أكد أبوبكر أونغير، الباحث في تاريخ العلاقات الدولية، في حوار مع أسبوعية ” الوطن الآن” وأنفاس ” بريس”، أن المغرب تحترمه جميع الأنظمة والشعوب، باعتبار أن سياساته الخارجية لها ثوابت واضحة، وهي الدفاع عن السلم والأمن في العلاقات الدولية واحترام سيادة ووحدة أراضي جميع الدول وعدم الركون للحلول العسكرية، مما جعل الديبلوماسية المغربية تحظى بالإشادة والتقدير من جميع القوى الدولية، لأنها ديبلوماسية تعتمد بالدرجة الأولى على القانون الدولي وعلى ميثاق الأمم المتحدة، وهي مبادئ راسخة في العلاقات الدولية للمغرب.


فيما يلي الحوار مع أبوبكر اونغير، وهو أيضا خريج السلك العالي للمدرسة الوطنية للإدارة الفوج الثامن، وخريج المعهد الدولي لحقوق الإنسان بستراسبورغ:

أشادت عدد من الدول الأوروبية بوساطة المغرب في الأزمة الليبية، كيف تقرأ هذه الإشادة؟ 
لابد أولا من معرفة أن العلاقات المغربية الليبية عريقة وقديمة جدا، حيث أن المغرب وليبيا يشكلان مجالا ثقافيا وهوياتيا واحدا منذ أعرق العصور، واستمرت متانة العلاقات المغربية الليبية في التاريخ المعاصر، خصوصا في عهد المملكة السنوسية التي ربطتها علاقات وطيدة بالمملكة المغربية، واستمرت العلاقات المغربية الليبية في تميز ورقي مستمرين، مع استثناء السنوات الأولى من حكم الراحل العقيد القذافي الذي ناصب العداء للمغرب في مرحلة تاريخية كان فيها متأثرا بالضباط الأحرار المصريين، لكن بعد هذه المرحلة من التوتر عادت العلاقات المغربية الليبية إلى سابق عهدها وتمخض ذلك عن ولادة الاتحاد المغاربي، هذا الرجوع المقتضب إلى التاريخ، الهدف منه تبيان الاهتمام المغربي الدائم بتطوير علاقاته مع ليبيا ومع مكونات الشعب الليبي، فاحتضن المغرب قيادات تاريخية من الثورة الليبية، وساند الشعب الليبي في كل المراحل السياسية التي مر منها القطر الليبي وعندما اندلعت الثورة الليبية سنة 2011 تبنى المغرب موقفا مسؤولا ومتزنا أساسه هو الدعوة إلى حل المشاكل الداخلية الليبية بالحوار الداخلي وعدم السماح بالتدخلات الأجنبية مع الحفاظ على سيادة ووحدة الأراضي الليبية، في إطار هذه الديبلوماسية المتوازنة التي ينهجها المغرب في علاقاته الدولية احتضن المغرب فرقاء الأزمة الليبية وهيأ كل الظروف السياسية والأمنية الضرورية للخروج باتفاق تاريخي، لإنهاء الاحتراب الداخلي والتأسيس لانتقال ديموقراطي ليبي يحفظ دم الليبين، ويتيح أمام جميع مكونات الشعب الليبي العيش بسلم وأمان مع تمتع الجميع بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبدء بمبادرات تصالحية مع الفرقاء الليبيين، وقد نجح المغرب وخاصة الديبلوماسية الملكية في تذويب الخلافات بين الفرقاء الليبيين في اجتماعات الصخيرات 1 و2، وفي لقاءات أخرى كثيرة توجت بتوقيع اتفاق تاريخي بين الأطراف الليبية 6+6، وقد أشاد المنتظم الدولي بهذا النجاح الديبلوماسي الكبير للمملكة المغربية في إخراج اتفاق سياسي تصالحي في ظل أزمة ليبية معقدة وصعبة، وتبقى من بين أكبر المفاتيح القوية التي استعملها المغرب في علاقاته مع الأطراف الليبية، هي العلاقات القوية التي طالما ربطت بين المغرب وكل أطراف الأزمة الليبية في العقود الماضية قبل حتى إسقاط نظام القذافي، كما أن المغرب تحترمه جميع الأنظمة والشعوب الدولية باعتبار أن سياساته الخارجية لها ثوابت واضحة، وهي الدفاع عن السلم والأمن في العلاقات الدولية واحترام سيادة ووحدة أراضي جميع الدول وعدم الركون للحلول العسكرية، مما جعل الديبلوماسية المغربية تحظى بالإشادة والتقدير من جميع القوى الدولية لأنها ديبلوماسية تعتمد بالدرجة الأولى على القانون الدولي وعلى ميثاق الأمم المتحدة، وهي مبادئ راسخة في العلاقات الدولية للمغرب. 

