطلبة المغرب ..ثم تاسيس البديل النقابي الاول و الثاني…
*…وهو الحزب الذي انشقت عنه مجموعات شكلت حزب الطليعة والمؤتمر الوطني الاتحادي والحزب العمالي والحزب الاشراكي و ..
…فمنذ تاسس الاتحاد وخصومه يتامرون عليه بكل طرق الترهيب والقمع والالهاء والمساومات لثنيهم عن المضي في الخط الذي سطروه والمحدد في بناء دولة المؤسسات واجراء انتخابات حرة ونزيهة والنهوض باوضاع الشعب المغربي واقرار الحريات العامة ومحاربة السياسات الاستغلالية التي تعتبر البورجوازيات الجشعة والطفيلية والريعية امتدادا لها بتكريس للفوارق الطبقية والفكر المنظر للدونية وتعمد تبخيس كل الاعمال المشبعة بالحس الوطني السامي …
ونذكر انفسنا وغيرنا بان “البعض” من ” الزعماء” الذين التحقوا بالحزب منذ بداياته غادروه مباشرة اوائل الستينات والعقود الموالية لها لايترددون في القيام بكل الطرق الممكنة لافشال مبادرات الاتحاد والاساءة له …بل منهم من قام بادوار مخابراتية اوقعت بالعديد من المناضلين والمناضلات الذين قدموا تضحيات جسام من عمرهم بالسجون والمنافي ومنهم من استشهد و منهم من فقد موارد عيشه …
بطبيعة الحال نحن نتحدث عن الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية…ولنا الحق ان نتساءل لماذا هذا الحزب مستهدف من جهات متعددة بالداخل والخارج بتوظيف للعديد من الوسائل والممارسات والسياسات بما في ذلك زرع بذور التشكيك والطعن المجاني واعتماد الترهيب السياسي والفكري والاعلامي والايقاع بين المناضلين والمناضلات …وقيام اطراف متعددة بحشر نفسها في قضاياه وشؤونه الداخلية وراء مسميات مختلفة يـوحدها ما يطلق عليه في القانون والعرف تجاوزا محاولات القتل العمد والمشاركة فيه بنية تنفيذه مع سبق الاصرار والترصد …؟؟
ان من اجتمع في قلبه الارتباط بهذا الحزب والوفاء لمبادئه لايمكن اطلاقا ان يكون طرفا مباشرا او غير مباشر في الاساءة اليه …لهذا يمكن لنا القول بان هناك بالفعل جهات متعددة حاولت وتحاول – وتنجح نسبيا – في العديد من المحاولات منذ تاسيس الاتحاد الاساءة والقضاء على اشعاعه ونضالاته …
…وفي هذا الاطار لابد ان نوضح ان الاتحاديين عندما يختلفون فيما بينهم وتتعارض اراؤهم داخل حزبهم فلا يعني ذلك بالمطلق انهم محركون من الخارج …كما لايعني فوز بعضهم على بعض في استحقاقات داخلية بمؤتمراتهم ان الفائز منهم ظالم وغير الفائز مظلوم او تم التامر عليه …ان تطور طرق انتخاب قيادة هذا الحزب — من لجنة الترشيحات التي امتدت لعقود الى الانتخابات برفع الايدي الى التصويت السري في دورة ثم دورتين كان بهدف تكريس مبدا الديموقراطية والمنافسة بين البرامج باشخاص مختلفين في منهجيات عملهم بشرط ان يكونوا مؤمنين بحزبهم ولايبغون عنه بديلا — ..مسالة في غاية الاهمية للوصول الى ما اراده جيل الرواد التاريخيين والاوفياء لخطهم ونواياهم من اجل استكمال المنهجية الديموقراطية وتعميمها داخليا قبل الدعوة لها بالمجتمع والدولة تتطلب من الجميع ان يضع خطا احمر مشتركا لايجوز لاي كان تجاوزه او تخطيه الا وهو الوحدة الحزبية والنضالية والمذهبية ..اما الاختلاف في الجزئيات والمنهجيات فلا يفسد الامور لا الصغيرة ولا الكبيرة ..وما اتفاق الاسرة الاتحادية على مقرراتها وقوانينها الملزمة للجميع ومنها عقد المؤتمرات على راس كل اربع سنوات الا فرصة كما هو معمول به عالميا من اجل تطوير البناء والتغيير نحو الافضل بما في ذلك تغيير القيادة جزءا او كلا …ان عدم القبول بهذا المبدا لايخدم الديموقراطية وسلطة المراقبة والمحاسبة الداخليين ..وقد ينتج عن كلاهما سلبيات تتباين درجة خطورتهما …الاولى الخوف من افشال عمل ومبادرات الحزب وتعطيل دوره في المجتمع .. و الثانية الخوف من الهيمنة المطلقة لقيادة الحزب على شؤونه …ففي الاولى يتم اللجوء الى الاجراءات المنصوص عليها في الادبيات التنظيمية بدفع حماية الحزب …وفي الثانية قد يعمد الالتجاء اما الى مقاطعة اوعدم المساهمة في انشطة الحزب او الى البحث عن بدائل يحقق بها ما يفكر فيه ولو كانت الالتجاء او احداث هيات اخرى ..
ان اعتماد الحزب على مبدا النقد والنقد الذاتي لتقدير حجم المخالفة او الاشكال ومراجعة النفس لفائدة المصلحة العامة للهياة ولكل المنتمين لها والمتعاطفين معها والحمولة التاريخية والنضالية الموروثة والتي ساهم كل واحد في اغنائها وفق قدراته وامكاناته ..مسالة تربى عليها الجميع من اجل تنزيلها في الظروف الحرجة ويجب اللجوء اليها باستمرار … — ولو احست النفس بغبن او ظلم بقرار او اجراء طالها –…واقيس ليس تطابقا ولكن نسبيا المسالة باساءات الدولة وظلمها للعديد من الاتحاديين والاتحاديات في سنوات الجمر والرصاص لم تدفعهم للتخلي عن وطنهم قلبا وقالبا بل جعلهم كل ذلك اكثر ارتباطا ببلدهم واكثر استعدادا للتضحية من اجل شعبهم … فكان المؤتمر الاستثنائي تطورا مهما جعل الحزب يغير سياسته وفلسفته واستراتيجيته من اجل البناء والنضال الديموقراطي بالدولة والمجتمع والحزب …
والاهم عندنا هنا هو الدفاع عن الوحدة وحماية المؤسسة الام اي الحزب والعمل منذ الان من اجل وضع اليات عمل تنظم كل القضايا المختلف فيها في اطار التوافق تعرض على المؤتمر المقبل وتكون خارطة طريق للمراحل المقبلة …ان استمرار اللجوء الى مغادرة البيت الكبير للجوء الى هيئات اخرى عند كل اختلاف او تعصب مبالغ فيه لراي ما لاشك لن يؤدي الا المزيد من بلقنة المشهد السياسي والنقابي و..
نشرة المحرر
30 دجنبر 2014.
مصطفى المتوكل / تارودانت
الاربعاء 24 دجنبر 2014
قال الحسن بن علي – رضى الله عنهما-: «البلاغة ايضاح الملتبسات، وكشف عوار الجهالات، بأسهل ما يكون من العبارات»
ان موضوع الوضوح والغموض او الشفافية والضبابية في امور الدين والدنيا ظاهرة قديمة جديدة،تنبني وتقوم على خلفيات و مرجعيات متنوعة منها النفسية والعقلية و الفكرية والمجتمعية في علاقة بالزمان والمكان…
وان المتامل في بعض المواقف التي كانت او التي هي كائنة .. سيجد انها غامضة بطبعها في اصولها ومنطقها او تتعمد الغموض …فتظهر وكانها تفقد القدرة على التبليغ بالبساطة والدقة ..او تجهل بالموضوعات والقضايا التي تتناول .. او تكون رؤيها للاشياء غير سليمة ..او تتبنى الغموض الذي يرتدي غطاء الشعارات والكلام الطيب حتى يخفي نقيض ما يظهر…
كما ان منهجية الوضوح المباشر و المبلغ بلفظ صارم بعيد عن المجاملات والمرونة .. قد يكون صادما ليس لانه مجانب للصواب ..بل لان المستهدفين به يرونه تطاولا او استخفافا او تشفيا وهذا الظن لايكون في غالب الاحيان صحيحا ..وان امتد زمنه فسيصبح خللا مستداما يعوق حسن الاصغاء والسمع والفهم المتبادل …
..فالوضوح الايجابي يكمن احيانا في عمق الغموض مما يتطلب اللجوء الى التدرج لاظهار وتنزيل وبناء الحقائق دون اصطدام وتصادم مع الرفض والامتناع المبني على انهدام وضعف في التواصل او الجهل او التعصب للراي ..
فكما ان الغموض قد يكون مركبا ومتعديا الى اكثر من سبب ومعامل …فكذلك الشان بالنسبة للوضوح …فالغموض المضلل يحجب الحقائق ..وينسج الاكاذيب ..ويعتمد الاساءات التي تطال كل شيئ حتى المقدس والخاص ..كما يقلب المعطيات لاهداف وغايات معينة …
ان الدفاع عن الوضوح لايعني الجمود او التعصب للراي ..بل هو المدخل للتجديد والتطور دون الغاء او قفز على ماهو مشترك …
ولنختزل الماضي والحاضر في سياق حديثنا عن الوضوح والغموض في الاسئلة التالية ..
..ما الذي يريده اليمينيون المتعددون بالضبط ؟ وما الذي يريده اليساريون المتنوعون ايضا ؟ وما الذي يريده الاسلامويون المتختلفون كذلك ؟؟ وكيف تفسر المواقف والتحالفات المتناقضة بين المحلي والوطني .. حيث اعداء هذا في بلد ما .. هم اصدقاء اصدقائه وحلفاؤهم في بلد مجاور ؟..واي اليمينيين على صواب وايهم على خطا انطلاقا من اقوالهم وسياساتهم المتقاربة ..وايهم الواضح وايهم الغامض ؟؟…ولنعمم الامر على اليساريين وغيرهم …
….ان القاعدة المعتمدة في التعامل هي عدم الثقة كمدخل لخلق تحالفات مصلحية انية ..وفي مثل هذا جاء في وصية للامام علي كرم الله وجهه ..لايغلبن عليك سوء الظن فانه لن يدع بينك وبين خليلك ملجا …ومن الاقوال في هذا لباب سوء الظن من الحزم
..فاذا كان بالامس بعض” اصحاب اليمين” يدعون الى مركزة الحكم ومؤسساته في يد النخبة الحاكمة والفئة التي تتكامل مصالحها معها ضد الديموقراطية …فكذلك بعض” اصحاب اليسار” هم كذلك ضد الديموقراطية تحت مسمى ديكتاتورية البروليتاريا او ماشابه بسعيهم لاقامة حكم متسلط يمثلهم ويقصي كل الاخرين …سنجد كذلك البعض ممن يرى ويدعو بقوة لرفض ونبذ الديموقراطية لانها كفر اومضادة للشريعة… فكل هؤلاء اليوم في هذا البلد وغيره من البلدان الاسلامية هم “دعاة” للديموقراطية ….فهل هم واضحون بالامس غامضون اليوم ام العكس ؟واي ارائهم ارجح واقوم ؟ان الديموقراطية كما وضعها وشرحها بناتها والمؤمنون بها حقا لامجال فيها للامزجة والاهواء ولا تجتزا …..
ان الغموض والوضوح قد يكونا …..مدخلا للتضليل السياسي او الديني او المعرفي ان وظفا بشكل مقلوب او مغلوط ..وقد يتسببان في اساءات واحيانا كوارث تمتد اثارها الى ميادين ومجالات متعددة والى اجيال متتالية …وسيخلقون اجواء من التشكيك وفقدان الثقة والياس والاحباط وما ينجم عن ذلك من تخلف وتدهور ..واذكاء روح التعصب والكراهية والصراعات التي لاتنتهي والتي ينجم عنها الشر والعزوف عن العمل السياسي و الشان العام ..لان ما يسمى النخب تفننت في الاساءة الى نفسها لدرجة تقدم للناس صورا غير تربوية في المجال السياسي لاتبشر بخير …
ان مما لايمكن الجزم به ان كل المتفقين على ضلال …كما لايمكن ان يكون كل المتفقين على هدى ..والامثلة من التاريخ القديم والمعاصر متعددة ولن يتسع المجال لذكر نماذج منها منذ عهد سيدنا ابراهيم الى يومنا هذا …
…ان كل امور الناس تدبر وتدار وتوجه بالسياسات وان الخطاب السياسي المعبر عن مكونات الدولة والمجتمع ينبني اجمالا على ثنائيات متعارضة .. الصواب والخطا / الحق والباطل/ العدل والجور/ الشرعية ونقيضها..الخ
فالخطاب السياسي داخل الهيئات يتكامل ويتنافس او يتعارض لدرجة القطيعة بين من يسير وبين من يطمح ويسعى للتسيير …فان وصل الى مبتغاه بالديموقراطية فهي من النعم في الدنيا …وان لم يتحقق المراد بها تختلف المواقف بين من يحترم نتائج ارادة الاغلبية ويعمل ويسعى لتغيير موازين القوى لصالحة في المحطات المتوافق على الالتجاء اليها لانتخابات جمعوية او حزبية او نقابية او جماعية او تشريعية او مهنية …الخ ومنهم من يرفض النتائج ويعترض على الديموقراطية التي لم تفرزه … وقد يرفض من انتخب ليسير ويعمد الى عرقلة عمله ويسعي لافشاله ليحل محله خارج الضوابط المنطقية والقانونية والاخلاقية التي ينادي بها …فالقبول بهذا المنهج معناه ان لا احد سيقبل بالاخر…مما سيعطل كل ما يبنى بالديموقراطية …ولنا امثلة كثيرة بين الماضي والحاضر في هذا الباب عندما تتحول المنافسة الشريفة من اجل تطوير ادارة امور الدولة او الهيئات الى صراعات وتطاحنات يتضرر منها المجتمع كله وتضيع مصالحه وسط ضجيج الخطابات والشعارات التي تدعي تخليق السياسة لتتردى بها الى مستويات هزيلة وبئيسة تعتمد على التجريح والسب والهمز واللمز وتعميم الى الاساءات لتشمل الجميع …
فاذا كان البعض من النخب قد تعذر عليهم الفهم والتمييز بين ما هو واضح بالضورورة وما هو غامض بطبعه و الفصل بين الحقيقة ونقيضها فكيف بالمتتبعين والمواطنين العاديين الذين سيمتد ظلام الغموض ليحجب عنهم شموس الوضوح ؟؟؟
ان الغموض الذي يتعمد صاحبه اخفاء المقصد الشرعي من النصوص الدينية في تبليغ الدين وشرح نصوصه.. يخلق التعصب والتطرف والتشدد ..وان الوضوح الذي يعتمد الاعتدال والحكمة في التواصل والشرح والتبليغ يحقق المبتغى في ترجيح لما فيه المصلحة التي تحقق الاطمئنان الانساني و الطمانينة الروحية او تجمع بينهما بعيدا عن الغل والكراهية والحقد والتاليب والتبخيس..
إن أوقاتنا الخاصة والعامة أثمن من أن نبذرها ونضيعها في تصيد وتصنع الأخطاء ليس بهدف التقويم والتصحيح بل بهدف التشكيك والتعطيل ..واختياراتنا امانة قررنا ان نتحملها جميعا من اجل تنفيذها و ايصالها على الوجه الممكن والافضل …ان اخطر ما يضيع علينا حاضرنا ومستقبلنا ويسيئ الى تاريخنا هو تجاوز الحدود التي سطرها الشرع والعقل واتفق عليها في المجالس وتم التعاقد على احترامها واعمال مقتضياتها لتحقيق الاهداف المشتركة ذلك انه لامصالح تتحققق اطلاقا بدون تعاقد يحترم ويراعى …
يقول تعالى ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾سورة المائدة
مصطفى المتوكل / تارودانت
الاربعاء 17 دجنبر 2014
من المسلم به والمفترض ان يكون اهل الحل والعقد من نخب سياسية ودينية وفكرية وعلمية … مدركين لادوارهم ملمين بواجباتهم عارفين بحدودهم. مستوعبين لخطواتهم ومبادراتهم… يتحكمون في الميزان الذي اكتسبوه في حياتهم الخاصة والعامة والذي ييسر لهم ليس فقط معرفة المصلحة من المفسدة بل يمكنهم من تنزيل وتطبيق ما يعتقدون انهم يعرفونه ويدعون اليه…من رعاية لمصالح من يمثلون او يتحدثون باسمهم ..وكذا بالتعامل الرصين والناجع مع الاشكالات والقضايا التي تحتاج الى معالجات والتي قد تمتد اثارها الى العموم ايجابا وسلبا مما يحقق مصلحة او مفسدة …
… ولقد قال الغزالي عن المصلحة والمفسدة .. المصلحة ((عبارة في الأصل عن جلب منفعة أو دفع مفسدة…والمحافظة على مقصود الشرع من الخلق خمسة وهي (الدين, والنفس، والنسل، والعقل, والمال)…فكل ما يتضمن حفظ هذه الأصول الخمسة فهو مصلحة، وكل ما يفوت هذه الأصول فهو مفسدة ودفعها مصلحة))
وقال ابن القيم .. (والشريعة مبناها وأساسها يقوم على الحكم ومصالح العباد في المعاش والمعاد, وهي عدل كلها, ورحمة كلها, ومصالح كلها, وحكمة كلها فكل مسألة خرجت عن العدل إلى الجور, وعن الرحمة إلى ضدها, وعن المصلحة إلى المفسدة, وعن الحكمة إلى العبث, فليست من الشريعة وإن دخلت فيها بالتأويل).
وفي علاقة بالموضوع تحدث الاقدمون عن الحسن والقبح .. فقالوا الحسن ما فيه مصلحة، والقبيح ما فيه مفسدة، وغيرهما لا يكون شيئا منهما.
…إن منهجية ما يعرف بفقه / سياسة الموازنة بين المصالح والمفاسد في امور الدين والدنيا من الامور الواجب على الجميع العلم بها في حدودها الدنيا لانها تدل على ترجيح للمنطق و تبرز مدى امتلاك بصيرة مميزة ..لان حدود التقاطع والتداخل بين المصلحة والمفسدة والخير والشر والنية الحسنة والنية السئة قد يتسبب في ارتكاب اخطاء وزلات يمكن ان تكون كارثية وتقدم – اي تلك الاخطاء – على انها عين العقل والصواب والحل الامثل ..
..واقدام الناس على افعال ومواقف او اصدار اقوال تحت غطاء النصح وفعل الخير وخدمة مصالح الخاصة /العامة ابتغاء مرضاة الضمير والله .. قد يكون في ذلك ارتكاب لمفسدة اكبر باعتبار جوهر الفعل او القول ونتائجه القريبة والبعيدة ..فالذي يكفر الناس ويامر بالقتل وينفذه يعتقد ان ما يفعله هو المصلحة العظمى..
.. ان المتعاملين مع شؤون الناس الملموسة والفكرية دينيا ووضعيا يجدون انفسهم في العديد من الحالات ان لم نقل اغلبها امام اشكاليات تتعلق بالترجيح تصل احيانا لدرجات التعارض والتضاد الذي قد تضيع في متاهاته المصلحة الراجحة بعدم امتلاك المعرفة المعقولة والتشبع بالموضوعية و القدرة على التمييز بين الامور و الاراء والمواقف .. وعدم القدرة على اعلان وترجيح الراي الاسلم توفيقا او تقويما او ابطالا بعيدا عن الذاتيه والانانية التي قد تختفي المفسدة العظمى وراءها ..
فمثلا يضيع المتعاطي للشؤون العامة متابعة او تدبيرا او تسييرا بين اشكالات ..
*منها عدم القدرة على معرفة المصلحة التي يجب ان تقدم عندما تتعدد المصالح حول نفس النازلة …وهذا ما يعرفه الفقهاء بالمصلحة الراجحة في مقابل المصلحة المرجوحة ..بما في ذلك احتمال الجمع بينهما ..وهذا شرعا وعقلا لايعني اطلاقا ازالة صفة المصلحة عن الثانية لان في العمل بالاولى تحقيق ضمني لما ذهبت اليه الثانية …ويسمى هذا عين العقل وجوهر الشرع ..
… ونسوق هنا مثالا دفع به العز بن عبد السلام حيث قال : (واعلم أن تقديم الأصلح فالصالح… مركوز في طبائع العباد… فلو خيرت الصبي الصغير بين اللذيذ والألذ لأختار الألذ, ولو خير بين الحسن والأحسن لأختار الأحسن, لا يقدم الصالح على الأصلح إلا جاهل بفضل الأصلح أو شقى متجاهل لا ينظر إلى ما بين المسرتين من تفاوت)
..وقال ابن القيم: (وقاعدة الشرع والقدر تحصيل أعلى المصلحتين وإن فات أدناهما)
*ومنها المعرفة والتجربة المحققة للتمييز بين الأكثر مفسدة و الأقل مفسدة…باختيار المفسدة الاقل ..
…وفي هذا قال ابن القيم (إن النبي صلى الله عليه وسلم شرع لأمته إيجاب إنكار المنكر ليحصل بإنكاره من المعروف ما يحبه الله ورسوله, فإذا كان إنكار المنكر يستلزم ماهو أنكر منه, وأبغض إلى الله ورسوله, لا يسوغ إنكاره, وإن الله يبغضه, ويمقت أهله,…)
*ومنها التعرف على الجهة الراجحة اي التي تقدم عند تزاحم وتداخل المصالح مع المفاسد .. ان كل مصلحة لا تخلو من مفسدة وكل مفسد لا تخلو من مصلحة..في تلازم نسبي في اي فعل من الافعال … فلهذا يلزم ان يكون الحكم لفائدة المصلحة الراجحة…
..ان امتناع النبي صلى الله عليه وسلم عن هدم الكعبة لاعادة بنائها على أساسها الاصلي الذي اقامه إبراهيم عليه السلام..كان بسبب ان المصلحة الحقيقية والافضل والتي هي بناء البيت على اسسه الاصلية ستتسبب في حالة الاقدام عليها حصول مفسدة أكبر لان الناس لن يقبلوا بشكل قوي بالامر مما سؤدي الى فتنة وضرر فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها مفسرا الامر : (يا عائشة لولا قومك حديث عهدهم –قال ابن الزبير بكفر- لنقضت الكعبة, فجعلت لها بابين باب يدخل الناس وباب يخرجون)
..قال الشاطبي: (فالمصالح والمفاسد الراجعة إلى الدنيا إنما تفهم على مقتضى ما غلب, فإذا كان الغالب جهة المصلحة فهي المصلحة المفهومة عرفاً, وإذا غلبت الجهة الأخرى فهي المفسدة المفهومة عرفاً)
فالمصالح والمفاسد اذن تتعارضان سواء كانتا دينيتين او دنيويتين …واحيانا قد تكون احداهما دينية والاحرى دنيوية …
.. اما عندما تتساوى المصالح والمفاسد فاحيانا يقدم دفع المفسدة بدل تحقيق المصلحة ..وقد يتم الجمع بينهما معا دفعا وتحصيلا …ومن الامثلة المعاصرة ما نراه اليوم من قيام البعض بمبرر الامر بالمعروف والنهي عن المنكر بقتل المخالفين من مسلمين وغير مسلمين ..لان من يتعاطون عندهم الارشاد والتوجيه يروجون لهم تضليلا ما هو عين المفسدة على انه هو عين المصلحة … فيسيؤون للناس والاسلام والعمل الصالح..
يقول الامام الشاطبي ..”المصالح المجتلبة شرعا والمفاسد المستدفعة انما تعتبر من حيث تقام الحياة الدنيا للحياة الاخرة .لامن حيث اهواء النفوس في جلب مصالحها العادية او درء مفاسدها العادية “
ان التعامل مع الشؤون العامة لايكون بالمزاج والمنفعة الشخصية وارضاء النفس ..لان ذلك يتعارض مع الصلاح والاصلاح والتعقل واقامة الامور وادارتها بالعدل ..لهذا لايجوز اطلاقا على الافراد والجماعات اتباع الاهواء وبناء مواقفهم وقراراتهم عليها لان ذلك هو المفسدة عينها كمن يضحي بوطنه واهله من اجل مصالح وامتيازات مما يتسبب في ظلم عظيم قال تعالى ..(ولو اتبع الحق اهواءهم لفسدت السماوات الارض ومن فيهن ) المؤمنون
ونختم بقول النبي صلى الله عليه وسلم:((مَثَلُ القَائِم في حُدُودِ اللَّه والْوَاقِع فيها، كَمثل قَومٍ اسْتَهَموا على سَفِينَةٍ، فَأَصابَ بَعْضُهم أعْلاهَا، وبعضُهم أَسْفلَهَا، فكان الذي في أَسفلها إذا استَقَوْا من الماء مَرُّوا على مَنْ فَوقَهمْ، فقالوا: لو أنا خَرَقْنا في نَصِيبِنَا خَرقا ولَمْ نُؤذِ مَنْ فَوقَنا؟ فإن تَرَكُوهُمْ وما أَرَادوا هَلَكوا وهلكوا جَميعا، وإنْ أخذُوا على أيديِهِمْ نَجَوْا ونَجَوْا جَميعا))
مصطفى المتوكل / تارودانت
السبت 13 دجنبر 2014
الحديث عن الانفتاح قديم قدم التاريخ ويساير مراحل تطور الاسرة والبشرية داخل نفس المجتمع او في علاقة مع مجموعات بشرية اخرى بنفس البلد او خارجه …كما يرتبط باناس ينتمون الى عقيدة واحدة وقد يمتد لمعتقدات اخرى مخالفة واحيانا مناقضة …
…واذا كانت البشرية بتجاربها اصبحت تفضل الانفتاح المطلق مثلا ..بالزواج من خارج نفس الاسرة لضمان تطور جودة النوع ..كما هو الشان في عالم الحيوانات والنباتات حيث يعمد الناس الى التطعيم وتطوير المورثاث من الاجل الوصول الى الافضل والافيد …الخ
فان من اصعب انواع الانفتاح .. المتعلق بعالم السياسة في علاقة بالحزبية ..اذ تحدثت عدة احزاب سواء من اليسار او غيره عما سموه بسياسة الانفتاح الذي اعتمد على فتح المقرات او نصب الخيم لاستقبال الراغبين في الانخراط في اختزال غريب وغير منطقي لمفهوم ودلالات الانتماء التي تفترض معرفة الحزب والتاثر الايجابي بافكاره واعماله ونضالاته مع الايمان ببعض مبادئه وادبياته …فيصبح المنتمي الجديد نصيرا او متعاطفا ثم يصبح مناضلا له حقوق وعليه واجبات والتزامات مثله مثل من فتح له الباب لولوج الحزب او يسر له امر الانتماء …
ان الحديث عن الانفتاح بدون تحديد معانيه والقصد منه واهدافه وطريقة ومنهجية تنفيذه امر يتطلب الكثير من التمحيص والتخريج المولد للتطور غير المفسد للنوع ولا للجوهر …
كما ان الحديث عن الانفتاح في عمومه يتطلب ان يكون دعاته والمنظرون له.. وهنا الموضوع يعني كل الحزبيين والحزبيات ان يكونوا منفتحين على بعضهم البعض اولا وقبل كل شيئ.. وان يعرف بعضهم بعضا.. وان يحسنوا الاستماع فيما بينهم.. ويمارسوا النقد الموضوعي البناء بشكل جريئ يجعل كل واحد وواحدة يمتلك من الشجاعة للاعتراف باخطائه وضعفه وحاجته الى التعاون مع الاخرين اكثر من ممارسة التجرؤ والتطاول والاساءات الداخلية …فالذين يريدون الانفتاح حقا لايفترض فيهم ممارسة نقيضه اي الانغلاق والتحجر والتحقير ..مما يولد افكارا متطرفة وردود فعل وقرارات جربت اكثر من مرة من مثل “ارض الله واسعة” في مقابل دعوة الاخر للانشقاق او لتشكيل بديله كما يتصوره والذي يعتبر علميا وعمليا ليس توالدا وولادة طبيعيين بل اجهاضا تسبب فيه غياب الانفتاح الداخلي الحكيم الذي يحتاج الوصول اليه وتكريسه الى رشد و عزيمة ورزانة وكلام طيب وتواصل مطعم بافكار نيرة وبرامج بديلة لاتتناقض مع ما جمع ويجمع لعقود …
من هنا يمكن القول ان كل من يفرح وينتشي بعمليات التجزيئ في اضعاف وانهاك للهياة الام لايمكن الركون لرايه وتشجيعه ولا ترجيح فكرته المتطرفة تلك …لانه يضعف نفسه ويلزمها ان تتحرك وتسبح خارج الماء الذي ولدت وترعرعت فيه وهذا يصعب تحقيقه تجريبا لان قلبه وروحة ستنشطر الى قسمين الاول منها هو مع الجانب الذي جنح للخروج …والخفي منها وهو الاصح والاقوى انه استمرار الحب للاسرة الاصلية والنغني بثراثها وامجادها ورجالاتها وشهدائها والكثير الذي لايحصى من التفاصيل …اللهم ان كان لايحبها ولا يؤمن بها اصلا …
ان الافضل لكل عاقل ولكل متزن ان يسعى الى ترشيد نفسه وعمله ومواقفه وان يتداعى الجميع الى التواصل والحوار الناضج لصياغة خارطة طريق لتدبير المتفق حوله والمختلف فيه وتحديد الاولويات ..وان ينصب عمل الجميع من اجل تقوية الذات وانجاح كل المحطات والمعارك …دون ان تختزل تضحيات المنتمين للاسرة في الوطن بشكل بئيس في فلاف وفلان وكاننا امام من يؤمن بالانفتاح خطابا ويسعى لجعل الاخرين اتباعا وامعات …فالذي يرفض التبعية في ادبياته لايكون ولاؤه لقيادات هياته لانهم قيادات فقط بل يكون ولاؤه لمنظمته يحرصه عليها اكثر من حرصه على النفس التي بجنبيه ..فالقيادات هي افراز ونتاج لعمل المؤتمرات ومساطر تسميتها لهم .. مما يستوجب بالتلازم نوعا من الاحترام والتقدير لكل ما نتفق عليه بالتراضي او بالاجماع او بالاغلبية هم الادبيات او القيادات حتى لايطال التمييع وعدم الانضباط كل القرارات في حالات التصديق بالاغلبية مما قد يؤدي الى التعطيل والتبخيس واسداء خدمات للمتربصين من الذين تخصصوا في الحقد والكراهية وطبخ الملفات والمؤامرات والتي لم تستطع ايقاف مسيرة الاسرة الكبيرة لعقود خلت …
وحسابيا خير لي ان اعمل مع كل الاسرة للسنتين المتبقيتين للمؤتمر 10 لنشر افكاري والتعريف ببرامجي وخطط عملي وان ادبجها بالواضح الجلي الذي لايتسرب الشك الى مضامينه في تقارير ومقررات وان افرز لتنفيذها بالديموقراطية القيادة التي ستنفذها ولو تم تغيير القيادة بشكل كلي تحقق الاجماع او بالاغلبية مع ضرورة انضباط كل من لم يجد بالادبيات ما يريده ولا بالقيادة من يراه مؤهلا لها ..فالديموقراطية الياتها عالمية واضحة تؤخذ كاملة او تترك جانبا …
واختم المقالة بالقول بان اسوا انواع الاختلاف / الصراع بين الاخوة والاخوات .. هو الذي ينجح في تيسير نجاح ما فشل فيه الاعداء الحقيقيون ..
الاربعاء 10 دجنبر 2014
… ان الحياة بمختلف انواعها …حياة الافراد و الجماعات او الامم و الحضارات والدول … هي وجود معين في زمن ومكان معينين ..لاهداف وغايات محددة علم بها او لم يعلم خطط لها ام لا … وتختلف فلسفتها ومنهجها باختلاف الفهم و الادراك فتتسع مجالاتها وتاخذ تمظهرات مختلفة وفقا لما تبتغى وتميل اليه النفس …
…وما يميز الانسان عن المخلوقات الاخرى انه بامكانه ان يعطي لحياته الخاصة كما للمشتركة قيمة ومعنى …فبعقله ومعرفته يدرك ان حياته تنتظرها نهاية محتومة لامفر له منها يستوي امامها الجميع كيفما كانت نهايتها ..وبسبب ذلك يعمل وفق ما يستطيع من اجل ان يحقق وينجز ويفعل ما يريد كلما استطاع الى ذلك سبيلا … فاختياراته طوال مدة عيشه التي يعرف انها ستتوقف في زمن ما..تكون مشبعة بالامال والمتمنيات .. فان كان صالحا وايجابيا كان سلوكه في الادنى غير ضار بنفسه ولا بغيره ..وقد يكون مفيدا ومساهما في بناء وتطور بني ادم في المجالات التي يتقن او يتعاطى معها …اما ان كان طالحا انتهازيا ووصوليا ..فيسعى ليحقق كل ما يهوى ولو كانت المحصلة اساءات او تخريب …
عن علي رضي الله عنه, أنه صلى الله عليه وسلم قال: ” إن أشد ما أخاف عليكم خصلتان اتباع الهوى وطول الأمل, فأما اتباع الهوى: فإنه يصد عن الحق, وأما طول الأمل: فإنه الحب للدنيا,”
…وهذه الحياة ممتلئة بالضرورات والمحفزات والملذات حيث يسعى الناس لاشباعها وتثمينها وجعلها ذاث معنى وهدف على مستوى ضرورات استمرار النوع من غذاء وبقاء وصحة واستقرار …وتحكم في الموارد وتوجيهها وتوظيفها من اجل التطور والرقي …
والحياة يمكن ان نرقى بها الى المراتب السامية للروح الانسانية شعورا وادراكا ونية وعملا بالاعتماد على العلوم الحقة الشرعية والوضعية سعيا من اجل بلورة وتجسيد القيم النبيلة التي تعود بالخير والنفع على الجميع ….
