حين تصهل العاديات في محرك الخيل والخير، تنتصب هامات “الشُّجْعَانْ” على صهواتها استعدادا لطلقات البارود على “ﮜْصَاصْ الْخَيْلْ”، فتشرئب أعناق شيوخ العيطة بسحنات وجوههم المشرقة، حيث يصدح نداء تراثنا اللامادي على إيقاع إحياء روابط العشق في لحظة تسلّط فيها أشعّة الشمس نورها الأزلي على عبق وموروثنا الثقافي الشعبي بتعدد روافده.

في الحلقة الأخيرة من هذه الأوراق التراثية، تتقاسم جريدة “أنفاس بريس” مع القراء، العشق المباح الممتد عبر التاريخ، للإرتواء من نبع شذرات فن العيطة ذات الصلة بالفروسية التقليدية والتي دوّنها وسجّلها الشاعر/الناظم بمداد الفخر والإعتزاز، حيث كان الإشتغال بمعية شِيخْ الْعَيْطَةْ الفنان الحسين السطاتي الذي يعكس حقيقة نموذج الشِّيخْ المثقف الذي يقيم وزنا للعلاقة الضاربة بجدورها بين الخيل والفرسان وفن العيطة المغربية.

مدرسة العيطة الزّعرية نموذج للتربية على عشق الخيل:

من قاع خَابْيَةْ “الزَّرِّيعَةْ” من “الَحَبْ الزَّعْرِي” نعثر على بعض الشذرات التي تروم تحبيب الخيل وفن التبوريدة إلى الأبناء وتربيتهم على موروثها الثقافي الشعبي حيث يقول الناظم:

“الْخَيْلْ وُ لَوْتَاقْ، نَخْوَةْ وُ مَذَاقْ

الْخَيْلْ وُ لُخْزَايَنْ، وَرْثْ الْوَالِدِينْ

تْهَلَّا فِ عَوْدَكْ، حْتَّى يَكْبَرْ وَلْدَكْ

تْهَلَّا فِ الّْلجَامْ، حَتَّى يْبَانْ الْعَامْ

شَدْ الْعَوْدْ فِ إِيدَكْ، حَتَّى يْجِي سِيدَكْ”

ولم يفت الناظم/ الشاعر البدوي مبدع شذرات العيطة الزعرية، أن يقيس قوة القبيلة وحضورها بين القبائل الأخرى بأعداد الخيل والفرسان، وما يبدل في سبيل خيول التبوريدة من عناية ورعاية وتدريب وتربية، على اعتبار أن إكرام الخيل إنما هو في الحقيقة إكرام للفارس، وإن إهانته وتحقيره لها ما هو إلا تحقيرا لذاته ولأسرته، وكان هذا هو المقياس الخلقي الذي كان يقيسون به المغاربة مفهوم الشهامة والكرم والجود، وقد أشار إلى هذا الشاعر في حَبَّاتْ من ّلَحْسَابْ الزَّعْرِي” بقوله:

“سَرْبَةْ التَّسْعِينْ، عَنْدْ بْنِي مَسْكِينْ

سَرْبَةْ الْخَمْسِينْ، عَنْدْ لُغْلِيِمِيِّينْ

السَّرْبَةْ الْحَيَّةْ، عَنْدْ الشَّاوِيَّةْ

الْخَيْلْ الْمَعْلُوفَةْ، تْعَمَّرْ الشُّوفَةْ

الْخَيْلْ وَالْخَيْرْ، فِي بْلَادْ زْعَيْرْ

عَوْدَكْ سْرِيعْ، مَا يَتْسَاهَلْ بِيعْ

الْعَوْدْ الْهَرْوَالْ، الِّلي كَاسْبُو رُوبَالْ

الْعَوْدْ الْحَرَّانْ، كْسِيبْتُو كَطْرَانْ

عَوْدَكْ جِيعَانْ، بَدْلُو خَرْفَانْ

عَوْدَكْ مَسْيُوسْ، مُوكْلُو الْمَسَّوسْ”

وفي نفس النمط الغنائي نجد الشاعر يوصي ويحض قومه على المحافظة على الخيل وإكرامها والاهتمام بها ورعايتها، لأنها ثروة لا تعادلها ثروة.