وهل هذه الإشادة تصحيح واستدراك لموقف ألمانيا السابق وفشلها في إبعاد المغرب؟
الإشادة الدولية بالجهود المغربية في حلحلة الأزمة الليبية وتوقيع اتفاق 6+6 بين الأطراف الليبية، هي أولا اعتراف بقوة ونجاعة الديبلوماسية المغربية التي استطاعت في ظل الضغوط القوية التي تعرضت لها القوى الليبية، للحيلولة دون الحضور في  مفاوضات المغرب، حيث سعت الجزائر بكل الوسائل إلى الضغط على الليبيين من أجل عدم الذهاب إلى المغرب ومقاطعة المفاوضات، ثانيا هو تصحيح للموقف الألماني الذي تأثر بالضغوط والمصالح التي تقيمها الجزائر مع بعض الأطراف داخل منظومة الحكم الألماني، دون أن نغفل نظرة التوجس والقلق الذي ترى من خلاله  السياسة الفرنسية النجاحات الديبلوماسية المغربية، حيث  بعض القوى الدولية التقليدية المتحكمة في زمام الأمور في عدد من الدول  الافريقية باتت تحس بفعالية الديبلوماسية المغربية في المجال الإفريقي، مما يهدد مصالحها التاريخية الموروثة عن حقب استعمارية بائدة، وكذا انفلات الأمور من أيدي هذه القوى الدولية خصوصا في الغرب الافريقي، ففرنسا أصبحت غير مرغوب فيها في مالي خصوصا، ودول الساحل عموما، وأصبح العداء لفرنسا عملة رائجة وموضة قوية لدى الأوساط المختلفة في المجتمعات الافريقية، بطبيعة الحال ألمانيا  ومن خلفها فرنسا والجزائر حاولوا الاستفراد بالملف الليبي وفرض حل يروق لهم واستبعاد التأثير المغربي على الملف الليبي، لكن فشل مسعاهم وأصبح الحل الليبي المتوافق عليه في المغرب هو الوثيقة المرجعية لاقتسام السلطة والثروة وبناء ليبيا الجديدة، وقد راجعت ألمانيا مواقفها بشكل جوهري لصالح المغرب مؤخرا بفعل الموقع المغربي التفاوضي المتنامي في أمور السلم والاقتصاد والهجرة في إفريقيا. 

أصبح اسم المغرب متداولا في اجتماعات حل الازمات  بعديد الدول، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، خصوصا في دول الساحل وجنوب الصحراء، ما الذي يجعل المغرب في مستوى هذه الوساطة؟
كان المغرب ولايزال مشاركا فعليا في حل النزاعات في إطار هيئة الأمم المتحدة منذ عقود طويلة، فشاركت التجريدة العسكرية المغربية في عدد كبير من عمليات حفظ السلام الأممية، وبرجوع المغرب إلى البيت الإفريقي سنة 2017، لعب أدوارا مهمة في مجلس الأمن والسلم الافريقي، وتبنى مقاربة جديدة في تعاطيه مع دول الساحل والصحراء، هذه المقاربة تعتمد على ثلاث عناصر رئيسية:
– المغرب يتبنى الأمن الإنساني الذي يعتمد على الربط الجدلي بين منطق الأمن ومنطق التنمية المستدامة، القائمين على احترام كرامة الشعوب الإفريقية ومساعدتها اقتصاديا واجتماعيا  واستثمار التاريخ الديني والثقافي المشترك بين المغرب وجميع دول الساحل الأفريقي والغرب الأفريقي عموما.
– المغرب يتعامل مع الشرعية الدولية ويحترم إرادة وقرارات السلطات الشرعية في إفريقيا، ولا يعتبر نفسه بديلا عن الدولة الإفريقية، ولا يستغل الظروف الصعبة التي تجتازها العديد من الدول الإفريقية، وبذلك كسب المغرب رهان الحياد والوساطة المقبولة من جميع الأطراف افريقيا.
– المغرب يستثمر بشكل أمثل علاقاته الدينية الروحية مع الشعوب الافريقية وينتصر المغرب للديبلوماسية الناعمة في فتح مغاليق القارة الافريقية ويتجنب الديبلوماسية الصدامية والتوجهات القسرية التي طالما استعملتها القوى الاستعمارية، وأصبح اسمها اليوم منبوذا مرفوضا لدى الأفارقة. 