….فالانسان خلق ووجد من اجل مهام عظيمة منها اعمار الارض واقرار العدل وضمان العيش الكريم وحماية البشر والارض التي يعيش عليها ..وذلك لن يحققه الا بالمرور من المحن والتجارب والصراعات والتدافع والفتن والابتلاءات والنجاحات والاخفاقات …لكن عظمة هبة العقل الواعي هي التي تجعلنا جاهزين للتطور ان وظفت بشكل سليم …
قال تعالى ﴿وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ ﴾ الأعراف
وقال تعالى ” تبارك الذى بيده الملك وهو على كل شئ قدير . الذى خلق الموت والحياة ليبلوكم ايكم احسن عملا وهو العزيز الغفور “….الملك
…انطلاقا من هذه الثنائية المتلازمة ..الحياة والموت نقول ان الدنيا دار نعمرها كبشر وكمخلوقات لاجل محدود …وتقاس قيمتنا ورصيدنا فيها بما كنا نقوم به وما تنطوي عليه سرائرنا وما نعمله مع الاخرين او لمصلحة الناس ..
..فالمؤمنون والصالحون واصحاب المبادئ سواء الذين يؤمنون بالحياة الاخرى او الذين لايرون حياة بعد الموت كلهم لايريدون ان يذكرهم من بقي بعدهم بسوء وشر بسبب اساءاتهم وسيئاتهم وفسادهم وظلمهم للاخرين..لهذا وهم احياء يسعون من اجل قول وفعل الافضل والاحسن …والصنف الاول منهم فوق ذلك يبتغون رضى الله ورحمته ويسعون للفوز بحياة اسمى واسعد بعد موتهم لانهم يستحضرون قوله تعالى ” فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره . ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره ” …
ومن هنا نجمل القول بانه ان كان كل من عليها سيفنى فهذا يعني حتما الافراد والجماعات كما سيعني بمنطق العصر كل المؤسسات و المنظمات والهيئات التي لم تستطع استيعاب واقعها ومتطلبات عيشها واستمرارها المعنوي في علاقاتها مع نفسها ومع الغير ولم تقدر على تصحيح مساراتها وتطوير افكارها ومناهج عملها … يقول تعالى ..{وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ }الأعراف
وبما ان الحديث في هذه المقالة عن الموت فنسال الله ان لاتنطبق على واقعنا في هذا البلد وغيره من البلدان الاسلامية معاني قوله تعالى {قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَى خُرُوجٍ مِّن سَبِيلٍ} غافر
ذلك ان من بين تفاسير الإماتتين بالاية .. الاماتة المادية اي التي تحصل لكل انسان بانتهاء حياته في هذه الدنيا… والاماتة المعنوية بموت البصيرة والعقل النير وهو من الاحياء ..مما يتسبب في الضياع والهلاك …
“قال الحسن البصري : طلبت خطب النبي صلى الله عليه و سلم في الجمعة فأعيتني فلزمت رجلا من أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم فسألته عن ذلك فقال : كان يقول : في خطبته يوم الجمعة يا أيها الناس إن لكم علما فانتهوا إلى علمكم و إن لكم نهاية فانتهوا إلى نهايتكم فإن المؤمن بين مخافتين بين أجل قد مضى لا يدري كيف صنع الله فيه و بين أجل قد بقي لا يدري كيف الله بصانع فيه فليتزود المرء لنفسه و من دنياه لآخرته و من الشباب قبل الهرم و من الصحة قبل السقم فإنكم خلقتم للآخرة و الدنيا خلقت لكم و الذي نفسي بيده ما بعد الموت من مستعتب و ما بعد الدنيا دار إلا الجنة و النار..”
ونختم بدعاء كان صلى الله عليه وسلم يقوله: ” اللهم إني أعوذ بك من دنيا تمنع خير الآخرة وأعوذ بك من حياة تمنع خير الممات, وأعوذ بك من أمل يمنع خير العمل”
مصطفى المتوكل / تارودانت
الاربعاء 3 نونبر 2014
يقول تعالى ” يا ايها الذين امنوا اتقوا الله و قولوا قولا سديدا يصلح لكم اعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم …”
ويقول : ( لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا ) النساء
وقال تعالى (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) الحجرات
ان إصلاح ذات البين في الامور الخاصة و العامة تعلق الامر بالدولة او الهيئات السياسية والنقابية …او الاسرة او بين الافراد هو عمل واجب وضروري وراق وحضاري ونبيل يؤجر عليه الساعي له خيرا في الحياة الدنيا كما في الاخرى …فبه يحافظ الناس على مدنية وسلمية وتسامح المجتمع ..وبه يضمنون اتمام وتطوير ما بناه السابقون …وبه يتم التغلب على الصعاب والاكراهات كانت نفسية او مادية او …
كما ان غيابه / او تغييبه في ثقافة الناس وخاصة من يطلق عليهم النخب يعتبر امرا غير سليم ومخالف للمنطق ويطرح اكثر من علامة استفهام تستدعي ان يستحضر الجميع وعيه ونضجه واتزانه بالابتعاد عن الانانيات والمصالح الزائفة والضيقة والاتجاه نحو المستقبل بامل مصحوب بعمل بناء في اطار ما يحافظ به الناس على المسارات المشتركة التي لولا من سبق لما كان لمن هو حاضر علم بما يدعي انه يؤمن به او يملكه…ولهذا يقال مالايدك كله لايترك بعضه ..ويقابلها في القران قوله تعالى: “فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ” التغابن.. ونظيرها في الحديث النبوي قوله (ص) “وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم.“
…و باستحضار قوي للاولويات والضروريات اللازمة لسلامة الجميع وحفظ الثراث الفكري والنضالي وتقوية الامل بالاسهام في تطوير قدرات العطاء وتنمية المبادرات التي تتجه نحو مستقبل فكر فيه وعمل وضجى من احله الرواد من شهداء وقادة وجنود الخفاء …سنجد القواعد العقلية والعلمية والفقهية تربط بشكل جدلي بين التقدم وبناء الحضارات ووجود نضج يتجسد في التكامل واحترام لاليات العمل المشتركة بين الناس كافة او مجموعة منهم ..او داخل نفس الجماعة او المجتمع او بين الدول …وكلما قامت صراعات او انقسامات او فتن.. فغالبا ما تجد ان البعض من المعنيين بالريادة اوالقيادة اوالامامة او هم كلهم ..يلتجؤون الى جعل اية مسالة خلافية ولو كانت تافهة او في الفروع والجزئيات والشكليات تصل بهم لدرجة القطيعة واشعال الحروب الكلامية التي تلامس الحضيض وتجعل البعض ” يتمرغ في اوحال ووسخ الكلام ” ظانا انه يحقق انتصارا ..ولنا فيما كتبه البعض من الخوارج والشيعة والسنة تجاه بعضهم البعض امثلة لا يفرح لها الا الاعداء والذين قي قلوبهم مرض …
ومن هنا نعرج اختصارا بدءا بالقواعد الفقهية الكبرى مع ضرورة التدبر العميق في دلالات وضعها واعتمادها في التاصيل الفقهي..للعديد من القضايا والمجالات ذاث صلة بالحياة الانسانية في مستوياتها المتعددة ووفقا للنوازل …
فالاولى هي ان ” اليقين لايزول بالشك ” في ارتباط بقاعدة ” الغاء الشك في المانع واعتباره في المقتضى الشرط “
الثانية ان ” الضرر يزال ” وتندرج معها قاعدة ” ارتكاب اخفف الضررين “
الثالثة ان ” المشقة تجلب التيسيير”
الرابعة..” العادة معتبرة ” واصلها قوله تعالى ” خذ العفو وامر بالغرف واعرض عن الجاهلين ” سورة الاعراف
ولهذا فكل من يـبنون امورهم الخاصة والعامة على الشكوك وسوء الظن وعلى التطرف والتشدد وعدم الصدق في النوايا فقد اضاعوا البوصلة الدالة على الهدف والطريق المبتغى..واضلوا معهم من وثق فيهم اواسند اليهم اموره ….
ومن فقه اصلاح ذاث البين تطهير النفس -” القلب .الفكر .العمل-” بافراغها وتنقيتها من الاهواء والمصالح الدنيوية الانتهازية والاحكام المسبقة وسوء النية …ذلك ان الاصلاح جزء جوهري من اليات بناء العدل واقراره باعتباره يقي من الصراعات الوهمية والمفتعلة والانانية التي تعلل بمبررات قد يستعملها كل طرف في مواجهة الاخر بغض النظر عمن هو الاصدق منهما …
…وهنا لابد من التاكيد على ان من اكبر واخطر عمليات التزوير اعتماد التشكيك والتشويش والتضليل كمنهجية في المعاملات والسياسات .. باستهداف مباشر وغير مباشر لعرقلة كل الاعمال الايحابية مع السعى لتعطيل مسارات ومبادرات عمل الاخر ولو كان قمة في الابداع او التضحية المتخلقة … لدرجه انهم لايعنيهم من الامر الا قطع صلة الرحم وروابط الاخوة والصداقة ..والتعويض عنها بالكراهية التي لا يلجا اليها الا من كان في نفسه شيئ من الضنك الذي لايؤدي الا الى الاساءة للنفس اولا ..وللمختلف معه من اهل البيت الصغير والكبير ثانيا والى كل من كان يبتغي خيرا للبشرية … وفي هذا قال السابقون العديد من الحكم والكتابات الجامعة المانعة الحاملة لدروس وعبر لن يستفيد منها من يجهل اليات تطور المجتمعات والعلوم والمعارف …
…فوصفهم “الجاحظ” بقوله، هم: “أغرار يدّعون الذكاء، إن مدحهم أحد الناس، لغاية في نفسه، تمايلوا كالطاووس وحسبوا أنهم سادة الرأي وولاة الأمور، فبقدر ما يخضعون لرؤسائهم بقدر ما يتكابرون على عامة الناس”…
…و قدّم «مكيافيلّلي» احدى مواصفاتهم اي الانتهازية في أجط صورها: بقولته الشهيرة «الغاية تبرر الوسيلة» التي توظف وتؤول سلبا …؟؟
… فان يعمد اي كان الى نشر التجريح والاساءات امام الناس بدون ارتكاز لا على حقائق ولا منطق بقدر ما يعتمد على المزايدات الكلامية والتصنع وسفاسف الامور التافهة بعد تنميقها والتي تقدم “كبدائل” ضالة مضلة للذين لايستطيعون التمييز بين المؤمنين حقا والذين يدعون الايمان او المنافقين …فمنهم من يبتغي لنفسه العزة بالتاريخ الفكري والانساني والنضالي والشرعية ويحرص على حماية كل ماهو جميل وتطويره وتصحيح كل ما هو سلبي او تجنبه …ومنهم من يتضايق من كل ذلك ويسعى الى محوه واعادة تشكيله بما يوافق الهوى والمصالح الشخصية في انسلاخ متدرج عن الهوية الاصلية مع اظهار نقيض ذلك للعموم لدرجة تصنع الورع… وامثال هؤلاء نعرفهم عبر التاريخ القديم والمعاصر والذين تسببوا في انهيار حضارات ودول ومنظمات ومجتمعات ..فكلما احسوا بالقوة او الضعف يتصرفون بنفس النية والمنطق … بالالتجاء للكيد ونشر الفتن والانجراف مع الحياة المادية امتلاكا وحكما .. الى المبالغة في التسلط والتطاول ..فانهاروا وانهارت معهم حقب تاريخية …وذلك منتهى دركات مساراتهم ..
… ان من معانى ذلك انهم يسعون بوعي او بدونه الى احراق الفلك الذي يمتطونه لركوب سفينة مازالت في عالم الخيال تصورا ووجودا وعمرا اذ قد تموت في الفكر ..وقد تولد معاقة .. معتقدين بذلك انهم يحسنون صنعا وهم في الحقيقة يعتمدون على مقولة وبعدي الطوفان التي يتبعها الخراب الذي لايبقي ولايذر الا الهشيم والمعطوبين والمنكسرين والفارين فلن تسمع لهم بعدها ..لا همسا ولا ركزا.. كما قال تعالى فى ختام سورة ( مريم ): ” وكم أهلكنا قبلهم من قرن هل تحس منهم من أحد أو تسمع لهم ركزا..”
ولهذا فكلما تظافرت الجهود الخيرة ضاق مجال الخلاف لينفرط عقده ..ولتنكشفت السرائر لما فيه الخير ..فتجف البرك الاسنة التي يتلذذ بصنعها وملئها بماء عكر وسخ ضعاف البصيرة والمنطق الذين لاشك ان لهم ايادي سوداء في تاريخ التلويث والتسميم واثارة الاحقاد …
ولو استحضرنا من التاريخ حقبه وجيزة وافترضنا ان البعض من بني امية لم يتامروا ويقتلوا سيدنا الحسين رغبة في السلطة والتحكم وهو احسن منهم اخلاقا وعلما وسياسة لما كان بعد ذلك ولا اليوم التشيع بجميع مذاهبه …ولو افترضنا ان انصار سيدنا علي والحسن والحسين من بعده تعاملوا مع الانقلاب والتمرد السياسي وبعده عمليات الاغتيال والابادة المعروفة بمعركلة كربلاء بمنهجية تعتمد التسامح و التجاوز البناء بما يحقق في الامة والدولة الاسلامية الوحدة والاخوة والتكامل .. لما كان هذا التنوع غير المتزن الذي تحول بفعل عقليات بعض الائمة الى تشرذم ووقود للفتن والانكسارات والتي لن تتوقف مادام عشاق التازيم من تلك الحهة ومن الجهة الاخرى يتمادون في غيهم وعصبيتهم …ونحن اليوم وبعد مرور قرون طويلة جدا مازالت العداوات قائمة مرة تختفي و تخف وتارة تتصاعد …
ان الاصلاح عندنا شرعا يعتبر عبادة ..فـبه تتصافى القلوب وينصلح المجتمع وتلتئم الكلمة على المشترك من اجل كل الاهداف النبيلة
..ان كل من يسعىون الى افتعال الخصومات والتناقضات ..ثم بعد ذلك لايقبلون بالصلح ولا يعملون من اجل تحقيقه.. لاشك ان قلبهم يكون كما وصفهم تعالى في قوله “..كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون “..سورة المطففين
…وليتحقق الصلح يجب ان لايبنى على تحريم الحلال او تحليل الحرام ..او نقض العهود والمواثيق الجامعة للناس قبل الخصومة ..ويجب ان تطال اثاره الافراد والجماعات من جهة الدم او الاخوة الانسانية او الفكرية والعقدية ..ولو هم الامر الاموال او الدماء اوالم\اهب او السياسات او مختلف العلاقات ..كلما ظهرت بوادر النزاعات والشقاق …
…ان كل من يشجع الجدال السلبي العقيم لاذكاء الخصومات واثارة الفرقة يعتبر شرعا فعله ذاك ذميما .. حيث قال في هذا رسول الله (ص): ” من جادل في خصومة بغير علم، لم يزل في سخط حتى ينزع “. وقال (ص): ” ما أتاني جبرائيل قط إلا وعظني، فآخر قوله لي: إياك ومشادة الناس فانها تكشف العورة وتذهب بالعز “.
وفي هذا قال أمير المؤمنين سيدنا علي ” إياكم والمراء والخصومة، فانهما يمرضان القلوب على الاخوان، ويـنبت عليهما النفاق “.
…لقد أمر الله تعالى بالصلح العادل، وجعله قرين التقوى وشرط الإيمان..ووضع الانبياء واهل العلم لذلك ضوابط لايستقيم الا بها …فكان عمر بن الخطاب ( ض)عنه يقول ..ردوا الخصوم حتى يصطلحوا فان فصل الفضاء يحدث بين القوم الضغائن
..ويشترط للاصلاح ان يكون المصلحون ممتلكين لتصور واضح المعالم والافاق وعارفين بالمسائل موضوع الخلاف ..وان يكونوا ملمين بالثابث والمتغير والمختلف حوله وبالاصول والفروع ..اذ لايمكن للفرع ان يلزم ويشترط على الاصل التبعية له او ان يغير طبيعة الاصول لتتلاءم مع رغبته كفرع ..كما لايصح استئصال الفروع المؤمنة باصولها والمتشبثة بها بسبب اختلاف في المسائل لفرعية او المنهجية ..باستثناء ان كان الفرع على النقيض البين تعارضه في الكليات والجزئيات …
..فالاصل في الفكر المتحضر والمتخلق هو التوجه نحو التوفيق والتكامل المنظم للاختلاف في اطار حماية الوحدة …فالاسلام تستنبط احكامه وضوابطه وتوجهاته وعباداته من الكتاب والسنة كمرجعين جوهريين وقد يعتمد في الفهم والتاويل والاستنباط على الاجتهاد الرصين ما لم يخالف ويتعارض مع الاصل ..ولهذا فلا يحسب السلوك والفكر الارهابي والعدواني والتكفيري والتامري للبعض ممن يدعون “تمثيل الاسلام” على الاسلام اطلاقا والا اصبحنا كما ننعث وكما نتهم من طرف خصومنا واعدائنا على حد سواء …كما ان تنوع المذاهب عند المسلمين لا يعني انهم خالفوا جوهر الدين بقدر ما يعني ان البعض منهم غالى في التعصب لمذهبه ووصل الى به الامر الى التشكيك في المذاهب الاسلامية الاخرى والتقليل من اهميتها رغم انها كلها تستند الى كتاب الله والى سنة نبيه …ولقد تسبب قصر نظر وحقد بعض المحسوبين على الحقل الديني عبر التاريخ في اطار تعاطيهم للسياسة والتعامل مع الحكام في العديد من المجازر والاضطرابات والفتن ..ليس حبا في الدين بل في استغلال بشع له لتحقيق مطامح زائلة تسيئ الى الاسلام واهله…
واذا كان هذا حال” الاوصياء” تعسفا على الدين .. فكيف سيكون حال بعض الساسة والحكام الذين بعدما كادوا يموتون عطشا للوصول الى السلطة والنفوذ وبعدما ظنوا انهم قاب قوسين او ادنى من “النبع” الذي يتوهموه وجدوا انفسهم امام السراب ..فسبوا الماء وعابوه ليس لانهم زهدوا فيه بل ليبعدوا عنه غيرهم وليطمعوا في التفرد به ..وبئس المسعى والفهم
مصطفى المتوكل /تارودانت
22نونبر 2014
…عند الراي العام السياسي التقدمي والحقوقي والوطني ملفات مازالت عالقة يوظف الزمن السياسي سلبيا من اجل الاقبار المعنوي والاعلامي للذاكرة والمسارات النضالية التحررية التي عرفها المغرب بعد الاستقلال منذ نهاية الخمسينات وطوال العقود اللاحقة .. والتي فرضت على الاطراف الرسمية لامتصاص الاحتقان وتهدئة التصعيد ..اللجوء الى العديد من الاصلاحات مررت وقررت عبر محطات التصادم والاحتقان…وذلك كلما كانت مرتبطة وفاعلة متفاعلة مع الجماهير الشعبية وقضاياها …- ولا زالت تصرف وتنزل الى الان وفقا لميلان ميزان القوى لصالح التنظيمات الحية الديموقراطية والحداثية التي كانت ولاتزال تسعى من اجل بناء دولة الحق والقانون والمؤسسات في علاقة مع التحولات التي يعرفها العالم المتقدم وازدياد تاثيره على الدول السائرة في طريق النمو والدول المتخلفة حتى في فهم الديموقراطية والانتقائية السلبية المشينة في التعامل معها .. -..وتعود النتائج الايجابية لعملها ولو كانت محدودة على الشعب و الوطن والدولة بالايجاب وتحقق تطورا نوعيا ولو كان بطيئا بسبب جيوب المقاومة التي تبدل جلدها وتتغير مكوناتها ..هذه الاخيرة تترامى علي كل المكتسبات والمحطات ب “مجموعة “من مرتزقة السياسة الذين لاتعنيهم لا الديموقراطية ولا كرامة الشعب المغربي ولاعيشه الكريم.. بقدر ما يعنيهم ان يعتلوا الكراسي ويحكموا سيطرتهم على رقاب الناس بمسميات متعددة التي قد يكون ظاهرها ادعاء الايمان بالديموقراطية اوادعاء الاصلاح باسم السياسة او الدين او بدعوى الاحسان وفعل الخير ؟؟..وقد يكون باطنها و حقيقتها و خلفيات تنفيد افكارها هو الاساءات بنهج التربص والتدرج في التراجع عن مكتسبات سنوات الجمر والرصاص والمصالحة بين المناضلين والثوريين والمجاهدين التقدميين الوطنيين ….ذكورا واناثا ..مع الدولة وبعض “النخب ذاث الصلة .؟؟ “من اجل طي صفحة الماضي فعليا وليس التناور والوقيغة والتضليل السياسوي البراجماتي سلبا ..
..انهم يعتقدون انها تراجعات من الدولة خوفا من انفلات الامور لفائدة المعارضة الوطنية الديموقراطية التقدمية فقط وليست ضرورة وحتمية لتحقيق الانعتاق من الظلم والقهر والابتزاز والاستغلال الجشع لضعف الناس وقدراتهم وايمانهم ؟؟…ولانهم يتوهمون ان يكونوا “المدعم” الوحيد للهيمنة والتسلط فيخططون لاخضاع الجميع لاهوائهم واحلامهم وطموحاتهم التي تعتمد على الاستبداد لاقامة العدل الذي يتصورون و يتـاولون بعض النصوص الشرعية خارج اطارها ومضامينها البناءة من اجل حث الناس على الطاعة والانقياد الاعمى ؟؟وهذا يذكرنا بعقليات القرون الوسطى باوروبا …
ان من تلك الملفات التي ميزت حقب سنوات النضال والتدافع .. ملف الشهيد المهدي بنبركة والايادي المتعددة التي شاركت في عملية الاختطاف سواء بفرنسا او امريكا او اسرائيل او المغرب والقوى المتعددة الجنسيات التي فكرت وخططت ونفذت المؤامرة الجريمة لتقاطع في المصالح بسبب المد الريادي للاتحاد ليس في المغرب…
وملف استكمال المصالحة الوطنية في علاقة بالمناطق المغربية التي كانت تحتضن المعارضة والحركات الاحتجاجية والتي مازال سكانها يطالبون بالانصاف ورد الاعتبار لمناطقهم والعمل على تنميتها وتاهيلها …. بل في العالم مع القوى الثورية والرافضة للهيمنة للامبريالية والصهيونية…
واحد تلك الملفات له علاقة بالشهيد عمر بنجلون …الذي تم تكفيره من طرف منظمة يدعى انها ” سرية”في ذلك الزمن والتي تتقاطع في الشكل والجوهر مع منظمات مماثلة لها خارج المغرب ..وكان من افرادها واطرها من يحاول استغلال الديموقراطية ببلادنا لينسينا جريمة الاغتيال ومن كان وراءها ..وما زال يتمادى في الكيد والسب والتهجم على شرفاء المغرب الفعليين الذين كانوا يتحدون كل الاطراف التي استعملت في سنوات الجمر والرصاص من التكفيريين والمخابرات والاستغلاليين ومن بقي من اتباع واذناب الاستعمار متخفيا ومتملقا حفاظا على مصالحه … لقهر رواد التغيير الذين يسعون لبناء المغرب على اسس العدل والمساواة والتنمية الشاملة …فبفضل شهداء الشعب وابطاله وكل من ضخى منذ الستينات استوى هؤلاء والبعض من هؤلاء الاخرين على الكراسي واستغلوا بمكر نضالات الشعب ووضعوا من مهامهم المستعجلة محاربة قوى الحداثة والتغيير والتقدم حتى يخلو لهم الجو ليفعلوا ما يشاؤون في البلاد والعباد والدولة …
والثالث له علاقة بالشهيد ايت الجيد محمد …و هذه الملفات السياسية مرتبطة بامتياز باعمال ذاث خلفية قمعية ارهابية … لقد اختلط الامر لدى العديد من الناس حول مالاتها …فالمتهمون بالاغتيال ومن كانوا وراء التخطيط له ثم المنفذون لم تطلهم كلهم يد العدالة …بل منهم من يحكى عنهم انهم تحدث بعد استشهاد عمر بنجلون وهم يمجدزن بالتلميح والتصريح بالعمل الاجرامي لان منهم من يؤمن بالتفكير التكفيري و بقتل كل من يرون انه يجب ان يصفى لانه ..ولانه ؟؟ … وما زال الى الان يخرج البعض من المحسوبين على اولئك سواء ارتدوا البدلة الاوروبية بربطة العنق او الجلباب التقليدي وهم يكفرون البعض من الشعب المغربي او يلمحون لذلك بتحريك خفي/ مكشوف لبعض الافراد او الجهات ليطلقوا العنان لحملات التشكيك وتوجيه الاتهامات التي ما انزل الله بها من سلطان والتي قد يفهم منها بعض المتهورين انها دعوة لقتل الاخر ؟؟ …ولم يمنعهم من التمادي في ذلك الا الظرفية الداخلية الوطنية والجهوية والعالمية مفضلين اللجوء الى التقية …منتظرين الفرصة المواتية ليطلعوا الجميع على انهم ليسوا على خلاف مع الاخرين في بلدان اخرى ضاقت منهم تلك الشعوب درعا …
..وما زلنا نتتبع مع عائلة الشهيدين عمر بنجلون و ايت الجيد الصغيرتين والكبيرتين مسارات الملفين والى اين سيصلا …وفي علاقة مع هذا الملف ظهر على السطح احد المعنيين بالملف الثاني معلنا انخراطه مع خفافيش الظلام والمتربصين بحزب الشهداء في اطار حملات شعواء تدبر وتنفذ بالليالي كما بالنهارات خدمة لاجندات خاصة تشتغل على الاستحقاقات المقبلة من جهة ..ولتمرير سلسلة من الاجراءات والقرارات الظالمة على الشعب المغربي والقوى الديموقراطية من جهة اخرى …ولضرب حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية الذي لم تصنع قرارات جهات نافذة لا بالداخل ولا بالخارج بل هو جزء جوهري من الحركة الوطنية وحركة المقاومة وجيش تحرير المغرب وقطب الرحى الذي سعى لبناء المغرب على اسس ديموقراطية وحديثة ..ولنا في النهج والخطط التي تفنن في ابداعها من اثاروا الفتن في الشام والعراق وليبيا و.. للوصول الى “اغتيال” ومحو كل ما هو ديموقراطي وحداثي ومخالف لملة التكفيريين … كما حاولوا محو التقدميين في تونس باغتيال مناضلين تقدميين وطنيين كبار وكما حدث ويحدث في ليبيا وسوريا والعراق و… حتى يخلوا لهم الجو ليحققوا ما يحلمون به في بعض ادبياتهم و منامهم كما في يقظتهم …من انهم هم الحزب الوحيد الذي يسعى ان يكون الممثل الشرعي والوحيد لامارة المؤمنين…وما لانعلمه انطلاقا من مرجعيتهم العالمية التي لاتخفى على المتتبعين وامتداداتها نحو الشرق هو ..ما تعريفهم الدقيق لامارة المؤمنين ؟..وهل هي مقصورة على المغرب ام انها امارة لكل المؤمنين بالعالم الاسلامي ؟ام اشياء اخرى ؟
ان الذين نفذوا اغتيال الشهيدين او كانوا وراء العملية او سكتوا عن ادانتها وادانة الفاعلين و من عبروا عن فرحهم لجريمتي القتل ولم يعتذروا للاسرة الصغيرة والكبيرة والشعب .. ليس من حقهم اطلاقا التحدث عن الديموقراطية وعن اقتناعهم ببناء دولة الحق والقانون ..
..ان الدولة المغربية تميزت بالشجاعة والجراة السياسية والتي سجلت لصالحها ايجابا في المغرب والعالم عندما اقدم الملك الراحل باعداد الاجواء السياسية للمصالحة الوطنية واقدام الدولة على جبر الضرر في تعامل جريئ مع مضامين ملفات ضحايا سنوات الجمر والرصاص ..وكان للمجاهد عبد الرحمن اليوسفي دور مهم في انجاح المبادرة وقبوله باعتبار حزبه كان الاول عددا بالبرلمان بتحمل مسؤولية الوزير الاول لمهمة حددها الملك الراحل في انقاذ المغرب من السكتة القلبية والتاسيس للتناوب الديموقراطي على مسؤولية ادارة امور الدولة …
كما ليس من حق اي حزب او جهة ان يقدموا النصح للحزب وخاصة من الذين يبيتون له العداء ويعلنون ذلك في اكثر من مناسبة …وكل من اراد منهم ان يتعلم النبش في الذاكرة بالحديث عن التحالفات بالتلميح ثارة للدولة المغربية عند الحديث عن المجاهد اليوسفي وحكومة التناوب .. الى الحديث عن الحـزب الذي سماه الاتحاديون “الوافد الجديد “قبيل حراك 20 فبراير .. و للجميع ان يسترجع من تاريخ السنوات القليلة الماضية بعض اخبار الشمال ليقف على ما يعلن وما يتم القبول به …وحتى مواقفهم من حزب كان حليفا رئيسيا ب ” .ج.8″ المتحدث عنه بالنعوث والاتهامات المختلفة والخطيرة التي طالته وزعيمه الذي كان له الفضل في استمرار هذه الحكومة الى اليوم والذي كان الى ماقبل استوزاره الجديد مرشحا حسب زعمهم للاحالة على القضاء لانه ولانه …فمن غير الموقف من حال الى نقيضها ..؟وهل كانوا مخطئين في حق هؤلاء واعتذروا بالتحالف معهم ؟ ام انها “مصالح” سياسوية لاعلاقة لها لابالاخلاق ولا بالمبادئ ولا ب….؟
…..ان المرارة التي يجب ان يشعر بها ” حمدين” هي انه اصبح متفوقا في الغيبة والنمية والكيد والمكر والنفاق والكذب وبتطفله المسعور على حزب الشهداء والمجاهدين والشرفاء …فلا ترجى منه نصيحة ولا تطلب منه معرفة ولايعتد باقواله ..وشهاداته مردودة شرعا وعقلا لانه يكذب على الاموات وعلى الاحياء ..فيعد وفق هذا وذاك من الذين لا يلزمون حدودهم ..مما يتوجب معه على الناس ان يتقيوا شره ..وندعوه ومن على شاكلته الى التوبة النصوح والاعتذار كما ينص على ذلك شرعنا الاسلامي وان يقلع عن الاساءات التي يظهر انه يرتاح لها لعل الله يغفر له …ونذكره بقوله تعالى (( ويمكرون وبمكر الله والله خير الماكرين )) سورة الانفال …
لهذا نكل امره الى الله ونحن مع عدالة الخالق وحده التي ستنصف كل من اساءوا اليهم او تطاولوات عليهم او تسببوا في اذيتهم …وليعلموا اننا لانحقد على احد ولو ناصبونا العداء المتعدد الاشكال والمضامين والنوايا …
ونختم بالقول ان الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية استعصى على الرصاص والجمر والسجون والمنافي والتشريد والتجويع وبقي صامدا …فكيف بما دون ذلك من انتهازية ووصولية سياسوية وتامر وكيد رخيص مبتدل تعودنا عليه لاكثر من 50 سنة …فاهتموا بانفسكم وانصحوها وقوموا لسانكم وكفوا ايديكم فالاتحاد والاتحاديون والاتحاديات قادرون على ادارة امورهم وترتيبها والتوجه نحو المستقبل بثقة وقوة اكبر مهما كانت الصعاب والعقبات والتحديات…
ونختم بهذا الحديث الرائع ونطلب من كل من يعنيه الامر ان يبحث عن مكانه في الحديث التالي ..فان لم يجدها فليراجع ضميره …روي عن ابي هريرة عن النبي ( ص ) قَالَ: )مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤمِن كُربَةً مِن كُرَبِ الدُّنيَا نَفَّسَ اللهُ عَنهُ كُربَةً مِنْ كرَبِ يَوم القيامَةِ، وَمَنْ يَسَّرَ على مُعسرٍ يَسَّرَ الله عَلَيهِ في الدُّنيَا والآخِرَة، وَمَنْ سَتَرَ مُسلِمَاً سَتَرَهُ الله في الدُّنيَا وَالآخِرَة، وَاللهُ في عَونِ العَبدِ مَا كَانَ العَبدُ في عَونِ أخيهِ…).. فاين اصحاب الكيد والمكر …؟؟؟
الخميس 20 نونبر 2014
وعنه قال قال رسول الله ( ص)….(من كان يؤمن بالله واليوم الاخر فليقل خيرا او ليصمت …)
عجيب امر بعض المتكلمين من الذين يقدمون انفسهم على انهم يفهمون في علوم الدين او السياسة كانت في البر اوالبحر او الجو وحتى في “الغيب “…بل ذهب بهم ظنهم الى انهم مفوض لهم ان يغرقوا في التحليل بالمزاج و الهوى وسوء النية كل من يصادفون بالمشهد العام فان كان من اهل ديارهم او يحسبونه كذلك من اصدقائهم اختاروا له من قواميس المدح والاطراء واستعاروا من مناقب اولياء الله الصالحين ماشاؤوا ليجعلوا من يريدون وكانه منهم كما يتوهمون انفسهم ويريدون ايهام الناس بوهمهم …وان كان من يعرفون حق المعرفة و من مصلحتهم الكيد له ومحاربته ..الا ويختاون من قواميس السب والقذف والكلام الجارح والتشكيك ما عن لهم وارتاح له حقدهم …وعندما يحسون بانهم اشبعوا بعضا من شهوتهم ينحطون بمستوى التدني الفكري والاخلاقي.. ليحشروا انفسهم في شؤون الاخرين بل ويخولون لانفسهم صلاحيات “الافتاء ” ليس في امور تكفير مخالفيهم فقط كما فعل الخوارج ضد خيرة الناس والرجال وهذا ما فعله البعض منهم لمواجهة واباحة قتل الشهيد عمر بنجلون ..اوكما فعل بعض الحكام الظلمة وانصارهم من بني اميه ليجـيـزوا ويبيحوا قتل سيدنا الحسين وسبي احفاد النبي وحفيداته والكيد لكل من خالف ولم يخضع لهوى من ومن ؟؟ …
…ان ما نراه اليوم من تهور في الممارسات السياسية والعديد من التصريحات العشوائية شكلا ومضمونا ..واللئيمة نية وقصدا يجعلنا نطرح اكثر من علامة استفهام عن ما الذي يسعى اليه كل هؤلاء الذين لايغمض لهم جفن ولا يهنا لهم بال ولا يشعرون بنشوة الا بعد توجيه كيل من السباب والنميمة والتحريف والاساءات الى حزب الاتحاد الاشتراكي ..بحيث ابانوا بوعي منهم او بدونه ان ما يزعجهم وما يشغلهم ليس بناء دولة الحق والقانون والدفاع عن الديموقراطية وحماية الشعب من الفقر والتفقير .. في المشهد العام والخاص وفي التدبير الرسمي او المجتمعي ..بل يشغلهم الحــزب الذي قدم الشهداء والتضحيات الجسام وملا المنافي.. ولم يخضع ولم ينهزم بعد كل الهجمات ضده كانت بالرصاص او المؤامرات او بالمحاكمات او بالقمع والترهيب .. بل يخرج منتصرا واكثر استعدادا لاكمال المسير ..واكثر استعدادا واصرارا للمزيد من العطاء والتضحية …
…ولنطرح الاسئلة المشروعة التالية ..اليست الاحزاب السياسية بيوت لها اصحابها وسكانها واهلها وحماتها وانظمتها وافكارها ..؟
اليست لبيوت الاحزاب حرمة ؟؟ …
اليس خوض غير المنتمي لبيت ما في شؤون اهل الدار وقراراتهم وسياساتهم وطريقة عيشهم بمثابة تهجم لا اخلاقي و فضول محرم شرعا وعقلا وعرفا …؟؟
…ان الفضول في القول يعد انزلاقا في الاخلاق وانحرافا عن الطريق وهو الباب الرئيسي للنميمة والغيبة المنهي عنها ..وهم بذلك يسعون الى اشعال الفتن والحروب لتحقيق ماربهم…. فصدق عليهم قوله تعالى ” لا خير في كثير من نجواهم…”النساء
فمرة يهجمون باسم الدين ..ومرة باسم السياسة واخرى بانتحال صفة الناصح الذي هو في الحقيقة ناطح للحق ومحام عن الطالح من المواقف والقرارات التي تصدر عنهم وتعنيهم وحتى التي لاصلة لهم بها …
سُئِلَ أميرُ المؤمنين في حديث عبدالله بن المبارَك ..: مَن الناس؟ /فقال: العلماء. .. / فقيل: فمَن الملوك؟.. / قال: الزُّهَّاد.. / قيل: فمَن السَّفِلَة؟../ قال: الذين يأكُلون الدُّنيا بالدِّين..
