إن الجبهة الموحدة لمواجهة قرار إحداث المنتزه الطبيعي للأطلس الصغير الغربي الداعية لوقفة الكرامة والدفاع عن الأرض ليوم 07/07/2024 أمام البرلمان بالرباط، قد وقفت على خطورة القرار الصادر عن السيد وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات رقم 23-3267 الصادر في 15 جمادى الآخرة 1445 الموافق ل 29 دجنبر 2023 القاضي بإجراء البحث العلني لإحداث المنتزه الطبيعي للأطلس الصغير الغربي المنشور بالجريدة الرسمية عدد 7282 بتاريخ 03 رمضان 1445 (14 مارس 2024).
إن هذا القرار تعتبره الجبهة الموحدة أحد صور الهجوم الممنهج على ساكنة سوس الممتد لعقود، ومحاولة يائسة لأجل تهجيرهم من أراضيهم قصد الاستيلاء عليها لفائدة الإدارة المكلفة بالمياه والغابات تحت لبوس المنتزه الطبيعي.
إن الدولة المغربية قد انتهجت سياسات عمومية، بدأت مع توطين الخنزير البري وتسليطه على ساكنة المنطقة، حالت دون حقهم في استغلال أراضيهم، وتوالت معها مباشرة مسطرة تحديد الملك الغابوي ثم تسخير الرحل والرعي الجائر للقضاء على ما تبقى من خيرات الساكنة واستباحة ممتلكاتهم تحت حماية السلطات العمومية في تواطئ مكشوف بينها وبين الرحل وصولا للقرار الحالي الرامي إلى جعل المنطقة ككل منتزها طبيعيا يتم بموجبه تهجير الساكنة والقضاء على حضورها المجتمعي تاريخيا وثقافيا بذريعة خلق منتزه وطني على أملاك الساكنة تمهيدا لاجتثات وجودها بالمنطقة، من أجل توسيع الوعاء العقاري للمياه و الغابات على حساب المواطنين والمواطنين.
إن هذا المسار الذي انتهجته الدولة المغربية تجاه منطقة سوس يشكل تجسيدا لسياسات لا ديموقراطية ولا شعبية تسعى إلى تهجير وترحيل الساكنة من مجال انتمائهم التاريخي والذي يرتبط بالأرض ارتباطا ثقافيا وتاريخيا، لا تعترف به الدولة وتصنف ساكنة المنطقة مواطنين من الدرجة الثانية أو الثالثة، وهو ما ولد لديهم شعورا وإحساسا بالتهميش الذي يضرب في العمق الحق في الكرامة الإنسانية.
إن ساكنة منطقة سوس تتعايش وفقا لقيم وأعراف توارثت أبا عن جد، وارتبطت بشكل وثيق بالأرض، ولن تسمح بالمساس بحقوقها الاقتصادية والاجتماعية، وستواجه كافة السياسات الممنجهة للدفاع عن الحق في الانتماء للأرض وللوطن. ذلك أن الأمازيغ شعب مستقر ولم ينتقل من مكان لآخر ولم يأتي من أي جهة ولن يقبل تهجيره من أرضه التي استوطنها منذ آلاف السنين متفردين بحضارة و ثقافة و هوية تميزهم عن باقي الشعوب الأخرى.
إن مواصلة هذا النهج الذي اتبعته الحكومة منذ فترة ليست بالقصيرة بالمنطقة سيؤدي لا محالة إلى التهجير القسري للسكان الأصليين، وذلك بتغييب آفاق التنمية التي ما فتأت فعاليات المجتمع المدني بالمنطقة تحاول تداركه بمبادرات ذاتية لتحل محل الإدارات المعنية بذلك خصوصا في مجال البنيات التحتية والدعم الاجتماعي للسكان والمحافظة على البيئة.
أمام هذا الوضع، وبعد الوقوف عند صمت الحكومة المطبق وعدم تفاعلها الإيجابي مع مطالب أهل سوس الرامية إلى إلغاء قرار وزير الفلاحة ذي الصلة بهذا المشروع، وفي إطار المحطات النضالية التي سطرتها الجبهة الموحدة لمواجهة هذا القرار، والمكونة من جمعيات واتحادات لجمعيات تنتمي للمناطق المعنية بكل من أقاليم تارودانت وتزنيت واشتوكة آيت باها، تم تنظيم هذه الوقفة الاحتجاجية أمام البرلمان من أجل التنديد بهذا القرار والتحذير من عواقبه الوخيمة على التنمية بهذه المناطق كما تعبر عن ذلك الشعارات التي رفعها السكان والجمعيات المشاركة.
وفي ختام هذه الوقفة الاحتجاجية الناجحة، فإن الجبهة الموحدة تعلن للرأي العام المحلي والوطني والدولي ما يلي :
1. إدانة إصرار الدولة المغربية باستعمال لغة الاستعمار الفرنسي بالنسبة للأوراق المودعة بالملف الخاص بمشروع المنتزه وإقصائها كلا من اللغة الأمازيغية والعربية كلغتين رسميتين، وهو ما يعبر عن العقلية الاستعمارية التي تتعامل على أساسه مع ساكنة المنطقة.
2. اعتبارها أن مشروع المنتزه الطبيعي للأطلس الصغير الغربي يشكل تعبيرا عن سياسات لا ديموقراطية ولا شعبية امتدت منذ عقود في تعاملها مع الساكنة وبشكل تدريجي، انطلقت مع توطين الخنزير البري لتمتد لسلوك مسطرة تحديد الملك الغابوي، وتسليط الرعي الجائر على الأملاك الخاصة للساكنة في عز انتشار وباء كورونا تحت حماية الدولة ولتمتد عبر هذا المشروع بمحاولة توطين الأفاعي السامة والخطيرة وتسليطها على الساكنة قصد ترحيلهم وتهجيرهم قسريا من أراضيهم.
3. الرفض التام بدون شروط لمشروع (المنتزه الطبيعي للأطلس الصغير الغربي) بمناطق سوس.
4. مطالبة الدولة المغربية، كل في مجال اختصاصه، بإلغاء قرار إجراء البحث العلني المسمى (المنتزه الطبيعي الأطلس الصغير الغربي) بسوس.
5. دعوة كل المعنيين بهذا القرار من ساكنة وجمعيات وممثلي السكان في الجماعات الترابية المعنية وفي غرفتي البرلمان إلى توحيد مواقفهم ونضالهم لإسقاط مشروع إحداث هذا المنتزه.
6. دعوة الجمعيات إلى مواصلة اليقظة والتعبئة لمواجهة كل الخطوات المقبلة لإحداث هذا المنتزه.
7. مواصلة الجبهة الموحدة جهودها لمواجهة هذا القرار في عملها الوظيفي إلى حين إسقاطه من طرف الإدارات المعنية، وذلك من خلال التعبئة والمواكبة على كل المستويات القانونية والحقوقية والنضالية.
8. دعوة كل المواطنات والمواطنين للإنخراط في تسجيل ملاحظاتهم الرافضة للمنتزه المسمى “طبيعي“.
9. تحيي عاليا جمعيات المجتمع المدني بالجماعات الترابية في المناطق المعنية وبالجالية المغربية المقيمة بالخارج الحاضرة معنا.
10. تطالب جميع جمعيات المجتمع المدني بمواصلة النضال وتوحيد الأشكال النضالية والإنخراط الفعال والجاد فيها قصد مواجهة هذا المخطط التخريبي الذي سعى إلى تهجير وترحيل الساكنة من المجال الجغرافي والثقافي بسوس.
وحرر بالرباط، يوم الأحد 07/07/2024