أمام نجاح مساعي المغرب في إحلال السلم والأمن في هذه الدول الافريقية، يلاحظ فشل فرنسا وبعض الدول الأوروبية في القيام بمهام الوساطة، هل يمكن القول أن إفريقيا استعادت سيادتها في تقرير مصيرها باستقلال عن الدول الاستعمارية؟ 
لاشك أن الاستعمار الفرنسي والأوروبي عموما، مايزال يتحكم في مفاصل الدولة الافريقية الناشئة وماتزال الشركات الاوروبية تسيطر على ثروات البلدان الافريقية مستعينة بعدد من الأنظمة التي تم فرضها بالقوة أحيانا وبالتحايل أحيانا أخرى، لكن ثمة شعور افريقي متنامي يقوده الطلبة والمثقفون الافارقة عموما، الذين استفدوا من التعليم العصري ومن الاغتراف من المناهج النقدية الحديثة في شتى المجالات والتخصصات، مما أهلهم للبحث العميق عن أسباب تخلف إفريقيا وتجهيلها وتدهور مؤشرات التنمية البشرية فيها رغم ثرواتها الكثيرة من الذهب والفضة والأورانيوم والفوسفاط  والترواث البحرية.. لقد أكد العديد من الأفارقة عن حاجة إفريقيا إلى تصفية آثار الاستعمار  الاقتصادي عبر تشجيع التعددية الاقتصادية الدولية، وفتح المجال أمام الاستثمارات الافريقية -الافريقية وأمام الاستثمارات الاسيوية الصينية خصوصا، وأمام الراسمال الروسي الذي بات هو الآخر يتحكم في عدد من قادة الدول في الغرب الإفريقي، لقد كان المفكر السنغالي الشيخ “انتا ديوب” من حملة الفكر الافريقي التحرري من الرواسب الاستعمارية، وقدم أبحاثا تاريخية قلبت كل الثقافة التاريخية التقليدية التي اعتبرت أن افريقيا هي قارة مجهولة  مرعبة، وأن استعمارها كان بدافع “تحضرها وتمدنها”، لقد استطاع الشيخ انتا ديوب والبوركينابي كي زيربو والغاني نكروم وسليمان ديان وآخرون أن يبلوروا وعيا إفريقيا نقديا قائما على التطورات العلمية الهائلة،  خصوصا في مجال الدراسات الاركيولوجية التي برهنت على عراقة التاريخ الإفريقي وعلى أن الشعوب الافريقية كانت ذات ثقافة وحضارة حاول الأوروبيون “الغزاة ” وأدها وإلصاق كل لبوس التخلف والحيوانية بالإنسان الإفريقي، لكن المثقفون الأفارقة الجدد استطاعوا بوعي نضالي وإرادة علمية حقيقية تصحيح بعض مغالطات التاريخ الافريقي وفضح السياسة الاستعمارية الأوروبية والفرنسية خصوصا في إفريقيا، والتي نهبت مقدرات الشعوب الإفريقية وأبقت أزمات حدودية وقنابل هوياتية وثقافية موقوته لتفجير أوضاع افريقيا عند كل تحرك تحرري منها، لقد كان التداعيات الكبيرة والانتفاضة الفكرية المضادة التي نتجت عن خطاب ساركوزي في دكار، والذي صرح من خلال دكار بكل عنجهية واستعلاء بأن افريقيا ما تزال متخلفة عن التاريخ، وكذا محاصرة  الطلبة البوركينابيين للرئيس ماكرون في جامعة واكادوكو، بالاسئلة المتعلقة بمسؤولية فرنسا عن واقع إفريقيا المزري مؤشرات قوية على أن وعي افريقي نقدي قوي في أفق التبلور وأن شعار إفريقيا للأفارقة بات يحتل الساحات، المغرب هو المؤهل لتعويض النفوذ الفرنسي في دول الساحل الافريقي على الأقل لأن ديبلوماسيته وسياسته الخارجية  مبنية على التاريخ والثقافة والمصير المشترك، كما أن المغرب خطا خطوات مهمة في  مجال الاستثمار الاقتصادي في افريقيا وفق مقاربة رابح رابح، وبطبيعة الحال، وهذا تحصيل حاصل، فرنسا ستكون منزعجة من  الانتصارات الديبلوماسية المغربية في أفريقيا لأنها تعتبر إفريقيا حديقتها الخلفية وان تحرر افريقيا يعني بشكل تلقائي عودة الروح للافارقة ومدخل لتحقيق الشعوب استقلالها  الاقتصادي والسياسي وهذا أمر مكلف، مكلف جدا بالنسبة للسياسة الفرنسية التي تعتبر نهب ثروات إفريقيا في مجال أمنها السيادي. 