وعن جابر رضي اله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ..”ان من احبكم الي واقربكم مني مجلسا يوم القيامة احاسنكم اخلاقا .وان ابغضكم الي وابعدكم مني يوم القيامة الثرثارون والمتشدقون والمتفيقهون …قالوا يارسول الله قد علمنا الثرثاون والمتشدقون ..فما المتفيقهون ؟ قال المتكبرون ..”
..والثرثار كما هو معلوم هو الكثير الكلام؛ والمتشدق هو من يتطاول على الناس في الكلام بمناسبة وبدونها …
ومن هنا جاز لنا القول بضرورة التمييز بين ما تزينه الشياطين للناس للايقاع بهم وجرهم الى المهالك ..وبين من يخلص في النصح ممن لهم الحق في ذلك وليس من يحشرون انفسهم بالتدخل فيما شؤون لاتعنيهم بغرض الاستفزاز والالهاء وتضليل الناس ولو لمرحلة لهم فيها مارب انتهازية ونفعية ..وبعد ذلك فالطوفان الذي يلوحون به اهون عندهم …؟؟
ان الحشريين عبر التاريخ يسعون فقط للنصب كاسلوب من اساليب الاستقطاب الضالة والمضلة …والحشرية صفة تطلق على الأشخاص الذين يتدخلون في الأمور الخاصة والداخلية للاخرين كانوا افرادا او جماعات ، والتي قد تصل لدرجة الالحاح المتعمد والمبتدل في التطفل والتدخل السافر …ويصف علماء النفس والاجتماع شخصية “الحشريين” بأنهم يعانون من حالة مرضية ناجمة عن فراغ روحي وحقد وكراهية للاخر واحساس بالنقص ..وانهم لايستطيعون التحكم في نزواتهم بعقلهم ومن هنا يعتبرون متهورين …
…فلقد بين النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الافتتاحي للمقالة … أن ترك ما لا يعني من أسباب حسن إسلام المرء فقسم بذلك الناس في الاسلام الى قسمين .. منهم المحسن في إسلامه ومنهم المسيء ..ونحن نسال الله للمسيئين ان يعودوا لرشدهم ويتوبوا لربهم ويتفرغوا لشؤونهم الداخلية عوض اكل لحوم الناس واللغو ..
…ويتكامل الحديث مع قوله تعالى مادحا عباده المؤمنين بقوله : { والذين هم عن اللغو معرضون }سورة” المؤمنون”.. فوصف سبحانه وتعالى المؤمنين بالإعراض عن اللغو الذي هو الباطل…
ويقول تعالى .. “ولقد خلقنا الانسان ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن اقرب اليه من حبل الوريد اذ يتلقى المتلقيان عن اليمين وعن الشمال قعيد ما يلفظ من قول الا لديه رقيب عتيد …”
…وفي الحديث ان معاد بن جبل سال رسول الله (ص)اسئله في حديث منها … : يا رسولَ اللهِ أيُّ الأعمالِ أفضلُ ؟ قال : فأخرج رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لسانَه ، ثمَّ وضع إصبعَه عليه ، فاسترجع معاذٌ ، فقال : يا رسولَ اللهِ أنؤاخَذُ بما نقولُ كلَّه , ويُكتبُ علينا ؟ قال : فضرب رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم منكِبَ معاذٍ مِرارًا ، فقال : ثكِلتك أمُّك يا معاذَ بنَ جبلٍ وهل يُكِبُّ النَّاسَ على مناخرِهم في نارِ جهنَّمَ إلَّا حصائدُ ألسنتِهم
..ونقول لهؤلاء ومن يسير على “نهجهم ” ما قال عقبة بن عامر لرسول الله صلى الله عليه و سلم:
ما النجاة يا رسول الله؟
فقال:(يا عقبة أمسك عليك لسانك و ليسعك بيتك و ابك على خطيئتك) ..
والسلام علي من اتبع الهدى وامسك عليه لسانه ..
تساءل عبد الرحمن الكواكبي عن …ما هو الاستبداد؟…فقال
“…الاستبداد لغةً هو غرور المرء برأيه والأنفة عن قبول النصيحة أو الاستقلال في الرأي وفي الحقوق المشتركة. ويراد بالاستبداد عند إطلاقه استبداد الحكومات خاصة لأنها مظاهر أضراره التي جعلت الإنسان أشقى ذوي الحياة. وأما تحكم النفس على العقل، وتحكم الأب، والأستاذ، والزوج، ورؤساء بعضالأديان، وبعضالشركات، وبعض الطبقات، فيوصف بالاستبداد مجازا أو مع الإضافة. الاستبداد في اصطلاح السياسيين هو: تصرف فرد أو جمع في حقوق قوم بالمشيئة وبلا خوف تبعة،..”
ان ثقافة الاستبداد المؤدية للاستعباد بمحاولات اخضاع الناس والسيطرة عليهم لاستغلالهم وتوظيفهم لاداء مهمات تقوم على المصالح الضيقة والخاصة والارتزاق والتبعية والولاءات “للزعامات ” كانت تلك الزعامات في قلب المعركة او تتهيا لايجاد مكان لها في المشهد العام . لاتاتي بخير ولا تحقق اية مصلحة … وهكذا يمكن ان نرى امثلة في بعض الدول التي تمارس الاستبداد من اجل الاستعباد بالتخلي عن الوطن لفائدة القبيلة او الدين او المذهب ..فصراعات اليمن منذ عقود والى يومنا هذا تقدم امثلة لاتحتاج الى توضيح او تحليل ..كما ان ما تدفع اليه ليبيا وسوريا من طرف قوى مختلفة يصب في نفس الاتجاه ..واذا تاملنا العديد من الهيئات النقابية والسياسية في بلدان العالم الثالث وحتى البعض من شبه المتقدم .. فاننا نقف على قصور في فهم واستيعاب العمل المشترك وخدمة المبادئ والاهداف العامة… فتصبح خدمة الافراد بغاية التحكم وتبوؤ موقع القيادة هو الهدف الاسمى … وان تعذر الوصول الى ذلك بالديموقراطية يتم اللجوء اما للانقلابات او خلق اطارات اخرى تضمن القيادة والتحكم …
… وان مما يتسبب في نمو نزعة الاستبداد ميلان الانفس المنفعلة والغاضبة او المبالغة في الطموح للحقد والكراهية والبغضاء .. والتطاول على الاخرين بممارسة انواع مختلفة من القمع والاضطهاد للمساس بسمعة ومصداقية المختلف معه بسبب الدين او المذهب او التوجه السياسي بـنية الحلول محله ولم لا اضعافه واذلاله ومن ثم اخراجه من كل مجالات المشاهدة …فاذا كان تعالى يتحدث عن منع الاكراه في الدين في قوله سبحانه : ” لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنْ الغَيِّ ” سورة البقرة…فان الامر يسري على الفكر والقناعات بالضرورة …فالاختلاف لايعني اطلاقا نفي الاخر او القطيعة المطلقة كان المختلف معه اقلية او اغلبية من نفس المرجعية او من مرجعية مغايرة ..بقدر ما يعني مدى رقينا بادراكنا ووعينا الى ان هناك دائما احر او اخرين لايشاطروننا الراي والمنهجية ولكن قد يتقاسمون معنا الاهداف والغايات والمتمنيات …
وان عدم قبول الاقلية بوجود اغلبية ما… او عدم قبول اغلبية ما بوجود اقليات قد يشكل وجها من اوجه الاستبداد الذي قد يمارس باسم الدين او العرق او الجنس او المذهب او الانظمة …
…ان الانسان يولد حرا ومتفتحا الا ان اقدم غيره باستغلاله واستعباده وسلبه ارادته وحريته وملا فكره بكل ما ييسر تبعيته بالتلقين او الشحن او الاكراه .. بما يجعله قابلا للخنوع والخضوع مثله من البشر قال عمر بن الخطاب –رضي الله عنه- (متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا).
ولقد اجاد ربعي بن عامر-رضي الله عنه عندما قال لرستم “قائد الفرس” : الله ابتعثنا والله جاء بنا لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة الله ومن ضيق الدنيا إلى سعتها ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام…”
… ان الاستبداد الممنهج والاخطر هو الذي تمارسه الحكومات بتشجيع الجهل عن طريق ترجيح الياته على العلم ومرتكزاته .. وتيسير استبداد الفكر المتحجر والضيق الافق والظلامي وبسط سلطته على النفس و العقل بهدف استعباد الانسان من اجل استعماله في مجالات لايمكن اطلاقا للشرع والعقل السليمين ان يتبنيا او يدعوا لما وصل اليه البعض من انحطاط فكري وروحي من مثل قطع الرؤوس لالزام الاخرين بالخضوع قهرا وتجبرا ..فيؤدي ذلك الى ان يتصنع البعض مشاطرة وتبني ما يؤمن به من يحكمهم مع ما يتطلبه ذلك من تبعية للمستبدين في عالم الديانات والسياسات والمذاهب والانظمة …فالمتطفلون على الدين المدعون انهم اوصياء عليه يسعون الى ان يقنعوا الفقراء والعامة بان ما حل بهم من تفقير بسبب الغلاء والاستغلال وضعف الاجور و…هو قضاء وقدر من السماء ولا راد لقضاء الله وقدره وان على المستعبدين والمستغلين ان يصبروا وان يرضوا ان كانوا مؤمنين ؟؟؟
..كما ان اصحاب النفوذ الذين يجمعون بين تملك الاموال و السلطة يعملون من اجل الزام الناس بسياساتهم ولو كانت ظالمة لايهمهم من تالم او تضرر او ضاعت حقوقه وانتهكت حرماته.. بقدر ما يهمهم ادعاء انقاد البلد والامة والوطن من خطر داهم لايمكن رده الا بالتضحية بفقراء الامة وضعفائها …فيحمون ثروات الاغنياء والاثرياء وييسرون امورهم ..ولايهتمون باجور ذوي الدخل الهزيل من عمال وفلاحين واجراء وكادحين ..بل تطال قراراتهم حتى ما يطلق عليهم اصحاب الدخل المتوسط ليضيقوا عليهم سبل العيش …
ان استبداد من يمتلك زمام السلط بالقرار والتسيير يولد الظلم والقهر.. ودرجة خطورة المسالة نلمسها في ان هلاك الحكومات والدول لايكون لانها كافرة او مؤمنة ..بل لانها ظالمة ومنتهكة لحقوق الناس ولو كانت مؤمنة او تدعي الايمان ..والمحاسبة تزداد قوة ان كان الظالم المستبذ مسلما.. لانه بفترض فيه بالاضافة الى علمه بالعدل كما هو متعارف عليه بالمعارف الوضعية.. المعرفة باوامر الله ونبيه التي خص بها الحكام في علاقاتهم بالمحكومين
فالحاكم في الدول الإسلامية إذا صدر عنه ظلم يكون قد ظلم ظلمين .. حيث اساء للناس واساء لصورة الحكمة و العدل في الاسلام …والسياسي ان اساء في عمله كان في موقع المسؤولية او خارجها فقد ارتكب حطا مضاعفا في حق السياسة وفي حق الذين توظف السياسة لصالحهم او ضدهم …
ونختم بفقرة من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال: ((…أظنكم سمعتم أن أبا عبيدة قدم بشيء من البحرين ،فقالوا أجل يا رسول الله ،قال: فابشروا وأمّلوا ما يسركم ،فو الله ما الفقر أخشى عليكم، ولكن أخشى عليكم أن تبسط الدنيا عليكم كما بسطت على من كان قبلكم ،فتنافسوها كما تنافسوها، وتهلككم كما أهلكتهم)).
الاربعاء 12 نونبر 2014
الاستسقاء عند انحباس الامطار من سنن الانبياء والمرسلين ..قال تعالى ..”واذ استسقى موسى قومه” …كما ان رسول الله استسقى لامته مرارا وتكرارا..
… والجفاف يحصل كما يعلم الجميع بسبب نقص كبير في معدل التساقطات او انقطاع لفترة زمنية طويلة …وعندما ينحسر المطر ويشعر الناس بان اثار ذلك قد تاتي على الاخضر كما اتت على اليابس وانها ستمتد الى المواشي وجميع المخلوقات ..مما يصبح معه الخطر ضارا ومهددا لصحة الناس وارواحهم وقد يؤدي الى الى انتشار الاجرام والانحراف بدافع البحث عن لقمة العيش … عند الخوف من حصول ذلك بسبب تاخر تساقط الامطار او ضعفها …يتداعى اهل الحل والعقد مع الناس عامة لاداء صلاة الاستسقاء التي يودون بها التقرب للخالق وطلب المغفرة والثوبة والرحمة لعل الله يرسل لهم امطار الخير والبركات التي لايمتلك قرارها الا هو سبحانه وتعالى بالقوانين التي بثها في الكون.. وزرعها النفوس عن طريق الفطرة والرسالات السماوية وسنن الانبياء والرسل والصالحين والمصلحين …
وفي سياق الحديث عن الجفاف لابد ان نذكر بعض انواعه والتي تكون اثارها اخطر لانها قد تمتد لعقود وقرون وقد تكون اكثر فتكا من انقطاع الامطار لسنة اوبضع سنوات…
* انحسار الرحمة من قلوب الحكام وتسبب سياساتهم في جفاف الجيوب واستنزاف الارزاق واضعاف القدرة الشرائية
* انحسار المعرفة وتشجيع الخرافات والجهل سواء بمنع او حرمان الشعب من التعلم واكتساب وتطوير المعارف وجعل الولوج الى المعرفة امرا مستعصيا ومتعذرا على الغالبية من عامة الشعب …
* انحسار العدل والعدالة في توزيع خيرات الوطن وثرواته حيث يزداد الاغنياء غنى و الفقراء فقرا …
* جفاف الافكار والتفكير بعجز الكثير من اولي الامر والبعض من اهل الحل والعقد عن انتاج بدائل وحلول للازمات والاكراهات والاشكالات مما عطل الابداع والاجتهاد وزاد درجات التصحر وتراكم الغبار على ما بقي من منطق سليم …
* جفاف في السياسات الرسمية وشبه الرسمية ..فبدل ان تضع الجهات المعنية بصنع تلك السياسات حلولا لرفع الجفاف الحاصل اصلا والذي اكتوى من نيرانه العامة والخاصة اطالوا من امده ووسعوا من دائرة تاثيره وغدوا لهيبه ..ليمتد الى اوسع مدى لدجة انه لم ينج منه احد ..
فانعدام وضعف الأمانة في العمل..و عدم المساواة بين الناس فيما يطبق عليهم و في تنفيذ الأحكام قد يسبب الفساد في الأرض وينشر التطاحنات والصراعات الانانية الهدامة ويعطل عجلة التطور والتنمية ويمهد لهلاك وخراب البيوت الصغيرة كما الكبيرة ..وكاننا برياح السموم قد حلت لتمتص حتى الرطوبة التي في عمق الاشجار والقلوب …
..ان الظلم والاستبداد والقهر والتسلط والتطاول على الناس بالسياسات التفقيرية يتسبب في ابتلاء الناس بجفافين …الجفاف بسبب سياسة الحكومات والجفاف كعقوبة تنبيهية للعصاة والظلمة كانوا افرادا اوجماعات ..فظلم العباد بعضهم بعضا سواء كان البعض حاكما او كانوا معا حكاما او كانوا معا محكومين قد يفرز نفس النتائج لكن بدرجات متباينة ومختلفة … ولهذا حرم الحق سبحانه الظلم فقال تعالى في الحديث القدسي…”يا عبادي اني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا “..
…والظلم يطال الاموال والدماء والاعراض …”كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه” ..رواه مسلم
ولقد صنف النبي عليه الصلاة والسلام الظلم في أنواع ثلاثة فقال :
((الظلم ثلاثة: ظلم لا يغفره الله، وظلم يغفره الله، وظلم لا يترك الله منه شيئًا؛ فأما الظلم الذي لا يغفره الله هو الشرك، وقال: { إِنَّ الشِرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ } …))
((… وأما الظلم الذي يغفره الله فظلم العباد لأنفسهم فهو بينهم وبين ربهم… وأما الظلم الذي لا يتركه فظلم العباد بعضهم بعضًا حتى يدين لبعضهم من بعض))
ومن هنا تكون السياسات التفقيرية الظالمة هي اعلى درجات ظلم بعض العباد لكل العباد …
وفي علاقة بالجفاف الطبيعي يهب المسلمون كبارا وصغارا استجابة لدعوة الله ونبيه التي يطلقها الائمة لصلاة الاستسقاء وهم يستغفرون ربهم ويسارعون لرد المظالم والحقوق لاصحابها ..ويبادرون بالاعتذار لكل من اساؤوا اليه لعل الله يقبل توبتهم فيرحمهم بغيث وسقيا خير مثلما رقت قلوبهم ورحمت من تسببت في ظلمه …كما يعترفون باخطائهم وذنوبهم فيهبوا للصلاة منكسرين متدللين خاشعين لافرق بين الغني والفقير ولا بين الحكام والمجكومين ..
..اما ان كان سبب الجفاف بالمجتمع بفعل الساسات الرسمية للحكومات فمن تحصيل الحاصل ان يبادر اولوا الامر الى التراجع عن سياساتهم التي اضرت بالعباد وان يردوا المظالم ويطلبوا من الناس الصفح عما بدر منهم من اهانات وسب وتجريح وتبخيس وتحقير واستضعاف للشعب معطليه وفقرائه وعماله ونسائه وعامة الناس … ومن باب اولى واحرى ان يصلوا صلاة الاستسقاء من اجل انفسهم وقلوبهم وعقولهم لعلها تلين وتخشع وتبتعد عن كل ظلم يطال الشعب بالمساس بمكتسباته وحقوقه وقدراته وكرامته …لذا إذا كان المسؤولون صادقين في طلب الخير من الله وطلب السقيا والرحمة فيجب أن يتركوا نصائح الصناديق المعلومة التي لاترحم احدا …وان يبتعدوا عن كل ما يتسبب في تجفيف مصادر الرزق ومنابع الحرية والكرامة والتقدم …
قال صلى الله عليه وسلم ..”كل ابن ادم خطاء وخير الخطائين التوابون”…فليتوبوا وليرجعوا وليرحموا من احبهم سيد الخلق اي الفقراء والضعفاء …
وقال «لا قُدِّست أمّة لا يعطى الضعيفُ فيها حقه غير مُتَعْتَع»
وقال «أفضل الأعمال إدخال السرور على المؤمن، كسوتَ عورته، أو أشبعتَ جوعته، أو قضيت حاجته»
فاللهم اسقنا الغيث والرحمة والعدل ولا تكلنا لغيرك …امين
|
||
|
||
..من خلال هذا المنبر الاعلامي نتوجه للمؤرخين المغاربة والى المهتمين بتوثيق تاريخ المغرب وخاصة منه القرن الماضي والحالي …كما نتوجه الى الجهات المسؤولة عن حماية الذاكرة
المغربية المشتركة … للتصدي لكل المسيئين والتحريفيين والمفترين على تاريخ المغرب وعلى رجالات ونساء ساهموا وساهمن بقوة في صنع التغيير والتحولات المختلفة سواء في
مواجهة الاستعمار الفرنسي والاسباني اوفي مواجهة الامبريالية والصهيونية العالميين.. بل منهم من قاد النضال من اجل بناء المغرب الجديد ما بعد الاستقلال حيث بفضلهم وبفضل التدافع
مع الدولة والتفاعل الرصين مع التحولات العالمية في المجال الحقوقي والسياسي والديموقراطي تمكن المغرب من تجاوز العديد من المخاطر والمحن والسكتات المهلكة للدولة والاستقرار
والطمانينة… لقد اصبحنا نرى العديد من التحريفيين الذين اساؤوا للمغرب وكانوا ادوات بطش وقمع وترهيب والذين استعملوا بشكل مباشر او كاليات ” سياسية” لتمييع الحقائق وترهيب
الشعب وتضليله… …فمنهم من تفنن في الاساءة للتاريخ في شموليته.. ومنهم من اساء لاشخاص معينين في استهداف متعمد ومبيت يسعى لتحقيق ما عجزت الالة الاعلامية الرسمية في
العقود السابقة واقبية القمع ان تصل اليه او تحققه ببث الشكوك وتوزيع الاتهامات الباطلة يمنة ويسرة حتى تلبس لقيادات ضحت بسنوات بالسجون والمنافي او هما معا ومنهم من
استشهد “رداء” العمالة والخيانةالذي يغوص فيه بعض ” كتاب التاريخ المفترى عليه ؟؟؟ ان الصمت وعدم التدخل لكشف ووضع حد لكل الاضاليل باخضاع الكتابات للتمحيص العلميي
الرصين يجعل الجميع يتحمل كل النتائج السلبية للتزوير وتضليل الشعب اليوم وفي المستقبل في خدمة جهات معينة..؟؟ بهدف جعل ابطال وشخصيات المغرب البناءة والوطنية “كالخونة”
حتى لايبقى في تاريخنا الحديث من نقتدي بهم ويتم القطع مع كل ما هو جميل ومشرف ..
.. لهذا نلتمس من القوى الوطنية والتقدمية ومن المؤسسات العلمية المهتمة ان تولي هذا الملف الكبير والمهم العناية اللازمة وتتحرك لازالة الشوائب والتزوير المتعمد الذي ان طال الامد
على السكوت عنه سيجعل ابناء الغد اما اشكالات التمييز بين الصادق والكاذب … اليوم مادام العديد من المعنيين بالحقائق الذين صنعوها او ساهموا فيها او عايشوا عن قرب نشوءها
ووقوعها احياء من امثال سي عبد الرحمن اليوسفي والفقيه بوراس وسي محمد بنسعيد ايت ايدر وسي محمد بوسته وسي سعيد بونعيلات ….وغيرهم فالفرصة مواتية لتسليط
الاضواء وتنوير الافهام ودحض الافتراءات ولم لا متابعة الذين يكذبون على الاحياء والاموات وعلى تاريخ الشعب والدولة المغربية..بتهمة التزوير الغليظ ..اي تزوير تاريخ امة ..
نشرة المحرر
الاربعاء 29 اكتوبر 2014
استقبلنا جميعا السنة الهجرية 1436 والتي نريد من خلال هذا المقال تقريب فهمنا المشترك من دلالات وفلسفة الهجرة والتي فصلت بين حقبتين وارخت لانطلاق عهد جديد يهدف الى اصلاح وتغيير الاوضاع العامة دينيا وفكريا واجتماعيا واقتصاديا ….هجرة لم تنطلق لتتوقف بالمدينة المنورة بل لتضع سنة حسنة في استمرارية الهجرة في الفكر والمكان والزمان الى ان تقوم الساعة …
“…فالهجرة تعني لغة ترك شي إلى آخر، أو الانتقال من حال إلى حال، أو من بلد إلى بلد،…” وتنضبط معانيها بطبيعة وخلفيات النية في الهجرة …للتمييز بين الادعاء والتضحية …كما هو موضح بالحديث الافتتاحي لهذا المقال …
….ومن اسبابها البحث عن مكان يمكن للمهاجر ان يمارس فيه حريته الدينية وان يعبر عن افكاره ومعتقداته بعيدا عن القمع والترهيب وتسلط الحكام او المخالفين له …
… وقد يبحث المهاجرون على امكنة وفضاءات ودول وسياسات قد يحققون فيها وبها مستوىات معيشية افضل…
…ولقد امتدت آثارها لتشمل حياة البشرية في العديد من الحقب والمحطات المفصلية في تاريخ تطور المجتعات …بالارتكاز على مبادئ العدالة والحريات والمساواة وفق تطور الادراك والمفاهيم والافكار المؤطرة لكل ذلك …
… وحدد الشارع عندنا نوعين من الهجرة الهجرة إلى الله، والهجرة لغير الله ويوضح ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله : “الهجرة خصلتان، إحداهما أن تهجر السيئات، والأخرى أن تهاجر إلى الله ورسوله، ولا تنقطع الهجرة ما تقبلت التوبة.”…
….فهجر ما نهى الله عنه لا يعني فقط هجر السيئات والمفاسد المغلظة والمخففة ..بل يعني بالضرورة هجر الظلم والاساءة للناس والتضييق على حقوق الشعب والمساس بمكتسباته والاستهزاء والاستهتار بارائه وافكاره ومطالبه العامة والخاصة وهذا ما يمارسه الذين يحكمون في مخالفة لامر الرسول ب (كف اللسان واليد)..التي يعبر عنها بالقرارات والتعاليق المسيئة ..مما يدفع الشعب والقوى الحية الى هجران الحكومة وسياساتها وهجران الخضوع لادعاءاتها التي ظاهرها الاصلاح وباطنها الازمة والتفقير ورهن مستقبل الناس …
…إن الهجرة هي انتقال بمسيرات تسعى للبحث عن الحل الملائم لحجم الانتظارات والمتجاوب بشكل موضوعي ومنطقي مع المصلحة العامة بدل التشبث بالحلول الوهمية والترقيعية التي تزيد الازمة تعقيدا والمؤسسات افلاسا …
ان الهجرة الحقيقية لايمكن ات تتم بتاويل مغرض ل ” … فان لم يستطع فبقلبه … “بالصمت والسكوت الذي يفسر به بعض المسؤولين هدوء الناس وعدم احتجاهم على كل القرارات التي طالت الحقوق والقدراة الشرائية و.. برضاهم وقبولهم واعجابهم بسياسات الحكام التي تلحق بهم الضرر الملموس …ان التغيير بالقلب تعبير عن التامل ومراجعة النفس وتهديبها واعادة تاهيلها وتقويتها للانتقال من الهجرة الباطنية.. الى الهجرة بالفعل في الواقع بشكل ايجابي …
…ان الذين قدموا اموالهم وانفسهم وارواحهم من اجل التغيير في كل المحطات يعدون بالالاف و الذين تجهل اسماء اغلبيتهم الساحقة وهم صناع النصر والنجاح في الواقع والميادين … في حين القادة محدودون يعرف بعضهم ويجهل اغلبهم والذين قد يكون منهم المخلص حقا ومنهم المتربصون …ان ابطال الهجرات الذين قدموا كل التضحيات هم الاحق بالوفاء علمنا باسماءهم ام لم نعلم… انهم الذين ناصروا كل الانبياء.. وكل المصلحين والثوار العادلين وناضلوا من اجل الحرية والاستقلال والديموقراطية والكرامة…
ان البعض اليوم بالعديد من دول العالم الثالث وبلدنا منهم بطبيعة الحال يجدون ويجتهدون للهجرة الى كراسي الحكم ويهجرون في نفس الان مبادئهم وافكارهم التي ملاوا الاوراق والاسماع بها وتغنوا ورقصوا على انغامها انتشاء …انهم يهجرون كل شيئ ..الشعب ..والفكر الحر ..وتضحيات المواطنين ..بل يهجرون حتى حب الناس ورعاية مصالحهم حق الرعاية …ومن هنا نقول لكل هؤلاء اذا كان الشعب هو الضامن لنجاح كل الثورات وحركات التغيير ..فلا يجب ان يستبلد ويجعل مطية للوصول الى المناصب ..لان ردة فعل الشعب عندما يثور فعليا ستكون كما يشهد على ذلك التاريخ قوية لن تقبل الا بالتغيير الحقيقي الذي يكون غالبا مكلفا على جميع المستويات وقد تمتد نتائج ذلك واثاره لسنوات وعقود احيانا ايجابا او سلبا ..
فليتعقل الساسة الحكام …والذين يسعون للحكم وليكونوا في خدمة الشعب والوطن وليفكروا للفقراء والعمال والكادحين والعامة والمستضعفين قبل ان يفكروا في اي شيئ اخر وخاصة الكراسي وليعملوا بجد ووفاء …
… قال ربعيُّ بنُ عامرٍ في كلمتِه الشهيرة لرستم: “إنَّ الله ابتعثَنا لنُخرِج العبادَ مِن عبادةِ العِباد إلى عبادةِ ربِّ العِباد، ومِن جَورِ الأديان إلى عدلِ الإسلام”…
فتحية لكل المناضلين والمناضلات الذين يهاجرون يوميا من اجل هذا البلد وشعبه …بمناسبة السنة الهجرية الجديدة وبمناسبة ذكر ى اختطاف واستشهاد عريس الشهدا المهدي بنبركة وبمناسبة الاضراب العام …
وللوصول الى ذلك لابد أن تصل خيرات وثروات الدولة الى كل افراد المجتمع بنحو عادل …من اجل الحد من الفوارق الطبقية والقضاء على الفقر …وليس تبريره بخطابات تتخفى وراء التاويل السلبي للنصوص الشرعية باغفال جلي لاهداف الاسلام الجوهرية المتجلية في سياسة الخليفتين عمر بن الخطاب وعمر بن عبد العزيز اللذين بعدلهما وتوزيعهما للثروات لم يتبق فقير واحد بالدولة الاسلامية بما فيهم الفقراء من الديانات الاخرى …
اننا اذا قرانا واقع الناس ببلادنا للبحث عن العدالة المتحدث عنها وسالنا اسئلة بسيطة من مثل …هل كل الشعب متعلم ؟ وهل كل المتعلمين يحظون بنفس فرص الجودة في كل مناطق الوطن ؟ وهل كل الراغبين في اتمام دراساتهم يجدون جامعات قادرة على استيعابهم و تعليمهم في الظروف الاكاديمية المشرفة التي ما فتئ الاساتذة يطالبون بها ؟ وهل كل من تعلم واتم دراساته يجد له مكانا في بلاده للمساهمة في الانتاج والعمل ؟
وهل كل الناس بالبلد يعملون ؟ وهل الذين يعملون يتقاضون اجرا يكفيهم لادنى الحاجيات من سكن وماكل وعلاج وتعليم و..؟ وهل الذين لا يعملون ولا يجدون من يعولهم يوجد لهم نصيب من المال العام ؟ …وهل كل الناس يستطيعون الوصول الى كل انواع العلاج لكل الامراض ..؟…الخ
…ان الاموال والموارد والثروات التي تسيرها الحكومات هي لله وهم مستخلفون فيها تطويرا ورعاية وتدبيرا وانفاقا بعدل وهم مساءلون عنها امام الله والناس في الدنيا والاخرة …لهذا فالرقابة عندنا في الاسلام والعديد من المذاهب ذاث بعد اخلاقي وتقوم على الاخلاص والنية والعمل الصادقين …وهي عندنا باعتبار ايماننا بالله والمصير اليه للحساب استحضار لرقابته سبحانه وتعالى التي تطال السر والعلن القول والفعل …﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاء ﴾ سورة آل عمران
مصطفى المتوكل / تارودانت
الاربعاء 15 اكتوبر 2014
في الحديث الصحيح يقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((اللهم من ولي من أمر أمتي شيئا فرفق بهم فارفق به ومن ولي من أمر أمتي شيئا فشق عليهم فاشقق عليه)) خرجه مسلم في الصحيح
عنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((مَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ يَسَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ))
…جاء الرسول صلى الله عليه وسلم للناس كافة لاخراجهم من الظلمات الى النور …وخاصة ظلمات الظلم والممارسات الجاهلية والفكر والسياسة الطبقية المفقرة للفقراء والمهمشة لهم … جاء مبشرا بالمساواة والعدالة الاجتماعية والاقتصادية التي تحد من الفوارق الطبقية بهدف ليس تنظيم وتكريس الخصاص والفقر بل لضمان اخراج الناس من ظلم الفاقة والعوز الذي قد يؤدي الى التطرف والعنف والفوضى اوالكفر .. بجعل خيرات وثروات الدولة في صالح المستحقين والذين اشارت اليهم العديد من النصوص بالكتاب والسنة لتحقيق التضامن والتكافل المحقق للكرامة …
…..ولينجز (ص) هذه المهمة العظيمة التي اختاره الله لها جعله يعيش يتيما .. ويشتغل بالرعي كما بالتجارة …وكان في قلبه حب كبير للفقراء والمهمشين والمستضعفين ..وكان امينا ومحترما عند الجميع ..فحفظ لسانه من كل كلام بذيئ كما حفظ سلوكه من كل استخفاف او اعتداء او تطاول على غيره ….
