مُت أيها الضمير،‮ ‬هذا الرضيع الميت كفنك‮!‬

لماذا تتركه‮ ‬يدفن وحده

عَلامَ‮ ‬أنت صامت‮ ‬يا أيها العالم‮..‬

وهاأنت ترى‮..‬

‬تقتنع الأرض‮ ‬،‮ ‬فجأة بأنها مجرد مستودع للأموات الأطفال‮.‬

ليست أكثر من صدر‮ ‬

إذا باتت حية

شعرت بالبرد فمدت‮ ‬يدها‮ ‬

تجر إليها كفنا لعل الدفء‮ ‬يكون من نصيبها

‮ ‬وهذا الطفل الرضيع الميت‮ ..‬هو‮ ‬يدها‮!‬

‮ ‬في‮ ‬عينيه تقرأ ما توالى من الألم‮: ‬لم‮ ‬يكن علينا أن نكون عديدين بهذا الشكل

حتى نجد ما‮ ‬يكفي‮ ‬من الأكفان‮..‬

هذا الكفن لك أيها الرضيع الميت بين‮ ‬يدي‮ ‬والدتك

كان‮ ‬يلزمه جنون كبير للجنرالات‮.‬

‮«‬يوشع‮»(‬1‮ ‬في‮ ‬القرن الواحد والعشرين‮ ‬يحيي‮ ‬التلمود)‮:‬

باسم‮ ‬ياهوه‮:‬

‮«‬افتح ذراعيك خذ هذه القنبلة إنها لك‮»!‬

‮ ‬لكني‮ ‬أقول لك أيها الطفل:عَلامَ‮ ‬أنت صامت‮ ‬

جبينك‮ ‬الملائكي‮ ‬امسحه بدمك‮ ‬

‮ ‬ودَعِ‮ ‬الكفن ناصعا‮… ‬

مثل جبينك‮ ‬

وفيه اجمع ما تضعه عادة في‮ ‬حقيبة الحياة كلها‮:‬

فجرك المرعب،

‮ ‬أقلام الرصاص‮ ‬،

‮ ‬سبحة جدتك

‮ ‬قبلة الحنين

ضع الحليب‮ ‬

‮ ‬ولثغات‮ ‬موتك الرضيع‮..‬

‮***

فجأة لم تعد هناك حقول ولا سماء‮ ‬لا أعشاش في‮ ‬انتظارك‮ ‬

ليطير منها شغبك‮..‬

لا بصر‮ ‬

لا لمس،‮ ‬لا مذاق

لا فكرة

لا وحدك

ولا جماعة‮..‬

‮ ‬الهيولى وحدها‮:‬

‮ ‬من هو هذا الطفل الذي‮ ‬يحلم بأرض منبسطة للغاية

ويحلم مكان الصيادين بشباك للسمك الطائر في‮ ‬كراسات الرسامين‮..‬

من هو هذا الطفل الذي‮ ‬صار صلاة‮..‬

ومصليا‮ ‬وصار حضن أمه محرابا‮ ‬

يسأل نفسه في‮ ‬السر العالي‮: ‬هل صادفت الحياة مرة قبل هذا الموت‮ ‬يا صغيري؟

نعم،‮ ‬في‮ ‬السابق عندما كان الحداد‮ ‬يناديني‮ ‬

مبتسما‮..‬

لماذا تبتسم‮ ‬يا طفلي؟

لأني‮ ‬رأيت نفسي‮ ‬في‮ ‬جسد آخر

بنفس الكفن‮!…‬

‮ ‬الأم مثل مريم‮ ‬

في‮ ‬المغارة المفتوحة تنشد‮:‬

لنُشْهد هذه السماء الكئيبة‮ ‬يا صغيري‮ ‬أن لنا ضوءا

‮ ‬سنفصح عنه للهَ‮!‬

لعل مساحة إضافية من السماء تسعه

وتُشْعر العالم بالذنب‮..‬

‮ ‬يا طفلي‮ ‬لم أكن هنا لأغطي‮ ‬جسمك بالكفن

كانت لدي‮ ‬دموع‮ ‬

وكلمات وبعض أدعية

مثل آثار الله إليك

‮ ‬وكانت‮ ‬،غزة كفنا مزقته الطائرات‮!‬

كانت حياتي‮ ‬نافذة وكنت جالسة قربها أحيك الأكفان‮ ‬

الماء منعدم ولا‮ ‬يمكن أن‮ ‬يجد القمر حوضا ليتطهر فيه‮.‬

‮ ‬مريم قلقة على الشعوب الميتة تتحسر‮ :‬

اااااه هل هنا كفن‮ ‬يليق بأمَّة؟(2)

‫شاهد أيضًا‬

قصيدة للشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش عن قطاع غزة :

تحيط خاصرتها بالألغام .. وتنفجر .. لا هو موت .. ولا هو انتحارانه أسلوب غـزة في إعلان جدارت…