كيف ترى دور المغرب في حل أزمة شمال مالي وارتباطها بأزمة ليبيا؟
سعى المغرب منذ عقود إلى رعاية الحوار المالي الداخلي، واحتضن اجتماعات مهمة منذ عهد المرحوم الحسن الثاني الذي رعى أكثر من 10 اجتماعات للقوى المالية وعلى رأسها القوى الازوادية المختلفة، لكن كان دائما المسعى المغربي في تقريب وجهات النظر بين الماليين لا ينجح، بشكل كبير بسبب الضغط الكبير الذي يمارسه النظام الجزائري على القوى المالية  وعلى أزواد بشكل كبير، إذ أن عددا كبيرا من الازواديين المقهورين المضطهدين يعيشون كرهائن لدى النظام الجزائري، لكن مع تورط النظام الجزائري في تسليح الجماعات الإرهابية أثناء وبعد ما يسمى بالعشرية السوداء بالجزائر، والتي كشفت عدد من الكتابات والشهادات التي عاصرت وشهدت العشرية السوداء على أن المخابرات الجزائرية هي من صنعت ودبرت الجماعات المسلحة، التي قتلت من الجزائريين ما لم تقتله فرنسا المستعمرة نفسها في الجزائر، وانتشرت الجماعات الإرهابية المسلحة في كل أرجاء الساحل الافريقي بتدبير جزائري واضح، والدليل على ذلك أن كل قيادات المنظمات الإرهابية بالساحل الإفريقي فهي تقطن الأراضي الجزائري وتحت حماية المخابرات الجزائرية، يكفي قراءة مذكرات محمد سيفاوي أو محمد السويدي أو كتاب مافيا الجنرلات لهشام عبود.. لترى التورط الرسمي الجزائري في كل الأنشطة الممنوعة في الساحل الأفريقي من تجارة للسلاح  وللبشر وللمخدرات. المغرب بطبيعة الحال واع كل الوعي بالمناورات الاستخبارية الجزائرية، ويعرف تمام المعرفة بأن الجزائر تعمل لصالح فرنسا، ولصالح روسيا اليوم بشكل كبير من أجل تطويع الساحل الافريقي والحيلولة دون توجهه نحو المغرب، لذلك يتعرض المواطنون المغاربة في مناطق الساحل لعدد من الاستهدافات المستمرة، كما أن المغرب نهج سياسة افريقية جديدة تقوم على الاستثمار الاقتصادي وتوطيد علاقاته الثقافية والاجتماعية والدينية مع الشعوب الافريقية، وقام بتكوين الأئمة ونشر الإسلام الوسطي، وفتح مراكزه العسكرية أمام الضباط الأفارقة للتكوين والتدريب، كما قوى المغرب علاقاته مع كل الأطراف المالية، خصوصا مع القوى الوطنية  الازوادية، ومع كبرى الفدراليات القبلية في مالي، وسيمكنه ذلك في المستقبل القريب من التأثير بشكل كبير في مسار المصالحة المالية.
المغرب ماض قدما رغم كل الصعاب لحل أزمة مالي واحتضان لقاءات المصالحة والانصاف، والسياسة الخارجية المغربية مقتنعة بذلك بشكل كبير.
  