كما انه امتحن في طفولته وشبابه وكهولته حيث تعرض للدسائس والمؤامرات والاتهامات الزائفة والمساس بعرض احد زوجاته وتعددت محاولات قتله بالسلاح وبالسم واتهامه بالجنون و…وبقي صامدا ومدافعا بالقوة الفاضلة والصرامة العادلة والرحمة واللين المحبب للخير والتسامح … الى ان وافاه الاجل المحتوم …
وكان (ص) يصبر على المكاره والاساءات في سبيل نشر العدل واعلاء كلمة الحق ونصرة المظلومين . وكان لا يغضب لنفسه ولا يكيد ولا ينتقم لها…ولا يسب معارضيه ومنتقديه بل يصدقهم النصح ويدعوا لهم بالخير والهداية ..ولا يستهزئ بهم او يحتقرهم او يسبهم او يهينهم او ييد لهم ويتربص بهم …
ان الرسالة السماوية تتطلب ان يكون حاملها والمبلغة اليه بالوحي متشبعا بفطرة الله مع استعداده الحاسم والصريح لتنفيذ روحها وجوهرها الذي لايخلوا من مرتكزات جوهرية تالية
*التوحيد والايمان بالنبوة والرسالات … * حسن الخلق وتجلياته في مختلف مناحي الحياة و منها شؤون المرسل اليهم وبالاخص المستضعفين والفقراء والكادحين … * وحسن التبليغ مع التسامح المشبع بالرحمة والمحبة والتجاوز البناء…
فكان عليه الصلاة والسلام الى جانب الفقراء والعامة يجالسهم يتواصل معهم يتضامن ويتعاطف مع قضاياهم و يسعى من اجل اسعادهم… فتعرض نتيجة لذلك الى الانتقاد من البعض من الذين يعارضون مواقفه تلك …في مثل هذا قال تعالى (.. فقال الملا الذين كفروا من قومه ما نراك الا بشرا مثلنا وما نراك اتبعك الا الذين هم اراذلنا باذئ الراي وما نرى لكم علينا من فضل بل نظنكم كاذبين )
و روى عبد الله بن مسعود قال: « مَرَّ الملأ من قريش على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وعنده صهيب وبلال وعمّار وخبّاب ونحوهم من ضعفاء المسلمين.. فقالوا يا محمد؛ اطردهم، أَرَضيتَ هؤلاء من قومك؟! أفنحن نكون تبعاً لهؤلاء؟! أهؤلاء مَنَّ الله عليهم من بيننا؟! فلعلك إن تطردهم أن نأتيك. قال: فنـزلت: ﴿وَلاَ تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِم مِّن شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِم مِّن شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ﴾..
وكان (ص) يحب الخير للجميع ويسعى لتقوية اواصر العلاقات الانسانية مع المسلمين وغير المسلمين فياكل معهم ويزورهم ويواسيهم ويخفف عنهم معناتهم ويساندهم …هذا قليل من بحار فضائل النبي ونهجه التي اراد ان يلقنها للبشرية … اذ الاسلام المكتمل يكون بالمعاملات والعلاقات العامة وليس بالعبادات فقط…
ومن هنا نريد فقط ان نسائل واقع الحال اليوم بالبلدان التي تصنف ضمن العالم الاسلامي اين هي في سياساتها مع الشعوب ومع الجيران ومع غير المسلمين في علاقة بما كان عليه النبي (ص) او بما نصحنا وامرنا بفعله والعمل من اجله ؟؟
و سنقدم احاديث نبوية لنضرب بها الامثال لواقع السياسات الرسمية التي انهكت الفقراء والشعوب .. وانتجت وافرزت نقيض ما يفرج الكرب ويحقق العدالة الاجتماعية دون ان نحلل او نشرح … ولينظر كل واحد نفسه اين هو مما قاله سيد الخلق
/ قال (ص) ..((…هم إخوانكم جعلهم الله تحت أيديكم، فمَن جعل الله أخاه تحت يده فليطعمه مما يأكل، وليلبسه مما يلبس، ولا يكلّفه من العمل ما يغلبه، فإن كلفه ما يغلبه فليعنه عليه)) متفق عليه واللفظ للبخاري،
/ و قال: «لا قُدِّست أمّة لا يعطى الضعيفُ فيها حقه غير مُتَعْتَع”
/ و قال: ((الراحمون يرْحمهم الرحمن، ارْحموا مَن في الأرض يرحمكم مَن في السماء))
/ و قــال : أذَلّ الناس من أهان الناس”، و”من أذلّ مؤمنا أذلّه الله” .
/ وقال : ((لا تُنزَعُ الرَّحمة إلا مِن شَقي))
/ وقال: «أفضل الأعمال إدخال السرور على المؤمن، كسوتَ عورته، أو أشبعتَ جوعته، أو قضيت حاجته»
/ وقال : (أيما أهل عرصة أمسوا وفيهم جائع فقد برئت منهم ذمة الله ورسوله).
…قال الإمام الشاطبى – رحمه الله تعالى: (إذا خلا بيت المال وارتفعت حاجات الجند والناس وليس فيه ما يكفيهم فللإمام أن يوظف على الأغنياء ما يراه لهم فى الحال إلى أن يظهر مال فى بيت المال أو يكون فيه ما يكفى ووجه المصلحة فى هذا أن الإمام لو لم يفعل ذلك لبطلت شوكته وصارت الدنيا عرضة للفتن)…
فتعلموا رحمكم الله من سيدنا عمر وسيدنا علي واقتبسوا من هدي السلف الصالح المحب للفقراء والانسانية وانتبهوا ان تقعوا في مصائد الصناديق الدولية التي لاترى من اقتراحات لعلاج الازمات الناجمة عن السياسات الفاشلة او التردي الاقتصادي الذي يفوق الطاقات والقدرات الا بالمزيد من التفقير والبطالة ورفع الاسعار والاضرار بالقدرات الشرائية لعامة الناس …..
بقلم مصطفى المتوكل / تارودانت
الاربعاء 8 اكتوبر 2014
قال الرسول صلى الله عليه وسلم: “صوموا لرؤيته، وأفطروا الرؤية”
عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ – رضي الله عنهما – أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ذَكَرَ رَمَضَانَ فَقَالَ : (( لاَ تَصُومُوا حَتَّى تَرَوُا الْهِلاَلَ ، وَلاَ تُفْطِرُوا حَتَّى تَرَوْهُ ، فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدُرُوا لَهُ ))رواه البخاري ومثله في موطا الامام مالك مع فرق في ” فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا الْعِدَّةَ ثَلاَثِينَ »
وقال : “الشهر تسع وعشرون، فلا تصوموا حتى تروا الهلال، ولا تفطروا حتى تروه، فإن غمّ عليكم فاقدروا له…رواه مالك في الموطا
قال تعالى (فلا أقسم برب المشارق والمغارب)..المعارج
بمناسبة الضجة التعسفية المصطنعة من احد ابناء الازهر … سنطرح السؤال على الذين – يفتون – بل – يخوضون – في كل الاشياء والمسائل التي تهم البر والجو وتحت الارض وفوقها ما يدرك وما يستحيل تصوره …. بدوافع وخلفيات طائفية واخرى مذهبية واحيانا سياسوية وفي حالات مزاجية انفعالية وفي اخرى كيدية …فنقول لهم من كان منكم مؤمنا فليقل خيرا او ليصمت …ومن كان منكم متحدثا فليلزم حدود الادب مع الله ومع المسلمين والناس وكافة …ومن كان يعتقد انه يمتلك المعرفة التي تخول له ظلم المغاربة باصدار اراء جائرة على عيد اضحاهم بانه باطل والتلميح من خلف ذلك الى ان صيامهم وافطارهم كذلك امر باطل لا لشيئ سوى لانه قام باعتماد اجراء الحساب للتعرف على الهلال واجرى غيره سنة النبي والخلفاء وكبار الصحابة باعتماد الرؤية فقط ..وفي هذا مافيه من احكام شرعية بسبب تطاوله وطعنه في جزء مهم من العالم الاسلامي والتشكيك الفاسد في اقامتهم لعباداتهم واقتدائهم بنبيهم عليه افضل الصلاة والتسليم …وهل نحن بهذا في نظر البعض قد افطرنا في يوم الصيام عمدا مما تلزم معه كفارة صيام شهرين متتابعين ؟؟
فمن سمح باعلان ذلك الكلام الذي تطاول به صاحبه على روح الاسلام وعلى سنة سيدنا محمد (ص) و ضرب بعرض الحائط بما هو موثق في امهات الكتب من خلاف لم يستطع كبار العلماء الاجلاء ان يبطلوا احد الرايين بسبب اختلاف في الفهم او التفسير او الترجيح …
ان الدولة المغربية بشهادة العلماء في مختلف بقاع الارض من اقوى الدول تنظيما وتدقيقا وتحقيقا في مجال تطبيق مقتضى النصوص الشرعية للتاكد من رؤية الاهلة ووضعت لهذه العملية اليات وموارد بشرية متخصصة تنتشر على ارض المغرب من اول نقطة في الشمال الى الحدود مع موريتانيا الى الحدود مع الجزائر وفي الجبال والسهول والصحاري وكل المدن المغربية وعين وكلف للقيام بهذه المهمة الشرعية الائمة والقضاة والمراقبون المنتمون الى العديد من المصالح مدنية وعسكرية معتمدين في ذلك على فهم دقيق للنصوص الشرعية …( صوموا لرؤيته وافطروا لرؤيته فان غم عليكم فاكملوا العدة ولا تستقبلوا الشهر استقبالا ) .
ونقول هل يمكن للمغرب ان لم تثبث رؤية الهلال عنده بالقطع ..وراته دولة ما ولو كانت باكستان او افغانسات او غيرهما باعتماد ا لحساب ان يترك قطعه ويرجح حساب دولة ما لاتعمل بالرؤية البصرية المباشرة ؟..
ولنفترض اننا مع دول اخرى صمنا معا في يوم واحد وعند نهاية الشهر احتفل هؤلاء باعتماد الحساب الفلكي لتعذر الرؤية لاي سبب.. ونحن لم تثبث الرؤية عندنا فاتممنا 30 ..فهل ان لم نقتد بهم نكون قد ارتكبنا منهيا عنه بصومنا يوم العيد ؟
وكيف للبعض ان يخلط بين رؤية الهلال وبين الوقوف بعرفة والاتهام ببطلان عيد المغاربة ؟؟
فالوقوف بعرفة والذي هو ركن من اركان الحج يتم بارض السعودية في المكان الذي يسمى عرفة …ولهذا فالصيام بالنسبة لغير الحجاج في كل البقاع يقصد به صيام اليوم الذي يقف فيه الحجاج بعرفة ولا حرج ان صام الناس يوما قبله …قال الرسول الكريم (ص):” صيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده.”
وللاشارة فاحد كبار علماء سوس رحمه الله حج في سنة ما وعندما حل يوم عرفه وقف مع الواقفين وعاد منفردا في اليوم الموالي ليقف بعرفة مرة ثانية لانه متاكد بان رؤيته و المغاربة القطعية للهلال تجعله متاكدا من يوم عرفة الذي هو حسب علمه هو غير المعتمد بالحساب وهذا زيادة في التيقن عنده …ولم يقل قط ان كل من وقف بعرفة وقف في غير اليوم الفعلي …
ونطرح السؤال ما الذي يريده ذلك الازهري من اثارة هذه المسالة الغريبة والمستفزة ؟ الا يقصد تشكيك المغاربة في نزاهة ودقة ومصداقية العمل الشرعي للمغرب في رؤية الهلال المعتمدة منذ قرون ؟ الا يقصد اثارة الفتن وتشجيع من يسعون الى تقسيم المسلمين داخل الدولة الواحدة بان يختلفوا في مواعد اعيادهم وصيامهم داخل الدولة الواحدة بالاقتداء بالشيعة او بدولة سنية ؟…واذا اردنا كدول اسلامية ان نوحد منهجية التاكد من بداية ونهاية كل شهر هل نعتبر كل الامة الاسلامية كالدولة الواحدة ؟
وماهي المنهجية التي سنعتمدها في الرؤية هل الرؤية والحساب معا ام احدهما ؟ ان الامر ليس بالهين للتعامل معه بالامزجة والانفعالات …ان الامر يتطلب ان يجتمع العلماء والخبراء من كل الدول الاسلامية ويجتهدوا ليضعوا صيغة تجمع بين المذهبين والرايين دون الاخلال بجوهر القصد الشرعي في المسالة واحداث مؤسسة يعهد لها الاشراف والتتبع والاعلان في تكامل بين الشرع والعلوم الحديثة …
ونستحضر ما قاله العالم الألباني رحمه الله وهو يتحدث عن مسالة الرؤية : (وهذا أمر متيسر اليوم للغاية كما هو معلوم، ولكنه يتطلب شيئاً من اهتمام الدول حتى تجعله حقيقة واقعية إن شاء الله تبارك وتعالى. وإلى أن تجتمع الدول الإسلامية على ذلك، فإني أرى على شعب كل دولة أن يصوم مع دولته، ولا ينقسم على نفسه، فيصوم بعضهم معها، وبعضهم مع غيرها، تقدمت في صيامها أو تأخرت، لما في ذلك من توسيع دائرة الخلاف في الشعب الواحد، كما وقع في بعض الدول العربية منذ بضع سنين والله المستعان، والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.)…
وسنذكر في هذه المقالة باراء بعض المذاهب في الموضوع …
…ففى” فقه الشافعية أنه اذا رئى هلال رمضان فى بلد ولم ير فى غيره فان تقارب البلدان فحكمهما حكم بلد واحد بلا خلاف وان تباعدا فوجهان مشهوران أصحهما لا يجب الصوم على أهل البلاد الأخرى…….فمثلوا للتباعد باختلاف المطالع كالحجاز والعراق وخراسان والتقارب كبغداد والكوفة”
…وفى فقه الحنفية أنه لا عبرة باختلاف المطالع فمتى ثبتت رؤية الهلال فى بلد بالمشرق مثلا لزم ذلك سائر البلاد شرقا وغربا ..وذهب آخرون من فقهاء المذهب الى اعتبار اختلاف المطالع ..
…والخلاصة أن العلماء مجمعون على أن ابتداء وانتهاء الشهور القمرية تتم برؤية الهلال حقيقة، أو حكما، لكنهم يختلفون في.. هل تلزم هذه الرؤية الامة الاسلامية أم لا نظرا لاختلاف المطالع..؟
…فعندما يتحدث الفقهاء عن “اختلاف المطالع” .. فذلك لتوضيح ان هناك تنوعا في مواقع ظهور الهلال حسب البلدان شرق الكرة الارضية وغربها .شمالها وجنوبها …كما هو الحال بتعاقب الليل والنهار بطلوع الشمس وغروبها ومواقع هذه العملية في السماء حسب الفصول الاربعة …ونذكر ببديهية ذاث صلة بالاختلافٌ في التوقيت على مدار الايام بين البلدان حيث تطلع الشمس بالتتابع من المشرق الى المغرب كما تغرب بنفس الوثيرة ..وحيث تختلف مواعيد الامساك عن الطعام ومواعيد الافطار بالنسبة للصائمين بمختلف البلدان حتى داخل الدولة الواحدة ..كما تختلف اوقات الصلوات الخمس …وبناء على عدة معطيات ومنها امكانية الرؤية من عدمها يوم 29 من كل شهر بالنسبة لكل بلد وخاصة المتباعدة بالاف الكيلومترات فان اعتماد الرؤية الفعلية على العين المجردة من جهة او على الحساب الفلكي دون تحقق الرؤية بالعين مسالة فيها اختلاف بين الفقهاء والمتخصصين …
… ونسرد هنا ما جاء في الأثر فيما رواه مسلم عن كريب “أن أم الفضل بنت الحارث بعثته إلى معاوية بالشام، فقال: قدمت الشام فقضيت حاجتها، واستهل علىّ رمضان، وأنا بالشام فرأيت الهلال ليلة الجمعة، ثم قدمت المدينة في آخر الشهر، فسألني عبد الله بن عباس ثم ذكر الهلال فقال: متى رأيتم الهلال؟ فقلت رأيته ليلة الجمعة فقال: أنت رأيته؟ فقلت: نعم ورآه الناس وصاموا وصام معاوية.
قال: لكنا رأيناه ليلة السبت، فلا نزال نصوم حتى نكمل ثلاثين يوما أو نراه.
فقلت: ألا تكتفي برؤية معاوية؟ فقال: لا هكذا أمرنا النبي عليه الصلاة والسلام.
فظاهر هذا الأثر يقتضي أن لكل بلد رؤيته قرب أو بعد، والنظر يعطي الفرق بين البلاد النائية والقريبة، وخاصة ما كان نأيه في الطول والعرض كثيرا”.
ونحتم بقولتين لابن تيمية ..
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (25/132) : (فَإِنَّا نَعْلَمُ بِالِاضْطِرَارِ مِنْ دِينِ الْإِسْلَامِ أَنَّ الْعَمَلَ فِي رُؤْيَةِ هِلَالِ الصَّوْمِ أَوْ الْحَجِّ أَوْ الْعِدَّةِ أَوْ الْإِيلَاءِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَحْكَامِ الْمُعَلَّقَةِ بِالْهِلَالِ بِخَبَرِ الْحَاسِبِ أَنَّهُ يُرَى أَوْ لَا يُرَى لَا يَجُوزُ . وَالنُّصُوصُ الْمُسْتَفِيضَةُ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِذَلِكَ كَثِيرَةٌ . وَقَدّ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهِ . وَلَا يُعْرَفُ فِيهِ خِلَافٌ قَدِيمٌ أَصْلًا وَلَا خِلَافٌ حَدِيثٌ ؛ إلَّا أَنَّ بَعْضَ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ الْمُتَفَقِّهَةِ الحادثين بَعْدَ الْمِائَةِ الثَّالِثَةِ زَعَمَ أَنَّهُ إذَا غُمَّ الْهِلَالُ جَازَ لِلْحَاسِبِ أَنْ يَعْمَلَ فِي حَقِّ نَفْسِهِ بِالْحِسَابِ فَإِنْ كَانَ الْحِسَابُ دَلَّ عَلَى الرُّؤْيَةِ صَامَ وَإِلَّا فَلَا . وَهَذَا الْقَوْلُ وَإِنْ كَانَ مُقَيَّدًا بِالْإِغْمَامِ وَمُخْتَصًّا بِالْحَاسِبِ فَهُوَ شَاذٌّ مَسْبُوقٌ بِالْإِجْمَاعِ عَلَى خِلَافِهِ) .
وقال ابن تيمية: ” ولا ريب أنه ثبت بالسنة الصحيحة واتفاق الصحابة أنه لا يجوز الاعتماد على حساب النجوم”.
والله اعلم …
مصطفى المتوكل / تارودانت
الاربعاء 1 اكتوبر 2014
يقول الله تعالى : { ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون فرحين بما آتاهم الله من فضله} ال عمران
ومن ابواب في سبيل الله السعي من اجل مصالح الناس وضعفائهم ونصرة المظلومين والمستضعفين … والخروج في طلب العلم حتى الرجوع منه .. والساعي على الارملة والمسكين …
…يستعد المسلمون للاحتفال بعيد الاضحى المبارك ويجددون الاحتفال به سنويا سيرا على نهج سيد ولد ادم محمد عليه الصلاة والسلام … قائد ورمز التضحية والفداء هو ومن سبقه من الانبياء والمرسلين من اجل اقرار العدل وحماية الناس من الظلم ومناهضة الاستبداد والاستغلال والاستعباد وبناء عدالة وتضامن اجتماعي ونبذ كل سياسات التفقير والاستخفاف بكرامة الناس …
…قال ابن القيم ( يامخنث العزم اين انت والطريق ؟ طريق تعب فيه ادم. وناح لاجله نوح . ورمي في النار الخليل . واضجع للذبح اسماعيل .وبيع يوسف بثمن بخس ولبث في السجن بضع سنين . ونشر بالمنشار زكرياء .وذبح السيد الحصور يحيى .وقاسى الضر ايوب . وزاد على المقدار بكاء داود. وسار مع الوحش عيسى. وعالج الفقر وانواع الاذى محمد صلى الله عليه وسلم .. )
فلا معنى للتَّضْحية ان لم يكن هناك بذل للنفس او الوقت او المال في سبيل تحقيق غايات اسمى تستحضر انصاف المظلومين والذين تطالهم سياسات التفقير والاضطهاد الاجتماعي وطغيان الخصاص في مجالات ومناحي مستلزمات الحياة في حدودها الدنيا ..
ولا معنى للتضحية ان قصد بها ان يضحي الذين كانوا ضحايا للسياسات السلبية بما تبقى لديهم من جهد ومال لايسمن ولايستجيب حتى للحد من فقرهم ..
ولا معنى لاصلاح الاوضاع بادعاء ان علينا ان نضحي بالمزيد من الصبر على رفع الاسعار ومنها ثمن الماء والكهرباء ونسبة الاقتطاع من الاجور وتوقيف تشغيل العاطلين و…والخطاب هنا يستهدف فقراء الامة وعمالها وموظفوها البسطاء و المهددون بالتفقير …
ان الذين علموا للبشرية التضحية بمفاهيمها الراقية والمشبعة بالانسانية والرحمة قصدوا نقيض ما نراه في السياسات العمومية في العديد من الدول … قصدوا به ان يضحي الذين هم في مقاليد الحكم والذين يتحكمون في تسيير وتدبير الثروات الوطنية المتواجدة برا وبحرا وجوا وتحت الارض … وخاصة اهمها الثروة البشرية اي الشعب …قصدوا اعمال ميزان التوزيع العادل للثروات بفتح منافذها وابوابها للجميع لتثمينها وتطويرها ومن اجل ان يعم الخير الغالبية العظمى .. بدفع الفقر والحد من زحفه على الشعب باغلب طبقاته الكبرى …
ان افكار وادعاءات الحكام قبل ان يتحملوا مسؤولية الشان العام سواء عن طريق انتخابات سليمة او موجهة شيئ ؟؟ وممارساتهم وتصريحاتهم بعد استوائهم على الكراسي ..يتبين يوما بعد يوم في هذا العصر او عصور موغلة في القدم انه شيئ مخالف ومناقض وسلبي وملتبس ..رغم عمليات التجميل والتنميق الرقمي والكلامي و…ونتذكر هنا مقولة للفيلسوف الانجليزي بيرتراند راسل – بطبيعة الحال لاقياس مع وجود الفارق – عندما سئل:” هل أنت مستعد للتضحية بحياتك من أجل أفكارك؟. قال: لا، لأني على يقين من حياتي، ولكني لست على يقين من أفكاري…”
…ان المتامل للتاريخ المعاصر للمغرب سيجد بوطننا هذا رجالا ونساءا بافكارهم الثورية الواقعية التي كانت تسعى الى استقلال المغرب من الاستعمار الفرنسي والاسباني بهدف بناء الدولة المغربية على اسس ديموقراطية تكون فيها كلمة الشعب مسموعة وارادته محترمه وحريته وعيشه الكريم متوفرين في اجواء يسودها العدل والثراء المعرفي والاستفادة من خيرات الوطن … فعندما خاض عبد الكريم الخطابي والمغاربة بالريف ثورة ضد الاستعمار كانوا جاهزين للتضحية بكل ما يملكون من اجل المغرب ولو فكروا لانفسهم ما ثاروا .. وعندما خاض المقاومون ومنهم علال بن عبد الله والزرقطوني وحمان الفطواكي والالاف من امثالهم المعارك من اجل هذا البلد فاسترخصوا ارواحهم من اجل حرية المغاربة واستقلال الوطن وحماية الشرعية فنالوا الشهادة من اجلنا جميعا … وعندما استشهد المهدي بنبركة وعمر بنجلون والمئات من امثالهما مناضلات ومناضلين في الكثير من المحطات التي عرفها المغرب طوال سنوات الجمر والرصاص بعد الاستقلال .. لم يكونوا يفكرون الا في مصلحة الشعب المغربي ورخائه وازدهاره ..وكان بامكانهم وهم في مراكز تسهل لهم ان يحكموا المغرب ويتحكموا في قر اراته الا انهم انحازوا الى التضحية فكتبت اسماؤهم مع الذين قال فيهم تعالى ” : من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا ليجزي الله الصادقين بصدقهم ويعذب المنافقين إن شاء أو يتوب عليهم إن الله كان غفورا رحيما “
… ان التضحية قيمة روحية واخلاقية وفكرية راقية ومثالية وطاهرة تجعل التاريخ الانساني منذ سيدنا ادم الى الان له معنى واهداف نبيلة وان هناك بالفعل اسباب عظيمة للوجود بمختلف تجلياته …فلكل الثقافات والمعتقدات ثراث خاص او مشترك يسجل بمداد من الفخر كل تلك التضحيات البعيدة عن الانتهازية والوصولية والارتزاق والركوب على نضالات الاخرين …
..انه لايجب الخلط بين الذين يضحون بكل شيئ من اجل ذواتهم ومنظماتهم وافكارهم حتى ولو كان باستعباد الناس وتفقيرهم واسبلادهم وبين اسياد وابطال التضحية الحقيقيين …ولن نسرد هنا في هذا المقال العديد من الاسماء التي افسدت حضارات وحطمت ارادات الشعوب بل وابادت امما بدعاوى ظاهرها الاصلاح وباطنها اشياء اخرى وعندما لايجدون ما يفعلون يزورون ويفترون على التاريخ النضالي للامم …
ونختم في سياقات دلالات حكم الاضحية ومشروعيتها التي ترمز في تطبيق فعلي الى اهمية حسن العلاقة بين الانسان وخالقه وبين الانسان واخيه الانسان .. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “مَنْ وَجَدَ سَعَةً فَلَمْ يُضَحِّ فَلاَ يَقْرَبَنَّ مُصَلاَّنَا” (مسند أحمد)…
فالله نسال ان يحفظ امتنا من الذين قال فيهم سبحانه : { قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا }
ونساله بمناسبة هذا العيد المبارك ان يفرج هم المهمومين وان يخفف من الام المستضعفين وان يوسع على خلقه من فقراء هذه الامة …
عن أبى بكر الصِّدِّيق، أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: ” دَعَواتُ المكروبِ: اللهُمَّ رَحْمَتَكَ أرجُو، فَلا تَكِلْنِى إلى نَفْسى طَرْفَةَ عَيْنٍ، وأصْلِحْ لى شَأنى كُلَّهُ، لا إله إلا أنْتَ ”
|
مصطفى المتوكل / تارودانت
24 شتنبر 2014
قال رسول الله صلى اللله عليه وسلم : (إذا أصبح ابن آدم فإن الأعضاء كلها تكفر اللسان، تقول: اتق الله فينا، فإنما نحن بك، فإن استقمت استقمنا، وإن اعوججت اعوججنا) رواه الترمذي.
… عرف العلماء الغيبة بأنها ذكر الانسان غيره بما يكره من العيوب وهي فيه، فإن لم تكن فيه فهو البهتان، كما في الحديث: “قيل ما الغيبة يا رسول الله؟ فقال: ذكرك أخاك بما يكره، قيل: أفرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال: إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه فقد بهته” رواه مسلم.
اما اذا بحثنا في اسبابها وفق ما وصل اليه السابقون فان منها … الحسد، والاحتقار العمدي، والتبخيس بالاستهزاء .. وأن يتحدث عن غيره بالعيب والتجريح ليظهر نفسه بانه احسن كصيغ من صيغ الدعاية العدوانية السخيفة ..
ولهذا عندما يتم الحديث عن الكيد فاننا نجد انفسنا امام المكر والخبث والاحتيال بارادة مبيتة للاساءة… قال تعالى ” ام يريدون كيدا “الطور..
ان الشان العام تعلق الامر بالسياسي منه او الديني او المعرفي عامة يجب احترامه وتوقيره لانه يجسد ارضيات يجتمع حولها وعليها الناس باختلاف في مستويات الفهم والاستيعاب لحقائق الاشياء … فمن الناس من يعبد الله دون ان يحفظ من القران الا سورة اوسورتين قصيرتين لكن ايمانه قد يكون اقوى من بعض من يدعي حفظ القران والتبحر في العلوم الشرعية ..ومن الناس من يحب الوطن وهو من افقر الفقراء وقد لايكون عارفا حتى باسماء مناطقه الحدودية ولا العديد من مدن وقرى بلده لكنه يهب عند اول نداء للدفاع والتضحية بالغالي والنفيس من اجل حماية استقلال البلد …ومن الناس من لايدرك لا الراسمالية ولا الاشتراكية ولا الاقتصاد والياته ولا مناهج التدبير والتعليم و.. ولكنه يستمع ببساطة وحسن نية وسذاجة احيانا فيفرح قلبه ويتعاطف او تشمئز نفسه فيكره ويعادي …فيضع هولاء واولائك ثقتهم فيمن بيدهم الامور تعلق الامر بمن يسيرون الاسرة اوالمدرسة اوالحكومة اوالمسجد …ويعتقدون بان كل ما يصدر منهم هو عين الصواب وهو الحقيقة الدامغة .. الى هنا والامر ممكن ان نقول انه سليم … لكن قد يوجد من بين” هؤلاء” من يقلب الحقائق ومن يستغل بساطة الناس بتصنع وادعاء كل ما هو جميل ومبارك وطيب للسيطرة على المواطنين وبث روح الفرقة وزرع الفتن والتشكيك في التاريخ المنير لرجالات ونساء الوطن الذين عندما قدموا تضحيات لم يكونوا يسعون الى من يمدحهم ولا الى من يجازيهم …فالامام الذي يتحلق امامه واسفل منبره بالمسجد في صمت وخشوع العديد من الناس ليس معناه انه هو احسنهم لانه قد يكون في المجلس من هم افضل منه علما وورعا .. لكن احترموه لقداسة المكان الذي يقال فيه كلام الله ورسوله …فعندما يستغل البعض المنبر لتمرير خطاب سياسي معين او ينشر مذهبا مخالفا لمذهب الامة المعتمد فذلك باب من ابواب الخلط والتضليل وزرع الفتن بل وحتى خلق الحقد والكراهية ما بين جمهرة من الناس وبعض الائمة المتعمدين تسييس الدين بالباسه سياسة حزب او طائفة ما …
…إن التعقيدات والاشكالات التي يتسبب فيها البعض ممن ذكرنا تتطلب منا جميعا وخصوصا اولوا الالباب واصحاب النوايا السليمة ان نتجند لتنوير الناس وتعليمهم وتوعيتهم بتسليحهم بالمعرفة والعلوم اللازمة للتمييز بين الحق والباطل في الدين كما في السياسة ليمتلكوا القدرة للفصل بين الخطب المنقمة التي تضمر نيات سلبية يمكن التعرف على امثالها في الواقع المعاصر وفي التاريخ القريب والبعيد و التي تسببت في انهيار حضارات وتمزق شعوب واراقة دماء الابرياء …
..إن اي اعوجاج او انحراف في المواقف العامة السياسية والذي يطال مجالات حيوية في المجتمع قد تضرب الراهن وترهن المستقبل بسبب التعالي والاحساس بالافضلية والاحقية وذلك بانفصال عن رغبات الناس وامالهم وطموحاتهم مع الاعتقاد الجازم غرورا منهم بانهم هم وحدهم على حق والاخرين بل والمعنيون بالعملية كلهم على ضلال …وهنا لابد ان يعلم الجميع ان العين التي يشربون منها ليست مشتركة مع العين يشرب منها عامة الناس… او انهم بدلوا الفهم والراي بعدما بدلوا المكان والموقع وهذا مشكل كبير من وجهة الدين والعرف والاداب العامة…
وقالَ (صلى الله عليه وسلم): «من وَلي أمرَ الناسِ، ثم أغلقَ بابهُ دون المسكينِ والمظلومِ وذوي الحاجةِ، أغلقَ اللهُ تباركَ وتعالى أبوابَ رحمتهِ دونَ حاجتهِ وفقرهِ أفقرَ ما يكونُ إليها»
ولقد ارسل الله نبيه (ص) ليكون رحيما بالناس قال تعالى :﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾التوبة/ فهل اعتماد الساسة في سياساتهم التضييق على الناس واضعاف قدرتهم الشرائية والاضرار بحقوقهم ومكتسباتهم من الرحمة؟؟ ..
