لم يكن الوضع مريحا وأنا اشاهد الفيديو الذي يظهر الأستاذ الجليل عبد الرحمان بنعمر والمناضل سمو أسيدون وهم يمنعون من التعبير عن رأيهم بخصوص القضية الوطنية الثانية للمغرب. وهي القضية الفلسطينية.
مغرب اليوم يتسع لكل الآراء بفضل التحولات العميقة التي راكمتها بلادنا في مجال حقوق الانسان. والتي هي محط تنويه دولي ليس فقط شفويا , بل موثقة في تقارير الاتحاد الأوروبي وفي الاتفاقيات التي تبرم مع المغرب بل هي معززة للمغرب في تلك الاتفاقيات و في التفاوض السياسي و الاقتصادي الدولي. وكذا في تقارير مجلس الامن والجمعية العمومية للأمم المتحدة.
مغرب اليوم محصن ليتسع لكل رأي او موقف كيف ما كان. لا يحتاج لا الى فعل ولا الى رد فعل و الذي قد يحسب ضد بلدنا. ويقدم ذريعة للخصوم من أي موقع كانوا. من أجل التشكيك في الانخراط الحقيقي لبلدنا في هذا التحول الكبير الذي عرفه المغرب في مجال حقوق الانسان. ليس فقط على مستوى القوانين والاتفاقات الدولية ذات الصلة التي صادق عليها المغرب. وانما كذلك على مستوى الممارسة. وإن كانت تعرف هي بدروها عثرات يحكمها الانخراط الصعب بكل حسن نية في اعمال حقوق الانسان كما هي متعارف عليها دوليا بالنسبة لبلدنا الذي يمشي بخطوات حثيثة ليصطف في صف الدول الكبرى الديموقراطية الحديثة.
لهذا ما كان ضروريا منع تلك الوقفة.
في تقديري فإن اتخاد المواقف مما يسمى بالتطبيع هو سابق لأوانه لان كلمة ” التطبيع ” لا وجود لها في بلاغ الديوان الملكي الذي زف للمغاربة خبرا تاريخا كنا في حاجة اليه لأنه يتعلق بجزء من أرضنا التي نازعتنا فيها , عن باطل , عدد من الدول أول الامر.
لكن بفضل بالإصرار الهادي على الثوابت والتشبث بحبات التراب الذي صمد عليه بدون أي زحزحة ولو قيد انملة ملك البلاد. وبفضل حجم التضحية التي قدمه المغاربة ماليا وبشريا ومجتمعيا لمدة تقارب الخمسين سنة ووضعوا خلفهم كل اختلافاتهم جانبا ليصمدوا هم كذلك وراء جلالة الملك في القضية الأول لكل جميع المغاربة.
مما يعزز كون المواقف حول التطبيع هي سابقة لأوانها هو ما صرح به وزير الخارجية للقناة الثانية في المقابلة التي اجراها معه الصحفي الرمضاني الذي، بالمناسبة كان في مستوى الصحفي الحاضر في كل قضية من القضايا التي تناولها الاستجواب. ذلك الاستجواب الذي أعلن فيه وزير الخارجية ان لا شيء سري في بلاغ الديوان الملكي وكل شيء مذكور في البلاغ.
لنتذكر ان مكتب الاتصال الذي فتحه المغرب في سنة 1994 تم اقفاله في سنة 2002 على إثر الانتفاضة الفلسطينية.
لهذا لماذا لا نقرا نحن المغاربة , هذا الإشارة على انه يمكن ان يقفل مرة أخرى إذا انتفت شروط فتحه. خصوصا وأن بلاغ الديوان الملكي أعلن بكل وضوح انه لا تغيير في المواقف الثابتة للمغرب من القضية الوطنية الاخرى للمغرب وهي القضية الفلسطينية سواء ما تعلق بالقدس او بالدولة الفلسطينية. وهو اعلان الذي لم يصدر عن أي دولة من الدول الاخرى القديمة او الحديثة التي اعترفت بدولة إسرائيل.
التطبيع عندما لا يكون أفقيا أي مجتمعيا , يكون له طابع سياسي أي طابع متغير بحسب تغير ظروفه. والتطبيع الحقيقي هو التطبيع المجتمعي وهذا يستلزم إخراجه من وجدان الامة المعنية به.
وها هم جزء من وجدان الامة المغربية وهن نساء ورجال الاعلام يعبرون علنا على رفضهم (لأي تطبيع أو تواصل أعلامي مع الكيان الإسرائيلي على حساب الحقوق المشروعة والثابتة للشعب الفلسطيني وعلى حساب قيم السلام والتعايش والحوار التي تحفظ حقوق الجميع). وهو الموقف الذي تناقلته مواقع التواصل الاجتماعي.
عود على بدأ.
بلدنا قطع أشواط كبيرة في مجال تثبيت الحقوق الأساسية في مجال حقوقا الانسان. ومنها الحق في التعبير السلمي على الرأي. بل استع صدر المغرب الى من عبر بما يقرب للصراحة انه ضد موقف الشعب المغربي الثابت من قضيته الوطنية. وسجل الجميع بكل ارتياح عدم وجود أي رد فعل , وهو الامر الذي يقوي المغرب. وليس يضعفه كما يمكن يذهب الاعتقاد.
تنبه العالم أخيرا الى الحقوق المشروع للمغرب على ارضه يعود كذلك للدور الذي يلعبه اخراج المغرب للمجلس الوطني لحقوق الانسان للوجود بكل الصلاحيات الموسعة والاستقلالية التي ينص عليها قانونه التأسيسي. وكذا الدور الذي يقوم به في المناطق الجنوبية للمغرب. وهو ما وقفت عليه تقارير الاتحاد الأوروبي وتقارير مجلس الامن في وجه كل من ينازع في حقيقة وصدقية انخراط المغرب القوي في الالتزام بالمبادئ الدولية المتعارف عليها في مجدل حقوق الانسان.
السماح بوقفة كانت سيمر. منع وقفة قد لا يمر. بل قد يترك اثرا ليس المغرب في حاجة له.
الدار البيضاء : عبد الكبير طبيح ، الاربعاء : 15/دجنبر /2020