لا يعني رفض المغرب لدعوة جنوب إفريقيا للحضور إلى قمة جوهانسبورغ للدول الصاعدة ضمن مجموعة «بريكس» أن المغرب لا يتابع و لا يقدر الموقف الناجم عن هذه القمة، بل بالعكس، يعتبر أن مخرجات القمة، كما تفاصيل ما سينجم عنها من توافقات وتجاذبات، تعنيه تارة مباشرة وتارة أخرى بشكل غير مباشر.
فقد وجد المغرب نفسه معنيا، بشكل مباشر وبقوة، بمخرجات قمة «البريكس» في جنوب إفريقيا، وذلك من خلال البلاغ الصادر عنها، والذي تضمن موقف المجموعة من القضية الأولى للبلاد، قضية وحدتها الترابية.
ومن زاوية النظر الخاصة بنا يجب التذكير بأن رفض الدعوة من طرف المغرب مرده موقف جنوب إفريقيا من القضية وتجنيدها لكل الوسائل لمناهضة المغرب في حقوقه الترابية والوطنية، وتظل الزاوية قائمة كذلك في ما صدر من مواقف بهذا الخصوص.. وحسب وكالة أنباء المغرب العربي الرسمية، «الدعوة الواضحة والصريحة لمجموعة «البريكس» إلى احترام المسلسل السياسي، الذي يتم تحت الإشراف الحصري لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة».
وهوما يقطع الطريق على محاولات الزج بالاتحاد الإفريقي أو غيره من المنظمات الإقليمية في دينامية الحل، كما أنه يضع المعايير المتفق عليها، والتي تزكي موقف المغرب مقتصرة علي قرارات مجلس الأمن ذات الصلة. وآخرها القراران 2602 و2654 الصادران خلال السنتين الأخيرتين، علاوة على دعم المسلسل الذي يقوده ديميستورا، تحت المظلة الدولية، والذي عارضته الجزائر وصنيعتها، منذ البداية..
وجدير بنا أيضا أن نسطر ابتعاد كل المشاركين عن الحديث عن القضية المغربية، في ما بعد انتهاء القمة وتقييم مخرجاتها، وهو ما يعني بأن التناول الديبلوماسي والجيوسياسي لم يغادر قاعة الاجتماع بالرغم من محاولات رئيس جنوب إفريقيا أن يضع المسألة في جوهر الاهتمام الحصري من لدن «البريكس».
في القرار الصادر عن «البريكس» هناك إحالة على المينورسو، ومهمتها، وقد يعطي ذلك الانطباع بأن «تفاهما» يروم التوازن بين بلادنا وبين جنوب إفريقيا والجزائر والجبهة الانفصالية قد حصل في صياغة البلاغ، وبالرغم من هذا التذكير الكلاسيكي بالمينورسو ومهامها، فإن التنصيص والتشديد على الحل السياسي المقبول من الأطراف، إضافة إلى المرجعية الأممية الحصرية، يجعلان من الحديث عن مهمة المينورسو في تنظيم الاستفتاء غير ذي بال، باعتبار أن الحل السياسي المتوافق عليه هو في جوهره نفي للاستفتاء باعتبار أنه لم يعد مقبولا من المغرب، بالرغم من أنه لم يكن الطرف الذي أعلن استحالة تنظيمه، بل هي الأمم المتحدة نفسها ومبعوثين شخصيين للأمين العام من سجل ذلك.
كما أن المغرب معني بمخرجات «البريكس» من حيث لائحة الدول التي دعتها للالتحاق بها، وفي هذا المضمار يسجل الرأي العام دخول خمس دول صديقة للمغرب، أو ليست على عداوة، إلى جانب دولة وحيدة هي إيران، جعلت من مناهضة المغرب خطا سياسيا يقربها من الجزائر.. وجنوب إفريقيا، كما يسجل خلو اللائحة إياها من الجارة الشرقية، التي تسعى إلى جعل أي موقع لها نقطة وهدفا ضد المغرب، وتستقوي بأي موقع، كما هو حال إلحاقها بمجلس الأمن الدولي منذ أسابيع قليلة، وتعتبره خسارة للمغرب، في «ديالكتيك» شيزوفريني لا يقبله العقل.

الكاتب : عبد الحميد جماهري – عن جريدة الاتحاد الاشتراكي – بتاريخ :السبت 26/غشت / 2023.

‫شاهد أيضًا‬

يوم بمائة عام ! * عبد الحميد جماهري

(*) منقول عن جريدة الاتحاد الاشتراكي : الاربعاء 1 ماي 2024. لا يمكن للتوقيع بين الحكومة وا…