لنشرة المحرر
14 شتنبر 2014
..”قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : قوله تعالى : ( أنزل من السماء ماء فسالت أودية بقدرها ) هذا مثل ضربه الله ، احتملت منه القلوب على قدر يقينها وشكها ، فأما الشك فلا ينفع معه العمل ، وأما اليقين فينفع الله به أهله . وهو قوله : ( فأما الزبد فيذهب جفاء ) [ وهو الشك ] ( وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض ) وهو اليقين ، وكما يجعل الحلي في النار فيؤخذ خالصه ويترك خبثه في النار; فكذلك يقبل الله اليقين ويترك الشك …”
بقلم مصطفى المتوكل / تارودانت
الاربعاء 3 شتنبر 2014
|
||
بقلم ..مصطفى المتوكل / تارودانت
27 غشت 2014
الخميس 14 غشت 2014
الاربعاء 6 غشت 2014
الخميس 24 يوليوز 2014
الموافق 26 رمصان 1435
…ويتفق اهل العلم على ان من اسباب الانسياق مع الهوى والاهواء هو التخلف والجهل بالحقائق وبالنتائج مما يوقع الناس في المحظور ومما يسيئ اليهم والى احوالهم …يقول تعالى { وإن كثيراً ليضلون بأهوائهم بغير علم } …الانعام
أن اي عمل او اية سياسة إن تشبع البعض من اهلها بالأهواء ، فإنهم يتفننون ويبدعون في اثارة الفتن وتكريس التشتت فيكيدون ويفترون ويستهزئ بعضهم من بعض وعلى بعض مما يسدي للخصوم او الاعداء خدمات مجانية لوا انفقوا عليها خزائنهم ليحققوها لعجزوا او لفشلوا فشلا جزئيا او كليا .. فتتحول الوحدة بعد الهوى الهدام الى فرقة وعصبية وكراهية وتجاذب وتمزق وضياع مصلحة الجميع والمصلحة العامة …ذلك ان الحق لايقوم الا اذا تعاون الناس عليه وحموه ورعوه .. اما الباطل فينتشر ويفرض نفسه لانه يعتمد على حالات ضعف الانفس وميلها الى الانتهازية والوصولية والسعي نحو الامتيازات والمنافع … فما هزمت الامم وما انهارت الحضارات الا بالهواء التي من اولى مرتكزاتها الطلم بكل اشكاله وانواعه بما في ذلك بطبيعة الحال التضليل …
فهل ستتعظ شعوبنا ونخبها وقياداتها وحكامها مما سجله ووثقة التاريخ في هذا المجال ام ان احوالهم كما وصفتهم الاية الكريمة … “أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ ۚ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ ۖ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا ” الفرقان … فالعاقل من اتعظ بغيره .. والكيس من دان نفسه وحاسبها وقوم اعوجاجها ووظفها من اجل البناء والمحبة والعمل الصالح ونشر المعرفة وتطهيرها من الغل والحقد والهوى ..والا لاصبحت سياسة كل فرد تجاه غيره او كل جماعة تجاه اخرى ولسان حالهم … انا وبعدي الطوفان …ووصف الجاحظ اصحاب الاهواء المتسمون بالانتهازية ب…: “ظواهر نظيفة وبواطن سخيفة يتباهون بمهنتهم ويتنافسون بالظهور بمظهر الأسياد”
مصطفى المتوكل / تارودانت
18 يوليوز 2014
.
الخميس 10 يوليوز 2014
اما التقوى فهي .. أن يجعل العبد بينه وبين ما يخافه وقاية، تقيه منه… قال ابن كثير .. واصل التقوى التوقي مما يكره لان اصلها وقوى من الوقاية
مصطفى المتوكل / تارودانت
الخميس3 يوليوز 2014
…قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: ((افعلوا الخير دهركم، وتعرضوا لنفحات رحمة الله؛ فإن لله نفحات من رحمته يصيب بها من يشاء من عباده، وسلوا الله أن يستر عوراتكم، وأن يُؤَمَّن روعاتكم))؛ رواه الطبرانى
… قال –سبحانه-: { شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَان } البقرة:
جاء عن أبي هريرة – رضي الله عنه – أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: ((الصوم نصف الصبر))
ان هذا الشهر المبارك الذي انزل فيه القران تقوم العبادة فيه على الصبر على الطاعات والصبر عن المحرمات بايمان واقتناع وليس مسايرة للعادات والتقاليد في اتباع لما عليه الناس من اجراءات الامتناع عن الاكل والشرب وغيرها من الشهوات المحرمة في رمضان وغيره من الاشهر …ذلك ان الصبر على الطاعات يتطلب جهدا حتى تنجز على الوجه الافضل تعلق الامر بالصلاة المفروضة في اوقاتها وما تقوم عليه من نية وخشوع وخضوع وتربية .. او تعلق الامر بالصوم الذي يحتاج الى ايمان صادق .. وقدرة على التحمل تعبدا وتقربا الى الله بتصريف ضوابط الصيام كما امر الله وسن رسوله الكريم عليه افضل الصلاة والتسليم …او تعلق الامر بالزكاة او الحج وغيرها من الطاعات التعبدية والاخلاقية والسلوكية ….
… انه ترويض للنفس وضبطها على ايقاع يلتزم فيه الصائم بما قد يخالف رغباته واهوائه ونزواته ويبني بذلك نفسه على الاطمئنان والسكينة …فيخط طريقا للاصلاح والتغيير بدءا بالنفس مصداقا لقوله تعالى ” ان الله لايغير ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم “الرعد ..وقال ” ان النفس لامارة بالسوء الا ما رحم ربي “يوسف .. وفي هذا قال الامام سفيان الثوري واصفا حالة اصلاح النفس وتقويمها ” ما عالجت امرا اشد علي من نفسي ” …مع ضرورة الارتكاز على اصلاح حاله مع الله وحاله مع الناس …
…إن الوصول الى حالة الطمأنينة على مستوى العقل والقلب والافعال مسالة جوهرية لاتتحقق عرضا بل تبنى ويؤسس لها باليات وضوابط تنتج السكينة والاستقرار والحضور الامثل اثناء الصلاة وغيرها من العبادات وسائر الاعمال …فصلاح كل الامور بصلاحا النوايا والقصد …قال رسول الله (ص) ” ألا وان في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله , ألا وهي القلب ” ….وقال تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} [الرعد… وباستيعاب معاني وكنه ذكر الله – باللسان والعقل والافعال – تبنى الطمانينة والسكينة …
… ان الصيام الشرعي لايقتصر على الامتناع عن الفعل بل يتعدى ذلك الاجراء الارادي الى فضاءات رحبة وفيحاء ترقى بالانسان من الميولات والعادات المادية الانتهازية ..الى طهر وصفاء ومواطنة صالحة بمعياري الشرع والعقل والمنطق …”و لقد قيل ..“بقدر ما تقوى الإرادة يضعف سلطان العادة”.
…قال الفخرالرازى فى تفسير أية الصيام لعلكم تتقون الله بصومكم وترككم للشهوات فإن الشىء كلما كانت الرغبة فيه أكثركان الإتقاء عنه أشق والرغبة فى المطعوم والمنكوح أشد من الرغبة فى سائرالأشياء فإذا سهل عليكم اتقاء الله بترك المطعوم والمنكوح كان اتقاء الله بترك سائرالأشياء أسهل وأخف .
…قال ابن الجوزى كم من صائم عن الطعام مفطربالكلام دائب على القيام لكنه مؤذ للأنام فهو من لسانه وفعله مأزور ..وعلى صيامه وقيامه غير مأجور….
…. ومن هنا فحديثنا عن بعض ما يفسد الخشوع والطمانينة لن يقتصر على ما ذكرنا بعضه انفا بل قد يعني الاعمال الصادرة عن اولي الامر الذين ان خالطت المصالح الضيقة وحب السلطة والمادة سويداء قلوب البعض منهم فان ما سيصدر عنهم من قرارات وافعال ستكون مناقضة لما يعلنون من افكار ووعود ..وستجعل كل متتبع يرى فيما يرى حالات انفصام في الشخصية واضطراب في اليات التدبير تشكك الناس في حقيقة مفاهيم الخير والشر والصدق والكذب والعمل الصالح والطالح ..
..ان المسلم الذي لا يستوعب حقيقة وفلسفة وروح رمضان لابد له ان يعلن ويشهر إفلاسه الروحي …ويشرع في تثقيف نفسه وتاهيلها وترويضها حتى لايضيع ما بين يديه وما خلفها ويضيع معه خلقا اخرين … فالانسان رغم انه مستقل بذاته الا انه لايمكن ان ينفصل وينقطع ويتناقض مع مصالح الناس كافة وطموحهم في الاستفادة من تربية الروح بالدين وتاهيلها بالعقل السليم …
26 يونيو 2014
بقلم مصطفى المتوكل / تارودانت
18 يونيو 2014
يقول تعالى (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ…)) سورة الأحزاب
…(( الم يجعل كيدهم في تضليل …))
والكيد : الاحتيال على إلحاق ضر بالغير ومعالجة إيقاعه .
والتضليل : جعل الغير ضالا ، أي : لا يهتدي لمراده ..
و قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (( عليكم بالصدق فإن الصدق يهدي إلى البر وإن البر يهدي إلى الجنة وما يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقا وإياكم والكذب فإن الكذب يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار وما يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا))
…ان الجمع بين العلم و المعرفة والتجربة.. والصدق في القول والعمل والارادة الطيبة …ضوابط شرعية وعقلية تبنى بها الحضارات وتتفوق بها امم وتنحط بسبب عدم اعتمادها امم وسياسات ومؤسسات …
..كما ان انتفاء الصدق والوفاء لاخلاقيات بناء المجتمع ومؤسسات الدولة وعقلنة الاختلاف و التواصل وتداول المعلومات الصحيحة يتسبب في قلب الحقائق وتنميق وتجميل الكذب …فالمبالغة في التستر على حقيقة طبيعة السياسات وخلفيات الافعال وجوهر الادعاءات ان ايجابا او سلبا ينشر عند العامة وحتى عند النخب حالات من الشك وفقدان الثقة والنفور من اغلب ما يعلن عنه ويخبر به الناس ….
… فعندما نتامل على سبيل المثال الطرق التي يتعامل بها الغربيون ونخص بالذكر السياسيين الذين يكرهون عوالمنا وثقافاتنا ويسعون لجعلنا دائما اتباعا لهم ومتماهين معهم و مقتدين بهم في كل شيئ لدرجة ان البعض يريد ان نتبعهم حتى ولو دخلوا جحر ضب ؟؟؟ وان رفضنا فسيلاحقوننا حتى ولو ولجنا فجا عميقا من فجاج الارض طغيانا منهم وتجبرا ….. ونظرا الى ان ما يطلق عليه حقوق الانسان المتعارف عليها عالميا والتي تنزل من طرف “دعاتها” مرة بارتدائهم لباس الصالحين العادلين في بلدان وحالات تختار بعناية سياسية دقيقة مستندة الى ابعاد استراتيجية مصلحية …ومرات في مثل نفس الحالات بل واكثر بشاعة منها كانهم لايرون ولا يسمعون او لايفهمون …بل يبررون ويجيزون نفس الفعل و يعتبرونه من البطولات وصالح الاعمال قد يكافا عليه ؟؟ ….
…ان اعتماد التزييف وقلب المعطيات والحقائق والاستنتاجات كمنهج عمل لتدبير الزمن العام في شمولياته الثقافية والدينية والمذهبية والسياسية يشوش علي العقول ويعمق مستويات الجهل ويهيكل التجهيل ويزحف بالامية الفكرية والمعرفية على حساب النضج والوعي الايجابي العملي .. فينتج التضليل الضلالات كبدائل وهمية تخرج المتاثرين بها من روح ” كنتم خير امة اخرجت للناس ” الى متاهات”.. وبعدي الطوفان” …
..لهذا فالبعض منا اساء للاسلام والمسلمين ولسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بتقديم امتنا للامم التي جئنا لاخراجهم من الظلمات الى النور بتوفيق من الله بطرق تنفرهم وترهبهم وتخوفهم من اهم الرسالات بسبب سوء التصرف وتحجير الواسع من رحمة التي الله لا التي تشمل وتسع كل شيئ …
والبعض الاخر منا اساء للقيم الانسانية النبيلة التي ساهم في تاسيسها وبنائها وتطويرها عبر عشرات الالاف من السنوات الانبياء والصالحين وخيرة المفكرين والعلماء في كل بقاع الكون …
كما ان البعض اساء للحكمة السياسية في تدبير امور الامة ورعاية مصالحها والنهوض باراداتها وانصاف فقرائها والرفع من قدراتهم في اطار الحد من الفوارق الطبقية وجعل العدالة بجميع تجلياتها في متناول الجميع انصافا للحق وازهاقا للباطل ايا كان المتسبب فيه مواطنا او حاكما …
…إن تاملنا لبعض معاني “التضليل ” بشكل عام – من حيث هو:((… تغييبُ الحقيقة وطمسُها، وإظهار أمور مزيّفةٍ كاذبة على أنها هي الحقيقة . ورد في الصحاح للجوهري: ارض مَضَلّةٌ بالفتح يُضَلُّ فيها الطريق، وأضللت الميت: إذا دفنته في الأرض، وأضللت بعيري إذا ذهب ولم يُعرف موضعه، قال تعالى” أئذا ضللنا في الأرض ” أي خفينا وغبنا…))…- يجعلنا نقف على خطورة ما يتسبب فيه هواة ودعاة التضليل.. فماذا بعد تغييب الحقائق وطمسها ؟ وماذا بعد بعد تزييفها ؟وماذا بعد تلغيم عالم المعلومات بالضلالات المتنوعة ؟؟
…ان التضليل السياسي يخرب كل ما هو جميل ونبيل في السياسة ويفقد الناس الثقة في اهم مقومات بناء الدولة المتماسكة الديموقراطية الحداثية فيفتح الباب بذلك لفائدة التطرف والعدمية والتشدد والانتهازية والارتزاق ….
….ان التضليل الفكري يطمس الحقائق ويسيئ الى الفهم السليم والمتعقل والرصين لكل دلالات الرسالات السماوية والاجتهاد البشري المتنور في سعي متكامل نحو خير البشرية ونهضتها واستحقاقها صفة الخيرية …
…..ان تاملنا لبعض الحركات التي تنسب نفسها للإسلام وتباين توجهات ومواقف نظرائهم في مختلف البقاع والتي افرزت الصراعات والتطاحنات الدموية والاقصائية والاجتثاثية للمخالفين لهم من تكفير وتسفيه بعضهم بعضا … ساهم بشكل كبير في تضليل العديد عن الطريق السوي المؤدي للسماحة والوسطية والاعتدال والتعاون … ولنا في الاحداث التي تشهدها عدة مناطق بالعالم الاسلامي المثال الجلي عما نحن فيه.. والصور التي نقدم بها انفسنا للجميع ببلداننا وسائر العالم …
.. ونختم هذه المقالة بقولة مالك بن دينار رحمه الله: (شياطين الإنس أشد علىَّ من شياطين الجن، وذلك أني إن تعوذت بالله من شياطين الجن ذهبت عني، وشياطين الإنس تجيئني فتجرني إلى المعاصي عيانا).
وعن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
((سيأتي على الناس سنوات خداعات . يصدق فيها الكاذب ويكذب فيها الصادق . ويؤتمن فيها الخائن ويخون فيها الأمين . وينطق فيها الرويبضة قيل وما الرويبضة . قال الرجل التافه في أمر العامة))
فارحموا من في الارض يرحمكم من في السماء ولنسال الله لنا ولغيرنا الهداية وليجنبنا الضلال و التضليل ونتائجهما من تخلف وعدمية وغيرهما …امين
مصطفى المتوكل / تارودانت
12 يونيو 2014
مصطفى المتوكل / تارودانت
6 يونيو 2014
…. يقول الله تعالى: (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً) النساء:93…
وقال تعالى: {مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا}المائدة: 32.
ففي هذه الآية: تغليظ واضح لأمر القتل،ورفعه الى مستوى نتائج ابادة جماعية في تاثيراتها المعنوية وتوكيد مقدس للحق في الحياة بجعل الحفاظ على حياة الفرد بمثابة احياء للناس كافة
…قال مجاهد: “المعنى: أن الذي يقتل النفس المؤمنة متعمداً، جعل الله جزاءه جهنم وغضب عليه ولعنه وأعدّ له عذاباً عظيماً، يقول: لو قتل الناس جميعاً، لم يزد على مثل ذلك العذاب. ومن لم يقتل أحداً، فقد حيي الناس منه…”
…وروى مسلم في صحيحه عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في حجة الوداع: “إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم، كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا”…..
…. لقد اجمعت الشرائع السماوية والوضعية انه لاعقاب الا بنص يعرف و يحدد متى تنفذ العقوبة وشروط تحققها …كما يتفق العقلاء انه لايحق لاي كان ان ينفد عقوبات بمزاجه او تسلطه لانتزاع اعترافات او لاخضاع وتركيع المستهدف بها كان فردا او جماعة او اجباره على توقيع محضر للايقاع به …بسبب اختلاف سياسي او مذهبي او عقدي او خلافات شخصية …
…كما ان المدنية تطور فهمها و حمايتها لحقوق الانسان باعتباره مكرما وله قدسية معنوية ومادية تهدف الى حماية حرياته غير متعارضة ولا ماسة بحقوق الاخرين في جميع مجالات العيش … واصبحت الامم تصنف احيانا باعتبار مدى احترام الدولة ومؤسساتها ومكونات المجتمع للحقوق كما هو متعارف عليها محليا وحتى دوليا ومدى تجسد ذلك في سياساتها وممارساتها ومجال تجليها بالمخافر والسجون والشوارع وطريقة التعامل مع النضالات والتظاهرات العمالية …
…فوفقا لإعلان الأمم المتحدة ضد التعذيب سنة 1975مفي البند الأول، تعرّف اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة التعذيب على أنه: ” أي عمل ينتج عنه ألم أو عذاب شديد جسديا كان أو عقليا يلحق عمدا بشخص ما بقصد الحصول من هذا الشخص أو من شخص ثالث على معلومات أو على اعتراف أو معاقبته على عمل ارتكبه أو يشتبه في أنه ارتكبه هو أو شخص ثالث أو تخويفه أو إرغامه هو أو أي شخص ثالث – أو عندما يلحق مثل هذا الألم أو العذاب لأي سبب من الأسباب يقوم على التمييز أيا كان نوعه أو يحرض عليه أو يوافق عليه أو يسكت عنه موظف رسمي أو أي شخص آخر يتصرف بصفته الرسمية، ولا يتضمن ذلك الألم أو العذاب الناشئ فقط عن عقوبات قانونية أو الملازم لهذه العقوبات أو الذي يكون نتيجة عرضية لها”
اما ان افضى التعذيب الى الوفاة فالامر سيصبح في غاية التعقيد سواء من الناحية الشرعية او القانونية
…فشرعا لايحق لاي كان ان ينتهك حرمات الغير او يتطاول عليهم بالسب والتجريح او بالضرب لا الخفيف ولا المبرح ولا ان يتسبب في ازهاق نفس بشرية …قال هشام بن حكيم بن حزام (رضي الله عنه): “…أشهد إني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول: إن الله يعذب الذين يعذبون الناس في الدنيا…” – رواه مسلم-…
اننا هنا لابد ان نذكر بقول رسول الله صلي الله عليه وسلم -لابراز هول الاعتقال المفضي للوفاة -: “لزوال الدنيا أهون عند الله من قتل رجل مسلم..”( سنن النسائي).
وقال الشافعي: «ولا شيء أعظم منه [ يعني القتل بغير حق ] بعد الشرك»…
…وخطب عمر بن الخطاب في إحدى خطبه فقال: إني لم أبعث عمالي ليضربوا أبشاركم وليأخذوا أموالكم، من فعل به ذلك فليرفعه إلي أقصه منه، فقال عمرو بن العاص: لو أن رجلاً أدب بعض رعيته أتقص منه؟ قال: إي والذي نفسي بيده، ألا أقصه وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أقص من نفسه…
…ولقد ذهبت الدولة المغربية في اطار ما اصطلح على تسميته بجبر الضرر .. في اطار المصالحة الوطنية وطي صفحة الماضي – التي تسمى بسنوات الجمر والرصاص – الى الاعتراف المعنوي والسياسي بمسؤولياتها المباشرة وغير المباشرة بما لحق بالعديد من المواطنين والمواطنات بسبب نضالهم الوطني السياسي من اجل انتزاع حقوق الشعب في الحرية والكرامة وبناء دولة الحق والقانون حيث ووجهوا من طرف اجهزة الدولة بالاعتقال والتعذيب والنفي.. فمنهم من انقطعت اخباره الى يومنا هذا ومنهم من استشهد بالمعتقلات او تعرض لاعاقة اوافنى كل شبابه بالسجون … وكان هدف الدولة والمعارضة هو التوجه نحو المستقبل واطلاق رزمات من الاصلاحات للوصول التدريجي الى المبتغى انسانيا وحقوقيا وسياسيا ومجتمعيا …ودون ان نتحدث عن جيوب مقاومة التغيير والاصلاح ودون الوقوف على عمليات التراجع التي تطال حتى بعض المكتسبات المحققة .. و تمادي جهات اصبحت لاتستحي من الجهر بخروقاتها التي تطال الاعراف والمواثيق ..و التي ستجر البلاد الى المزيد من التازيم وتعقيد الاوضاع العامة … لهذا الدولة اليوم في شخص الحكومة امام اختبار قوي بعد حدث القاء القبض على الشاب كريم لشقر … الذي استشهد بسبب اعتقاله من طرف الامن بالحسيمة .. مما يتطلب دون بحث عن مشجب او مبررات للتغطية على الحدث الفاجعة او ترويج حكايات مصطنعة .. الاعتراف بوفاة الشاب بين يدي السلطة التي من المفترض فيهم حماية امن الناس واموالهم وممتلكاتهم وارواحهم …ومعالجة الامر في اطار القانون والمقاربات الحقوقية وجبر الضرر الذي لحق باسرته الصغيرة والكبيرة …
..قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «لأن تهدم الكعبة حجرا حجرا أهون عند الله من قتل امرئ بغير حق» لأن دم المسلم على المسلم حرام .. لهذا لم يجز للإنسان أن يقتل نفسه ناهيك عن غيره …كما حرم المشاركة فى إراقة دم الآخرين ولو بدعم غير مباشر او حتى غض الطرف عمدا او الايحاء بالتسامح مع من يستصغر قداسة الروح البشرية فيتسبب بالتهور والتجبر والغلو في ازهاقها ..قال(ص).. «لايحل لامرئ ان يقتل أخاه ولو بشطر كلمة» أى نصف كلمة…كما لايحق لاي كان بالحكومة المغربية واجهزتها ان يتعامل مع المسالة بالتجاهل بما في ذلك ابسط الاداب الانسانية والاسلامية اي تقديم واجب العزاء لاسرة الشهيد وحزبه والناس كافة …
ونختم هذه المقالة فيقول رسول الله : “إِنَّ اللَّهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ، وَيُعْطِي عَلَى الرِّفْقِ مَا لاَ يُعْطِي عَلَى الْعُنْفِ، وَمَا لاَ يُعْطِي عَلَى مَا سِوَاهُ“
قال علي رضي الله عنه ..ما رايت نعمة موفورة الا الى جانبها حق مضيع..
**************************
بقلم مصطفى المتوكل / تارودانت
28 ماي 2014
يقول تعالى ..((الله الذي خلق السماوات والارض وانزل من السماء ماء فاخرج به من الثمرات رزقا لكم وسخر لكم الفلك لتجري في البحر بامره وسخر لكم الانهار * وسخر لكم الشمس والقمر دائبين وسخر لكم الليل والنهار *وآتاكم من كل ما سالتموه وان تعدوا نعمة الله لاتحصوها ان الانسان لظلوم كفار ….)) سورة ابراهيم
ان الآية الكريمة تبين بوضوح أن الله تعالى خلق الكون و جعل كل شيئ فيه لصالح البشرية تتحقق به مصالحهم وحاجاتهم و يبنى تطورهم.. ولم يختص بالانتفاع بنعمه سبحانه شخصا دون غيره ولا طبقة دون اخرى …بل جعل خيراته تحت الارض وفوقها ومن سمائها وبحارها وانهارها ومن الكون ككل بدقيق قوانينه التي جعلت في خدمة الناس ..تعلق الامر بفوائد تعاقب الليل والنهار والفصول الاربعة والطاقات المتجددة …او بغير ها … فبمقدار ما يكتسب الانسان معارف وخبرات بمقدار ما يكتشف المزيد من الخيرات التي لاتعد ولاتحصى ….
واذا تاملنا الاختلافات الموجودة بين الناس من قوة البدن ومستوى الذكاء والقدرة على الفهم …فاننا قد ندرك طغيان بعض الغرائز وبعض الطبائع التي فطرت عليها الانفس من حب السيطرة والتملك والرغبة في استغلال مجهودات الغير باستخدامهم بل واحيانا استعبادهم بمبررات مختلفة لكنها مناقضة للعدالة والانصاف و…..فكيف يمكن ان يبرر ويفهم في عصرنا هذا ان تحول خيرات اودعها الله في الارض للناس في جوف الارض وبسطحها وبحارها وفضاءاتها …كافة لتصبح محتكرة من طرف اقلية ونخب معينة تتحول بين عشية وضحاها الى الثراء الفاحش …. في مقابل افقار العامة وجعلهم خدما ومستخدمين لايحق لهم من خيرات الله الا ما يريد المغتنون بدعم وحماية من المشرع الوضعي والاجهزة التنفيدية بالدول والذي لايكفي حتى لمادون الحد الادنى من بعض ضرورات العيش ..وحتى لانصف ما يحصل بالاحتكار لجل الموارد من اجل التحكم الممنهج في الخيرات والناس لجعلهم اتباعا عند “اسيادهم” اي الملاك الذين تحولوا في غفلة من العامة الى اثرياء اكثر ثراء من اثرياء بالعالم الغربي نطرح السؤال المنطقي ..كيف سيبرر من يحكم بالامس واليوم وغدا لماذا البعض يزداد غنى والاغلبية تزداد فقرا ؟ وكيف سيفسر ان تتم حماية الاثرياء وتشجيهم وتقديم التسهيلات لهم و… في مقابل اثقال ليس فقط الفقراء الذين لاعمل قار عندهم ..بل العمال وحنى ما يطلق عليهم قلب المجتمع وصمام امانه ونجاحه اي الطبقات المتوسطة ؟؟..
وفي هذا السياق سنفهم بعض دلالات قوله تعالى في سورة “الروم” آية “41” في علاقته بالايات التي افتتحنا بها المقال .. (ظَهَرَ الفَسَادُ فِي البَرِّ وَالبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيْ النَّاسِ لِيُذِيْقَهُمْ بَعْضَ الَّذِيْ عُمِلُوا لعلَّهم يَرْجِعُوْنَ)…
و قوله تعالى (وَمَا أَصَابَكُمْ مِّنْ مُصِيْبَةٍ فِبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيْكُمْ) سورة “الشورى”
فاذا كان الله قد انزل واخرج وسخر للناس كافة كل الخيرات والارزاق والثروات … فان ما حصل من
خلل وفوضى في الاستفادة منها كان بسبب الانسان نفسه وخاصة من الذين يعتمدون سياسات
وقرارات وممارسات تبتعد عن روح العدالة الاجتماعية والتكافل وتكافؤ الفرص المامور بها في الاسلام
..سواء بسلوكات انتهازية وتسلطية وتحايلية من البعض من تلقاء انفسهم او بايعاز وتواطؤ بين
مجموعات ضد العامة لمصلحة مشتركة بينهم وبين من يحكمهم ان لم يكونوا هم انفسهم من طبقة
من يحكم ويقرر…….ان رسالة الله تعالى ورسالة نبي الرحمة والخير والتي اباحت للانسان ان يطور
ملكيته وامكانياته ومستوى عيشه …وضعت شروطا وحدودا لذلك اساسها عدم استغلال الناس او
ابتزازهم او اخذ اموالهم بالباطل او توظيف مشاكلهم وازماتهم لسلبهم ما يملكون مقابل حلول
وهمية زائلة مشبعة بالوعود الفضفاضة تزيدهم ازمة وفقرا وخصاصا …بل فرض الله على من اغتنى
بطرق مشروعة مجموعة من الواجبات وفي مثل هذا قال علي بن ابي طالب رضي الله عنه “ان
الله تعالى فرض على الاغنياء في اموالهم بقدر ما يكفي فقراءهم. فان جاعوا او عروا وجهدوا فبمنع
الاغنياء .. وحق الله تعالى ان يحاسبهم يوم القامة ويعذبهم عليه ” وقال “… ما جاع فقير الا بما منعه
غني . وقال ما رايت نعمة موفورة الا الى جانبها حق مضيع ..“فاذا كان لقرارات الحكومات نتائج تزيد
الغني غنى وتزيد الفقير فقرا ..بل اذا كانت الدول تحل مشاكل تدبيرها السيئ الناجم عنها بشكل
مباشر او عن بسبب لوبيات الفساد والافساد وتعمل على حل مشاكل افلاس بعض المؤسسات
بدعوى الانقاذ من جيوب من هم فقراء او من هم مهددون بالتفقير … فالامر يصبح في غاية الغرابة
في نظر شرع الله او نظر كل فكر بناء .. وفي هذا الباب امر الله سبحانه وتعالى نبيه واولي الامربان
يعمد الى صيغة ﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ
سَمِيعٌ عَلِيمٌ) سورة التوبة.. ان من الاجراءات التي تلجا اليها بعض الحكومات عندما تعترضها ازمات
اقتصادية الالتجاء الى تحريرالاسعار ورفع الدعم عن العديد من المواد الاساسية الضرورية كحد ادنى
للعيش وهي التي تستهلكها الغالبية العظمى من الشعب او تعتمد ها فى العيش اليومي .. وترك
المضاربين والاحتكاريين شبه احرار في السوق العامة لاستغلال الخصاص في بعض المواد و رفع
اسعار البعض منها … والادهى والامر عندما يستخف البعض من الازمة والهيكلية باجراء مقارنات بين
هذا البلد وبلد جد متقدم في مجالات لاتجوز فيها المقارنة ولا تستقيم من مثل التعليم او الصحة او
غيرهما اذ لاقياس مع وجود الفارق …
او ان على الناس الابتعاد عن شراء الخبز بعد ارتفاع سعره الذي وتعويضه بالبطبوط وبغرير .. او
الدعوة الى عدم شرب منتوج معين بمبرر ان لاسلطة لحكومة ما على شركة ما واقتراح التجاء
الشعب “للرايب ” البلدي” بدل تحمل مسؤولية حماية عباد الله في ما تبقى من قدراتهم المعيشية
…ان قيام البعض باجراء قياس فاسد بين زماننا وزمن سيدنا عمر باسقاط بعض اجوبته كحل لتدبير
اشكالات في السوق انذاك ..لايمكن لها ان تقبل اعلنوا عن ذلك ام لم يعلنوه … فمقومات الاقتصاد
بجميع منظوماته ومقومات تدبير المالية العمومية وموارد خزينة الدولة ومستوى العيش في ذلك
الزمن ليست هي نفسها بالتطابق في زماننا هذا …
جاء في الأثر أن الناس في زمن الخليفة عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – جاءوا إليه وقالوا :
نشتكي إليك غلاء اللحم فسعره لنا ، فقال: أرخصوه أنتم ؟
فقالوا : نحن نشتكي غلاء السعر واللحم عند الجزارين ونحن أصحاب الحاجة فتقول : أرخصوه أنتم ؟ فقالوا: وهل نملكه حتى
نرخصه ؟ وكيف نرخصه وهو ليس في أيدينا ؟
فقال قولته المشهورة : اتركوه لهم.
وعن رزين بن الأعرج مولى لآل العباس قال : غلا علينا الزبيب بمكة فكتبنا إلى على بن أبى طالب بالكوفة أن الزبيب قد غلا
علينا , فكتب أن أرخصوه بالتمر ) .. لان التثمر متوفر بالحجاز كنوع من المقاطعة لارخاص ثمن الزبيب بعدم شرائه
ومن هنا نطرح السؤال الشرعي في مسؤولية الدولة في معالجة الفقر ليس بابقاء الفقير دائما محتاجا
لغيره.. بل بجعله يستغني عن الاخرين وان ينخرط في التنمية والبناء الاقتصادي للوطن …؟؟
ان الإسلام أولى اهتماما كبيرا لمنظومة التكافل بكل صيغها الراقية التي تحفظ للمحتاج كرامته ،كما وضع العديد من الاجراءات و الوسائل والاليات التي خص بها الحكام و الدولة وجعلها من الواجبات الاجتماعية الملزمة بالتوظيف الامثل لكل خيرات الشعب للرفع من المستوى الاجتماعي والمادي لكل الناس لان المؤمن القوي باستقراره وكفافه ومعرفته مفيد للناس والدولة والامة ..ولان تكريس الفقر ونشره وتجذير الخصاص يضعف الدولة داخليا ويجعلها مستباحة من الغير وتبتز في اقواتها وارزاقه ومستقبلها .. كما يضعف قدرات الناس بتعطيل اليات الانتاج عندهم وجعلهم بسبب سياسات فاشلة مدخلا لاشكالات ومعضلات تهم الامن والاستقرار الاجتماعي والسياسي والتوازن النفسي …
… ان من مسؤليات الدولة الشرعية والسياسية تأمين وتطوير وتثمين الموارد المالية العامة بكل الطرق الضامنة للمنافسة الشريفة المعتمدة على الجودة والمردودية والاستدامة …بجعلها في خدمة الناس كافة من جهة وتقوية الاقتصاد الوطني بما يحقق التوازن واقرار عدالة ضريبة واقرار حقوق الله في اموال الناس …
كما ان الحد من السياسات الفاشلة المنتجة للفقر بسبب عدم خلق فرص للشغل والانتاج مسالة جوهرية لايمكن التعامل معها بالاجراءات الترقيعية التي نسمع عنها من بعض الحكام …
لهذا اتفق الفقهاء على ان مسؤولية ولي الأمر / الحكومة ..في معالجة الفقر واضحة لانهم في نظر الشرع مستخلفون ومؤتمنون على حقوق الناس واموالهم وامنهم وعيشهم وهم نواب على اموال وقدرات وكنوز الشعب التي توجد بوطنهم وفي هذا قال ابن تيمية في كتابه السياسة الشرعية
“… وليس لولاة الأمور أن يقسموها بحسب أهوائهم، كما يقسم المالك ملكه، فإنما هم أمناء ونواب.. ليسوا ملاكًا. وهذا يعني أن ولي الأمر حين يتصرف في المال العام فإنه لا يتصرف فيه بالأصالة، وإنما بالنيابة، أو الوكالة..”
… لهذا لابد لاولي الامر من تصحيح الاختلالات الكبيرة في توزيع الثروة الوطنية،وفي طرق تدبيرها وصرفها وتحميل الاثرياء ما يستطيعون حقا و بعدل وانصاف المسؤولية الجلية في التنمية المجتمعية والاقتصادية مع النهوض بالطبقات الفقيرة لتقوم بدور الانتاج والتشغيل وفق المستطاع بما يقلص من نسبة الفقر والعطالة وبما يجعل من تعذر اخراجهم من دائرة الفقر قادرين على العيش الكريم ..