أمام نجاح المغرب يلاحظ الدور المزدوج للجزائر  في إحياء النعرات القبلية في دول الساحل وجنوب الصحراء، إلى متى  ستستمر الجزائر في لعب هذا الدور الخبيث؟
كما هو معلوم بالضرورة، أن فشل الجزائر في مساعيها المتكررة للاستفراد بالملف  المالي وقبله الليبي، قد خلق أزمة سياسية في الداخل الجزائري، الذي بات إعلامه يتحدث عن عجز كل الأساليب الديبلوماسية والاستخبارية الجزائرية ومها الفرنسية في إحجام و استبعاد المغرب من القضايا الإفريقية وإشغاله بوحدته الترابية، فمؤخرا تم تغيير وزير الخارجية رمطان لعمامرة بسبب يأس الديبلوماسية الجزائرية في التمدد المغربي افريقيا، ووقف النزيف السياسي الذي خلقه الموقف الاسباني الإيجابي مؤخرا من قضية الحكم الذاتي المغربي، وتم استبدال العمامرة مذلولا مدحورا بعطاف الذي سيفشل بكل تأكيد في مسعاه لكبح جماح الديبلوماسية المغربية، التي تقوى موقفها التفاوضي كثيرا وتوج باعتراف أمريكي بمغربية الصحراء، وبموقف القضاء البريطاني الذي صفع الجزائر وعملائها بخصوص شرعية المغرب لإقامة علاقات تجارية مع بريطانيا، وهذا تمهيد ضمني لاعتراف بريطاني بمغربية الصحراء، الجزائر بطبيعة الحال استعملت ورقة أنبوب الغاز لاستمالة بعض الدول جنوبا وشمالا واستعملت لغة خشبية تعود لأدبيات الحرب الباردة، لكنها فشلت فشلا ذريعا في  تقويض جهود المغرب وزادها فشلا التقارب الإيراني السعودي الذي سيحشر لامحالة الجزائر في الزاوية باعتبار ان العلاقات المغربية السعودية المتميزة والاستثنائية ستؤثر بشكل كبير على مصير العلاقات الجزائرية السعودية..
لقد سعت الجزائر دائما للاستفراد بالأزواد الماليين مستغلة ضعف حيلة أزواد الجزائر، وكذلك الضغط العسكري الذي تشكله الجماعات الإرهابية من داعش وقاعدة.. المدعومة من طرف مليشيات تابعة للجزائر وتقوم بإخضاع الازواديين لمنطق الأمر الواقع، لكن ثمة حركات سياسية أزوادية أصبحت مناوئة بشكل  واضح وجلي للتدخل الجزائري السافر في الشؤون الداخلية لمالي عموما، وخاصة بعد تحالف الجزائر وميليشيات “فاغنر” في قمع الشعب المالي مستغلين فراغ المنطقة بعد انسحاب وفشل عملية “بارخان” الفرنسية. 

مع استحضار الزيارة التاريخية لمحمد السادس لمالي واستقبال الأمين العام للحركة الوطنية لتحرير أزواد بمراكش،  هل يمكن للديبلوماسية المغربية أن تلعب في مالي نفس الدور الذي تلعبه في المصالحة بين الليبيين؟ 
العلاقات المغربية المالية، علاقات وطيدة عريقة لها طابع ديني وعائلي وتطورت سياسيا  واقتصاديا، استقبال الملك محمد السادس للأمين العام للحركة الوطنية لتحرير أزواد الصديق اغ بلال الشريف بمراكش تحمل دلالات  كبرى، أولا مراكش هي عاصمة الدولة المرابطية التي يرجع أصولها إلى الغرب الافريقي، أو ما يسمى تاريخيا بالسودان الغربي وهي إشارة إلى ان الدولة المغربية في عهد محمد السادس استمرار لنفس النهج وللبيعة التي جمعت قبائل السودان الغربي ومنها مالي للدولة المرابطية مرورا بالسعديين والعلويين. ثانيا  المغرب يعتبر الحركة الوطنية لتحرير ازواد حركة لها وزنها ويمكن أن تساهم بتنسيق مع حركات أخرى في توطيد أسس الدولة المالية الموحدة التي يسعى المغرب إلى ازدهارها وتقدمها.  من المعلوم كذلك أن قبائل كثيرة في شمال مالي ماتزال مرتبطة ببيعتها الشرعية لامير المومنين الملك محمد السادس، ومايزال عدد منهم يعتبر المغرب محجا دينيا أساسيا خصوصا من مريدي الزاوية التجانية والمريدية..  المغرب  نظرا لعلاقاته التاريخية ولوسطية واعتدال سياسته الديبلوماسية وقوة تنامي استثماراته في افريقيا، مؤهل أكثر من أي وقت مضى لإنجاح مساعي المصالحة بين الفرقاء الماليين مستثمرا علاقاته الوطيدة مع كل أطراف الشعب المالي الشقيق .

الكاتب : منير الكتاوي * الجمعة 16 يونيو 2023,

الجمعة 16 يونيو 2023.

عن صحيفة انفاس بريس

https://anfaspress.com/news/voir/117671-2023-06-16-10-45-27

‫شاهد أيضًا‬

يوم بمائة عام ! * عبد الحميد جماهري

(*) منقول عن جريدة الاتحاد الاشتراكي : الاربعاء 1 ماي 2024. لا يمكن للتوقيع بين الحكومة وا…