“تْهَلَّا فِي عَوْدَكْ، حْتَّى يْكَبْرْ وَلْدَكْ

الْعَوْدَةْ وَالْعَوْدْ، وَرْثْ مَنْ الجْدُودْ

الْعَلْفْ وَالْمُورَدْ، مَنْ جَدْ لْجَدْ

عَلَّفْ عَوْدَكْ يَتْنَقَّا وَجْهَكْ

سْيَادِي تْهَلَّاوْ فِي الْخَيْلْ، رَاهْ الْمَحْرَكْ طْوِيلْ

تْهَلَّاوْ فِي الْخَيْلْ مْلِيحْ، رَاهْ الزّْمَانْ قْبِيحْ

تْهَلَّا فِي الّْلجَامْ، حْتَّى يْبَانْ الْعَامْ”

هذه شذرات من “الْحَبْ الزَّعْرِي” ويمكن إدراج أمثلة منها تعدّ بالمئات من الأبيات الشعرية البدوية من عيطة “لَحْسَابْ الزَّعْرِي” التي تغنى بها شيوخ العيطة، والفنانين الشعبيين، وهم يتغزلون في وصف الحصان والفرس. كما نجد ذلك في استهلال العيطة الزعرية الشهيرة باسم “جْعَيْدَانْ”، والتي خلد فيها الناظم ما قامت به قبائل وادي زم، وأبي الجعد، وخريبگة، من مقاومة شرسة ضد المستعمر على صهوات الخيول:

“جْعَيْدَانْ يْبَانْ

عَ سِيرُوا لَا تْخَافُوا وَالِي

خَيْلْ جْعَيْدَانْ غَادْيَةْ نِيشَانْ

الصَّمْعَةْ تْبَانْ

عَ سِيرُوا لَا تْخَافُوا وَالِي

عَلْفَاتْ أُو سَرْبَاتْ جِهْةَ الْخَطْوَاتْ”

وصف الخيل في العيطة الْغَرْبَاوِيَةْ:

في نفس السياق، تغّنت العيطة الْغَرْبَاوِيَةْ، وأفردت شذرات في تشبيه الأفراس بالحسناوات الجميلات، والخيل بسرب الحمام، كما يظهر ذلك في قطعة “الْغَابَةْ” :

“الْخَيْلْ كِي سَرْبْ لَحْمَامْ، وَعْجَاجْهَا كِيفْ لُغْمَامْ

وْحَيْدَةْ دَايْرَةْ الّْلثَامْ، كِيفْ الْعَوْدَةْ بِالّْلجَامْ

لَحْمَامْ الِّلي فِي لَرْسَامْ، قْرَا لَوْحَيْدَةْ السّْلَامْ

سَبْعْ سْلَامَاتْ فِي سْلَامْ، لَفْحَلْ مُولَايْ عَبْدْ السَّلَامْ

يَاكْ الْبُوسَةْ فِي الشّْفَايْفْ، وَالَّلذَّةْ فِي الّْلسَانْ

لاَ تْغُرَّكْ لَغْلِيظَةْ، رَاهْ الَّلذَّةْ فِي لَعْظَامْ

طْوِيلَةْ أُو جَبُّوجِيَّةْ، تَنْفَعْ فِي الزّْحَامْ وَتْحَلِّي لِيَّامْ

لَبْنَاتْ كِي خَيْلْ السْرُوتْ، يَا خَيِّي كُلَّا وكَيمْتُو

لَعْيُونْ كِي خَيْلْ السْرَاتَةْ، وَالنِّيفْ بِشَمَّامْتُو

فُمْهَا بَرَّادْ تَاعْ أَتَايْ، مْشَحَّرْ بِلِيقَامْتُو”

القوة والنخوة والجمال في وصف الخيل في العيطة الحوزية:

أما بالنسبة لفن العيطة الحوزية، فقد توفّق الناظم في تدوين وتسجيل حبّه وعشقه للخيل، ورسم بصُوّر غاية في الإبداع والدقة معالم قوتها وجمالها ونخوتها، وأيضا حضورها ومساهمتها في صدّ هجمات العدو، ومشاركتها في الحروب، وهي تحمل على صهواتها الفرسان المجاهدين، على اعتبار أن الخيل عزة ومفخرة لمالكها، وهي ملاذ الفرسان “الشُّجْعَانْ”.