…لقد حذر القرآن الكريم من تفرد القلة بالثروة وخيرات الامة وحذر من الاثراء الفاحش ولو كان مشروعا ناهيك عنه ان كان محرما وغير قانوني …ولقد اعتبر سيدنا عمر (ض) الموارد المالية حق مشترك بين الناس
فقال ( والله ما احد أحق بهذا المال من احد ، وما من احد إلا وله نصيب في هذا المال نصيب أعطيته أو منعته ، فالرجل وبلاؤه في الإسلام ، والرجل وعناؤه وحاجته ، والله لئن بقيت لهم ليصلن الرجل حقه من المال وهو في مكانه يرعى) .
…وروي أن أبو عبيدة تحدث يوماً مع سيدنا عمر(ض ) في استخدام الصحابة في العمل فقال( أما إن فعلت فأغنهم بالعمالة عن الخيانة )…
ونختم هذه المقالة بالقول لمن ولوا امر هذا الشعب او غيره ان يتقوا الله في عباد الله واحباب رسول الله اي الطبقات الفقيرة وان ينصفوهم وان لايثقلوا كاهلهم برفع الاسعار وحرمانهم من الخيرات التي خلقها الله وسخرها لكل الناس المؤمن والكافر والبر والفاجر …وان يتجنبوا في سياساتهم ما يزعج ويغضب من جاء الاسلام لانصافهم ورفع الحيف والقهر والظلم المادي والمعنوي عنهم انهم الفقراء والطبقات الشعبية
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من أحب للَّه، وأبغض للَّه، وأعطى للَّه، ومنع للَّه، فقد استكمل الإيمان”، فالحب في الله منه محبة المساكين لايقوم بالخطب والمزايدات الكلامية بل بالافعال والسياسات وعلاقتها بنصرة وتقوية احباب رسول الله ومناصروا الانبياء عبر التاريخ ..
.
مصطفى المتوكل / تارودانت
21ماي 2014
… من اعظم المعجزات خلق الانسان وهو المكرم من الله بان وهبه العقل والقدرة على التامل والتدبر والتفكير والابداع والتطور …فجعله بذلك سيد المخلوقات فسخرها له في حدود اجتهاداته .. بل له ان ينفذ من اقطار السماوات والارض بسلطان العقل والعلم حيث اوجد الله كل شيئ ومكونات اي شيئ في العالم المادي المرئي مباشرة او بالتقدم التكنولوجي ….
و سيّادة الانسان على غيره من الموجودات في كوكبنا هذا ، جعلته يكتسب الافضلية التي تنجم عنها المسؤولية الكاملة عن الافعال والاقوال وما يتبعها من مدح وذم وجزاء حسن وعقاب في هذه الدنيا وفي الاخرى ..فالخلق والايجاد والتكريم والتفضيل مداخل للريادة والاستخلاف في الارض بالاحسان مع كل الناس ومع كل المخلوقات و الطبيعة …والاحسان لايكون الا بالطرق المحمودة ولايصح ولايجوز ان يكون باليات مشبوهة ومتحايلة لفائدة فئة دون اخرى او لشعب دون اخر او لمخلوقات دون غيرها …ولهذا خصنا الله بالرسالات السماوية التي بلغها للرسل ليوصلوها للناس …بنفس الروح التي نزلت بها من عند الله اي الرحمة والاحسان والتكريم ..ذلك ان الإنسان اجتماغي ومدني بطبعه وفطرته لان استمراره ونجاحه وتطوره لايمكن ان يتحقق الا مع غيره من الناس وذلك شان كل بني ادم …
قال تعالى : ﴿هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا﴾ هود
وقال:( وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي البَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلا ) سورة الإسراء.
وقال تعالى : ( أَلَمْ تَرَوْا أن اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً ) لقمان
فتكريم الله للنفس الإنسانية ليس فيه اي استثناء بسبب اللون أو الجنس أو الدين وهو يشمل برحمته المسلمين وغير المسلمين ويرزق الجميع ويسخر البعضهم للبعض في اطار التكامل والتعاون …فقد يفضل غير المؤمن المسلم بالعلم والعمل الدنيوي الانساني…ويفضل المسلم المسلم الاخر بالنية والعمل والعبادة الصادقين …
ومن مظاهر تكريم الإنسان تعليمه بكل وسائل التعلم فلم يخص بها الله المسلمين دون غيرهم بل هو كالهواء ملك للجميع يستطيع اكتساب اجزاء منه بقدر اهتمامه واجتهاده واخلاصه وسعيه …
قال تعالى : (عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ)العلق… …وقال : (وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمْ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)النحل
… ومن دلالات العدالة الالهية ان الكل مخلوق من نفس واحدة ، قال تعالى ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ﴾النساء: …وانه اخرج من تلك الوحدة تنوعا وتعددا في الجنس واللغة واللون والثقافات والخصوصيات.. وخاطب الناس بلغاتهم عن طريق انبياء اختارهم من مجتمعاتهم قفال عز وجل: {ومن آياته خلق السماوات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم إن في ذلك لآيات للعالِمين}( سورة الروم:).
وقال (( إِنْ أَنتَ إِلَّا نَذِيرٌ . إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا ۚ. وَإِن مِّنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ …)) سورة فاطر
وحتى عندما ارسل خاتم النبيئين سيدنا محمد (ص) عرف سبحانه وتعالى طبيعة الرسالة المحمدية وحقيقة الايمان فقال : ﴿آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ﴾ (البقرة: )…
واسس على سنة الاختلاف والتنوع في الخلق عند الانسان .. سننا اخرى بما يترتب على ذلك من معتقدات يتوصل اليها العقل البشري تعلق الامر بامور الديانة او مجالات الفهم والتعامل مع الواقع السياسي والاقتصادي والفكري المادي …وميز الله بينهم عندما سيحشرون يوم القيامة بمقتضى حكمه وعدله بين المؤمن حقا من غيره … فالزمنا باحترام معتقدات الاخرين والتواصل معهم والبر بهم والاحسان اليهم … ونهانا ان يكره بعضنا الاخر على الايمان بما لايؤمن به ..لان الايمان بالاكراه ليس ايمانا ..كما ان الكفر خوفا وتقية وبالاكراه لايعتبر كفرا حقا بمنطق السماء ومنطق الارض..
ثم إن هناك خلفية أخرى مهمة تحكم تصور المسلمين للمخالفين لهم في الاعتقاد، والمغايرين لهم في المبادئ، وهي أن الاختلاف بين الناس أمر محتمل و حتمي …يقول تعالى: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ} هود
وقال – عز وجل -: ﴿ وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ ﴾ يونس
وقال تعالى -: ﴿ فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ * لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ ﴾ الغاشية
وقال (لكم دينكم ولي دين)
…وبموجب ذلك امرنا بان نكون “ديموقراطيين ” فكما نقبل بالراي الاخر يفترض ان نقبل بحرية المعتقد فدعانا الله ان نلتزم بتوجيهاته واوامره التي تضبط علاقاتنا بغيرنا حيث قال سبحانه وتعالى ..قال : ﴿لاَ يَنْهَاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ﴾الممتحنة
وقال ﴿وَأُمِرْتُ لأَعْدِلَ بَيْنَكُمْ. اللهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ . لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ. لاَ حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ . اللهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ﴾ الشورى
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : (مَنْ ظَلَمَ مُعَاهِدًا أَوْ انْتَقَصَهُ أَوْ كَلَّفَهُ فَوْقَ طَاقَتِهِ أَوْ أَخَذَ مِنْهُ شَيْئًا بِغَيْرِ طِيبِ نَفْسٍ فَأَنَا حَجِيجُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ)
..ان المسلم المنتسب للاسلام عرفه الرسول الكريم بانه من سلم الناس من لسانه ويده ..يفترض فيه ان يقتدي بما شرعه الله في علاقتنا بغيرنا على العموم في اقوى مظاهرها اي الزواج والمصاهرة ….فقال تعالى :<< الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ ۖ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ ۖ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ ۗ وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ >>…فطعامهم والزواج منهم حلال عندنا دون اكراه الزوجات على ترك دينهن وثقافاتهن وعاداتهن …فهل من شيئ يستدل به على التسامح والتعايش والتكامل واحترام معتقد الغير اكثر مما اوضحه الله … ويقاس على ذلك في مجالات متعددة …ذلك اننا نتتقاسم مع كل اهل الكتاب العديد من القضايا الايمانية مما شرعه الله منذ اول الانبياء الى خاتمهم عليهم افضل الصلاة والتسليم
قال : ( شرع لكم منَ الدِّين ما وصَّى به نوحا ًوالذي أوحينا إليك وما وصَّينا به إبراهيم وموسى وعيسى أنْ أقيموا الدِّين ولا تتفرقوا فيه )
…وجعل سبحانه منهج التدافع المحقق للتوازن في احترام ام للمعتقدات امرا حتميا لتجنب الافساد والفتن الذي قد ينتهك حرمة كل ما هو مقدس عند الناس بما في ذلك اماكن العبادة …فقال : ( ولولا دفعُ الله الناسَ بعضهم ببعض لهدِّمتْ صوامعُ وبِـيَعٌ وصلواتٌ ومساجدُ يذكَر فيها اسـم الله كثيرا ) …
ولقد استقبل النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم هديةً من المقوقس في مصر، وهي الجارية التي أنجبت إبراهيمَ ولد المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم، ثمَّ وقف فقال: ” استوصوا بالقـبـط خيرا، فإنَّ لي فيهم نسبا ً وصهرا “.
..و قال تعالى (وما أرسلناك إلا رحمةً للعالمين).. فوجب على المتبعين له والمؤمنين به ان يجسدوا تلك الرحمة في اقوالهم وافعالهم مع المسلمين وغيرهم وليس ان يتسببوا في ان تنعث امة السلام والسلم والعدل بما يعلمه الخاص والعام بعدم التسامح والتعصب والتكفير وقتل الانفس التي حرم الله ونشر الهلع والرعب والدمار ….
ونختم بقصة وقعت لسيدنا علي رضي الله عنه عندما مرّ به شيخ كبير مكفوف البصر يسأل الناس الصدقة فقال أمير المؤمنين
ما هذا؟
قالوا: نصراني.
فقال: استعملتموه حتى إذا كبر وعجز منعتموه؟ أنفقوا عليه من بيت المال.
مصطفى المتوكل / تارودانت
14 ماي 2014
قال تعالى : ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ﴾الانبياء
ويقول الله – تعالى -: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا} النساء: 93،
قال النبي صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((مَن قتل معاهدًا، لم يرح رائحة الجنة))؛ رواه البخاري … هناك شبه اتفاق على ان الارهاب هو كل الاعمال التي تثير لدى الانسان الاحساس بالخوف من خطر مفترض باستعمال طرق ووسائل من شانها نشر وزرع الرعب في انفس الافراد او الجماعات وتحفز وتثير وتدعم الاعمال المؤدية للعنف … فهو لغةمن مصدر ارهب ارهابا وهو الخوف والخشية والرعب ..
ولقد جاء في الفقرة الثانية من المادة الأولى للاتفاقية العربية لمكافحة الارهاب .. أن الإرهاب هو “كل فعل من أفعال العنف أو التهديد به أياً كانت بواعثه أو أغراضه يقع تنفيذاً لمشروع إجرامي فردي أو جماعي ويهدف إلى إلقاء الرعب بين الناس أو ترويعهم بإيذائهم أو تعريض حياتهم أو حريتهم أو أمنهم للخطر أو إلحاق الضرر بالبيئة أو بأحد المرافق أو الأملاك العامة أو الخاصة، أو احتلالها أو الاستيلاء عليها أو تعريض أحد الموارد الوطنية للخطر”
…..و ميز فيه بعض الفقهاء بين ارهاب محرم شرعا و الذي يستوجب معاقبة الفاعل والمتسبب فيه – من سلب واعتداء على الممتلكات و الحرمات ومن قتل وجرح…- كان فرادا او مجموعة
و بين “ارهاب ” مشروع وقصدوا به إلاعداد المادي والمعنوي لاظهار الدولة او المجتمع كقوة تمتلك قدرات دفاعية وهجومية ” ترهب / تخيف ” المتربصين والاعداء وفي هذا قال تعالى ( وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم )…
……..ويمكن اعتبار الارهاب مظهر من مظاهر التوحش والهمجية المعتمدة منذ القدم في الصراع من اجل البقاء وبسط النفوذ على مناطق الرعي والغذاء والماوى والذي يستعمل فيه القتل والابتزاز والاختطاف والهمجية بمختلف تلاوينها القديمة …وبقيت فلسفته المادية تقريبا في جوهرها هي هي وصبغت الموضوع بتنظير تبريري اما تحت مسميات روحية او عقدية او مذهبية …فتغيرت الياته القتالية والعسكرية والقانونية والسياسية التي تشرعن احيانا للارهاب في مواجهة ارهاب مفترض او متوقع او ارهاب حاصل…
…ورغم الروح البناءة للديانات السماوية واخرها الاسلام فان البشرية شهدت و عرفت انواعا وممارسات من الارهاب تعرفت عليها امتنا في عصر الخلفاء الراشدين حيث قتل عمر وعثمان وعلي والحسين رضي الله عنهم والاف اخرين وعذب وشرد واسر وسبي العديد…تحت مبررات لايمكن لسيدنا محمد (ص) الا ان يرفضها ويدينها لان الله ما امر بالظلم و الترهيب واراقة الدماء وترويع الناس …وما زلنا إلى يومنا هذا نرى بعض الفرق والمنظمات والجماعات والأحزاب, وبعض التيارات التي تنصب نفسها متحدثة باسم الاسلام او بعض المذاهب وهي تنظر للارهاب و تتفنن في اساليبه معتقدة ادعاء انها تمارس الوعظ والارشاد او تنصر الدين او تدافع عن الديموقراطية والعدالة …ونجد مثل هذا في العديد من المعتقدات والمذاهب في اوروبا واسيا وغيرهما كانت سماوية او وثنية او مادية …
ان الصراع على الموارد الطبيعية وعلى المناطق الاستراتيجية وكذا الصراع على السلطة تحت غطاء ديني / مذهبي …مدخل لاثارة الفتن والاضطرابات لاضعاف الجهة المستهدفة لتسهيل السيطرة على قدراتها واخضاعها لنفوذ جديد تتقوى به مصالح معسكر على حساب معسكرات اخرى بمسميات متعددة تتقاطع فيها وتتكامل احيانا مصالح تحكمها معتقدات متناقضة …وفي الحقل الذي يعنينا هنا والمرتبط بالدين في شموليته يرى البعض تحت مبرر نشر الاسلام وتنزيل الحكم الاسلامي في الارض الدفع باعتماد ” قاعدة الضرورات تبيح المحظورات” التي يخرجونها عن سياقها ليصبح الحلال حراما والحرام حلالا.. وسفك الدماء جهادا ..وسرقة اموال الناس غنائم .. واختطاف النساء الحرائر واستعبادهن وجعلهن سبايا واستباحة اعراضهن وجعلهن اماء للفراش وبيعهن في اسواق النخاسة امورا مشروعة …
… ان الإسلام جاء ليبني شخصية جديدة متجددة متشبعة بحس انساني راق.. محبة للمعرفة والعلم ومتحلية بالاخلاق الفاضلة في علاقاتها مع الانسانية كافة والامة بصفة خاصة .. تقوم على السلم والتسامح والتعاون والتراحم و…مع نبذ الكراهية والحقد والعنف …ومؤمنة بمبادئ السلام التي هي جوهر الاسلام …
ان الإيمان عندنا يفترض انه يرتكز ويؤدي إلى..
اولا .. الانضباط لجوهر الحديث النبوي الشريف : “و الله لا يومن، و الله لا يومن، قيل من يا رسول الله قال الذي لا يأمن جاره بوائقه” و الجار هنا غير مقيد لا بدرجة ونوع القرب المكاني ولا بجنسه هل هو ذكر او انثى ولا بعقيدته ومعتقده ولا بلونه ولا بلغته ولا بمستواه المادي ومركزه الاجتماعي … والجار يمتد من البيت الى الجماعات القبلية التي بالجوار الى الامة و مع الامم الاخرى والى الدولة مع غيرها من الدول …لان الله سبحانه وتعالى جعلنا شعوبا وقبائل لنتعارف ونتعاون الخير والله هو الذي يحدد المتقي والصالح من غيره ..
…ومن هنا فالإيمان الحقيقي في الحديث اعلاه ينتفي ويتعطل اذا مال مدعيه الى ممارسة الإرهاب ضد غير ه من الناس …والاشكال يعظم عندما نجد من يفترض فيهم نصح الناس وتعليمهم الاسلام والايمان الحق هم من ينبري لاباحة الارهاب واستغلال بساطة الناس لجعلهم وقودا للقتل والفتن …لاغراض لم يامر بها الله و رسله وانبياؤه …
ثانيا ..البلورة السليمة لمقتضيات روح الحديث الشريف :” كل المسلم على المسلم حرام : دمه وماله وعرضه”..
وحديث “حدثنا مسدد قال حدثنا بشر قال حدثنا ابن عون عن ابن سيرين عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه ذكر النبي صلى الله عليه وسلم قعد على بعيره وأمسك إنسان بخطامه أو بزمامه قال أي يوم هذا فسكتنا حتى ظننا أنه سيسميه سوى اسمه قال أليس يوم النحر قلنا بلى قال فأي شهر هذا فسكتنا حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه فقال أليس بذي الحجة قلنا بلى قال فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم بينكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا ليبلغ الشاهد الغائب فإن الشاهد عسى أن يبلغ من هو أوعى له منه”
من المؤكد ان استعمال لفظ ” التحريم” في الحديث قطعي لايحتاج الى تفسير او تاويل لان نفس ودم ومال وعرض الافراد يرقى لدرجة التقديس الادبي الاخلاقي مما يفرض وجوبا وقطعا منع المساس بها جزءا وكلا …
…ان الإرهاب الذي يمارسه السياسويون باسم الإسلام يهدف الى اقصاء الآخر بالتكفير او التشكيك في ايمان الغير فيدفعون بفتاوى ظلامية تعتمد اقصى درجات الترهيب اي القتل والاغتيال للافراد والجماعات احيانا دون تمييز ،…كما هو الشأن بالنسبة للشهداء امثال عمر بنجلون…
بناء على هذا يمكن لنا أن نصنفه الى ارهاب مادي وفكري ونفسي ولفظي…
ان الإسلام يامر المؤمنين بالابتعاد عن كل اشكال الغلو والتعصب والتشدد, و يمنع العنف والإرهاب , ويدعو الى الرفق والتراحم والتسامح بوضع منهج تجاوز ردود الافعال السلبية المغدية للانانية والانتقام .. قال تعالي: ” ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم, وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم..”
…و قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: “إن الله رفيق يحب الرفق “وقال ” إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه, ولا ينزع من شيء إلا شانه”
وقال تعالي:”فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك.”
إن للإرهاب اثارا خطيرة قد تمتد انعكاساته و تداعياته ماديا ومعنويا لسنوات واحيانا لعقود وقرون …فتحصد الأرواح و الأنفس وتدمر الممتلكات و تخرب اثار وماثر لاتقدر بثمن وقد تنقرض حضارات ويصبح الخوف والرعب متحكما في كل شيئ .. فتنعدم الطمانينة والثقة والاستقرار اللازم للتطور والتقدم وتدور كل العجلات نحو التفكك والتشردم فتضعف الأمة / الدولة ، وتبدد مكاسبها…فيتجرا علىها من هب ودب من الاعداء والخصوم كانوا من الداخل او الخارج فهم على نية واحدة مع اختلاف نوعها.. و الذين لايطمئنون الا باستمرار تخلفنا و جهلنا وتحجرنا وانتشار الفتن بيننا …فما هكذا تراعى وتحترم المعتقدات السماوية ولا تربى الاجيال ولا تبنى الحضارة التي وصفها الله بقوله “كنتم خير امة اخرجت للناس تامر بالمعروف وتنهى عن المنكر ” .. وما فكر ولاخطط ولاتعامل الرسول الكريم (ص) الا بروح انه الرحمة المهداة من الله للناس كافة فاحترمه وقدره من عرفه وعاشره من مسلمين وغير مسلمين .. اليس هو صلى الله عليه وسلم الذي قال بعد فتح مكة -وليس غزوها – مخاطبا من حاربه وقتل العديد من المسلمين والمسلمات الاوائل وهو في اوج قوته ونجاحه … : « من دخل دار أبي سفيان فهو آمن ، ومن أغلق عليه بابه فهو آمن ، ومن دخل المسجد فهو آمن » وكان بردا وسلاما على من كان بمكة …
فعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: « يا عائشة إن الله رفيق يحب الرفق ، ويعطي على الرفق ما لا يعطى على العنف ، وما لا يعطي على سواه » .
ان ظاهرة التطرف التي تنتج الارهاب تحتاج الى تجديد الفهم للرسالة النبوية و للكتاب والسنة .. وحاجتنا للعلم والفقه الغاية منه هو صنع كبار الرجال لينهضوا بالعلم ويطوروا ويجددوا ويوسعوا مجالات الادراك والوعي وليس الاتباع التقليدي غير المدرك لجوهر وموضوع الاتباع .. اما صغار الرجال كما قال احد المفكرين لا يرفعهم العلم بل ينحدرون به اذا لم يحترموا قدسيته وبهاءه … ولصناعة الانسان المسلم القادر على مواجهة تحديات مرحلته لابد له من التكوين العلمي والعقلي و الادبي ولابد للعلم ان يرتبط عنده بالاخلاق والقيم النبيلة … ان الرسالة العظيمة للاسلام تفرض علينا ان نعمل من اجل تاهيل الانسان ليحمل رسالة العلم ويكون في مستوى حمل رسالة الاسلام …فكل جيل مؤتمن على عصره وعليه الاستفادة من تجارب السابقين وان يعتمد على خبرات وتجارب عصره ومتطلباته …. فالنص هو هو والانسان والخصوصيات والمعطيات تتغير باستمرار والملاءمة يجب ان تتحقق وتتم بالتجديد الديني المعاصر وبتحديث اليات اكتساب الفهم الملائم لكل قضية ومسالة في كل مرحلة وحقبة … وفي هذا السياق قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: : ” إن الله يبعث إلى هذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها ” … كل هذا حتى تكون هناك قيادة للناس قادرة دائما على السير نحو الافضل لهم في راهنهم ومستقبلهم تدفع باللتي هي احسن حتى نكون كما قال سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم «ترى المؤمنين في تراحمهم وتوادِّهم وتعاطفهم كمثل الجسد، إذا اشتكى عضو تداعى له سائر جسده بالسهر والحمى»وقال: «اللَّهُمَّ مَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَشَقَّ عَلَيْهِمْ فَاشْقُقْ عَلَيْهِ، وَمَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَرَفَقَ بِهِمْ فَارْفُقْ بِهِ»
وقال صلى الله عليه وسلم : (( والذي نفسي بيده لقتل مؤمن أعظم عند الله من زوال الدنيا ))
وقال: (( من قتل مؤمناً فاغتبط بقتله لم يقبل الله منه صرفاً ولا عدلاً ))…/…
مصطفى المتوكل / تارودانت
الاربعاء 7 ابريل 2014
قال تعالى ..(( وان المساجد لله فلا تدعوا مع الله احدا ))(18) (الجن)
وقال تعالى:(( فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ * رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ * لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ))
المَسجد هو كل ما أعد ليؤدي فيه المسلمون ذكرانا واناثا الصلوات الخمس جماعة بما في ذلك صلاة الجمعة .. وقد يطلق على ما يتخذه الإنسان في بيته ليؤدي فيه صلواته كانت نوافل أو فريضة …وقال الزركشي ..كل مكان يتعبد فيه فهو مسجد لقوله (ص) وجعلت لي الارض مسجدا وطهورا …وقال : ولما كان السجود أشرف أفعال الصلاة لقرب العبد من ربه اشتق اسم المكان منه فقيل مسجد، ولم يقولوا مركع..
… ان سياق اختيار موضوع المساجد مرد ه ان العديد من المواظبين على صلاة الجمعة يشتكون بين الفينة والاخرى في عدة مساجد بعدة مدن ومناطق من بعض مضامين خطب بعض الائمة التي توظف وتستغل منبر بيت الله لتمرير مواقف بعض التوجهات السياسية والمذاهب …وتحويلها الى فضاء للتشكيك والطعن بالاشارة واللمز والغمز في استقصاد لقوى المعارضة الوطنية احيانا كما يطعنون في الليبراليين والراسماليين واليساريين والديموقراطيين ودعاة حماية الحريات وحقوق الانسان احيانا اخرى ووصفهم بانهم تركوا الاسلام وتشبهوا بالغرب والشرق اوانهم يدعون للميوعة والانحلال الخلقي .. بل يصل بهم الامر الى توزيع الاتهامات كل جمعة على الناس قدحا وتقريعا مصحوبا بالوعيد وسوء العاقبة عند جردهم لبعض المظاهر المجتمعية المرتبطة بالعادات والتقاليد وبعض الاعراف …باستثناء من يمدحهم او يزكيهم خطيب الجمعة دون ان يحددهم في اطار تمريره للبدائل والحلول التي يريد اقناع الناس بها …ويصل البعض الى اعتبار القوانين والدساتير التي تعتمدها الدولة قوانين مرفوضة لايجب اعتمادها في تدبير امور الناس …
فالمسجد هو مكان للعبادة .. ومدرسة للتعليم وجامعة للبحث والتاطير والتفقه في امور الدين ..وبرلمان او مجلس للتشاور في قضايا المسلمين ذكورا واناثا ..ومقر لوزارة الخارجية تستقبل فيه الوفود وتدار فيه المفاوضات والمباحثاث وتدبج فيه المواثيق والاتفاقيات والمعهدات ومنه ترسل البعثاث … وكانت مجلسا للتداول في امور الحرب والجهاد و مقرا للقيادة العسكرية … وتميزت كذلك بكونها منتدى لفنون الادب والشعر والخطابة و فضاء للانشاد والترويح عن النفس حيث لعب في المسجد الاحباش ورقصوا امام النبي صلى الله عليه وسلم وعائشة…….ويستعمل احيانا للتمريض …وكان كذلك محلا للراحة تطمئن فيه القلوب والانفس وتترقى روحانيتهم وتتقوى عزيمتهم، ويسعون لتعلم الحكمة والعمل الصالح ….فكان المسجد بذلك يشكل ادارة لمؤسسة الدولة في بساطتها وبداية تشكلها …
…. ففي زمن النبوة الرسول عليه افضل الصلاة والتسليم هو مبلغ الوحي الالهي للناس والقاضي والقائد العسكري ورئيس الدولة والمعلم المربي …حيث كان الله ملهمه ومرشده وموجهه وحافظه وعاصمه لتكون اقواله وافعاله وتقريراته مكملة لما اجمل وفصل من الوحي ومدققة لما لم يفصل ومفسرة لما يحتاج الى توضيح بمراعاة للظرفية ومستوى المعارف انذاك وملابسات كل حالة ونازلة وحدث …لهذا فلا قول بعد قول النبي الا اذا كان رايا خاصا به حيث كان يجيب على سؤال الصحابة …فى السُّنة والسيرة: ” يا رسول الله ، أهو الوحى ؟ أم الرأى والمشورة ؟.. ” فإن قال: إنه الوحى. كان منهم السمع والطاعة له ،.. أما إن قال لهم الرسول – جوابًا عن سؤالهم -: إنه الرأى والمشورة.. فإنهم يجتهدون ، ويشيرون ، ويصوبون.. لأنه صلى الله عليه وسلم هنا ليس معصومًا ، وإنما هو واحد من المقدمين فى الشورى والاجتهاد..
لهذا يعد المسجد أصل وأساس المعرفة الايمانية والعلاقات التي تحكم وتنظم حياة المسلم في بيته ومع جيرانه ومع المسلمين ومع الناس كافة في كل المعاملات ، فلا يمكن للمجتمع الاول للمسلمين ان يتماسك وتترسخ جذوره إلا بالانضباط والاتباع والعمل الدؤوب ونشر قيم الود والتراحم والتآلف والمحبة، والعدل والمساواة بين مكونات الامة …قال (ص) …((..وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم الا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده ..))..رواه مسلم …لهذا يمكن الجزم بان دور المسجد هو التوحيد بين الناس واجتناب كل ما يؤدي للتنافر والصراع والفتن من مثل اثارة النعرات القبلية والمساس باعراض الناس وانتهاك حرماتهم او استفزازهم بذكر عيوبهم التي قد يعرف بها البعض ممن يحضر للصلاة.. او بالتشكيك في ايمان الناس او نصرة مذهب على اخر او تكفير جماعة او افراد من المجتمع … وهذا ما اشتكى منه العديد من الناس في ازمنة سابقة وفي ايامنا هاته حيث تبدلت أحوال بعض المساجد وابتعد بها بعض الائمة عن اداء مهمتها السامية ورسالتها النبيلة التي اقيمت من أجلها ليقحموها في دائرة دعاية سياسوية بغطاء دعوي تضيق على الناس بوصف التشدد والتطرف هو الاسلام الحقيقي وغيره لايعتد به – ولنا في ما تبثه بعض القنوات الفضائية ببعض المساجد الكثير من الامثلة التي تتسبب في الاضطرابات والفتن والصراعات والتكفير بامزجة بعض المشايخ – فاصبحنا نرى الناس يتوزعون على المساجد ليلائم هواهم هوى بعض الائمة …؟؟؟كما ابتعد العديد عن صلاة الجمعة لمخافة ان يقعوا في المحضور ان انفعلوا واحتجوا بالمسجد على التجاوزات التي قد تصدر احيانا …وهذا وجه من اوجه “منع مساجد الله” على عباد الله …
…ان هذا التراجع في دور المسجد أرجعه بعض العلماء إلي الأئمة أنفسهم في المقام الاول – والى سكوت اولي الامر وقبولهم بالامر الواقع – ، وعدم ادراكهم واستيعابهم لالية التواصل وحسن التبليغ و التعليم والنصح في امور الدين و الدنيا.. فاصبح البعض منهم يطيل الخطبتين معا ويثقلهما بمقدمات طويلة مشبعة بالسجع والجمل المركبة والمصطلحات الغامضة -التي لايفهم معانيها الا العارفون باللغة العربية – ويعمدون الى شحنها بالوعيد والتنفير والتعسير …كما يمررون رسائل مشفرة وواضحة من مثل ما فعل احد الخطباء مثلا باحد دول المشرق الذي كفر الشيعة بل جعل معتقدات غير المسلمين احسن من مذهبهم وخلق فتنة اضرت بالعلاقات بين دول واغضبت كل من سمع او تناهى الى علمه ذلك الاتهام الخطير وتلك المقارنات الغريبة … ومثل هذا يفعله البعض عندما يمس بشكل مستفز بعض العادات والتقاليد المرتبطة ببعض الطوائف المنتشرة بالغرب الاسلامي والتي لها امتداد ببعض دول افريقيا دون ان يراعي في ذلك الالتجاء الى الحسن من اللفظ والكلام والدلالات والمعاني التي لاتقدح ولا تجرح ولا تدفع الى التعصب وردود الافعال اكثر عنفا …فالحكمة هي القاعدة الجوهرية التي بنى عليها سيد ولد ادم عليه الصلاة والسلام خطبه ومواعظه ونصائحه ومعاملته مع الجميع فلم يكن صخابا ولا بذيئ الكلام ولا متشنجا ولا متشددا … بل كان كل كلامه رحمة يرتاح له المؤمن وغير المسلم …….
…ان للائمة والوعاظ مكانة محترمة ومتميزة لانهم حسب المفهوم والمؤمل يتكلمون بالقران والسنن النبوية وبالسير الصالحة .. لهذا عندما يتكلمون يسكت الجميع احتراما وتعظيما لمكانتهم … ومن هنا لايجب ولايجوز ان يستغل اي كان تلك المكانة ليمرر ويفرض على الناس سماع مواقفه الشخصية وقناعاته المذهبية وحقده وسياسة حزبه على الناس بالمسجد او بالاعراس او الافراح او اللقاءات العامة لان الوطن والدين والسياسة للجميع ومن حق الجميع وليست حكرا لهذا على ذاك ..كما لايجوز ان يستغل البعض القنوات والاذاعات بتوظيف اوجه دعوية معلومة الانتماء لثيار او حزب لترويج افكارهم الخاصة … والا وجب على الدولة ان كان ذلك مسموحا به ومقبولا ان تجعل من حق المذاهب والاحزاب على حد سواء ان تكون لهم اجنحة دعوية و حصصهم لامامة الناس وبالمجالس والكراسي العلمية وبالبرامج الدينية بوسائل الاعلام …حتي يتجه كل واحد الى المسجد الذي الذي يؤمه امام يتقاسم مع الافكار والقناعات وحتى السياسات … ولنا في الشرق ومحيطة الامثلة الصارخة التي دفعت كل توجه الى احداث قناته” الدعوية” السياسوية والتي تحولت بسبب الحراك الشعبي الى منابر مفتوحة لتوجهات سياسية وظف فيها الدين باشكال اساءت الى امة سيدنا محمد باجازة القتل والتفجير واثارة الفتن ووالدعوة للجهاد والجهاد المضاد والتكفير على المذهب والموقف السياسي…..
فاذا تاملنا العلة في ما يمنع اتيانه وفعله والاقدام عليه بالمساجد سنجملها في … *تحريم انشاد الضالة به .. وفي هذا قال رسول الله صلى الله ععليه وسلم : {من سمعتموه ينشد ضالة في المسجد فقولوا: لا ردها الله عليك، فإن المساجد لم تبن لهذا}..- والضالة قد تكون غرضا ماديا او معنويا وقد تكون نفعا سياسيا لجهة ما على حساب حهة اخرى..
*..ومنع الرسول الكريم ان تقام فيه الحدود جملة وتفصيلا .. *و ان يسل فيها سيف او اي سلاح *… كما نهي عن جعل المساجد موضعاً للبيع والشراء ..* و جعلها امكنة للاستفزازات الكلامية التي قد تخل بضوابط الصلاة أقوالاً وأفعالاً وتمنع تحقق الخشوع فيها و هذا يشوش على الناس بالمسجد وخارجه …والامر يسري هنا على الافراد بالمسجد كما يمكن ان يعني الامام ان حول كل خطبته او البعض منها الى لغو وتشويش على المصلين بتدخله في الامور السياسوية – او تصريف موقف ما من قضية ما بمنظار شخصي – التي هي شان اصحاب الاختصاص في الامكنة الخاصة بذلك الا المسجد الذي يصلي فيه المغاربة بمختلف انتماءاتهم وقناعاتهم ..
