تبين من خلال القمة التي عقدت في القاهرة ما يلي:

أولا: لقد استطاعت مصر أن تجمع 30 دولة ومنظمات إقليمية حول موضوع مستعجل وكارثي وفوق التحمل، هو التقتيل العمدي والاستراتيجي للشعب الفلسطيني في غزة، مع وصول شظايا القتل إلى الضفة الغربية، وشظايا المواجهات إلى اليمن ولبنان وسوريا والعراق.

ثانيا: إن التمايز في المواقف، بين داعمين لا مشروطين لإسرائيل وبين النظام العربي الرسمي يتم على أساس معادلة برقمين.

معسكر الرقم الأول، والذي يعتبر أن الازمة الحالية سببها المباشر والوحيد هو هجوم حرب أكتوبر الثانية يوم السابع من الشهر الذي نودعه، ومعسكر الرقم الثاني الذي يعتبر أن السبب العضال هو وجود شعب بدون آفاق وبدون أفق للسلام وبدون إمكانية تكوين هويته السياسية المؤسساتية من خلال دولته المستقلة، على اساس حدود 67 وعاصمتها القدس الشرقية.

طبعا الذين يدعون إلى حصر تاريخ الأزمة في نفسها، أي اعتبار حرب غزة الخامسة ابنة نفسها يريدونها فرصة سانحة لإدانة حماس ومن يجاريها في المقاومة المسلحة، ثم ترتيب ما يجب ترتيبه، وهو الضوء الأخضر لغزو حاضنتها غزة وتكسير بنيتها، بترحيل الشعب الفلسطيني خارج أرضه إلى أن يتم

«تجفيف »ينابيع الفصيل المسلح. وهو تدليس يفتح الباب أمام كل الطابوهات، ومنها طابو «الترانسفير» والنكبة وتصفية القضية الفلسطينية.

أما النظام الرسمي العربي، ومعه الشعوب العربية، فيرى أن هذا التجزيء في المحدد الزمني يتنكر لأصل الصراع وأصل المآسي، وهو إنكار الدولة الوطنية المستقلة في فلسطين، وأن انسداد آفاق السلام هو الذي جعل الوضع يتأزم، كما أن الاحتلال الاسرائيلي يتحمل المسؤولية الكبرى في صب الزيت على النار، من خلال التقتيل والمس بالمقدسات ومحاولات التهويد، وما الى ذلك من استفزازات..

وعموما، بالرغم من العجز عن إصدار “قمة السلام” في مصر بيان حول القواعد الجديدة للتحليل الدولي للقضية، فإن الذي حصل هو مساحات توافق واسعة، منها رفض الترحيل، ودخول المساعدات، وتأمين المدنيين، والبحث عن حل الدولتين..

يبٍقى أن الموقف المغربي، بدأ قبل القمة من خلال:

تفاعل المغرب عبر بيانه الرسمي الأول، والذي تفادى أي إشارة إلى الفصيل الفلسطيني المسلح، لا من قريب ولا من بعيد، مع التنصيص على احترام الأرواح المدنية، والتعبير عن القلق بخصوصهم، مهما كان مصدر القلق.

ثم التفاعل، بأمر من ملك البلاد، بالعمل على جمع مجلس الجامعة العربية على مستوى الوزراء، وتجديد مساندته للممثل الشرعي الوحيد للفلسطينيين بخصوص مسلسل السلام، وانحيازه إلى الحقوق الفلسطينية غير القابلة للتصرف، وبالتالي يكون قد دعم صمود النظام العربي في مواجهة ضغوطات القوى الغربية.

وتميز أيضا من خلال الرفض المطلق لتصفية القضية الفلسطينية، ومعها واقع الأمن القومي العربي، من خلال ضرب مصر والأردن، وتغيير معادلة الأرض مقابل السلام بالوطن البديل مقابل دولة الخيام للاجئين.

ولعل الملاحظ لن يغفل أن المغرب وضع زمنيين للمعالجة:

زمن استعجال حاد يتعلق بحياة المدنيين، ودخول المساعدات ووقف إطلاق النار، وزمن استعجال متوسط المدى واستراتيجي في الوقت ذاته، وهو رفض تصفية القضية الفلسطينية، وتهجير الشعب الفلسطيني إلى أوطان خيام بديلة.. وبناء على ذلك الدعوة إلى استئناف التفاوض والمقاربة السياسية.

وهو في ذلك، وَفِيٌّ لعقيدته الديبلوماسية، حتى بخصوص استرجاع أراضيه المغتصبة، وتأمين حريته وسيادته عليها..

لقد تبين أن التابوهات لم تعد من الماضي، وعليه فإن صخرة الارتكاز هي الدعم اللامشروط للشعب الفلسطيني ودولته المستقلة

… وغير ذلك تفاصيل مضللة.

عن جريدة الاتحاد الاشتراكي :

‫شاهد أيضًا‬

في حوار مع علال بلعربي حول كتابه : «يجب الدفاع عن المدرسة العمومية » : ما حدث في التعليم مؤخرا هو نقطة نظام وطنية جديدة تطرح سؤال الإصلاح العميق على الدولة وتنظيمات المجتمع

– أصدرت كتابا عن التعليم تدافع فيه عن المدرسة العمومية، ونحن عشنا احتجاجات منذ بداية السنة…