في هذا السياق أيضا، عرفت منطقة الرحامنة حروبا ونزاعات مسلحة مع المستعمر، وثقتها عدة نصوص وقطع غنائية، حيث نجد على سبيل المثال، في نص العيطة الحوزية الموسوم بـ “خَالِي يَا خْوِيلِي”، ذكرا للقادة المجاهدين الذين أبلو البلاء الحسن في مقاومة المعتدين والغزاة مع ذكر خيلهم، واعترافا لهؤلاء الفرسان الأبطال وخيولهم الجامحة، من طرف الشاعر/الناظم وهو يمجدهم تمجيدا الاستحقاق بقوله:

“دَوَّزْهَا وَاحَدْ فِي الْقِيَّادْ

دَوَّزْهَا الْقَايْدْ الْعِيَّادِي

مُولْ الثْرِيَاتْ الْوَرْدِيَّةْ

مُولْ السّْنَحَاتْ الشِّيبِيَّةْ

دَايْرْ بَرَّادُو فِي قُبُّو

فِينْ مَا رْشَقْ لِيهْ يْكُبُّو

دَايْرْ شِيخَاتُو فِي جَنْبُو

فِينْ مَا رْشَقْ لِيهْ يْلَعْبُوا

مُولْ الْقَفْطَانْ الْكَبْرِيتِي

زِينْ الْخَرْطَةْ فُوقْ الْكَمْرِي

فِينْ إِيَّامَكْ يَا بَنْ كَرِيرْ

عَ الْحَرْكَةْ وَكًصَاصْ الْخَيْلْ

فِينْ يُومَكْ يَا لَارَبْعَا

كَانْ مُوسَمْ وَلَّا حَرْكَةْ

حَرْكَتْ الْخَيْلْ وَالْمُوسَمْ خْلَا

لَا خْزَانَةْ لَا عَوْدْ بْقَا”

في قطعة “سيدي صالح الخطابي” من العيطة الحوزية، ذكر الناظم/الشاعر أيضا، الخيل بوصفها مركوب الفارس البطل:

“ضَرْبُوا عْلِيهْ النّْقَبْ/ جَبْدُو عَوْجَاتْ الرّْكَبْ

جَبْدُو شَامَةْ بَنْتْ عَلَّالْ الشَّرْقَاوِي/ خَلَّاوْ الشَّلْحَةْ فُمْهَا لَاوِي

أَوْدِّي مَا نَصْحَبْشْ النَّوْضَةْ الْيُومْ/ أمَّا نْبَالِي بِيكُمْ

حسبوا لَبْـﮜَرْ ضَارَبْ أُو خَاطِي/ وَا وْلِيدِي هَاهْ، سِيدِي صَالَحْ يَا الْخَطَّابِي

حَسْبُوا الْخَيْلْ دَايْزَةْ فِي الِّليلْ/ وَا وْلِيدِي هَاهْ، سِيدِي صَالَحْ يَا الْخَطَّابِي

خَيْمَةْ حَدُّو مْقَابْلَةْ لَعْدُو/ وَا وْلِيدِي هَاهْ، سِيدِي صَالَحْ يَا الْخَطَّابِي

فَارَسْ وَحْدُو وَاشْنُو جَهْدُو/ وَا وْلِيدِي هَاهْ، سِيدِي صَالَحْ يَا الْخَطَّابِي”.

عيطة “الشُّجْعَانْ” تمجد الخيل والفرسان:

لقد خصص شاعر/ناظم العيطة الملّالية شذرات غاية في دقة التصوير، دوّن من خلالها كيف وجد رجال وفرسان القبائل في الخيل وسيلة مهمة لتحقيق غاياتهم، وتحقيق انتصاراتهم كما هو مذكور في رائعة “الشُّجْعَانْ”.

“وَاهْ مَّالِينْ الْخَيْلْ، يَا بَابَا

وَاهْ هَجْمُوا، هَجْمُوا يَا سِيدِي

الْحَرْكَةْ بْدَاتْ، يَا بَابَا

وَالْعَلْفَةْ جَاتْ، يَا سِيدِي

مَّالِينْ الَخَيْلْ، يَا بَابَا

سَنْحُوا أُو رَكْبُوا، يَا سِيدِي.

رَوْنُوا لَقْبَايَلْ، يَا بَابَا

………………..

وَاشْ مَنْ وَالَا يَتْوَالَى

وَاشْ لَقْيَادَةْ تْكُونْ لَمَنْ وَالَا

فِينْ السّْمَاعْلَةْ وَبْنِي خَيْرَانْ؟

كُلْ خَيْمَةْ وَلْدَتْ عَلَّامْ

فِينْ إِيَّامَكْ يَا بُوكَرُّومْ؟

عَ الْحَرْكَةْ وَالْخَيْلْ تْعُومْ”

مكانة الخيل وحضورها القوي في العيطة العبدية:

في العيطة العبدية أبدع الشاعر في وصف حَرْكَاتْ السلطان الحسن الأول، الذي كان كثير التنقل على صهوة جواده، ـ عرشه على صهوة حصانه ـ في مقطع من عيطة سِيدِي حَسَنْ (سِيدِي رَاكَبْ جْوَادُو)، مثلما أبدع أيضا في وصفه مكانة وقيمة الحصان، في عيطة “خَرْبُوشَةْ” حيث يتم ذكر اسم الحصان مقابل ذكر اسم القايد صاحبه. فمثلا بعد سقوط القايد “سْوِيلَمْ” من فوق صهوة جواده، وهو بالمناسبة كان قائد الرْحَى عند القايد عيسى بن عمر، لم يغفر له هذا الأخير هزيمته أمام قبيلة أولاد زايد المناوئة لسلطته التي تنتمي إليها الشِّيخَةْ “خَرْبُوشَةْ”، فيقارن الشاعر سقوط القايد سْوِيلَمْ، وهزيمته الشنعاء بعد الاستيلاء على حصانه كغنيمة حرب فيقول: “طَاحْ سْوِيلَمْ طَاحْ، حْتَّى مَنْ عَوْدُو دَّاوْهْ سْيَادُو”.

في سياق متصل، نجد في عيطة “سِيدِي حَسَنْ” أن الشاعر/الناظم يمجد الخيل، بصفتها المساند القوي للفرسان، وبكثرتها يُضمن الانتصار على الأعداء:

“زَمْرَانْ يَا زَمْرَانْ

آشْ نْـﮜُولُوا فِي سِيدِي حَسَنْ

حَسَنْ يَا حَسَنْ

مَا تْمُوتْ حْتَّى يْسَبْقُوكْ الْعَدْيَانْ

أَبَّا لَعْبَادِي بَعْدْ رَكْبُوا ﮜَاعْ مْشَاوْ

وَالْيُومْ يَا سِيدِي

فِينْ يْكُونُوا مَجْمُوعِينْ

أَصْحَابْ الْخَيْلْ وَالسّْرُوتْ

فِينْ تْكُونُوا مَجْمُوعِينْ

أهْ يَا سْيَادِي

الشُّرْفَا رَﮜْرَاﮜَةْ مَّالِينْ الْخَيْلْ”

في جانب آخر من عيطة “الْعَمَّالَةْ” العبدية/الحصباوية، نجد الشاعر/الناظم، يطلب من الفرسان الرأفة بالخيول، والاهتمام براحتها وبمأكلها ومشربها، لاستعادة نشاطها وقوتها حيث يقول:

“نَزْلُوا تْغَذَّاوْ، رَاهْ الْخَيْلْ عْيَاوْ

خَلِّيوْ الْخَيْلْ تَوْرَدْ، رَاهْ الْوَقْتْ جْبَدْ

عْطِيوْ لَلْخَيْلْ تَعْلَفْ، قْبَلْ مَا تَسْخَفْ

تْهَلَّاوْ فِي الْخَيْلْ، رَاهْ الِّليلْ طْوِيلْ

وَلْدْ حْدِّيدُو، عَاجْبُو عَوْدُو

وَلْدْ رْحَيْحِيلْ، تْهَلَّا فِي الْخَيْلَ”

امتداد وتمدد عشق الخيل إلى الصحراء والغناء البلدي الفيلالي:

في الغناء البلدي الجّرفي الفيلالي، المنتسب للعيطة الصحراوية السجلماسية نجد الشاعر يفتخر بفرسه ويمجده. فرغم حُبِّ المواطن المغربي الصحراوي للنّاقة والإبل، نجده يُفْرِدُ صورة خاصة ومعزّة كبيرة للحصان، على اعتبار أن الحاجة للخيل ضرورة ملحّة، ليس للتنقل وحمل الأثقال، أو قطع المسافات الطويلة في البراري الصحراوية فحسب، فهذه المهام قامت بها الإبل والحمير والبغال، لكن الفرس كان لغرض شنّ الغارات وصدّ العدوان، وهذه

غاية تقابل الحاجة إلى الماء والأكل. فالحصان يرمز للأمن والأمان، ورمزا للشجاعة والقوة والنخوة، وحماية الديّار، وجلب الخير، فكانت الخيل بالنسبة للمواطن الفيلالي بمثابة الواحة التي يلجأ إليها في صحراءه، في هذا السياق تغنى الشاعر/الناظم بفرسه كما نجد ذلك في عيطة “رْجَالْ لَبْلَادْ” فيقول منشدا:

“جِيبُو لِي الْبَرْﮜِي، وَاعْطِيوْنِ لْجَامُو

فِينْ مَا نْشُوفْ الزِّينْ، نَتْفَكَّرْ كْلَامُو

عَوْدِي لَزْرَكْ بَلْجَامُو، مْهَرَّسْ لَحْجَرْ بِـ ﮜْدَامُو

كُلْ تْمَرْ وَكِيَّالُو، كُلْ نْخَلْ وَجْرِيدُو

كُلْ عَوْدْ وَخَيَّالُو، كُلْ عَبْدْ عَنْدُو سِيدُو

قَتْلُونِي ثْلَاثَةْ، لَعْيُونْ وَالْخَيْلْ وَالسّْرَاتَةْ

رْﮜَبْتْ عْلَى الذْرَا، بَانَتْ لِيَّا خَضْرَا

مَزِّينْ الْـﮜَـعْدَةْ فُوقْ الجْرِيدْ، يْبَانُوا لَمْعَاضِيدْ

مَزِّينْ الرَّكْبَةْ عْلَى ﮜْصَاصْ الْخَيْلْ، فِي جَنْبِ لَخْلِيلْ

مَزِّينْ الْـﮜَلْسَةْ فِي لَجْرَافْ، وْالشَّرْبَةْ بِالْغُرَّافْ”

نحتم هذه الغزارة من شذرات الغناء التقليدي، بـ “سُوسَةْ” من العيطة الشيظمية، وتسمى بسوسة “عَلْفَةْ الْخَيْلْ”، وهي تتغنى بجمال الفرس وقوة الحصان، وقد تم اقتباسها من العيطة الحوزية، ونقلت إلى المرساوي والعبدي والغرباوي.

“سِيدِي لَدْهَمْ سَرَّجْتُ بِإيدِي وَالْيُومْ بَعَّدْ عْلِيَّا

آ مُولَايْ، مُولَايْ

سِيدِي رَبِّي زِينْ لَعْطِيَّةْ

آ مُولَايْ، مُولَايْ

سْرُوتْ الْحَصْبَةْ سَرْبَةْ، سَرْبَةْ

آ مُولَايْ، مُولَايْ

خَيْلْ الْقَصْبَــةْ جَايَّا مْسَرْبَـةْ

آ مُولَايْ، مُولَايْ

مَّالِينْ الْخَيْلْ خَرْجُوا لَفْعَايَلْ

آ مُولَايْ، مُولَايْ

مَّاليِنْ الْخَيْلْ رَكْبُوا بِالِّليلْ

آ مُولَايْ، مُولَايْ

فَارْسَ وَحْدُو أشْنُو جَهْــدُو؟

آ مُولَايْ، مُولَايْ

الْخَيْلْ قْلِيلَةْ حَابْسَ لَعْدُو

آ مُولَايْ، مُولَايْ”

التراث اللامادي لفن التبوريدة، سر عزو وقوة ونخوة الخيل والفرسان:

لقد كانت الخيل ولازالت، وستظل محبوبة الفرسان، وفي خيمة الفلّاح والكسّاب المغربي، وملهمة الأدباء والشعراء والفنانين، ولم يقف اهتمام الشعراء بالخيل عند أهوال الحروب والغزوات والأعمال الفلاحية فحسب، بل راحوا يدققون في أحوالها، فوصفوها أيّما وصف، وتتبعوا أدق تفاصيل نسلها وجسدها، فصوروها في قصائدهم البديعة، وفي نصوصهم العيطية، حيث أبدعوا في وصف مواطن الجمال في هذا المخلوق الاستثنائي، وتغنى بها شيوخ العيطة المغربية، وكان ومازال مربوا الخيول، والفرسان والكسّابة، إذا أنجبت الفرس يقيمون لها أسبوعا من الفرح وفق طقوس وتقاليد الإنجاب واستمرار النسل الجيّد، وكأنهم يقيمون عقيقة لمولود من رحم المرأة/الزوجة ومن صلب الرجل/الزوج.

إنها الخيل التي تعتبر فعلا، مظهرا من مظاهر النخوة والقوة، والتي مازالت وستظل رمز عزّة المواطن المغربي، فهو يشارك بها اليوم في مواسم التبوريدة، وفي مسابقات الفروسية داخل وخارج الوطن، وفي المهرجانات وخلال حفلات الزواج وفي الأعياد الدينية والوطنية.

انتهى

عن موقع انفاس بريس / الرابط

https://anfaspress.com/news/voir/134332-2024-05-23-03-42-56

‫شاهد أيضًا‬

يوم بمائة عام ! * عبد الحميد جماهري

(*) منقول عن جريدة الاتحاد الاشتراكي : الاربعاء 1 ماي 2024. لا يمكن للتوقيع بين الحكومة وا…