…لهذا يعبر عدد من السياسيين والدعاة المحايدين في وطننا هذا وفي غيره عن اعتراضهم على إقحام المساجد في السياسة واتخاذ الدين ستاراً ومبررا لأفعال وقرارات بعض الساسة بهدف الوصول للمسؤوليات العامة في استغلال بشع لبيوت الله لامور حزبية ومذهبية .. متهمين بعض الدعاة والائمة بالقيام بالدعاية السياسية لأحزاب علي حساب أحزاب أخري..
…ان المساجد هي بيوت الله و محل لثقة الناس تهوي اليها افئدتهم ويتواصلون مع ربهم في صلواتهم الجماعية التي امروا بادائها … ويتلقوا فيها نفحات مشرقة ومبهجة ومبشرة ومحفزة لروح الايمان في النفوس والقلوب …
اننا اليوم – وحتى قبل هذا العصر – نرى الدول التي ننتمي اليها قائمة على مجموعة من المؤسسات والتخصصات الحكومية والخدمات المتنوعة التي تحتاج الى احترافية وخبرات ومهنية عالية ولم يعد من الممكن ان تكون وزارة الدفاع والصحة والبريد والخارجية وغيرها بالمساجد.. بل حتى الشان الديني اصبحت له مؤسساته وضوابطه بما يحفظ وحدة الامة وحرية المعتقد وتجنب التطرف والفكر التكفيري والتشرذم المذهبي المرتكز على العصبية المقيتة … وبات من الواجب ان تحفظ المساجد التي تشكل الملجا الجماعي للمسلمين والمسلمات لضمان استمرار الوحدة وليس ان تكون سببا في الفرقة والتمزق والفتن …
ان ديننا شامل ومسألة اخضاعه لسياسة حزب ما أمر غير شرعي .. ان الاسلام ينظم الاختلاف في تدبير كل الامور الشرعية و المادية والمعنوية والاجتماعية بما يحقق اليسر والتراحم وينشر المحبة والتعاون والتكامل.. ونحن هنا لن ندخل في التحليل الاقتصادي والاجتماعي والسياسي لنصنف السياسات بالاسلامية وغير الاسلامية باعتبار المنهجية والطريقة المعتمدة في تدبير وتسيير امور الامة والدولة فالحلال بين والحرام بين …
ان الذين يريدون ان يخضعوا الدين للحزبية والفرق والمذاهب في المسائل السياسية انتجوا عبر التاريخ الكثير من الماسي والانقسامات والحروب وما زلنا نرى امثلة في راهننا حيث يقتل البعض البعض الاخر ويكفره.. وتستباح دماء الاخوه في الدين و تصبح نساء مؤمنات سبايا واموال امة سيدنا محمد غنائم بمبررات جاهلة وتفسيرات تعسفية سببها فتاوى بعض الدعاة والائمة …
قال احد الشيوخ ..” إنه لا ريب أن خطبة الجمعة من شعائر الله العظيمة التي لها أهمية كبرى في دين الله عز وجل.. لذلك أمر الله بالسعي إليها وأوجب الاستماع لها وحرم الكلام وقت إلقائها وكانت الخطبتان شرطا في صحتها…واشار الى ان لخطبة الجمعة حقائق ومقاصد عظيمة مدارها على الموعظة والتذكير وتبصير الناس بأمور دينهم…”
..ولكن للأسف الشديد فقد جنح البعض عن هذا المنهج القويم ونحوا بالخطبة منحى أفقدها مواصفاتها الشرعية المستمدة من الهدي النبوي وعمل السلف الصالح حتى سيست الخطب فخرج بها عن دورها الشرعي في الموعظة والتذكير والتبصير …
ويضيف احد الشيوخ الجادين : أما الدخول في “متاهات” الاحزاب ونقد الأشخاص فهذا شيء مرفوض تماما على المنبر. فمهمة الخطيب تقتصر على أن يربي ويعلم مبادئ الإسلام الصحيحة للناس. وأن يترك للناس الحرية في التعامل مع الأحداث….فلا احد يرضى أن تتحول المنابر الدينية من منابر الفضيلة إلى منابر الدعاية لتيار فكري وسياسي كيفما كانت توجهاته…
..قال الحسن البصري: [[أيها المؤمن! لن تعدم المسجد إحدى خمس فوائد أولها: مغفرة من الله تكفر ما سلف من الخطيئة، وثانيها: اكتساب رجل صالح تحبه في الله، وثالثها: أن تعرف جيرانك فتتفقد مريضهم وفقيرهم، ورابعها: أن تكف سمعك وبصرك عن الحرام، وخامسها: أن تسمع آية تهديك]].
ونختم هذه المقالة بدعوة اولي الامر لحماية بيوت الله من كل من يستغلها لاغراض سياسوية او لاثارة الفتن ولحماية المجال الديني والدعوي من اي نزلاق حتى نضمن لامتنا التماسك مع ضبط عادل لقواعد الاختلاف والتنافس من اجل الخير والتطور والرخاء والتقدم …
رُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ , أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَالَ: «يَأْتِي عَلَى أُمَّتِي زَمَانٌ يَكُونُ حَدِيثُهُمْ فِي مَسَاجِدِهِمْ لِأَمْرِ دُنْيَاهُمْ، لَيْسَ لِلَّهِ فِيهِمْ حَاجَةٌ فَلَا تُجَالِسُوهُمْ»…
=========================
مصطفى المتوكل / تارودانت
الاربعاء 30 ابريل 2014
يقول (وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى) [المائدة: 2].
يقول – عز وجل -: (وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا)[آل عمران: 103].
ويقول تعالى : (وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) [آل عمران: 105].
وجاء في الحديث: “عليكم بالجماعة؛ فإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية”
…من بين تعاريف العمل الجماعي : “كل تجمع منظَّم يهدف إلى تحسين الأداء وفعالية العمل لبلوغ أهداف محددة، ويقوم بتوزيع العمل على لجان كبيرة، وفِرَق عمل، وإدارات متخصصة …”
وعرف فريق العمل بانه ” مجموعة من الأفراد يتميزون بوجود مهارات متكاملة فيما بينهم ، وأفراد الفريق تجمعهم أهداف مشتركة وغرض واحد ، بالإضافة الى وجود مدخل مشترك للعمل فيما بينهم “.
… ان الإنسان كائن اجتماعي ومدني بطبعه، وهو لا يستطيع إلا أن يعيش في جماعة تتكامل مع جماعات اخرى في اتجاه وطني وانساني عالميين وفق الفهم للعوالم التي تدرك … ..، فالمجتمع بقيمه وعاداته وتقاليده وثراته وارائه ومنظوماته الفكرية وعلاقاته إلانسانية هو المجسد للحضارات والمعارف والمنجز والمتسبب في كل التطورات الايجابية والانكسارات … ومسيراته ارخت لكل ما نعلم ونقلت للمعاصرين الديانات والفلسفات والعلوم و….واصبحنا بعلم التاريخ نعرف الاسباب المباشرة وغير المباشرة للحروب والمعارك والصراعات وفق منهجيات ومقاربات نقدية علمية تغربل وتدقق بها العطيات والحقائق .. كما اصبحت لدينا في مشارق الارض ومغاربها قناعات مشتركة مستخلصة من تاريخ تعاون الانسان مع الاخرين وما نجم عنها من تقدم وتطور مطردين .. وما حدث من تمزق وتخلف واضرابات وازمات امتدت اثارها لاجيال واحيانا قرون بسبب غموض في الرؤى والفهم والتعصب وعدم الانضباط للجماعة/ الامة ولنا في صراع اصحاب الديانات منذ القدم اقوى الامثلة التي قسمت المسيحيين الى مجموعات كما قسمت غيرهم الى طوائف وشيع …
واذا اعتقدنا انفسنا محظوظين لاننا من المفترض ان نكون اكثر نضجا وخبرة لما بين ابيدينا من تقدم تكنولوجي وعلمي وتقني وفكري مقارنة مع من سبقنا من الامم .. فاننا بطرق تصريفنا لمعارفنا وخبراتنا في واقعنا العام المشترك فيما بيننا او مع غيرنا نبين اننا نتناقض احيانا مع الافكار التي نحمل او التي ندعي الدفاع عنها ونكون احيانا اخرى اكثر تخلفا وتحجرا وجهالة من اهل القرون الغابرة …
والمعلوم بالضرورة من الفطرة أن يكون الانسان كائنا اجتماعيا بطبعه يتفاعل مع المجتمع صلاحا و فسادا فيتاثر بهما ويساهم في ترجيح كفة احدهما على الاخر .. كما نقف في كل الحقب عى من ينبري كافراد او جماعات للقيام بالاصلاحات التي تقترح بدائل للواقع المراد تغييره سواء دينيا او فكريا او اقتصاديا او اجتماعيا …ومن المسلم به ان التغيير الاقوى او الافضل لايتحقق الا اذا انخرطت فيه الاغلبية وعملت من اجل انجاح كل المبادرات والخطط في اطار من التعاون والتكامل والتناصح وتبادل الخبرات … قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا اذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الاعضاء بالسهر والحمى ))؛ رواه البخاري.
… ان المؤسسات الجماعية تُتَّخذ فيها القرارات بشكل جماعي في اطار ديموقرا طي وليس بشكل انفرادي سواء همت مجموع جماعات المجموعة او افرادها وفْق ضوابط وآليات متوافق عليها تحدد سلطة الرقابة والانضباط الفردي والجماعي والتزام القيادات….
…ان أهمية العمل الجماعي ترتبط جدليا بالقدرة على التفكير الملموس انطلاقا من الواقع الملموس ..كما ينبني على الإيمان بالمبادئ والأهداف المشتركة بين افراد الجماعة ..والاقتناع باهمية التعاون مع الجماعات التي تشترك معها في بعض الاهداف او الافكار بل وحتى التي تمتلك بدائل مغايرة لها بشرط ايمان تلك الفرق بقواعد الديموقراطية و بالحق في الاختلاف والتنوع …والعمل بالجماعة يتطلب انتاج واختيار قيادات وطنية ومحلية وقطاعية تسهر على انجاح الادارة الجماعية للمشترك افقيا وعموديا بتقدير لثقل المسؤولية والامانة الملقاة على الجميع في احترام لروح العمل والمبادرة وحماية للنظم والضوابط المجسدة لتشكل الجماعة وتماسكها …ونجاح قادتها يكون بدينامية الافراد المشكلين لفرق الجماعة التي تنتج القادة ...ان ممارسة العمل الجماعي لا بد أن تنبثق عن ايمان واقتناع ذاتي نظري وتطبيقي وإلا يصدق على مدعيها قوله تعالى -: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ).
… ان العمل الجماعي يفترض علميا ومنطقيا ان يعلم الأعضاء جوهر التفاوض وحسن الاستماع والفهم وليس الإصرار على الاختلاف والتعصب للراي والاعتقاد …
ان المغزى من اجتماع الناس هو أنجاز الاعمال بروح الفريق الواحد المتكامل – رغم الاختلاف – والذي تكون فيه مصلحة المجموعة / المؤسسة فوق مصالح الافراد ، مع الاعتراف لهم بحقوقهم الادبية والعملية ….
ان اختلال العمل داخل الاسر يفسدها ويفسد المجتمع ..كما ان تفكك التكامل بالاسر الدينية والسياسية – الاحزاب والمؤسسات العامة – والاجتماعية – النقابات – يضعف الثقة ويمزق اللحمة الانسانية ويزرع بذور الانهيار حتى بالدول العظمى …
لهذا ارتكز ديننا الحنيف على منهجية تركيبة ثلاثية المرتكزات لضمان الصلاح والنجاح…اصلاح النفس وتقويمها ومحاسبتها وتهذيبها .. واصلاح الاسرة وتخليقها وتقوية تماسكها واصلاح المجتمع ومؤسساته تبعا لذلك باعتماد التعاون والتكامل والتناصح و…..ونستدل في هذا الباب في ختام هذه المقالة بالنصوص التالية ..
“مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى” [أخرجه مسلم].
…وقال عليه الصلاة والسلام: “المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من المؤمن الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم”.
..وقال: “يد الله مع الجماعة”.
..و خطب أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه بالجابية، فقال: عليكم بالجماعة وإياكم والفرقة، فإن الشيطان مع الواحد وهو من الاثنين ابعد، ومن اراد بحبوحة الجنة فليلزم الجماعة…..
مصطفى المتوكل / تارودانت
26 ابريل 2014
قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ 18 وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ أُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ [الحشر]
….وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: ( حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوها قبل أن توزنوا، فإن أهون عليكم في الحساب غداً أن تحاسبوا أنفسكم اليوم، وتزينوا للعرض الأكبر، يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية )….
عند الحديث عن الانسان نستحضره كافكار وممارسات وتنظيم ومنهجيات للتدبير والتعامل مع ظروف العيش والشؤون الخاصة والمشتركة والعامة …وهذا يجعلنا نقف على الايجابي والسلبي في حياتنا بفعل تدخلاتنا ومبادراتنا .. وبناء على القيم والمعتقدات التي نؤمن بها وتنوع المرجعيات التي تجعلنا نتباين في تقييمنا لواقعنا وممارساتنا …مع العلم ان الجميع يدرك بالتجربة والملاحظة والمقارنة بين الصالح والطالح من الاعمال كما يميز بين السيئ والحسن من الاقوال والقرارات … وان ما يفسد الفطري في الانسان هو طغيان الذاثية والانانية والتعصب للراي وعدم القدرة على الاقرار والاعتراف بالخطا باعتقاد ان ذلك يضعف ويحط من قيمة الشخص او الجماعة ..والحال ان الاعتراف بالخطا كما يقال فضيلة لان التمادي في تجاهله هو عين التهور …
واذا سال كل واحد منا نفسه وقام بجرد ما بدر منه في يومه قبل غده وفي اسبوعه قبل شهره واستعمل ميزانا سليما وموضوعيا لتبث لديه انه اخطا مرارا دون ان يعير لفعله وانعكاساته اي اهتمام وكانه على حق طوال نهاره وليله ؟؟ولقد نبه النبي صلى الله عليه وحذر من الذنوب والاخطاء الصغيرة التي لايتم الانتباه لها … والتي ان تكررت ستصبح قاعدة تتحول الى ظلم وفساد عظيمين. .. وفي مثل هذا روي عن الإمام علي عليه السلام: ((شرُّ الأشرار من يتبجَّحُ بالشرّ))…معتبرا اياه رجولة وميزة وشطارة…ويعتبر الهمز واللمز والاساءات التحقيرية والتهكمية واحيانا انتهاك خصوصيات الناس بانها مجرد كلام ومنهجية للضغط على خصم او منافس او مجرد رد فعل انفعالي انتقامي ….
وتصنف بعض الذنوب من الصغائر اي أنها ما دون حدُ في الدنيا ولا حدُ في الآخرة،اي ليس فيها نص بوجود عقاب في الدنيا ولا نص بوجود وعيد في الاخرة …ولقد عرفها بعض الفقهاء بانها المحرمات التي ليست فيها عقوبة …وننقل هنا لطيفة لابن القيم رحمه الله وهي “.. أن الكبيرة قد يقترن بها من الحياء والخوف، والاستعظام لها ما يلحقها بالصغائر.. وقد يقترن بالصغيرة من قلّة الحياء، وعدم المبالاة، وترك الخوف، والاستهانة بها ما يلحقها بالكبائر..”
وروى الإمام أحمد عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إياكم ومُحَقّرَاتِ الذنوبِ أي صغائر الذنوب، فإنما مثل محقرات الذنوب كمثل قوم نزلوا بطن وادٍ فجاء ذا بعودٍ وذا بعودٍ، حتى جمعوا ما أنضجوا به خبزهم، وإن مُحَقّرَاتِ الذنوبِ متى يؤخذ بها صاحبها تهلكه…”
ان المواقف التي نبنيها على انطباعات وتخيلات وافتراضات عن بعضنا البعض بترجيح شكوك او تصريف ردود افعال او تخيل وتوهم حتى المقربين منك بانهم مشاريع خصوم واعداء بناء على سوء الظن او تاثر بالقيل والقال وترويج الاشاعات الكاذبة التي تنقل عن عديمي الضمير والاخلاق ومحترفي اثارة الفتن .. او تصدر بشكل متعمد للانتقام باية وسيلة ولو كانت غيبة ونميمة …لاتؤدي الا الى الهدم والميوعة وخراب الامم والحضارات وتشتيت الجماعات والاسر …فالاعتقاد غرورا ان ايا كان فوق المحاسبة و المساءلة وانه لايخضع الا لارادته ورغباته معناه انه اضاع بوصلته اي ضميره وسلطة الرقابة الذاثية …ان محاسبة النفس وممارسة النقد الذاتي
يفترض ان تكون قبل الفعل والقول و بعده بالتاكد من رجحان صلاح ما سيقدم عليه والا بادر بتركه وتجنبه وعدم الاقدام على فعله .. قال الحسن رحمه الله: رحم الله عبداً وقف عند همه، فإن كان لله مضى، وإن كان لغيره تأخر.
ومن اوجه محاسبة نفسك سوء الظن بها وافتراض انك يمكن ان تخطئ في خياراتك .. او ان خيارات غيرك قد تكون انجع وافضل .. وان تتجاوز اخطاء غيرك وتبالغ في محاسبة نفسك على اخطائك..
…إن الخلاف والاختلاف الموضوعي و البناء لا يؤدي إلى اغلاق منافذ وابواب الحوار والتواصل ومقارعة الحجة بالحجة بشكل شفاف وواضح وصاف من ترهات الكيد والتحقير والاستهزاء ..انه يفضي الى استدامة تواصل انساني راق وحضاري يطلق عنان المبادرات التكاملية بدل التاسيس للقطيعة والهدم …فالكثير من الممارسات وردود الافعال تلوث البيئة الاجتماعية والسياسية وتقوي ثقافة العدمية والميوعة التي تمتد اثارها الى كل المجتمع واحيانا الى الامم المتنوعة ..فالحقد و الغضب والتكبر و الاستعلاء والرغبة في تحطيم الاخر و حُبُ الذات وغيرها مظاهر متعددة لاختلال واحد يهم النفس والذاث في علاقتها بنفسها وعلاقتها بالاخرين ….
…ان النقد مهم لارتقاء الأفراد و الجماعات وكذا تطوير المناهج والبرامج واليات العمل ،وتغييبه يضيع التصحيح والتقويم ويتسبب في ولوج متاهات الضلال والتضليل دون ايـــلاء اي اهتمام لعواقب الافعال على النفس والجماعة …
..إن تغييب النقد الصحيح يفسح المجال ليحل محله النقد الهدام او الاطراء النفاقي الذي يعتمد على الخداع من اجل الالهاء واغراق الناس في اخطائهم ومن ثم القضاء عليهم ..
وقد نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن المبالغة في المديح،، فقال “احثوا في وجوه المداحين التراب”
اننا ان اقدمنا على تسجيل اقوالنا وافعالنا في علاقتها بنوايانا كل يوم سنجد انفسنا امام رزمة من التجاوزات والاخطاء التي تصنف في باب الاساءات او المظالم او الحماقات …والتي لانولي لاثارها وانعكاساتها على الاخرين او المجتمع اي اهتمام .. والتي قد تكون وخيمة ومخيبة للامال ومسيئة ..
فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ, أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
((إِيَّاكُمْ وَمُحَقَّرَاتِ الذُّنُوبِ, فَإِنَّهُنَّ يَجْتَمِعْنَ عَلَى الرَّجُلِ حَتَّى يُهْلِكْنَهُ, وَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَرَبَ لَهُنَّ مَثَلاً, كَمَثَلِ قَوْمٍ نَزَلُوا أَرْضَ فَلاةٍ, فَحَضَرَ صَنِيعُ الْقَوْمِ, فَجَعَلَ الرَّجُلُ يَنْطَلِقُ, فَيَجِيءُ بِالْعُودِ, وَالرَّجُلُ يَجِيءُ بِالْعُودِ, حَتَّى جَمَعُوا سَوَادًا, فَأَجَّجُوا نَارًا, وَأَنْضَجُوا مَا قَذَفُوا فِيهَا))
و كتب عمر بن الخطاب إلى بعض عماله: (حاسب نفسك في الرخاء قبل حساب الشدة، فإن من حاسب نفسه في الرخاء قبل حساب الشدة، عاد أمره إلى الرضا والغبطة، ومن ألهته حياته، وشغلته أهواؤه عاد أمره إلى الندامة والخسارة)….
من هنا يمكن الجزم ان النقد الذاتي ومحاسبة النفس من اجل تقويمها واصلاحها مسالة ايمانية واخلاقية بامتياز .. وضرورة عقلانية اكذت عليها كل الديانات السماوية واعتمدتها كل المذاهب المتنورة عبر تطور الحضارة البشرية …ومن هنا كانت فضيلة الاعتذار والتسامح وجبر الضرر والدفع باللتي هي احسن واحترام الاخر من اوجه محاسبة النفس لتاذيبها وتقويمها ..
قال احد الرهبان – بتصرف في الصياغة دون اخلال بالمضمون – …((…انت محتاج ان تجلس الى ذاتك لتعرف اخطاء اللسان والفكر والحواس ومشاعر القلب واخطاء الجسد.. اخطاؤك ضد وصايا الله وضد الناس وضد نفسك ..لتصلح كل ذلك و لتدرس طباعك التي يحتاج بعضها ان يتغير …وايضا لتعرف الخطايا التي تتسمى باسماء الفضائل …))
وقال الرسول صلى الله عليه وسلم “الكيّس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني”
مصطفى المتوكل / تارودانت
الخميس 24 ابريل 2014
مرة اخرى يجرب البيت الاتحادي من خلال ما يسمى الدخول البرلماني قدرة اهله على الدفاع عن البيت وتجريب تشغيل الية الحزب كل واحد بطريقته باعتماد منهجين مختلفتين …
الاول يرمي الى اعمال ايقاع مغاير للقوانين الداخلية للحزب في تكاملها مع قوانين مجلس النواب بتفسير يرتكز على ديموقراطية تعني فقط مجموعة من الاتحاديين والاتحاديات يصل عددهم الى 42 …لتكليف عضو او عضوة براسة فريق هو سياسي يفترض منطقيا وتنظيميا انه يمثل الاتحاد الاشتراكي ويتحدث بلسان الحزب وفكره ويبلور قرارات مؤسساته التقريرية والتنفيدية بناء على ما تم اعتماده في المؤتمر الوطني الحزبي لتدبير المرحلة ….
والثاني يهدف وفقا للقوانين الداخلية لحزب الاتحاد الاشتراكي وغيرها الى تكليف عضو او عضوة وفق مقاربة من مراحلها عرض اقتراح اسم على الهياة التشريعية التقريرية بعد المؤتمر الوطني وفقا للقوانين الداخلية من طرف الكاتب الاول ..فان صودق على الاقتراح من اللجنة الادارية تصبح للمكلف او المكلفة براسة الفريق الاتحادي سلطة المؤسسات الحزبية .. اي انه من حيث القوة في مثل قوة رئيس اللجنة الادارية لكن في المجال تدبير وتنفيذ امور وتوجيهات الحزب النيابية فقط .. وبالتالي يكون للحزب عمليا ثلاث مؤسسات يتم الاعداد لها بمقاربة تشريعية متكاملة تقوم على…
المؤتمر الوطني الذي ينتخب الكاتب الاول ..
وعلى المكتب السياسي الذي ينتخب من طرف اللجنة الادارية كبرلمان للحزب يعتبر بمثابة السلطة التنفيدية والادارية لشؤون الحزب ..
وعلى انتخاب راسة للجنة الادارية للحزب – اي راسة لبرلمان الحزب – ..
وعلى التصويت على رئيس الفريق الحزبي للمؤسسة التشريعية / البرلمان وبذلك يكون في خدمة الحزب ككل وملزما اخلاقيا وقانونيا وسياسيا وتنظيميا بتنفيذ قرارات الحزب والاجتهاد من اجل انجاح تلك التمثيلية ..
هاتين المقاربتين تم الدفاع عنهما وتقديم الطروحات التعليلية والتفسيرية من اجل تنزيلها في الواقع السياسي العام والبيت الحزبي ..وتباينت المرافعات التي ما كان لتحصل اطلاقا لولا الخلل المسطري في صياغة النظام الداخلي لمجلس النواب الذي خالف في البنود ذاث الصلة بالموضوع بدستور المملكة فيما يعني دور الاحزاب الدستوري وعلاقة النائب البرلماني بحزبه مما قد يؤدي مستقبلا بهذا التمرين الذي اجراه الاتحاديون والاتحاديات الى امكانية ان يقوم النواب بالفرق كلها بنفس الاجراء فيكونون امام ازدواجية في سلطة القرارات بين الالتزام بالضوابط الداخلية للاحزاب التي بموجبها يتم الانخراط والتزكية والترشح واداء مهمة الانتداب وفق البرنامج الانتخابي والبدائل التي يضعها كل حزب.. وبين ظهور سلطة اخرى لا تنص عليها ادبيات الاحزاب اي وجود سلطة مستقلة لنواب اي فريق تقرر ما تراه هي في ادارة امورها واعمالها ومواقفها بناء على ما اعتبه ” خلالا” في صياغة بعض بنوذ النظام الداخلي لملس النواب …..
وفي هذا الباب مطلوب من الاحزاب السياسية بمجلس النواب ومن الدولة ان يعملوا في اتجاه اعادة الملاءمة وتصحيح هذا الخلل الذي قد يكون مبررا ومدخلا لاضعاف مؤسسة الاحزاب والتشكيك في ادوارها المنصوص عليها دستوريا وفتح الباب على مجالات قد تظهر مؤسساتنا بانها غير منضبطة ومتضاربة …
كما يطلب في نفس السياق ان تقوم الاحزاب بتدقيق تقويمي متماسك لانظمتها الداخلية وقوانينها الاساسية حتى تكون العلاقة بين المنتمين للاحزاب مع احزابهم علاقات تعاقد وانضباط وتكامل يضمن تراكم الايجابيات ويحصن الاحزاب ويحافظ على هويتها ومكانتها بالمجتمع في اطار البناء الديموقرراطي العادل .. هذا التعاقد الذي يوقعه كل المرشحين لكل المسؤوليات الانتدابية بالمؤسسات المنتخبة او العوممية وكذا كل من اصبح عضوا بها يحدد بدقة المسؤوليات والياتها والواجبات والحقوق تجاه الحزب والمجتمع …
وفي علاقة بالموضوع لابد ان نؤكد على ان تدبير هذا الخلاف من طرف الجميع بغض النظر عن المنهجيات المعتمدة والمراحل التي مر منها افرز حلا للاشكالية بشكل ديموقراطي توافقي عبر تفاهمات لايمكن ان يقال عنها الا انها استحضرت المصالح العليا للحزب ومبادئه في احترام لقوانينه …وامام الاسرة الاتحادية الوقت الكافي في انتظار المؤتمر الوطني 10 لتطوير الافكار والقوانين والسياسات وطرق التدبير والادارة على مختلف انواعها وان تكون برامج المرشحين للمسؤولية بالحزب برامج اكثر ضبطا وتدقيقا بجدولة زمنية ملزمة للجميع .. كما ان امام الجميع الوقت اللازم للاستعداد لبلورة افكار وتوجهات من مثل اعتماد الجهوية الحزبية بمفهومها المتكامل اي قيادة حزبية جهوية بكل الاختصاصات باستثناء ما يتعلق بالسياسة الخارجية والاليات التنظيمية الوطنية في علاقاتها مع القطاعات الحزبية وبتاسيس صحف حزبية جهوية الى جانب الوطنية ..وبميزانية جهوية قادرة على ادارة امور الجهة ..وبلجنة ادارية جهوية ….كما معنيون بالتفكير المتاني لوضع القانون والفلسفة المنظمة للاختلاف وضوابطه ومسالة ماسسة الثيارات وكم من التيارات يمكن للحزب ان يحتضن .. وما هي ادوارها بالحياة الحزبية بين المؤتمرين وبالمؤتمرات وبالحياة العامة ..وغيرذلك من الاشكالات ذاث الصلة بتماسك الحزب وتطوره ايجابا خدمة للخط المذهبي لحزب القوات الشعبية وبالوفاء لخط الشهداء والتضحيات الجسام التي قدمها جيل الرواد والمؤسسين والمناضلين الشرفاء …
ان المتامل لتاريخ الاتحاد الاشتراكي منذ الاعداد للتاسيس بعد الاستقلال الى اليوم سيجد انه مر من لحظات اصعب واكثر تعقيدا مما تتبعه الجميع لكن الاتحاد يستطيع دائما الفوز وتجاوز كل الاشكالات لانه حي يتفاعل مع مستجداته وتطورات المجتمع و يتجاوب مع ارادة الاتحاديين والاتحاديات وفق الممكن تصوره وتحققه … ان الالتفات الى الخلف لايجب ان يضيع وقتنا جميعا بل يجب ان نتعلم من ايجابياتنا به ونثمنها ونطورها ونتعلم من اخطائنا وان نقيم ونقوم افكارنا واقوالنا واعمالنا وان لايعتقد اي احد بانه يمتلك الحقيقة او انه لاشيئ يكون ويتحقق بدونه .. والحال انه لا احد كان سيصبح له معنى ومكانة لولا وجوده بالاتحاد الاشتراكي المخضب بدماء الشهداء .. فلنحترمهم ولنحترم انفسنا ومجتمعنا ولنرفع من قدراتنا في العمل ليرانا الشعب معه ونسعى لمصلحته ونضحي من اجله .. اما غير ذلك فماله الزوال ..
مصطفى المتوكل / تارودانت
الاربعاء16 ابريل2014
إنضبط الشيء : اي اصبح محكما متقنا..
ومن معاني الانضباط انه يشمل “ ضبط النفس وانضباطها بحبسها عن الشر وإلزامها بالخير
مع الصبر عليها والحزم معها … والانضباط هو تنفيذ المطلوب بتطابق مع مضمون التكليف والالتزام الشرعي والوضعي … ففي الجانب الشرعي لاتصح العقيدة ولا العبادات ولا المعاملات ان انزلت خارج جوهر الواجب.. وفي هذا السياق نسوق مثالا بحديث شريف قال فيه النبي (ص) “” صلوا كما رايتموني اصلي ..خذوا عني مناسككم “.. وقال تعالى ” لقد كان لكم في رسول الله اسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الاخر ..” وقد قال الخالق سبحانه وتعالى بصيغة القسم في سورة الشمس متحدثا عن مكانة النفس وما الهمها من فجور وتقوى ومسؤوليتها في الاختيار بينهما
فقال :( والشمس وضحاها والقمر اذا تتلاها والنهار اذا جلاها والليل اذا يغشاها وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا وَالْأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا)
إنّ الإسلام جاء ليعقلن و يُنظّم حياة الناس فكرا وسلوكا وممارسات واخلاقا بدءا بالفرد ومرورا من الاسرة الى الحي والقرية والمدينة وصولا الى مجتمع الدولة والناس كافة في علاقاتهم ببعضهم … جاء ليتبنى ويحسن ويتمم ابداعات واجتهادات الفكر البشري عبر التاريخ في جميع المجالات اجتماعيا واقتصاديا ومعرفيا و..وسياسيا على مستوى الحكم المحلي او الحكم بمفهومه العام …وجعل للعقل البشري القدرة على الاستنتاج و الاستنباط من محيطه الطبيعي والكوني بالتامل والملاحظة واحيانا التجريب بان كل شيئ يخضع لقوانين وضوابط واليات دقيقة انتظم بها الليل والنهار والزمن و الافلاك والعوالم التي ندركها بالرؤية او ندركها بالعلوم الحقة .. لهذا تجدد المجتمعات والامم والدول قوانينها واعرافها لتتلاءم مع حاجياتها وتطورها حتى تضمن لنفسها انضباطا وتوازنا وتكاملا وسيرا يحقق التراكم المبتغى على المدى القريب والمتوسط والبعيد …وانطلاقا من التفاضل بين اليات التشريع الملزمة بقوة الدين او الدولة توضع اليات مماثلة تضبط النظام الداخلي للاسرة باختلاف ثقافاتها وانتماءاتها القبلية او الفكرية او المذهبية او الدينية …فنجد ان ما يعتبر ضابطا في اسر شمال المغرب يتقاطع او يتكامل او يختلف كلا او بعضا مع الضابط باسر الجنوب او اسر تركيا او افغانستان … مع العلم انهم مسلمون … كما ان التجمعات السكانية كانت قبيلة او حزبا تضع لنفسها قوانين وانظمة يتوافقون عليها في مجلس القبيلة او هيئات الاحزاب فيسنون حدودا ومسارات واليات لعمل كل فرد بالقبيلة او الحزب او المنظمة لتحقيق الحد المعقول من الانسجام المحقق للتكامل والتعاون مع وضع الخطوط الحمراء التي لايجب المساس بها سواء في الشق الديني او الاجتماعي او الفكري …ومن هنا وباختلاف جوهر الاخلاق ومضامينها لدى الافراد والجماعات تعتبر تلك الضوابط التزامات فردية وعامة وعهود ومواثيق ينبني عليها الحكم بالانتماء للمجموعة من عدمه …. لهذا ذهب البعض الى تكفير من لايحترم دين الجماعة الواحدة ايا كان الدين ..كما ذهب البعض الاخر الى الحكم على المخالف لنظام الجماعة بانه خارج عنها بفعله ذاك .. ولنا في التاريخ البشري والاسلامي امثلة لاتعد ولاتحصى…
… يقول تعالى:﴿وَأَوْفُواْ بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً﴾
…وقال صلى الله عليه وآله وسلم: “من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليفِ إذا وعد”
……إن سلوك الإنسان يرتبط بفكره وعقيدته ومذهبه وبيئته . وهو مرآة لما يؤمن به الشخص ويضبط توجهاته وممارساته وفي مثل هذا قال سقراط لاحدهم حسن الهياة والهندام ” تكلم حتى اراك..”وقال ابو حنيفة “.. الان يمد ابو حنيفة رجليه ..”-بعد ان جمعهما احتراما لرجل وقور-
…… ان الإنضباط هو السمة الأولى التي تقوم عليها حياة الانسان العملية, فبدونه لا يمكن للمرء ان يحقق أي تقدم او نجاح في مسيرته و لا يستقر على حال ولا يكون محل ثقة ..ويصبح نتييجة لذلك في حكم فاقد الأهلية والهوية..تتحكم فيه أهواؤه ونزواته ومزاجه المتقلب بتقلب الاحوال والظروف .. فلا هو يندرج ضمن من يؤمن بالقيم و المثل الانسانية ولا من يؤمن بالدين ولا من يؤمن بهما معا .. فهو بناء على ذلك يبعد نفسه عن اي التزام او تعهد .. ويضع نفسه خارج عن كل نظام او ضوابط ...ولقد وصف رب العزة هؤلاء بقوله ” قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا. الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا... ” الكهف
…ونختصر قولة للراحل الدكتور ابراهيم الفقي التي جاء فيها “… من السهل على الشخص ان يقوم باضاعة الوقت في الاشياء غير المجدية وربما يكون من السهل عليه ان يداوم على عادات سيئة وسلبية التي قد تعطيه متعة لمدى قصير وهي في نفس الوقت تعطيه الالم والمعاناة على المدى المتوسط والطويل …”
ونستانس هنا بما كتبه الامام المجدد والمتنور محمد عبده في الموضوع وهو يتحدث عن الحقل الدعوي فقال ((..فمن صور الانضباط التنظيمي أن يتقبل كل فرد داخل فريق العمل الدعوي موضع الجندية بنفس الروح والهمة العالية التي يستقبل بها وضع المسؤولية والقيادة، وألا يتبرم أو يخرج على الصف أو يضيق صدره أو يتغير وجهه، وألا يقل عطاؤه وإتقانه للعمل إذا تغيرت مهمته وتحوَّل من موضع المسؤولية إلى الجندية، فإن ذلك من صميم العمل التنظيمي، وغضبه أو تذمره أو خروجه على الصف يكشف خللاً واضحًا في نيته وصدق توجهه في العمل الدعوي.
ومن صور الانضباط التنظيمي الالتزام باللوائح والقوانين المنظمة للعمل الدعوي التي وضعتها الجماعة لتحقيق ذلك، وألا يطلب أي فرد فيها استثناءً لنفسه يراه واجب التنفيذ لعطائه المتميز في إنجاح الأنشطة التي كُلف بها، أو لإمكاناته العالية في الإدارة والإبداع، أو لثقته الزائدة في نفسه التي تجعله يرى أن مصلحة العمل تستوجب ذلك وغيره.
ومن صور الانضباط التنظيمي الالتزام بعرض رأي الجماعة في الموضوعات التي تُطرَح على الساحة، خاصة على المنابر الإعلامية أو التصريحات الصحفية، ممن لهم صفة قيادية داخل الصف، أو ممن يعتبرهم الإعلاميون قياديين وإن لم يكونوا كذلك؛ حتى لا يُحدث بلبلة في الصف، أو يختلط الأمر على المتلقي، وتظهر الجماعة أمام الناس وكأنهم متناحرون مختلفون.
ومن صور الانضباط التنظيمي ألا تُحل الخلافات ومشاكل العمل الدعوي على الملأ وفي جو من التشاحن أو التلاسن، بل يجب أن تُحل الخلافات وفق الأطر العامة للعمل ومن خلال القنوات الشرعية لذلك، لا اعتلاء المنابر الإعلامية والصحفية وعرض وجهات النظر الشخصية وازدراء وجهة النظر الأخرى، بل يجب النزول والاحتكام إلى نظم الجماعة ولوائحها والرضا بما تحكم به اللجنة الموكول إليها البت في هذا الخلاف….ومن صور فقه الانضباط التنظيمي أن يعلم الأخ أن هناك دوائر مختلفة للشورى وليس من الضروري أن يتم تداول كل الأمور في كل المستويات الشورية، حتى تصل لأقل وحدة تنظيمية، بل إن هناك قضايا يتم مدارستها وتقليبها على كل الأوجه والاحتمالات وتمحيص عواقبها ونتائجها الإيجابية منها والسلبية في مستوى أعلى، ثم تنزل إلى المستويات الأدنى للتنفيذ، فيجب هنالك السمع والطاعة وعدم إضاعة الوقت والجهد في مدارستها مرة أخرى، مع كفالة الحق لأي فرد أن يبدي ملاحظاته وآراءه حولها، ويتقدم بذلك رسميًّا إن أراد، فإن جاء الجواب بالسلب أو الإيجاب طويت الصفحة وانخرط الجميع في التنفيذ الموافقون والمعارضون…))
لهذا وجب شرعا ووضعا الانضباط عند الحديث عن البناء والالتزام .. اذ لاشيئ يستقيم ويكمل بدونهما .. فالصفة الدالة على اي انسان كالمسلم او النصراني مثلا او المهندس و الطبيب او الفقيه والعالم لاتكون حقيقية وصادقة الا اذا تجسدت مكونات ومقومات الصفة في الفكر والسلوك والعلاقات العامة وخلفيات ونتائج الاعمال ..وتنعدم ولو كان الشخص مثلا طبيبا حقا الا انه لايشفى على يديه الناس بل يزداد مرضهم …
=====إن الإسلام يريد للفرد أن ينجح في حياته باستقامة اموره و تزكية نفسه وصقلها مع الاخذ بالأسباب الموصلة للنجاح والفوز في الدنيا بتدبير الخاص والعام والمشترك مع الغير وخاصة ما يعرف بسياسية امور الناس ..فتنظيم الشؤون العامة وحسن تدبيرها وادارتها كون بالاستفادة من كل القدرات التي منحها الله للإنسان بتوظيفها ايجابا بالارتكاز على الايمان الصادق والتطبيق الحسن والانضباط الامثل ..
… فالالتزام بالوفاء بالعهود ضروري تحقيقها مع الناس كافة وحتى مع خصومك واعدائك .. وفي هذا قال أمير المؤمنين سيدنا علي رضي الله عنه في كتابه لمالك الأشتر، بقوله: “وإنْ عَقَدْتَ بينَكَ وبينَ عَدُوِّكَ عُقْدَةً أوأَلبستَهُ منكَ ذِمةً فحُط عَهدَكَ بالوفاء وارعَ ذمتك بالأمانة” وقال “وَأَشْعِرْ قلبَكَ الرحْمَةَ لِلرعِيةِ والمَحَبةَ لهُمْ واللُّطْفَ بِهِمْ، ولَا تكُونَن عليهِمْ سَبُعاً ضَارِياً تَغتَنِمُ أَكلَهُمْ، فَإِنهُم صِنْفَانِ: إما أخٌ لكَ في الدين، وإما نَظيرٌ لكَ في الخَلقِ”
ونختم هذه الاطلالة على بعض دلالات الالتزام والانضباط بالتامل العميق في قوله تعالى ” ان الله لايغير ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم ” سورة الرعد
وقال تعالى “مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ۖ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ ۖ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا” الاحزاب
مصطفى المتوكل /تارودانت
الاربعاء 9 ابريل 2014
وانطلاقا من هذا سنؤكد على ما ذهب اليه الفيلسوف والمعلم الصيني كونفوشيوس الذي اكد على ان السياسة تبدا من اصغر وحدة بالمجتمع اي البيت واكد على انه اذا كان من يسوس اموره – اي البيت- فاضلا وصالحا .. فان التاثير سيمتد الى عامة المجتمع .. ولقد رد على احد الاسئلة ” …لماذا لاتعمل بالسياسة ؟ فقال . ليست السياسة العمل في الوظائف الحكومية فقط .ان تبر والديك وتعامل اهلك بالحسنى هي نوع من السياسة ”
فالأخلاق مظهر من مظاهر الوعي والنضج الأجتماعي و كيفيات تنفيذه بالواقع المعيش ،و التي تعتبر ضرورة حياتية حتى يكون للوجود البشري معنى ودلالات ورمزية ومكانة متميزة ترتفع به الى مستويات متحضرة ونموذجية ذاث جمالية يدرك بهاءها الجميع ايا كانت انتماءاته ….فان يسوس الشخص امور الناس او جماعة منهم فذلك يتطلب حدا ادنى من الاخلاق في التعامل وتصريف الامور وان لايعمد الى مخالفة الراي -القاعدة- المتوافق عليها دينا وعقلا ووضعا لمنفعة ومصلحةانانية وفئوية قد تخرق سفينة ما او تتلف وتعطل منفعة ومصلحة كبرى بترجيح لايستقيم فهمه ولا شرحه ولا حتى جبر اضراره ….
… وفي مثل هذا لاحظ أرسطو أنه من الضروري أن يعاد تشكيل الإنسان ليكون مواطنا جيدا، وهذا لا يتم في اعتقاده إلا في مجتمع جيد وفق قوانينه المعتمدة .وراى كذلك ضرورة وجود الدولة ،لانها مرتبطة بالحياة الأخلاقية ، فالدولة والمجتمع عنده هما القاعدة التي يقوم عليها النشاط الحر والفعلي للأخلاق…
….كما اكد روسو على أن “القانون لا ينظم الأخلاق فقط وإنما هو الذي يخلقها، لأنه إذا ضعف التشريع انهارت الأخلاق”…
… ان الأخلاق والسياسة يشكلان منظومتين مختلفتين تتكاملان وتتبادلان اداء ادوار وانجاز اي عمل .. وإذا كانت السياسة تعني وسائل ادارة وقيادة وتدبير شؤون الجماعة البشرية لما يتاكد أنه خير لها ويحقق منفعتها.. فالأخلاق هى مجموعة القيم والمثل التي توجه السلوك الانساني نحو ما يعتقد أنه يحقق الخير والمنفعة و ينبه للشرليبعد الناس عنه ..لهذا فالسياسة والاخلاق تسعيان الى ان يملك الناس رؤية قريبة وبعيدة تجعل لحياتهم هدفا ومعنى وقيمة..
……قال هوبس: ” العيش بدون سياسة هو وجود غير إنساني ولا أخلاقي ولا يطاق”. فالأخلاق لا تستطيع تنظيم حياة الأفراد دون تدخل من القانون لإلزامهم….”
…وقد سبق لروسو أن قال: “من يريد التعامل مع السياسة بعيدا عن الأخلاق أو العكس سوف لن يفهم شيئا لا في الأولى ولا في الثانية…”.
…..فما الذي نراه في سياسيينا يوميا خاصة ان ابتعدت السياسة عن الاخلاق او ان ساءت اخلاق السياسيين التي يرى فيها الناس امورا لايمكن القبول بها .. قد يؤدي الى تعدد ردود الافعال بين العزوف وكراهية السياسة والسياسيين والتطرف في الاختيارات والقرارات ….
مصطفى المتوكل / تارودانت
الاربعء 2 ابريل 2014
و عند الحديث عن الأصلاح الدينى فلا يجب ان يؤول او يفهم على انه يعنى الاصلاح فى مجال العقيده الدينيه ذاتها ولكنه يعنى تصحيحا للفهم وللمفاهيم الخاطئه فى مجالات التفكير الدينى و التى اختلطت عند البعض بما جاء الدين اصلا لتصحيحها من امثال الخرافات والبدع الفاسدة عقلا وشرعا والتواكل والجمود المخالف للسنن الالهية وكل ما يؤدي الى التخلف والتحجر والجمود والانعزالية .. و ايضا تطهير الدين و الممارسات الدينيه من بعض البدع و الخرافات و الطقوس الموغلة في الجاهلية…
..
مصطفى المتوكل / تارودانت
28 مارس 2014
من بين ما يقال عن القاعدة الفقهية انها :”هي أصل فقهي كلي يتضمن أحـكـامـاً تشريعية عامة، من أبواب متعددة في القضايا الـتـي تـدخـل تـحـت مـوضـوعــه.”
ان هذه القاعدة تفيد: أن ما يحصل للمكلف او المكلفة من مشقة بسبب العبادة يوجب له ولها التخفيف والتسهيل الذي قد يكون في حالات بسقوط العبادة بجملتها ، أو التخفيف من بعض تكاليفها…كسقوط فرض الصيام عن المريض الدائم مرضه والذي يستحيل عليه القضاء ولا الاطعام ……فالشرع الحكيم ورحمة بالعباد. ورفعاً للحرج والمشقة عنهم، وضع أسباباً إن وجدت خفف بها عنهم بالتلازم بعض ماكلفو به، واجملها اهل العلم في أمور هي: السفر- المرض- الإكراه- النسيان- الجهل- النقص- العسر وعموم البلوى……فاذا كان الاسلام سمحا ومرنا ويسعى الى اليسر والتيسير ويهدف الى خذمة مصالح المسلمين والمسلمات ومن خلالهم البشرية ببسط الرحمة وجعلها هي روح كل شيئ ومنطلقة وغايته ..فلماذا لايستفيد الساسة الذين يحكمون الاوطان من الاسلام ليحسنوا محتوى خطابهم ليكون مشبعا بالقرارات التي تخدم مصالح الشعب وترفع الحرج والاكراه والظلم عن عامة الناس وخاصة الفقراء والمساكين وليكون محنواه فيه رحمة وقول حسن يؤدي الى عمل احسن ؟؟؟ولماذا قراراتهم لاتتجه الا لما يؤدي الى التعقيد والعسر والمشقة والتفقير والتيئيس وسد منافذ الامل ؟؟ولماذا عندما يخيرون بين امرين او اكثر لايختارون الا ايسره عليهم هم بالسلطة وعلى الاغنياء وذوي الجاه والنفوذ.. والذي يكون كارثة على الغالبية من الناس يضيق عليهم مورد الرزق بل قد يمتد الى سلبهم حتى ما كانوا يتمتعون به ؟؟؟ ان ما نشهده يوما بعد يوم في واقعنا الاقتصادي والاجتماعي والسياسي وعلى مستوى المعاملات لايتلاءم مع روح المقاصد الشرعية ولا مع اسس العدالة الاقتصادية والاجتماعة التي لايمكن ان تتحقق بالاحاديث المخالفة لحقائق الواقع الصعب .. بان يتقاسم الاغنياء والاثرياء والميسورون مع الشعب عسرهم بالتخفيف عنهم لان ثراءهم وازدهارهم وتجميعهم للثروات يكون بفعل تضحيات العمال والفلاحين الصغار والحرفيين وعامة الشعب العامل الذي يعاني من مشقة العيش بسبب هزالة الاجور ..ومن مشقة تدبير اموره الدنيوية لتنشئة اسرته ورعايتها وتعليمها وعلاجها بسبب تهميشه وبسبب السياسات التي تخلق له مشقات تلو مشقات …فالحاكم العادل عليه ان يسال الناس عن اوضاعهم بل عليه ان يعرفها بتفاصيها كما هي .. لا ان يمارس على الناس التعسير في الفهم والعمل والعيش والحياة ….
قال الله تعالى: {يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر}. ونسائل السياسيين الذين يحكمون الناس ..لماذا تريدون بالناس العسر ولا تريدون بهم اليسر ؟ ونختم بان نقول لمن يشك او يشكك ان يسال الغالبية العظمى من الشعب هل هم في حالة يسر ام عسر … والله المستعان
بقلم مصطفى المتوكل / تارودانت
الخميس 20 مارس 2014
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت))
في اول قراءة للحديث يمكن ان نفهم بوضوح أن الانسان الذي عندما يتحدث لا يقول خيراً و عندما لا يصمت فانه سيقول شراً ….وانه عندما يصمت عن الخير وكل ما فيه الصالح العام وينطق بكلام كله من جنس الشر فانه كالذي لايؤمن بالله واليوم الاخر ليس حقيقة ولكن فقط لايضاح ان كذبه على الناس مخالفة غليظة باعتبار ما ينتج عنها من اثار سلبية هدامة ومخربة ومسيئة بكلام مصدره شر ومحتواه شر ولفظه شر ونتائجه شر خطير شرعا ومنطقا وعقلا …وتعظم المسؤولية وتتضخم عندما يلبس كلامه بالكذب وهو محسوب من الفقهاء او الساسة او الحكام او انه يتواجد في اي موقع من المسؤولية من موقع الوالدين بالاسرة الى غيرهما صعودا …
ولقد استوقفي البعض مما يسمع او يكتب وما يقال من سفاسف وترهات وسب وفذف وتهجم على الاعراض وصناعة الاخبار الكاذبة والزائفة تطال الافراد كما الاسر و المؤسسات و الهيئات و….لدرجة جعل ذلك من الطقوس اليومية التي تصل عند البعض حد الادمان فلا يرتاح الا بعد ان ينهش ويتطاول حسب الظروف والاحداث على هذه الجهة او تلك حسب المزاج والهوى ….
قال رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، : ” كَبُرَتْ خِيَانَةً أَنْ تُحَدِّثَ أَخَاكَ حَدِيثًا هُوَ لَكَ بِهِ مُصَدِّقٌ ، وَأَنْتَ لَهُ بِهِ كَاذِبٌ ” .
ولنتساءل باستحضار ابجديات الاخلاق في الاديان والفلسفات والاعراف المجتمعية عن طبيعة تلك العقلية التي تجد لذة فيما تقول وهي تعلم ما يترتب على ذلك من اضرار ومفاسد لاتعد ولاتحصى والتي تراكم لفائدة الميوعة والتردي الاخلاقي و تبث الشك في كل شيئ وتجعل القبح كبيره وصغيره شيئا يجب تعلمه ولم لا تعليمه وتوريثه للاجيال ؟؟؟
…. ان الكذب لا يدخل في خانة الخير والكلم الطيب ولهذا وجب القول ان من كان متحدثا بالكذب فمن الاحسن له ان يصمت ولهذا نهى الاسلام عنه ففسره بصور متعددة منها قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : “ عليكم بالصدق فإن الصدق يهدي إلى البر وإن البر يهدي إلى الجنة وما يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقا . وإياكم والكذب فإن الكذب يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار وما يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا ” . متفق عليه .
ان عمليات البناء واعادة البناء روحيا وماديا ثقافيا ومجتمعيا وفي كل ما يتعلق بتدبير امور العامة والخاصة لاتستقيم مادامت الطرق والاليات المعتمدة التي تستعمل تقوم بنقيض المطلوب او انها في حكم الباطلة والفاسدة …فجودة الشيئ ترجع الى ضرورة تحقق المعرفة التي تميز بين الحق والباطل والصدق والكذب كما ترجع الى صفاء السريرة وحسن النوايا والقدرة على البدل والعطاء دون انتظار اية مكافاة .. والاكتفاء براحة الضمير والروح …فالفقيه الذي يوظف الدين لخلق فتن او اثارة احقاد او تضليل الناس بعيدا عن جوهر المقاصد الشرعية … لايمكن ان يكون داعية خير كما اراد له الدين ان يكون لتحول نتاج عمله الى نقيض قصد الشريعة … والسياسي الذي يقدم نفسه على انه مصلح ومنقد وهو في سلوكه ومواقفه وكلامه يخالف ما يعلنه للناس فالمخاطب لاشك سيدرك في الحال او المآل كذبه ونفاقه وانتهازيته …وسيتعامل معه الناس بمثل رد فعل احد الائمة الكبار الذي سافر طويلا قاصدا شيخا لتوثيق حديث عنده فلما وصل عنده وجده يستدرج بهيمته موهما اياها بكيس وكأنه سيطعمها لكي تقترب منه فسأله الامام هل ستقدم لها أكلا ،فأجابه الشيخ كلا فقال الإمام لا آخد الحديث ممن يكدب على بهيمته…اي ان عدالته غير تامة …فكيف بنا ونحن نرى الكذب يتخذ اشكالا واصنافا والوانا بعضه اكبر من بعض ولو اختلف اصحابه في مذاهبهم ومللهم ونحلهم .. ذلك ان الكذب هو الكذب ولا يتحول الى الصدق بالموقع او المستوى او المال او الجاه او بالحكومة او المعارضة او باعتلاء منبر او لبس عمامة …
ولايصح كما لايجوز ان يعلل اللجوء للكذب بمقولة الغاية تبرر الوسيلة .. فمن غايته الاصلاح يجب ان تكون طريقة واليات العمل عنده صالحين مهما حصل ومهما فسد المعنيون بالخطاب … فاذا الغيت الأخلاق من الدين ألغي الدين كله واذا الغيت من التربية انعدمت التربية كلها ،واذا انعدمت من امور السياسية والعامة سيظهر الفساد في الفكر والمجتمع وكل امور واحوال الامة …
قال علي رضي الله عنه: “أعظم الخطايا عند الله اللسان الكذوب …”.
وقال يزيد بن ميسرة: “الكذب يسقي باب كل شر، كما يسقي الماء أصول الشجر…”
ومن الاقوال الماثورة …إذا سمعت الرجل يقول فيك من الخير ما ليس فيك فلا تأمن أن يقول فيك من الشر ما ليس فيك
ان اساءة الجاهل قد تفهم وتبرر بسبب جهله …لكن اساءة العارف او الذي يقدم نفسه على انه يعلم الناس ويرشدهم لامور الدين او امور الدنيا او هما معا .. فهي غير قابلة للتبرير او التفسير لان في ذلك تماديا في تعليل الكذب لجعله يتصور انه حقيقة عند الذين يجهلون ..اما من توفرت لديهم المعرفه فلا تنطلي عليهم افتراءات ولا اكاذيب الذين يستمعون القول فيتبعون ليس احسنه بل اكذبه او يعرفون الحقيقة ويحكون نقيضها …
ونختم بما قاله احد الشعراء
لا يكذب المرء إلا من مهانته
أو عادة السوء أو من قلة الأدب
لعض جيفة كلب خير رائحة
من كذبة المرء في جد و في لعب
مصطفى المتوكل رئيس المجلس البلدي لتارودانت لـ «الاتحاد الاشتراكي ».. المجلس البلدي نفذ كل التزاماته في برنامج التأهيل الحضري رغم عدم التزام الشركاء العموميين
الشأن المحلي هو شأن عام مازال يحتاج الى تطوير تدبيره و إعادة النظر في القوانين المنظمة له
حاوره : عبد الجليل بتريش
سمعنا بأنكم لم تستدعوا بعض الأعضاء الى اللجن الوظيفيــة و أنكم رفضتم تسجيلهم بها ؟
هذا الادعاء غير صحيح، ذلك اننا اعتمدنا مقاربة نسبية في تشكيل اللجن لضمان تمثيلية كل مكونات المجلس بالتناسب مع عدد أعضاء كل مكون … و الامر يهم الجميع ، حيث توصلت رئاسة المجلس و المكتب بأسمـــــــاء المستشارين و المستشارات موزعة على اللجن باستثناء مكون واحد الذي يتشبث بأن يكون لهم الحق في التواجد الكلي باللجن ..و هذا مخالف للأنظمة الداخلية المعمول بها ..و لمزيد من الشفافية و الديمقراطية فإن رئيس المجلس يستدعي للجن كل الاعضاء الذين لاينتمون لبعض اللجن .و هذا معناه أنه يستدعي للجن 35 عضــــوا و عضوة و الفرق فقط أن الذي يصوت طبقا للقانون يشترط أن يكون عضوا في اللجنة.
يتم الحديث عن تأخر في برنامج التأهيل الحضري ..ماهو تفسيركم ؟
إن المجلس البلدي نفذ كل التزاماته في برنامج التأهيل الحضري، بل أحيانا ضاعف لأكثر من ثلاث مرات حصته بسبب عدم التزام الشركاء العموميين الآخرين، و لقد شرحنا بشكل واضح للجميع في الدورة أو خارجها أو حتى مع المجلس الجهوي للحسابات .إن المسؤول عن بعض التأخيرات هم بعض المصالح المركزية التي لم تسدد حصتها بالبرنامج و التي صادقت عليها … إضافة الى بطء المساطر و تعقدها و أحيانا تأخر الانطلاق بسبب بعض المشاكل العقارية ذات الصلة بالمعارضة، مثلا مع الاوقاف لإقامة المحطة الطرقية ..و مازلنا نتوسم خيرا أن تعالج كل التأخيرات، و لم لا إطلاق برنامج تكميلي، و هذا هو الاتجاه الذي نشتغل عليه .
يحمل البعض المسؤولية للمجلس البلدي في تأخر ربط منطقة رك أشبار بقنوات التطهير ؟
إن المجلس البلدي يتحمل المسؤولية بشكل واقعي و موضوعي في سياسته لتدبير ملف التطهير الى جانب سلطة الوصاية و كل المصالح ذات الصلة بالموضوع ..ذلك أن المشكل مطروح فعليا في المناطق التي ألحقت بالمدار الحضري سنة 1992 ، و التي تهم جنوب المدينة الغربي أي بوتاريالت البرانية و رك أشبار و أيت قاسم و الزيدانية و أولاد الغزال و زاوية بلغازي ..كما تهم مناطق المحايطة الشرقية في اتجاه جماعة سيدي دحمان و الشمالية، أي البورة القبلانية و البحرانية و أكويدير …و للاشارة فهذه المناطق إما توجد على بعد يصل الى 10 كلم عن التجمعات المهيكلة و إما توجد في الاتجاه المعاكس للسيلان العادي للمياه مما عقد الأمور…لهذا اشتغل المجلس البلدي بقوة على عدة مستويات، منها إدماج هذه المناطق في برامج إعادة الهيكلة و تيسير أمور الساكنة لبناء منازلهم مع التجهيز المندرج لتجنب أية اشكالات قانونية. بل أدخل عدة مناطق للربط بالماء مجانا .و يشتغل في اطار دراسات معمقة مع المكتب الوطني للماء الذي فوتت له كل بلديات الاقليم تدبير التطهيـــر السائـــــل ..و نحن في دفاع قوي عن الساكنة سواء المرتبطة بالقنوات أو التي توجد لديها مجمعات خاصة للمياه ( حفر ) ..ووصلنا الى مرحلة الحسم، إما التفويت مع تحديد الأولويات، أو تأخيره و قيام المجلس بنفس الأولويات لبرمجة الحلول الممكنة، و لدينا اجتماعات شهرية و غالب الأحيان شبه أسبوعيـــــــــة ..و سنصل الى القرار خلال هذا الشهر مع اللجنة المختلطة التي يرأسها عامل الاقليم ..و كلنا إرادة للشروع في حل الاشكالات أولا بأول ، و لو تطلب الأمر الاقتراض و إبرام شراكات …
ما تقييمكم لتقرير قضاة المجلس الجهوي و المجلس الاعلى للحسابات ، تارودانت نموذجا ؟
أولا لابد أن نسجل إيماننا و اقتناعنا و دفاعنا عن ضرورة ربط المسؤولية بالمحاسبة ..و ضرورة إخضاع كل المسؤولين لرقابة وضعيتهم المادية قبل المسؤولية و أثناءها و بعدها ..و التأكيد كذلك على أن الشأن المحلي هو شأن عام مازال يحتاج الى تطوير تدبيره و إعادة النظر في القوانين المنظمة له و تزويد الجماعات بكل الآليات التي تجعل المسؤولية كاملة غير معطلة و لا منقوصة..لقد أخبرنا الرأي العام أولا بأول بكل خطوات قضاة المجلس الجهوي للحسابات منذ الوصول الى بلدية تارودانت ..و نشرنا للعموم أسئلتهم ..و قضوا عندنا قرابة أربعة أشهر اطلعوا فيها على أغلب الملفات المتعلقة بالبلدية في جميع القطاعات مابين 2006 و 2010 ، و أرسلوا تقريرا يتكون من عدة صفحات و أجبنا عنها في الآجال المحددة ..ثم توصلنا بتقرير حيّنت فيه الاسئلة السابقة بشكل مختصــــــر و طلب منا أن نجيب عنها في ست صفحات ..و ذلك ما حصل، حيث كانت الملاحظات مسطرية و منهجية إجمالا .تقدمنا بأجوبة مسطرية و قانونية و تقنية في الاجابة عنها ..و قمنا بنشر جوابنا الرسمي الذي أحيل على المجلس الاعلى للحسابات و المجلس الجهوي .كما قمنا بنشره للعموم ووزعنا على السادة الأعضاء و الصحافة الجواب الرسمي للبلدية و ما نشر منه في التقرير الخاص بالمجلس الأعلى للحسابات ..إننا نعتبر عمل المجالس الجهوية للحسابات و كذا التفتيشات التابعة لكل المصالح المركزية آليات ضرورية لتثمين العمل العمومــــي و تقييمه و تقويمه و مراقبته ..لهذا عبرنا عن ارتياحنا كمنتخبين معنيين بتدبير الشأن المحلي .إننا نسير على الطريق السليم ..و بإجراء مقارنة بسيطة بين جوابنا المتضمن للتقرير و غيرنا سنجد الفرق ..
هل لكم تصور عملي ينظم علاقاتكم كرئاسة و بلدية بالصحافة ؟
أولا أنا مهتم بالعمل الصحفي و اشتغلت كمراسل منذ 1976 ..و أميز بين الصحافة التي تخدم الحقيقة و الخبر الموضوعي و غيرها ..و أخصص الوقت الكافي لكل من ارتأى عقد لقاء صحفي حر معي دون قيد أو شرط ..بل و توجد توجيهات للكتابة العامة بتزويد الصحفيين الذين يسألون بكل ما يزود به الاعضـــاء دون تمييـــــــــــز و نشتغل بالبلدية من أجل تشكيل قطب الاعلام و التواصل لوضع استراتيجية تكاملية مع الاعلام خدمة للحقيقة و الخبر الصادق .و من هذا المنبر أحيي كل من يخلص في عمله تنويرا و دراسة و اقتراحا و نقدا بناء لكل الشؤون العامة ..
اجرى الحوار الاستاذ بتريش عبد الجليل
مصطفى المتوكل / تارودانت
الاربعاء12 مارس 2014
عرف اهل اللغة الذرائع بانها : جمع ذريعة وهي : الوسيلة إلى الشيء ، سواءٌ كان هذا الشيء مفسدة أو مصلحة ، قولاً أو فعلاً . يقال : تذرع بذريعة : أي : توسل بوسيلة .
أمَّا في الاصطلاح فمن تعريفاتها اطلاقها على انها ما يُتَوَصَّلُ به إلى محظورٍ .. ومنها انها : ما كان وسيلةً وطريقاً إلى شيءٍ آخر حلالاً كان أو حرامـاً .
ولقد قال بهذه القاعدة الكثير من الفقهاء العلماء لذا فان الاصل في سد الذرائع مجمع عليه ..وتقوم قاعدة سدها على الاهداف مقاصد ومصالح اعتبارا الى ان الشارع كما اشرنا في المقالة السابقة – قاعدة ” درء المفاسد أولى من جلب المصالح “… في حاجة الى الفهم – يسعى الى تحقيق المصالح ودفع وتجنب المفاسد … ولهذا يجب مراعاة عدم استعمالها لغير جوهر القصد منها اي انتاج نقيض وخلاف المقاصد الحقيقية حتى لايتم بسبب ذلك تعطيل الشرع واحكامه ….
ان مرتكزات القاعدة تتجلى مثلا في انه اذا ادت اية وسيلة الى مفسدة فانها تصبح حكما فاسدة ..ومن ثم وجب وقف العمل بالذريعة بسبب ما تحدثه اوقد تحدثه من مفاسد ومضار .. ومن هنا يصح العكس اي اذا كانت الوسائل تحقق مصلحة فهي بالضرورة ايضا صالحة
قال القرافي: “الوسيلة إلى أفضل المقاصد أفضل الوسائل، وإلى أقبح المقاصد أقبح الوسائل، وإلى ما هو متوسط متوسطة”…..
وقال أبو زهرة : “إن أصل سدِّ الذرائع لا يعتبر النية فيه على أنها الأمر الجوهري في الإذن أو المنع، وإنما النظر به إلى النتائج والثمرات”
وأشار الإمام الشاطبي في “الاعتصام” الى مثال لتوضيح تداخل سد الذرائع بقوله:
” قد يكون أصل العمل مشروعًا، لكنه يصير جاريًا مجرى البدعة من باب الذرائع”…كالذي يجد للطهارة ماءين، ساخنًا وباردًا، فيتحرَّى الباردَ الشاقَّ استعماله، بدليل إسباغ الوضوء على المكاره، فهذا لم يعطِ النفسَ حقَّها، وخالف دليلَ رفع الحرج؛ …
..و لقد انهى ابن القيم احد كتاباته في هذا المجال فبين أن سدَّ الذرائع هو أحد أرباع الدين، ثم اقام بحثًا في تحريم الحيلة، معتبرًا إياها رافعةً للتحريم ومسقطة للوجوب”
…ومن الشواهد على أصول العمل بسد الذرائع : “للوسائل أحكام المقاصد” و “كل ما أفضى إلى حرام فهو حرام”…ثم وقع الخلاف فيما دون ذلك باعتبار ما تردد فيه الأمر: هل يفضي إلى الحرام أم لا؟ أو يتساوى فيه الاحتمالان؟ فمنهم من يعمل القاعدة فيه، ومنهم من لا يعملها….
….إنَّ الذرائع التي يجب أن تُسد هي التي تؤدي إلى المنكر يقيناً أو ظنا.. أما ان بعدت المسافة بينها وبين الحرام والممنوع فتحريمها بمبرر سد الذرائع يسوق إلى التشدد والتضييق والتعصب وهذا لايجب الوقوع فيه بنفس الاستدلال ..
..ومن الادلة المعتمدة في هذا الباب قوله تعالى : {وَلاَ تَسُبُّواْ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ فَيَسُبُّواْ اللّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ..}، لان السب والقذف قد يؤدي بالغير في اطار ردود الافعال إلى مفسدة سبهم لله تعالى …ولنا ان نقيس المسالة على كل الامور الدنيوية
لهذا قرَّر العلامة الشاطبي – رحمه الله – أنَّ قاعدة سد الذرائع اخذت